هؤلاء المقتحمين بتصرفاتهم المجنونة وهتافهم ورقصاتهم ألا يذكّرونا بالطرق المختلفة التي يتعبد بها البشر لربهم، هناك من يصلى وهناك من يغني، هناك من يصيح وهناك من يضرب نفسه بالسياط، هناك من يتعبد بالطبيعة وهناك من يهتف للحرية التي خلقهم عليها ربهم.
ليأتي المشهد الختامي ليذكرنا بنقطة البداية، حيث تذهب الزوجة للقبو وتشعل النيران لتحترق مع الجميع، ويعود المنزل حطام مرة أخرى، وتظهر هي قبل الموت بلحظات بين يدي زوجها السليم تمامًا، لتسأله لماذا لم يكفيك حبي؟ ليرد “إنّي في حاجة لهم” ويأخذ من صدرها الشيء الوحيد الذي لازال حيًا بداخلها ويعذبها، حبها الذي يتحول بعد خروجه من جسدها إلى جوهرة أخرى مماثلة لتلك التي امتلكها في بداية الفيلم وأعاد بها بناء منزله، كما لو أنّ هذه المأساة تحدث دواليك تتكرر المرة تلو الأخرى، لا البشر يتعلمون ولا الخالق يتوقف عن الإيمان بهم وإعطائهم الفرص.
الاتهام – الذي أتفق فيه معه – للبشر، فهذا المخلوق هو الذي جلب على هذه الأرض الخراب، كل أزمة / مصيبة/ كارثة يقع فيها العالم هو ضالع بها بشكل أو بآخر.
فكما في الفيلم يقول الزوار “لقد قال أنّ كل ما يمتلكه ملكنا” نحن نتعامل مع الأرض كما لو أنّها إرثنا الذي من حقنا أن نعامله بمنتهى القسوة، ولا نكترث لأي رادع فهي ملكنا.
قامت شخصية “الأم- جينفر لورانس” في بداية الفيلم ببناء المنزل الذي يرمز للأرض من الصفر بعد احتراقه، صنعت كل تفاصيله الرائعة بجهد وتعب، ليأتي زوارها في دقائق يدمرون كل شيء ويتشاجرون لديها، تخبرهم ألّا يجلسوا على الحوض غير المثبت فيصرون على الجلوس والحركة عليه حتى ينكسر وتبدأ المياه في الانهمار. ألا يذكرنا هذا بطوفان نوح؟
البشر في الفيلم قاموا بتدمير كل شيء لينتهي الأمر بالخراب والدمار، وهو الأمر الذي تكرر من قبل، وسيتكرر بعد ذلك، فلا هم يتعلمون ولا عملية الخلق والفرص التي يمنحها لهم الرب تنتهي في دائرة أبدية من القبح والوحشية.
البطلة/ أمنا الأرض التي تظهر بكامل جمالها وأبهتها بين الجنة التي صنعت تفاصيلها بيديها، ولكن تحمل بين يديها قلبها أو حبها الذي وهبته للخالق ولم يهتم به كما اهتم بمحبيه ومريديه فتعطيه له في النهاية،
بينما البوستر الثاني ظهر فيه خافيير بارديم يجلس على كرسي خشبي وسط النيران التي أشعلتها الأرض الأم في النهاية، ونجد القداحة التي أخفتها من آدم موجودة بجوار يد الكرسي، دلالة على أنّ حتى النيران كانت من صنع البشر بصورة أو بأخرى بينما بين يديه كرة تشبه الكرة الأرضية كثيرًا، ويده الأخرى ممدودة لا نفهم منها هل هي مدودة للأم الأرض حتى يأخذ منها حبها ويعيد بناء عالمه من جديد، أم ممدودة لمحبيه يعلن تسامحه على الرغم من الخراب الذي قاموا به.
مشيل فايفر: حواء، امرأة قوية جميلة، تتحكم في زوجها، تقتحم الجنة بكل عنفوانها، ترفض الرحيل بهدوء، وعندما تفقد ابنها المفضل لا تنكسر بل حتى حزنها عنيف لا ينهزم، ورغم ظهور فايفر في مشاهد تعتبر قليلة، إلّا أنّ أداءَها كان راسخًا وخطفت الأنظار في كل مشهد ظهرت فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق