Sep 24, 2021 Nov 24, 2021 May 30, 2022 Jul 2, 2022 Sep 28, 2022 Oct 5, 2022
المحافظة عربيا ألا يلحق العار بالمجموعة وبأي ثمن كان.
قام بسحب مسدس ووجهه نحو الثنائي بينما كان يخاطب الرجل قائلا “يمكنني قتلك برصاصة واحدة، لكنني سأدعك تذهب إذا أقسمت أن تحافظ على سرية العلاقة التي كانت بينك وبين زوجتي. إذا تحدثت عن ذلك، فسوف أقتلك”. أقسم الرجل تلك اليمين وغادر الزوج وطلق زوجته دون إفشاء السبب. لم يكن معنيا بفقدان زوجته أو عقابها بل بسمعته. إن الخزي العلني وليس طبيعة الفعل نفسه أو مشاعر الفرد هو الذي حدد فعله بوصفه ينتمي لمجتمع محافظ.
المتهم “نعم، لقد سرقت هذه العباءة. رأيت رجلا نائما تحت شجرة، لذلك أقمت معه علاقة جنسية أثناء نومه ثم أخذت العباءة”. أجاب الشيخ على الفور “هذه ليست عباءتي”، وأطلق سراح السارق على الفور.
تملي المجتمعات العربية ما هو مقبول وما هو غير مقبول. وإذا تصرف شخص ما ضد المجتمع، فهذا يعني أنه يتصرف بشكل مخز، ولكن ليس بالضرورة بشكل خاطئ في نظر الله.
يستخدم رجال هذا التبرير مثلا عندما يعيشون في ما يعتبرونه أمة غربية “غير أخلاقية”. يمكنهم المشاركة في شرب الكحول والمغامرات الجنسية، لأن المجتمع الذي يعيشون فيه لا يعرّف هذا بأنه مخز. قد يكون هناك شيء مخجل في الداخل، لكن عندما يكون في ظروف مختلفة، قد يتصرف العربي بشكل مختلف. حتى أن هناك مثلا يقول “حيثما لا تعرف، افعل ما تشاء”.
علماء الاجتماع يؤكدون أن ثنائيات الخوف والقوة، العار والشرف، الذنب والبراءة، تمثل لبنات بناء أي مجتمع
ثنائية العار والشرف
عقلية المجموعة
التربية القائمة على العيب
إن الكلمة الأكثر شيوعا في العالم العربي هي “عيب” يتم استخدامها بشكل متكرر في تربية الأطفال وعادة ما يعني “عار عليك” أو “هذا عار!” عادة ما يُلقى الأطفال الذين عصوا أو تصرفوا بطريقة غير محترمة محاضرة تبدأ وتنتهي بكلمة “عيب”.
التعليمات حول العار لا تقتصر على الأقارب فقط. يمكن لأي شخص تقريبا توجيه الأطفال وإخبارهم أن ما يفعلونه مخجل، وعادة ما يستجيب الأطفال بشكل إيجابي وليس سلبيا. فرضت قوة الاستخدام السلبي للعار ردود فعل إيجابية في حياة الناس. يتعلم الأطفال في وقت مبكر جدا أن سلوكهم الشخصي يمثل جزءا من شرف العائلة بأكمله. وبمجرد اكتساب هذا الشعور بالشرف، يبقى مع الشخص طوال الحياة.
وتحت ستار “الشرف”، تنفذ سنويا الآلاف من جرائم القتل بحق المرأة. وربما تتزايد نسب تلك الحالات نتيجة سرعة تداول والكشف عن المعلومات، إلا أن القوانين مازالت جامدة في التعامل مع تلك القضايا وأمثالها خوفا من الاصطدام بمجتمعات محافظة أساسها ثنائية العار والشرف.
علياء شكري أستاذة علم الاجتماع والعميد الأسبق لكلية البنات جامعة عين شمس بمصر، إن “مشكلة جرائم الشرف المتعلقة بالمرأة وبشكل خاص في المجتمعات الشرقية والعربية تكمن في عمليات التمييز بين الرجل والمرأة، واعتبار الرجل هو المسؤول الأول والأخير في القيام بتلك المهمة”.
“القوانين ليست هي الحل في مثل تلك القضايا المتوارثة، جرائم الشرف هي قضية اجتماعية في المقام الأول تتعلق بالثقافة المجتمعية، لذا علينا العمل على تغيير تلك الثقافة أولا، لأن من يطبق القوانين تربوا في ظل تلك الثقافة المجتمعية”.
مستورة والحمد الله مستور الحال
في الثقافة العربية يجب تجنب الخزي بأي ثمن
في المجتمعات العربية عندما تسأل شخصا عربيا “كيف حالك” تحصل كثيرا على الجواب الآتي “مستور الحال” وهذا يعني أن كل شيء على ما يرام، وأنا وعائلتي لا نشعر بالخزي. كل العار مغطى.
كلمة عربية مستخدمة على نطاق واسع وهي “الحشمة” والتي تعني الخجل والحياء.
في الثقافة العربية، يجب تجنب الخزي بأي ثمن. يجب أن يكون مخفيا. إذا تم الكشف عنه، فلا بد من الانتقام. بأي ثمن، يجب استعادة الشرف.
السعي إلى الانتقام في حالات العار يجعل “السلام” قيمة ثانوية في الثقافة العربية التقليدية، عند مقارنته بدرجة المشاعر التي يثيرها الخزي والانتقام. وقد أدى ذلك إلى الانطباع الغربي بأن السلام في السياق العربي هو مجرد غياب مؤقت للصراع.
في المجتمع القبلي العربي، حيث نشأت القيم العربية، كانت الفتنة هي الوضع الطبيعي للأمور لأن الغارات كانت إحدى الدعامتين الرئيسيتين للاقتصاد.
الجانب الآخر من العار هو الشرف، وكل عربي يرغب في أن يكون ويصبح أكثر شرفا. ولطالما اعترف علماء الاجتماع من الثقافات العربية والإسلامية بالعلاقة بين العار.
في كثير من الحالات، يعني غياب العار حضور الشرف. الالتزام بالأعراف الاجتماعية هو أقصى ما يمكن للحفاظ على شرف الشخص وبالتالي شرف المجموعة.
الخوف من العار بين العرب قوي للغاية لأن التماهي بين الفرد والجماعة أقوى بكثير مما هو عليه في أي مكان آخر من العالم وهو ما يجعل منهم مجتمعات محافظة، لأن العرب يفكرون بعقلية جماعية إذ أن أهمية المجموعة أكبر بكثير من أهمية الفرد. وإذا كان الفرد في وضع الخجل، فإنه يفقد نفوذه وسلطته ومن خلاله ستعاني مجموعته بأكملها بالمثل، ربما إلى حد الدمار.
*
نبرات المحافظة على "التحفظ" كسلاح ضد الذوبان في بحر العولمة أو العلمنة والحداثة أو المعاصرة
أبدى انفتاحاً منقطع النظير في السلوك والقول، إلا أنه يمارس أقصى درجات التحفظ فيما لو سمع بأن هناك اختلاطاً بين الجنسين أو جرائم للشرف وقعت وأخذ الأيدي نفسها بحقها في مجتمع القوانين والتشريعات إلا أن حق القوة هو السائد في الغالب الأعم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق