العلماء يخطئون أحيانًا، لكن قوة المنهج العلمي أنه يكشف الخطأ مع الوقت.
الخطأ في الفرضية، أو التجربة، أو التفسير شائع، لكن المهم أن يكون النظام العلمي قادرًا على تصحيح نفسه.
السلطة في العلم ليست لأشهر شخص، بل لأفضل دليل.
الاستنتاجات القوية هي تلك التي تصمد أمام كل ذلك، لا لأنها "صحيحة" مطلقًا، بل لأنها الأقرب إلى الحقيقة وفق المعطيات الحالية.
تُقاوم الاختبار والنقد والتكرار.
الطب المبني على الدليل (Evidence-Based Medicine)
الأطباء لا يعتمدون فقط على الخبرة أو الانطباع، بل على:
-
نتائج دراسات موثوقة
-
مراجعات منهجية لمئات الدراسات (Systematic Reviews)
-
توصيات تصدر عن لجان علمية عالمية
الحقيقة لا تُشترى بالمكانة، بل تُكسب بالدقة والبرهان.
من أين تنبع هذه "القوة" فعليًا؟
-
من صلابة الأدلة التجريبية.
-
من نجاح التنبؤات السابقة.
-
من قدرة النظرية على حل المشكلات التي فشلت فيها النظريات السابقة (كما يقول توماس كون).
-
من إجماع علمي تدريجي يُبنى على الاختبار لا على السلطة.
-
فوضى الإبداع والاكتشاف،
-
ونظام التقييم والمراجعة.
التحديات في العالم العربي؟
-
نمط التعليم التقليدي يقدّم العلم كمجموعة "حقائق نهائية"، لا كنشاط نقدي.
-
الخوف من الخطأ والامتحان العقابي يجعل من التجريب تهديدًا لا فرصة.
-
غياب بيئة السؤال يقتل الشك البنّاء.
الإنسان ميّال لتفسير الظواهر بطريقة أسطورية أو نفعية أو حدسية.
-
لكن العلم يتطلب تجريبًا، تفنيدًا، ومنهجية صارمة لا تتماشى مع ميلنا الفطري للقصص أو التفسيرات السريعة.
مثال:
من الطبيعي أن نعتقد أن الجسم الأثقل يسقط أسرع – لكن العلم يُثبت عكس ذلك (غاليليو).
من البديهي أن الشمس تدور حول الأرض – لكن كوبرنيكوس غيّر ذلك بالمنهج العلمي.
بل يحتاج إلى تعليم خاص لفهم أن السلطة لا تضمن الحقيقة، وأن الدليل التجريبي هو الحكم.
لذا، يقول إن تعليم العلم يجب أن يُظهر غرابته الفكرية، لا أن يقدّمه كشيء بديهي مألوف
العلم لا يؤمن إلا بما يمكن اختباره وتفنيده. بينما الفطرة مليئة بالتحيزات والميل للأنماط والقصص.
الخطأ كمحرّك أساسي للعلمالخطأ في التوقع، أو في النظرية، هو ما يدفع العلم إلى الأمام.
وهذا غير مألوف في التعليم التقليدي الذي يعاقب على الخطأ.
.
ما يدفع الناس إلى اتخاذ مواقف متناقضة من العلم، تتضمن مخاوفنا من هذا الشيء الغريب غير المفهوم والقوي جدا، والمرتبط بكوارث قد حدثت بالفعل مثل هيروشيما وناجازاكي، أو أخرى متوقعة كهواجس سيطرة الآلة والذكاء الاصطناعي وخلق وحوش بشرية عبر التكنولوجيا الحيوية وتقنيات كريسبر لتحرير الحمض النووي.
فأنت مثلا تثق بأن ما يصفه لك الطبيب هو الدواء المناسب لك، رغم علمك أن ذلك القرص يحتوي على مادة كيميائية قد تكون قاتلة.
الثقة رغم الجهل بالتفاصيل الدقيقة
هل هو الأنسب حقًا لحالتك مقارنة بعشرات البدائل
ومع ذلك، تأخذه بثقة نسبيّة.
هذه الثقة لا تقوم على المعرفة المباشرة، بل على ثقة مؤسسية:في الطبيب
في النظام الطبي
في الأبحاث الدوائية
في هيئة الرقابة على الأدوية
المفارقة: نفس المادة الكيميائية قد تكون قاتلة
نعم، نفس المركب الذي يعالج المرض يمكن أن يكون سامًا بجرعة أكبر، أو قاتلًا عند التفاعل مع دواء آخر.
🔹 ومع ذلك، لا تعيش في رعب منه، لأنك تثق بأن العلم قد "روّض" هذه القوة الكامنة فيه، عبر المعرفة الدقيقة والتجربة.
وهنا تظهر قيمة المنهج العلمي كأداة للضبط والتحكم في ما قد يبدو فوضويًا أو خطرًا.
الثقة لا تعني غياب المخاطرة، بل القبول بأن المخاطرة مُدارة بشكل عقلاني.
إيمان بمنهجٍ استطاع تحويل المجهول الخطير إلى أداة شفاء.
هذه الثقة هي ما يجعلنا نعيش لا فقط أطول، بل بوعي أكبر تجاه هشاشتنا البشرية.
يدخل بجرأة لتعليم الجمهور عن طبيعة العملية العلمية، وتوضيح أنه على الرغم من دقتها الشديدة، فإن لها سقطات، التجارب تفشل، وقد يتحيز العلماء فهم بشر لا شك، يأتي ذلك في سياق عصر تنتشر فيه الأخبار الكاذبة ونظريات المؤامرة بشراسة، بشكل مضاد تماما للعلوم، يستغل "صورة الكتب الخيالية" لتمرير سرديته.
مغالطة شهيرة تسمى "التوسل بالمرجعية".
الناس عادة ما يساوون بين "العالِم" و"العلم"، لكن العالِم هو إنسان مثلك، يمكن أن يخطئ، ويمكن أن يتحيز لعشرات الأسباب التي قد تكون سياسية أو دينية أو حتى شخصية بحثا عن الشهرة الإعلامية.
أما إذا استخدمناها كـ دليل تمهيدي/احتمالي إلى أن يظهر برهان أقوى، فليس فيها مغالطة.
لينوس باولنغ، أحد أعظم العلماء في القرن العشرين والحائز على جائزتي نوبل، روّج – بشكل غير علمي – لفكرة أن فيتامين سي يعالج نزلات البرد بل ويقي من السرطان، رغم أن الأبحاث لاحقًا فنّدت ذلك تمامًا. سلطته العلمية جعلت الكثيرين يصدقون تلك المزاعم دون تمحيص.
الحجة العلمية مبنية على التجربة، والحجة الفلسفية مبنية على العقل. كلاهما وسيلتان للوصول إلى الحقيقة، لكن في ميادين مختلفة.
ريتشارد فاينمان، الفيزيائي واسع الشهرة والحاصل على نوبل ذات مرة: "إذا تحدث فيزيائي ما في غير شأن الفيزياء، فهو أحمق بنفس قدر الشخص الجالس بجانبه".
بعض الناس يعتقدون أن "العلاج موجود ولكن مخفي"، وهي نظرية تستند إلى الارتياب في الشركات و"الربح"، لكنها تتجاهل الآتي:
-
مئات الآلاف من الباحثين والطلاب والأطباء لا يمكن أن يتآمروا بصمت.
-
بعض أنواع السرطان يمكن الشفاء منها تمامًا (مثل سرطانات الخصية، وبعض أنواع اللوكيميا).
-
العلم لا يخفي ما يكتشفه، بل ينشره بفخر.
كيف تقدّمنا كثيرًا، رغم التعقيد البيولوجي الهائل، وكيف يمكننا دعم المزيد من هذا التقدّم؟ السرطان ليس مرضًا، بل مجموعة ضخمة ومعقدة من الأمراض – تزيد عن 200 نوع مختلف علاج مناعي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق