تنطلق الدراسة من جائحة كورونا للنظر في كيفية تعاطي الإعلام مع الأزمات العالمية في عصر رقمي تتدفق فيه المعرفة بوتيرة لم يشهدها العالم من قبل. وتلاحظ أن هذه الأزمة كشفت الثقوب التي تعتري جسد العمل الإعلامي الذي رسَّخ أولويات تجعل السياسي يتصدَّر الاقتصادي والاجتماعي والصحي
ترتيب الأولويات لدى تلك القنوات لا يشمل العناية بالصحة وتثقيف الإنسان حتى يحافظ على نعمة الصحة والعافية وينطلق منها إلى تحقيق التطور والتنمية المستدامة. ففي الوقت الذي يُفترض أن تكون وسائل الإعلام قد قامت بدورها في تثقيف المتلقي بكافة الأمور الصحية ويكون مستعدًّا -معرفيًّا ومهاريًّا- للتعاطي مع أية أزمة صحية
أخبارها فرضت أهميتها على أجندة كافة وسائل الإعلام؛ الأمر الذي يقتضي التمايز بينها وفقًا لاستعدادها وإمكانياتها المادية والبشرية. ومن بين مجتمع الفضائيات الإخبارية اختار الباحث عيِّنة قصدية تشمل أربع قنوات، وهي: قناة "سي إن إن" (CNN)، و"فوكس نيوز" (Fox News) الأميركيتين؛ وقناة "العربية"، وقناة "سكاي نيوز عربية". ويأتي اختيار هذه القنوات، لكونها قنوات تليفزيونية إخبارية تتوفر على إمكانيات (مالية وبشرية) تجعلها تُبَثُّ على نطاق واسع وتخاطب جمهورًا ينتشر في شتى بقاع العالم، وهذا يتلاءم مع طبيعة جائحة فيروس كورونا.
واقع الإعلام الصحي
إعلام الأزمة بأنه "الممارسة الإعلامية الملازمة لتخليق الأزمة، والهادفة إلى الحيلولة دون اكتمالها، من خلال نشر الرسائل الإعلامية الهادفة إلى التثقيف والتوعية بمخاطرها وشرح السيناريوهات الكفيلة بتفاديها". بينما تبدو الممارسة الفعلية لإعلام الأزمات في شكل "تغطية صحافية مواكبة للأزمات ومراحل تطورها وآثارها على الجهات المستهدفة". أي إن إعلام الأزمة -نظريًّا- هو ممارسة وقائية مستدامة تتغيَّا تربية المتلقين على تفادي وقوع الأزمات عبر الممارسات السليمة، بالإضافة إلى حسن التصرف عندما تحلُّ أزمة خارجة عن السيطرة. بينما إعلام الأزمة الفعلي -كما يبدو في الممارسة ويتجلى الآن في أزمة كورونا- يبدو أكثر تخبطًا وهو يلهث وراء تغطية الأزمة بغرض التقليل من أضرارها ويختفي باختفائها إلى أن تحلَّ أزمة جديدة، وهكذا دواليك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق