((دمرت الرأسمالية إيماننا بأية قوة فعالة إلا المصلحة الشخصية التي تدعمها القوة)) ـ ـ ـ بيرنارد شو
الرأسمالية، كما عرّفوها في القواميس اللغوية، هي نظام اقتصادي تكون فيه رؤوس الأموال، بما فيها وسائل الانتاج مملوكة لأصحاب الأموال، وغير مملوكة للعمال.
وهي تهدف أولا وبالذات إلى تحقيق الربح لصالح الفرد، إما مع مراعاة المصلحة العامة أيضا، كالرأسمالية الوطنية، أو عدم مراعاتها ـ كما هو الغالب ـ في الرأسمالية المستغلة.
وبما أنها تعزز الملكية الفردية، فإنها تقلص الملكية العامة، وبالتالي تتمركز فيها رؤوس الأموال في أيدي فئة قليلة جدا من الأفراد والعوائل، والتي تحتكر بدورها معظم وسائل الانتاج.
وقد ظهر النظام الرأسمالي في الغرب في القرن السادس عشر، مع اكتشاف أمريكا، وطرق التجارة العالمية، ثم ازدهر بصورة قوية مع ظهور الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر، والتاسع عشر، والذي كان له دور كبير فيها، بدافع استغلالها من أجل تحصيل المزيد من الربح، والهيمنة على الشعوب الفقيرة والمستضعفة.
الرأسمالية، كما عرّفوها في القواميس اللغوية، هي نظام اقتصادي تكون فيه رؤوس الأموال، بما فيها وسائل الانتاج مملوكة لأصحاب الأموال، وغير مملوكة للعمال.
وهي تهدف أولا وبالذات إلى تحقيق الربح لصالح الفرد، إما مع مراعاة المصلحة العامة أيضا، كالرأسمالية الوطنية، أو عدم مراعاتها ـ كما هو الغالب ـ في الرأسمالية المستغلة.
وبما أنها تعزز الملكية الفردية، فإنها تقلص الملكية العامة، وبالتالي تتمركز فيها رؤوس الأموال في أيدي فئة قليلة جدا من الأفراد والعوائل، والتي تحتكر بدورها معظم وسائل الانتاج.
وقد ظهر النظام الرأسمالي في الغرب في القرن السادس عشر، مع اكتشاف أمريكا، وطرق التجارة العالمية، ثم ازدهر بصورة قوية مع ظهور الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر، والتاسع عشر، والذي كان له دور كبير فيها، بدافع استغلالها من أجل تحصيل المزيد من الربح، والهيمنة على الشعوب الفقيرة والمستضعفة.
وربما يظن الكثير أن النظام الرأسمالي مجرد نظام اقتصادي حر، يحترم حقوق الإنسان، ويقوم على أساس التنافس التجاري الشريف بين الأفراد، وتحقيق الربح المشروع، ويسعى إلى تطوير المجتمع البشري، وتحقيق الرفاهية الاقتصادية، ولذلك فهو ينال إعجاب أكثر الناس المخدوعين بالمظاهر، والشكليات.
يقول دافيد كورتين:(( يتم تقديم الرأسمالية والسوق على أنهما مرادفان، لكنهما ليس كذلك. الرأسمالية هي العدو لكل من السوق والديمقراطية)).
ومن أجل هذا الظن الساذج، فقد انتشر هذا النظام الرأسمالي بسرعة في الغرب أولا، ووضع يده على كبرى الشركات والمؤسسات الاقتصادية هناك، وسيطر على معظم الانظمة السياسية فيها، ثم بدأ يتغلغل في أنحاء الشرق تدريجيا، حتى اكتسح معظم أنحاء العالم.
وبطبيعة الحال فقد رافقته المآسي الكثيرة من الظلم، والفساد، والفقر، والبطالة، والطبقية، والانحلال الفكري، والأخلاقي، واندثار القيم الإنسانية، هذا بالإضافة إلى ظهور الحركات الاستعمارية، والفاشية، والعنصرية، واندلاع الحروب الإقليمية والعالمية.
وعلى الرغم من تصدي الكثير من المفكرين في الغرب والشرق للنظام الرأسمالي، وفي مقدمتهم المفكر الكبير"كارل ماركس"، الذي أسقط القناع عن الوجه القبيح لهذا النظام المتغول، وأدواته المختلفة، وكشف عن مساوئه، وخطورته على البشرية، إلا أنني أريد ان انتقده هذه المرة بمجهر العقل القويم، لاكنظام اقتصادي محض ـ كما يظن الكثيرين ـ ولكن كنظام فكري معادي للعقل والإنسانية.
وسوف يتبين لنا من خلال التحليل والنقد لأسسه ومبادئة الكلية، السر في معاداته للعقل الإنساني، والسعي الدؤوب لإقصائه عن جميع الساحات الثقافية، والاجتماعية.
ولكن قبل الدخول في البحث والتحليل، أريد أن أشير إلى معنى العقل الذي يعاديه، ويستهدفه النظام الرأسمالي، حتى لاتختلط علينا الأمور، حيث إنه في كثير من الأحيان نجده يرفع شعار العقل والعقلانية، ويزعم ولاءه لهما، وتمسكه بهما.
ومن أجل ذلك اقول: إنّ العقل كقوة مدركة، ومميزة بين المفاهيم، والمبادئ، والقيم، قد يتعلق حكمه بالموضوعات المادية المحسوسة، كما في الفيزياء، والكيمياء، والرياضيات ...أو مانسميها اليوم بالعلوم الدقيقة، ويمكن تسميته بهذا الاعتبار بالعقل الحسابي، أو التجريبي، أو الأداتي (REASON)، وقد يتعلق حكمه بالموضوعات المجردة غير المحسوسة، ويمكن تسميته هنا بالعقل الفلسفي، أو التجريدي(INTELLECT) ، وهو المستعمل عادة في العلوم الإنسانية، ولذلك فأنا أسميه بالعقل الإنساني.
وسوف يتبين لنا من خلال البحث، أنّ النظام الرأسمالي، ومن خلال فلاسفته، ومفكريه، والكثير من المؤسسات الدينية المنتمية إليه، وعن طريق وسائل إعلامه المختلفة، قد سعى إلى تنمية، وتضخيم العقل الحسابي الأداتي، على حساب العقل الإنساني، الذي اتخذ منه موقفا لا إباليا، بل موقفا معاديا في أغلب الأحيان، ووصفه تارة بالعقل الأسطوري، وتارة بالعقل الوهمي، والدوجماطيقي، والمؤدلج، وغير ذلك من التسميات المنفّرة، من اجل تشويه صورته، وتلويث سمعته، والقضاء عليه في نهاية الأمر.
وقد حقق النظام الرأسمالي نجاحات كبيرة في هذا الطريق، وتمكن من إقصاء العقل الإنساني بالكلية عن جميع المراكز العلمية، والتعليمية، بل عن حياتنا الثقافية والاجتماعية.
يقول دافيد كورتين:(( يتم تقديم الرأسمالية والسوق على أنهما مرادفان، لكنهما ليس كذلك. الرأسمالية هي العدو لكل من السوق والديمقراطية)).
ومن أجل هذا الظن الساذج، فقد انتشر هذا النظام الرأسمالي بسرعة في الغرب أولا، ووضع يده على كبرى الشركات والمؤسسات الاقتصادية هناك، وسيطر على معظم الانظمة السياسية فيها، ثم بدأ يتغلغل في أنحاء الشرق تدريجيا، حتى اكتسح معظم أنحاء العالم.
وبطبيعة الحال فقد رافقته المآسي الكثيرة من الظلم، والفساد، والفقر، والبطالة، والطبقية، والانحلال الفكري، والأخلاقي، واندثار القيم الإنسانية، هذا بالإضافة إلى ظهور الحركات الاستعمارية، والفاشية، والعنصرية، واندلاع الحروب الإقليمية والعالمية.
وعلى الرغم من تصدي الكثير من المفكرين في الغرب والشرق للنظام الرأسمالي، وفي مقدمتهم المفكر الكبير"كارل ماركس"، الذي أسقط القناع عن الوجه القبيح لهذا النظام المتغول، وأدواته المختلفة، وكشف عن مساوئه، وخطورته على البشرية، إلا أنني أريد ان انتقده هذه المرة بمجهر العقل القويم، لاكنظام اقتصادي محض ـ كما يظن الكثيرين ـ ولكن كنظام فكري معادي للعقل والإنسانية.
وسوف يتبين لنا من خلال التحليل والنقد لأسسه ومبادئة الكلية، السر في معاداته للعقل الإنساني، والسعي الدؤوب لإقصائه عن جميع الساحات الثقافية، والاجتماعية.
ولكن قبل الدخول في البحث والتحليل، أريد أن أشير إلى معنى العقل الذي يعاديه، ويستهدفه النظام الرأسمالي، حتى لاتختلط علينا الأمور، حيث إنه في كثير من الأحيان نجده يرفع شعار العقل والعقلانية، ويزعم ولاءه لهما، وتمسكه بهما.
ومن أجل ذلك اقول: إنّ العقل كقوة مدركة، ومميزة بين المفاهيم، والمبادئ، والقيم، قد يتعلق حكمه بالموضوعات المادية المحسوسة، كما في الفيزياء، والكيمياء، والرياضيات ...أو مانسميها اليوم بالعلوم الدقيقة، ويمكن تسميته بهذا الاعتبار بالعقل الحسابي، أو التجريبي، أو الأداتي (REASON)، وقد يتعلق حكمه بالموضوعات المجردة غير المحسوسة، ويمكن تسميته هنا بالعقل الفلسفي، أو التجريدي(INTELLECT) ، وهو المستعمل عادة في العلوم الإنسانية، ولذلك فأنا أسميه بالعقل الإنساني.
وسوف يتبين لنا من خلال البحث، أنّ النظام الرأسمالي، ومن خلال فلاسفته، ومفكريه، والكثير من المؤسسات الدينية المنتمية إليه، وعن طريق وسائل إعلامه المختلفة، قد سعى إلى تنمية، وتضخيم العقل الحسابي الأداتي، على حساب العقل الإنساني، الذي اتخذ منه موقفا لا إباليا، بل موقفا معاديا في أغلب الأحيان، ووصفه تارة بالعقل الأسطوري، وتارة بالعقل الوهمي، والدوجماطيقي، والمؤدلج، وغير ذلك من التسميات المنفّرة، من اجل تشويه صورته، وتلويث سمعته، والقضاء عليه في نهاية الأمر.
وقد حقق النظام الرأسمالي نجاحات كبيرة في هذا الطريق، وتمكن من إقصاء العقل الإنساني بالكلية عن جميع المراكز العلمية، والتعليمية، بل عن حياتنا الثقافية والاجتماعية.
" فضل حظ الرجل عقله، إن ذل أعزه، وإن سقط رفعه، وإن ضل أرشده، وإن تكلم سدده"... الإمام علي بن ابي طالب
تكلمنا في المقالة السابقة عن معاداة النظام الراسمالي للعقل الإنسانى الميتافيزيقي(INTELLECT)، واكتفائه بالعقل العلمي الأداتي (REASON)الذي يمكن أن يستغله في تحقيق مصالحه المادية في تسخير المنجزات العلمية الحديثة، من أجل الهيمنة على الشعوب، ونهب ثرواتها الطبيعية.
تكلمنا في المقالة السابقة عن معاداة النظام الراسمالي للعقل الإنسانى الميتافيزيقي(INTELLECT)، واكتفائه بالعقل العلمي الأداتي (REASON)الذي يمكن أن يستغله في تحقيق مصالحه المادية في تسخير المنجزات العلمية الحديثة، من أجل الهيمنة على الشعوب، ونهب ثرواتها الطبيعية.
أما سر معاداته للعقل الإنساني الحقيقي، فيكمن في أنّ العقل الإنساني يعتمد في نظامه الفكري(PARADIGM)، على مبادئ مجردة عن الحس والمادة، على عكس المبادئ المادية المحسوسة التي ينطلق منها النظام الرأسمالي، وبالتالي فهو يخالفه، في المنهج، والرؤية، والسلوك.
ومن أجل بيان ذلك الأمر المغفول عنه عند أكثر مفكرينا، لاسيما المفتتنين منهم بالرأسمالية، وزخارفها الكثيرة، ينبغي أن نشير إلى تلك المبادئ التجريدية التي يعتمد عليها العقل الإنساني في منهجه، ورؤيته، ومبادئه الأخلاقية والاجتماعية، والتي أزعجت النظام الرأسمالي المستغل، ودعته إلى إعلان الحرب عليه على كافة الجبهات العلمية والثقافية، والاجتماعية، والتي استعان فيها بالأنظمة السياسية، وبحلفائه من المؤسسات الدينية الانتهازية المرتبطة به، كما سنشير إلى ذلك في المستقبل إن شاء الله تعالى.
ومن أجل بيان ذلك الأمر المغفول عنه عند أكثر مفكرينا، لاسيما المفتتنين منهم بالرأسمالية، وزخارفها الكثيرة، ينبغي أن نشير إلى تلك المبادئ التجريدية التي يعتمد عليها العقل الإنساني في منهجه، ورؤيته، ومبادئه الأخلاقية والاجتماعية، والتي أزعجت النظام الرأسمالي المستغل، ودعته إلى إعلان الحرب عليه على كافة الجبهات العلمية والثقافية، والاجتماعية، والتي استعان فيها بالأنظمة السياسية، وبحلفائه من المؤسسات الدينية الانتهازية المرتبطة به، كما سنشير إلى ذلك في المستقبل إن شاء الله تعالى.
بالنسبة للمنهج العقلي التجريدي، فينطلق في تفكيره من المبادئ العقلية الأولية المحضة، كأصل امتناع النقيضين ، وارتفاعهما، وأصل الهوية، وأصل السببية والسنخية، وامتناع الدور والتسلسل.، وكذلك يعتمد في منظومته الأخلاقية والاجتماعية، على مبدأ أصل العدالة، والحرية، والمساواة، والإنصاف، والاحسان، وحسن العدل وقبح الظلم..، وغيرها من المبادئ القبلية التي لاتعتمد على الحس أو التجربة، بل إنّ صلاحية الحس، والتجربة الحسية يقومان عليها.
فهو ينطلق أولا من هكذا مبادئ عقلية مجردة واضحة بذاتها عند العقل ـ كما يقول ديكارت ـ ليستنتج مها نتائج جديدة، ليجعلها بعد ذلك مقدمات براهين جديدة يستنتج منها نتائج أخرى، وهكذا يستمر في الاستدلال والانتاج بنحو مستقل عن الحس والتجربة، ليبني منظومته الفلسفية المعرفية بعد ذلك.
أما النظام الراسمالي المادي، فلايعتمد في منهجهه وتفكيره إلا على العقل الأداتي، المتعلق بالموضوعات المادية المحسوسة لاغير، كالموضوعات الرياضية، وعلى التجربة الحسية، ليستكشف بها اسرار الطبيعة المادية لاغير، ولكن ياليته اكتفى بتسخير الطبيعة لصالح الإنسان، كما حصل في مجالات كثيرة في الطب والهندسة، والكثير من الصناعات التقنية، ولكنه أخذ يستغلها لمصالحه الشخصية والفئويةـ في تضليل الشعوب، واستغلال ثرواتها، وفي إشعال الحروب العالمية المدمرة، التي أكلت الأخضرواليابس.
وقد بدأ هذا النظام الرأسمالي ومع مطلع القرن السابع عشر في الغرب، في محاربة العقل الإنساني، والمنطق العقلي الأرسطي، والتشكيك في صلاحيته العلمية، والتأسيس للمنطق المادي الجديد، وذلك عن طريق العديد من الفلاسفة الغربيين الذن تماهوا مع فلسفته المادية، والذين كان الكثيرمنهم يرتبط بهم سياسيا، وايديولوجيا.
ولنا أن نشيرفي الحلقة القادمة لبعض فلاسفة الرأسمالية، كبيكون، ولوك، وهيوم، وكانط، وحلقة فيينا الوضعية، ليتبين لنا مدى الأثر السلبي الذي أحدثوه في الغرب، بإقصائهم للعقل الإنساني التجريدي، واستبداله بالمنطق الحسي التجريبي، والذي يسمونه ـ وكما يحلو لهم ـ بمنهج البحث العلمي.
فهو ينطلق أولا من هكذا مبادئ عقلية مجردة واضحة بذاتها عند العقل ـ كما يقول ديكارت ـ ليستنتج مها نتائج جديدة، ليجعلها بعد ذلك مقدمات براهين جديدة يستنتج منها نتائج أخرى، وهكذا يستمر في الاستدلال والانتاج بنحو مستقل عن الحس والتجربة، ليبني منظومته الفلسفية المعرفية بعد ذلك.
أما النظام الراسمالي المادي، فلايعتمد في منهجهه وتفكيره إلا على العقل الأداتي، المتعلق بالموضوعات المادية المحسوسة لاغير، كالموضوعات الرياضية، وعلى التجربة الحسية، ليستكشف بها اسرار الطبيعة المادية لاغير، ولكن ياليته اكتفى بتسخير الطبيعة لصالح الإنسان، كما حصل في مجالات كثيرة في الطب والهندسة، والكثير من الصناعات التقنية، ولكنه أخذ يستغلها لمصالحه الشخصية والفئويةـ في تضليل الشعوب، واستغلال ثرواتها، وفي إشعال الحروب العالمية المدمرة، التي أكلت الأخضرواليابس.
وقد بدأ هذا النظام الرأسمالي ومع مطلع القرن السابع عشر في الغرب، في محاربة العقل الإنساني، والمنطق العقلي الأرسطي، والتشكيك في صلاحيته العلمية، والتأسيس للمنطق المادي الجديد، وذلك عن طريق العديد من الفلاسفة الغربيين الذن تماهوا مع فلسفته المادية، والذين كان الكثيرمنهم يرتبط بهم سياسيا، وايديولوجيا.
ولنا أن نشيرفي الحلقة القادمة لبعض فلاسفة الرأسمالية، كبيكون، ولوك، وهيوم، وكانط، وحلقة فيينا الوضعية، ليتبين لنا مدى الأثر السلبي الذي أحدثوه في الغرب، بإقصائهم للعقل الإنساني التجريدي، واستبداله بالمنطق الحسي التجريبي، والذي يسمونه ـ وكما يحلو لهم ـ بمنهج البحث العلمي.
وقد انعكس هذا التفكير الحسي السطحي المادي، على المفكرين والمثقفين العرب، والشرقيين، الذين تتلمذوا على أيديهم في الجامعات الغربية، من خلال البعثات التعليمية المكثفة، وذلك مع مطلع القرن التاسع عشر، وخروج العرب والمسلمين من ظلمات القرون الوسطى الإسلامية، التي استمرت أكثرمن خمسة قرون، في ظل الخلافة العثمانية المتخلفة، والتي حاربت العقل والعلم، ورسخت للتعصب والخرافة، فعاد هؤلاء المثقفون، ليبشروا، بهذا المنهج الجديد في بلدانهم، عن طريق المراكز الجامعية والمراكز الأكاديمية ، والمنابر الإعلامية المختلفة، مستغلين في ذلك الفن والدراما، وشتى الأساليب الأخرى.
والذي زاد من الطينة بلة، هو اقتران هذا الهجوم الثقافي، بالهجوم العسكري الاستعماري، الذي احتل معظم الأراضي العربية، ليفرض على شعوبها نمط التفكير المادي الرأسمالي، وثقافة الاستهلاك، والتبذير، والطبقية، وغيرها من المظالم والمفاسد الاجتماعية، وقام في النهاية بتأصيل سياسة التبعية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
والذي زاد من الطينة بلة، هو اقتران هذا الهجوم الثقافي، بالهجوم العسكري الاستعماري، الذي احتل معظم الأراضي العربية، ليفرض على شعوبها نمط التفكير المادي الرأسمالي، وثقافة الاستهلاك، والتبذير، والطبقية، وغيرها من المظالم والمفاسد الاجتماعية، وقام في النهاية بتأصيل سياسة التبعية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
الطبقة الرأسمالية المالكة لرؤوس الأموال، وبالاستعانة بالطبقة البرجوازية الفاعلة في الغرب، كما استغلت العلماء، ومراكز البحث العلمي التكنولوجي، في السيطرة على وسائل الانتاج، وفرض سلطتها على المجتمعات الغربية، فقد استغلت أيضا المفكرين الغربيين، في محاربة العقل الإنساني، وتشويه المنطق العقلي الأرسطي، المشتمل على القوانين الطبيعية للتفكير العقلي، وإقصاء الفلسفة الميتافيزيقية، الباحثة عن الحق، والصدق، والعدالة الإنسانية، وقامت بفرض المنهج الحسي التجريبي على كل المراكز العلمية الأكاديمية، من أجل الدفع إلى المزيد من التطور الصناعي، والذي يصب في النهاية في صالح تحكيم مواقعها، وتقوية سيطرتها على المجتمعات البشرية، وكل هذا في ظل غياب تام للمنهج العقلي، والرؤية الفلسفية الواقعية، الأمر الذي يسهل عليهم إلهاء الناس، وتسخيرهم بعد ذلك.
وأريد أن اشير في هذه المقالة إلى بعض هؤلاء المفكرين الذين كان لهم الدور التأسيسي في ترسيخ المنهج الحسي التجريبي في الغرب، وإقصاء المنهج العقلي البرهاني الميتافيزيقي، وكان لهم ارتباط مباشر مع النظام الرأسمالي هناك.
وأول هؤلاء هو المفكر الانجليزي"فرنسيس بيكون" الذي ترعرع في أحضان القصر الملكي البريطاني، وتقلد العديد من المناصب السياسية الهامة، ويعتبر بحق المؤسس الأول للاتجاه الحسي التجريبي في الغرب، والساخط على المنطق الأرسطي.
يقول بيكون «لأجل تكوين العقل الجديد لابد من منطق جديد يضع أصول الاستكشاف، فقد كانت الكشوف العلمية وليدة الاتفاق، وكان المعول على النظر العقلي، فلم يتقدم العلم»
هو يزعم أنه قد اكتشف المنهج الحسي التجريبي، مع أنه لو كان قد قرأ فهرست كتاب المنطق لأرسطو، لوجد أن الاستقراء والتجربة الحسية من أركان هذا المنطق، وأن أرسطو قد كتب كتابا ضخما في الطبيعيات، قبل أن يكتب كتابه"مابعد الطبيعة"
ثم يشكك في طبيعة العقل النظري قائلا "فليست (الأوهام العقلية) أغاليط استدلالية كالتي يذكرها أرسطو، ولكنها عيوب في تركيب العقل تجعلنا نخطأ في فهم الحقيقة"
ثم يؤكد في النهاية على حصر المعرفة البشرية في الموضوعات الطبيعية المحسوسة«ولا سبيل إلى اكتشاف صور الأشياء سوى التجربة، أي التوجه إلى الطبيعة نفسها"
والفيلسوف الثاني هو "جون لوك" الذي كانت تربطه علاقات حميمة مع اللورد آشلي، الذي كان يمثل الأب الروحي للمؤسسات الرأسمالية في لندن.
يقول ساخرا من المنطق الأرسطي: "لو وجب اعتبار القياس الأداة الوحيدة للعقل للوصول إلى الحقيقة، للزم ألا يوجد أحد قبل أرسطو يعلم أو يستطيع أن يعلم شيئا ما بالفعل، ولكن الله لم يكن ضنينا بمواهبه على البشر، إلى حد أن يقنع بإيجاد مخلوقات ذوات قدمين، ويدع لأرسطو العناية بجعلهم مخلوقات عاقلة بالفعل"
وهو يجهل أنّ ارسطو لم يخترع منطقا عقليا من عنده، وإنما اكتشف القوانين الطبيعية الفسيولوجية للعقل الإنساني، كما اكتشف الأطباء القوانين الطبيعية لسائر أعضاء جسم الإنسان
ثم يتنكر للقياس العقلي البديهي لأرسطو، والذي يُعد عماد التفكير الإنساني، مدعيا "إنّ قواعد القياس ليست هي التي تعلم الاستدلال، والقياس لا يفيد في كشف الخطأ في الحجج وفي زيادة معارفنا"
وأما المفكرالثالث فهو المفكر البريطاني"دافيد هيوم" تلميذ جون لوك، والصديق الحميم ل "ادم سميث" مؤسس اقتصاد السوق الليبرالي.
يقول هيوم مؤسس مذهب الشك والسفسطة في عصر التنوير، ساخرا من العقل الإنساني، والفلسفة الميتافيزيقية " فإذا ما تأبطنا هذه المبادئ، وتقحمنا المكتبات فأي الرزايا نحن منزلوها بها؟، سنسأل إذا ما أمسكنا بأي مجلد من مجلداتها في الإلهيات، أو فيما ورائيات المدرسة مثلا، هل في ذلك أي استدلال مجرد حول الكم أو العدد؟ كلا، هل في هذا المجلد أي استدلال تجريبي حول الوقائع والوجود العيني؟ كلا، ألا ألق به إذن إلى ضرام النار، فليس يكون فيه إلا سفسطة أو وهم"
أما "عمانوئيل كانط " المفكر الألماني، والذي يعتبر دافيد هيوم ملهمه الروحي، حينما يقول "لقد أيقظني هيوم من السبات الدوغمائي"، فهو لم يألوا جهدا في التشكيك في العقل الإنساني، والفلسفة الميتافيزيقية في كتابه الكبير"نقد العقل المحض"، والذي فتح الباب على مصراعية لظهور الوضعية المنطقية، وحلقة فيينا في القرن التاسع عشر، والتي تنكرت لكل ماهو غير محسوس، واعتبرت الفلسفة الميتافيزيقية أمور لامعنى لها، وأخرجتها من حيز العلوم الأكاديمية بالكلية.
