الأحد، 10 مارس 2019

المتحولون عن التنوير

سامح عسكر

 التنوير يلزمه تعددية وطُرق للوصول إلى العامة ومؤسسات الدولة، فالمستنير المؤيد للحكومة ليس شرا بالنسبة لي كمعارض..إنما هو حالة عقلية تغزو مؤسسات الدولة أو تنتشر بين رواد ومتابعي إعلامها، فالرئيس ليس مجرد شخص يحكم..هذا عندي ممثلا لتيار وطريقة تفكير راسخة في المجتمع شئنا أم أبينا، لذا فعندما أعارض الرئيس فليس لشخصه ولكن لطريقة تفكيره التي تمثل صُلب ومحتوى أنصاره الذهني.

علماني لا يؤمن بقيم الدولة الحديثة..ويرى الحريات الليبرالية والشخصية كُفرا بالمجتمع الشرقي وعاداته، وانقسم هؤلاء المحافظين إلى فريقين: الأول: يرى أن الحريات الشخصية تساهم في بروز نماذج وعناصر قبيحة منحلة مما يسبب أكبر الضرر على مسيرة التنوير،
يرى الفريق الثاني: أن الرفض لهذا النوع من الحريات ليس موائمة أو انشغالاً بالخصوم الذين نعرف قوتهم جيدا ونعمل على محاصرتهم فيها..إنما نرفضهم لمساسهم بقيمهم الخاصة، أي يعيشون مع العامة والمجتمع المتشدد في نفس الرؤية..!
والفريقان في نظري ليسوا انعكاسا لقيم تنويرية بالأساس، بل رد فعل على حالات خاصة جدا بنوا عليها موقفهم الحديث
فهذا التمرد الأنثوي ليس وليد اللحظة بالمناسبة..ويحدث مع كل حركة انفتاح كما حدث في الخمسينات نهاية بالسبعينات، مثلا بغزو السينما أفكارا تحررية أنثوية ساوت بين المرأة والرجل في الحقوق، أذكر من ضمن هذه الأعمال السينمائية أفلام فاتن حمامة "الأستاذة فاطمة ودعاء الكروان وأريد حلا" كذلك في فيلم "مراتي مدير عام" الذي كان يمثل نقلة نوعية أنثوية في إدارة مجتمع ذكوري ، وهو إحياء لفيلم "الأفوكاتو مديحة" الذي كان فلتة زمانه أيضا باقتحام الإناث مجالا قضائيا يعد حكرا على الذكور في المجتمع الشرقي.

كذلك مثّلت الكاتبة تحررا في الزي لمعايشة واقعها الأنثوي كما حصل في أفلام الستينات مع بدء ظهور نجمات الإغراء الجدد كسهير رمزي وشمس البارودي ونجلاء فتحي وميرفت أمين..فما صنعته أولئك النجمات أكبر بكثير مما تدعو إليه هذه الكاتبة، لذا عندما انتفض ضدها المحافظون

طالما تحدثنا عن الطب وعلاقته بالتنوير فمن أعراف الطب كتمان خطورة الحالة عن صاحبها، وإيهامه غالبا بسهولة الدواء لكي يتفاعل نفسيا مع طُرق العلاج مما يجعل مهمة الطبيب أكثر سهولة، فالمريض هو نفسي بالأساس وتتعلق نسب شفاءه بحماسه للعلاج في النهاية..وهذا لن يحدث سوى بالثقة المتبادلة بين الطبيب ومريضه وتواصلهم الدائم..

كذلك التنوير يلزمه تواصلا للنقد، ثم إقناع مرضى الفكر بأنهم مرضى أولا، مسألة الخطورة هذه لاحقا بنفس العُرف الطبي، أي على المفكر أن يتواصل أولا مع خصومه الفكريين ليكسب ثقتهم..ثم يبدأ في شرح أبعاد المشكلة، 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق