بتدريس «الإبداع والتمرد» لربط الطب بالأدب والعلوم الإنسانية
أن «الله» عزّ وجلّ هو الضمير الحى
وإن قال لها أحدهم إنها لم تقرأ القرآن كانت ترد بأن ربنا هو العدل وقد عرفوه بالعقل وليس بالكتاب.
تتبع أسماؤنا أسماء أمهاتنا لدرجة أنكِ أطلقتِ على نفسك اسم «نوال زينب السعداوي»؟
والحقيقة هى أننى كنت دائما ارغب فى اقتران اسمى باسم أمى واسم أبى معا لأنى نتاج الإثنين اجتماعيا وبيولوجيا، وبالتالى فهو أمر غير عادل أن نتجاهل دور الأم فى تكوين الجنين ثم تربيته بعد ولادته.
وناقدا لمناهج وزارة المعارف والمؤسسات الدينية، وتم إقصاؤه عن مكانه ليكون قاضيا بالمحاكم الشرعية، وكأزهرى تصدى لجماعات النص القطعى الثابت غير القابل للاجتهاد أو التجديد. لقد كان واسع الأفق جدا، ودائما ما كان يقول لى «لا تطيعى إلا عقلك ودائما ناقشيني»، ولهذا كنت أقول وأكرر «علموا أولادكم الجدل.. فالجدل فضيلة والطاعة رذيلة.. الطاعة للعبيد أما الجدل هو الشيء الوحيد القادر على إحداث أى تغيير.
انا لا أندم أبدا على أى قرار أتخذه فى حياتى، فالندم مدمر، والكتابة عندى لم تكن مهنة مثل الطب وإنما هى بالنسبة لى الوجود أو العدم. إن الكتابة تجرى فى خيالى وأحلامى قبل أن تجرى على الورق وتشبه فى حرارتها سخونة الدم الجارى فى عروقى. الكتابة تحتاج إلى شجاعة خارقة، وقوة هائلة للإفلات من سجن الزواج والأمومة المثالية ومفاهيم الأخلاق والطاعة. وهكذا فإن الكاتبة عليها أن تختار إما الكتابة الصادقة المعبرة عن ذاتها المستقلة أو أن تصبح مواطنة مقبولة من المجتمع
70
كتابا مترجمة إلى حوالى 35 لغة، وثلاث درجات فخرية من ثلاث قارات، وتحصدين الجوائز فى أوروبا وأمريكا.. ومع هذا مازال الهجوم عليكِ مستمرا ولم تتلقِى فى بلدك سوى اللعنات.. فبما تشعرين؟ وما سر غيابك عن التليفزيون المصرى؟
أنا دائما ما أقول: «اذا خِفتَ ستموت ألف مرة وإذا لم تخف ستموت مرة واحدة». وقد نالنى تكريم الخارج أكثر من الداخل لأسباب تتعلق بالسلطات الدينية السياسية الداخلية، ويظل أى تكريم غير كاف لأى عمل إبداعى،
التليفزيون عندنا تحول إلى جهاز «للتجهيل وغسل العقول»، وأى فكر تنويرى دائما ما يصطدم بشيء تم اختراعه اسمه «ازدراء الأديان».. وبالتالى فإن وسيلتهم الوحيدة للتحجيم هى إخافتنا من ربنا. وعموما «لا كرامة لنبى فى وطنه»، ولذا عشت فى المنفى عشرين عاما قمت خلالها بالتدريس فى جامعات أوروبا وأمريكا. وللأسف تم تحريف ما أقول فى غالبية الصحف للخروج بمانشيتات مثيرة لا صلة لها بعمق بما أقول.
. فالأم تعيش فى خوف؛ خوف على شرف بنتها.. وخوف من الطلاق.. وخوف من زيجة ثانية.. وسلسلة لا تنتهى من الخوف والقهر
فالرجل المصرى لم تدربه أمه على الطبيخ، لم ير أباه يدخل المطبخ، لهذا يغضب الزوج من زوجته الكاتبة ويعتبرها شاذة
ولقد عرفت كاتبات توقفن تماما عن الكتابة من أجل الزواج أو خوفا من الطلاق، ثم عشن طوال حياتهن فى ندم وحزن على التضحية بالكتابة الإبداعية، وعرفت كاتبات اخترن الطلاق من أجل الاستمرار فى الكتابة،
تتخفى بعضهن تحت النقاب أو الزواج جذبا لذوى اللحى والشوارب.
ومهما اختلفت أغطية رؤوسهن، من القبعة إلى الحجاب أو البونيه أو الباروكة أو الطرحة، فإن حجاب العقل واحد.
فى حياتك ثلاث زيجات.. فما الدروس المستفادة؟
الدرس المستفاد هو أن مؤسسة الزواج لا أنا أصلُح لها ولا هى تصلُح لى. إن دور الزوجة لا يناسبنى بالمعنى العبودى الذى يجبرنى على أن أكون كخادمة فى المنزل فقط لا غير.
الدرس المستفاد هو أن مؤسسة الزواج لا أنا أصلُح لها ولا هى تصلُح لى. إن دور الزوجة لا يناسبنى بالمعنى العبودى الذى يجبرنى على أن أكون كخادمة فى المنزل فقط لا غير.
والجميع يعترف بأن الحجاب ليس من الأركان الخمسة للإسلام.. وبالتالى يجب ألا تعامل من لا ترتديه أو من خلعته كأنها تركت أحد أركان الإسلام
. لقد درس والدى فى الأزهر الشريف ولم يقل لى أبدا أن أغطى رأسى بشيء اسمه حجاب
نشر الإخوان الحجاب كان بهدف سياسى وليس لهدف دعوى أو دينى على الإطلاق.
أن «الله» عزّ وجلّ هو الضمير الحى
الضمير الإنسانى الحى يحكم بالعدل حبا فى العدل وليس خوفا من النار أو طمعا فى الجنة أو الحصول على جائزة. ولقد تحول مفهوم الله فى بلادنا من حب الصدق والعدل والحرية إلى قشور تتعلق بالملابس والشعر. لم يعد الكذب أو الظلم رذيلة بل اختزلت الرذيلة فى عدم تغطية الرأس، و لم يعد التفكير الخلاق والإبداع من مكارم الأخلاق بل الطاعة وحفظ النصوص وأداء الطقوس. لقد تم تهميش الضمير تحت اسم العودة إلى الدين والتراث والهوية والخصوصية الثقافية.
.
والعالم كله لا يستطيع تحمل أفكارى وآرائى لأنه عالم تنقصه الحرية والديمقراطية الحقيقية، حتى فى أمريكا وبريطانيا اللتين تتشدقان بالديمقراطية والحرية لا يطيقون النقد الموضوعى. ولقد دفعت الثمن بالنفى وتشويه السمعة «إعلاميًا»
الكاتب حتى يكون مبدعا فإن عليه أن يدرس الجسم جيدا، وعليه أن يدرس علم نشوء الكون، بالإضافة إلى دراسة الأديان ككل.
أرى أن الإبداع هو الرابط بين هذه العناصر فى الإنسان، فأنا تخرجت من الطب جاهلة فقرأت فى التاريخ والفلسفة والطب والأديان وعلم النفس لأفكك ما فعله التعليم بى من الفصل بين هذه العناصر، فربطت بين الجنس والأديان والأعراف والنفس البشرية
لا شيء يقهر الموت مثل الكتابة.
////////////
«لم نقرأ كلمة واحدة عن مى زيادة فى المدرسة الابتدائية ولا الثانوية، ولا بعد ذلك فى الجامعات، حين حصلت على الشهادة الثانوية وتأهبت لدخول الجامعة نصحنى أبى وأمى بدخول كلية الطب لأصبح طبيبة وليس أديبة، قال أبى: «الأدباء يا ابنتى يدخلون السجون ويموتون فقراء، والأديبات النساء تشوه سمعتهن مثل مى زيادة لا ينلن أى تكريم من أحد، يغدر بهن الوطن والزوج والعائلة والأصدقاء والأحباء والصديقات، يعشن وحيدات ويمتن وحيدات، تعود إلى هذه الذكريات اليوم ١١ فبراير ٢٠١٩ فى عيد ميلاد الأديبة العظيمة مى زيادة»، هكذا عبّرت نوال السعداوى عن مخاوفها فى آخر مقال كتبته فى جريدة «المصرى اليوم» تحت عنوان «مأساة المفكرة المبدعة فى عالم دينى ذكورى»، وأضافت: «وأتوقع أن أموت مثلها وحيدة دون تكريم من أحد، لكنى لن أكون أبدا حزينة أو نادمة، بل فخورة وسعيدة، فالسعادة تنبع من داخلى وأعماقى، ومن أعمالى الإبداعية والفكرية، وليست من الخارج» وبعد هذه المقالة خضعت السعداوى لعملية جراحية فى عينها، وأصبحت مهددة بمزيد من التدهور فى الإبصار، يختزل الجميع نوال السعداوى فى كونها ناشطة نسوية، ذات أفكار جريئة وغريبة، مما عرّضها للاتهام بالكفر وازدراء الأديان، ويتجاهل الجميع أنها مُفَكِرة وأديبة عالمية، لها رصيد فكرى وأدبى متنوع، بين حقول الرواية والمسرحية والقصة القصيرة وأدب الرحلة وأدب السيرة الذاتية وأدب المقالة، ووصلت مؤلفاتها إلى ستين كتابا، وتم ترجمة كثيرِ منها إلى أكثر من أربعين لغة، تُوَزَع فى جميع أنحاء العالم، ربما لأنها تقتحم كل ما هو فى نظر المتشددين محرم ومقدس، تم قولبتها فى هذا الإطار مما جعلها تقول: «جريمتى الكبرى.. أننى امرأة حرّة فى زمن لا يريدون فيه إلا الجوارى والعبيد، ولدت بعقل يفكر فى زمن يحاولون فيه إلغاء العقل». يقولون: «أنت امرأة وحشية وخطيرة.. أنا أتكلم الحقيقة، والحقيقة هى وحشية وخطيرة».
لقد حصلت نوال على العديد من الجوائز الأدبية العالمية والدكتوراة الفخرية من جامعات أوروبا، وأمريكا وآسيا، ورُشِحَت لجائزة نوبل للأدب ثلاث مرات، بالإضافة إلى العديد من الجوائز والأوسمة الشرفية، تقديراً لمجهوداتها وريادتِها ونضالِها من أجل الحرية والعدالة والمساواة وحقوق المرأة، لكن يظل تكريمها فى وطنها شىء واجب، ويفتخر به الوطن، فهى قامة كبيرة شامخة، لنا أن نفخر ونحتفى بها مثلما يفعل العالم كله، ندعو لك نوال بدوام الصحة والعافية لم ولن تكونى وحيدة أبدا.
«لم نقرأ كلمة واحدة عن مى زيادة فى المدرسة الابتدائية ولا الثانوية، ولا بعد ذلك فى الجامعات، حين حصلت على الشهادة الثانوية وتأهبت لدخول الجامعة نصحنى أبى وأمى بدخول كلية الطب لأصبح طبيبة وليس أديبة، قال أبى: «الأدباء يا ابنتى يدخلون السجون ويموتون فقراء، والأديبات النساء تشوه سمعتهن مثل مى زيادة لا ينلن أى تكريم من أحد، يغدر بهن الوطن والزوج والعائلة والأصدقاء والأحباء والصديقات، يعشن وحيدات ويمتن وحيدات، تعود إلى هذه الذكريات اليوم ١١ فبراير ٢٠١٩ فى عيد ميلاد الأديبة العظيمة مى زيادة»، هكذا عبّرت نوال السعداوى عن مخاوفها فى آخر مقال كتبته فى جريدة «المصرى اليوم» تحت عنوان «مأساة المفكرة المبدعة فى عالم دينى ذكورى»، وأضافت: «وأتوقع أن أموت مثلها وحيدة دون تكريم من أحد، لكنى لن أكون أبدا حزينة أو نادمة، بل فخورة وسعيدة، فالسعادة تنبع من داخلى وأعماقى، ومن أعمالى الإبداعية والفكرية، وليست من الخارج» وبعد هذه المقالة خضعت السعداوى لعملية جراحية فى عينها، وأصبحت مهددة بمزيد من التدهور فى الإبصار، يختزل الجميع نوال السعداوى فى كونها ناشطة نسوية، ذات أفكار جريئة وغريبة، مما عرّضها للاتهام بالكفر وازدراء الأديان، ويتجاهل الجميع أنها مُفَكِرة وأديبة عالمية، لها رصيد فكرى وأدبى متنوع، بين حقول الرواية والمسرحية والقصة القصيرة وأدب الرحلة وأدب السيرة الذاتية وأدب المقالة، ووصلت مؤلفاتها إلى ستين كتابا، وتم ترجمة كثيرِ منها إلى أكثر من أربعين لغة، تُوَزَع فى جميع أنحاء العالم، ربما لأنها تقتحم كل ما هو فى نظر المتشددين محرم ومقدس، تم قولبتها فى هذا الإطار مما جعلها تقول: «جريمتى الكبرى.. أننى امرأة حرّة فى زمن لا يريدون فيه إلا الجوارى والعبيد، ولدت بعقل يفكر فى زمن يحاولون فيه إلغاء العقل». يقولون: «أنت امرأة وحشية وخطيرة.. أنا أتكلم الحقيقة، والحقيقة هى وحشية وخطيرة».
لقد حصلت نوال على العديد من الجوائز الأدبية العالمية والدكتوراة الفخرية من جامعات أوروبا، وأمريكا وآسيا، ورُشِحَت لجائزة نوبل للأدب ثلاث مرات، بالإضافة إلى العديد من الجوائز والأوسمة الشرفية، تقديراً لمجهوداتها وريادتِها ونضالِها من أجل الحرية والعدالة والمساواة وحقوق المرأة، لكن يظل تكريمها فى وطنها شىء واجب، ويفتخر به الوطن، فهى قامة كبيرة شامخة، لنا أن نفخر ونحتفى بها مثلما يفعل العالم كله، ندعو لك نوال بدوام الصحة والعافية لم ولن تكونى وحيدة أبدا.