يقول كانط "إن تناقضات العقل مع نفسه، التي لامجال لإنكارها، والتي لامفر منها كذلك في الطريقة الدوغمائية (أي اليقينية)، قد عرّت منذ زمن طويل أنواع الميتافيزيقا القائمة حتى الاَن من كل تقدير"
أما برتراند رسل الذي نشأ في عائلة ارستقراطية ليبرالية، وتصدى بشدة للأفكار الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي، فقد هاجم الفلسفة، وحط من قيمتها العلمية والواقعية، واعتبرها مجرد مغامرة غير واقعية، ومهد لظهور الوضعية في اوروبا، فنجده يقول " فالفلسفة في ذاتها لا تأخذ على عاتقها مهمة حل المشكلات التي نعاني منها، أو انقاذ أرواحنا، إنما هي نوع من المغامرة الاستكشافية، أو السياحة الفكرية التي نقوم بها لذاتها"
هذا نموذج مختصر لثلة من المفكرين الغربيين الذين استغلهم النظام الرأسمالي في الغرب، لمحاربة العقل الإنساني، والفلسفة العقلية، والذين مازالت آثارهم تموج في اذهاننا إلى اليوم، وتفرض رؤيتها المادية على النظام التعليمي، والثقافي في الشرق والغرب.
وأنا قد أوردت هذا النموذج هنا، لكي أثبت أنّ الرأسمالية ليست كما يتوهم بعض السذج، هي مجرد نظرية اقتصادية للسوق الحر، بل هي في الحقيقة نظام فكري(PARADIGM) متكامل، يهدف إلى السيطرة على العقول قبل الأجسام، وتسخير العلم والفلسفة والثقافة، في خدمة مصالحه الشخصية والفئوية غير المشروعة.
وأول هؤلاء هو المفكر الانجليزي"فرنسيس بيكون" الذي ترعرع في أحضان القصر الملكي البريطاني، وتقلد العديد من المناصب السياسية الهامة، ويعتبر بحق المؤسس الأول للاتجاه الحسي التجريبي في الغرب، والساخط على المنطق الأرسطي.
يقول بيكون «لأجل تكوين العقل الجديد لابد من منطق جديد يضع أصول الاستكشاف، فقد كانت الكشوف العلمية وليدة الاتفاق، وكان المعول على النظر العقلي، فلم يتقدم العلم»
هو يزعم أنه قد اكتشف المنهج الحسي التجريبي، مع أنه لو كان قد قرأ فهرست كتاب المنطق لأرسطو، لوجد أن الاستقراء والتجربة الحسية من أركان هذا المنطق، وأن أرسطو قد كتب كتابا ضخما في الطبيعيات، قبل أن يكتب كتابه"مابعد الطبيعة"
ثم يشكك في طبيعة العقل النظري قائلا "فليست (الأوهام العقلية) أغاليط استدلالية كالتي يذكرها أرسطو، ولكنها عيوب في تركيب العقل تجعلنا نخطأ في فهم الحقيقة"
ثم يؤكد في النهاية على حصر المعرفة البشرية في الموضوعات الطبيعية المحسوسة«ولا سبيل إلى اكتشاف صور الأشياء سوى التجربة، أي التوجه إلى الطبيعة نفسها"
والفيلسوف الثاني هو "جون لوك" الذي كانت تربطه علاقات حميمة مع اللورد آشلي، الذي كان يمثل الأب الروحي للمؤسسات الرأسمالية في لندن.
يقول ساخرا من المنطق الأرسطي: "لو وجب اعتبار القياس الأداة الوحيدة للعقل للوصول إلى الحقيقة، للزم ألا يوجد أحد قبل أرسطو يعلم أو يستطيع أن يعلم شيئا ما بالفعل، ولكن الله لم يكن ضنينا بمواهبه على البشر، إلى حد أن يقنع بإيجاد مخلوقات ذوات قدمين، ويدع لأرسطو العناية بجعلهم مخلوقات عاقلة بالفعل"
وهو يجهل أنّ ارسطو لم يخترع منطقا عقليا من عنده، وإنما اكتشف القوانين الطبيعية الفسيولوجية للعقل الإنساني، كما اكتشف الأطباء القوانين الطبيعية لسائر أعضاء جسم الإنسان
ثم يتنكر للقياس العقلي البديهي لأرسطو، والذي يُعد عماد التفكير الإنساني، مدعيا "إنّ قواعد القياس ليست هي التي تعلم الاستدلال، والقياس لا يفيد في كشف الخطأ في الحجج وفي زيادة معارفنا"
وأما المفكرالثالث فهو المفكر البريطاني"دافيد هيوم" تلميذ جون لوك، والصديق الحميم ل "ادم سميث" مؤسس اقتصاد السوق الليبرالي.
يقول هيوم مؤسس مذهب الشك والسفسطة في عصر التنوير، ساخرا من العقل الإنساني، والفلسفة الميتافيزيقية " فإذا ما تأبطنا هذه المبادئ، وتقحمنا المكتبات فأي الرزايا نحن منزلوها بها؟، سنسأل إذا ما أمسكنا بأي مجلد من مجلداتها في الإلهيات، أو فيما ورائيات المدرسة مثلا، هل في ذلك أي استدلال مجرد حول الكم أو العدد؟ كلا، هل في هذا المجلد أي استدلال تجريبي حول الوقائع والوجود العيني؟ كلا، ألا ألق به إذن إلى ضرام النار، فليس يكون فيه إلا سفسطة أو وهم"
أما "عمانوئيل كانط " المفكر الألماني، والذي يعتبر دافيد هيوم ملهمه الروحي، حينما يقول "لقد أيقظني هيوم من السبات الدوغمائي"، فهو لم يألوا جهدا في التشكيك في العقل الإنساني، والفلسفة الميتافيزيقية في كتابه الكبير"نقد العقل المحض"، والذي فتح الباب على مصراعية لظهور الوضعية المنطقية، وحلقة فيينا في القرن التاسع عشر، والتي تنكرت لكل ماهو غير محسوس، واعتبرت الفلسفة الميتافيزيقية أمور لامعنى لها، وأخرجتها من حيز العلوم الأكاديمية بالكلية.
يقول كانط "إن تناقضات العقل مع نفسه، التي لامجال لإنكارها، والتي لامفر منها كذلك في الطريقة الدوغمائية (أي اليقينية)، قد عرّت منذ زمن طويل أنواع الميتافيزيقا القائمة حتى الاَن من كل تقدير"
أما برتراند رسل الذي نشأ في عائلة ارستقراطية ليبرالية، وتصدى بشدة للأفكار الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي، فقد هاجم الفلسفة، وحط من قيمتها العلمية والواقعية، واعتبرها مجرد مغامرة غير واقعية، ومهد لظهور الوضعية في اوروبا، فنجده يقول " فالفلسفة في ذاتها لا تأخذ على عاتقها مهمة حل المشكلات التي نعاني منها، أو انقاذ أرواحنا، إنما هي نوع من المغامرة الاستكشافية، أو السياحة الفكرية التي نقوم بها لذاتها"
هذا نموذج مختصر لثلة من المفكرين الغربيين الذين استغلهم النظام الرأسمالي في الغرب، لمحاربة العقل الإنساني، والفلسفة العقلية، والذين مازالت آثارهم تموج في اذهاننا إلى اليوم، وتفرض رؤيتها المادية على النظام التعليمي، والثقافي في الشرق والغرب.
وأنا قد أوردت هذا النموذج هنا، لكي أثبت أنّ الرأسمالية ليست كما يتوهم بعض السذج، هي مجرد نظرية اقتصادية للسوق الحر، بل هي في الحقيقة نظام فكري(PARADIGM) متكامل، يهدف إلى السيطرة على العقول قبل الأجسام، وتسخير العلم والفلسفة والثقافة، في خدمة مصالحه الشخصية والفئوية غير المشروعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق