الأربعاء، 16 فبراير 2022

التعميم ***وباء الأفكار المسبقة****** المغالطات . مغالطة الاحتكام إلى سُلطة *********

 خطأ التعميم في حياتنا


Jun 29, 2019

لماذا لا نمتلك ثقافة (النسبي) في كلامنا وأحاديثنا، بدل من ثقافة التعميم (المُطلق)؟ 

ونحن أيضاً هنا بدورنا عندما نُجيب سوف لنْ نُعمم السؤال على الجميع

التعميم: يقصد به إصدار حكم أو قرار بدون دليل أو برهان، وتعني أيضا نشر الأحداث والمواقف على مساحات أخرى غير مساحتها الفعلية والواقعية التي حدثت فيها،  ويُعطيها حجماً أكبر من حجمها الذي تحتملهُ

فنجد الأغلبية من الناس تأخذ تلك الأمور بالجملة وتُعممها وتنشرها وترددها بين عامة الناس دون الالتفات إلى التفاصيل أو الأسباب والمُسببات والمُبررات التي دعتْ إلى نشوءها أو الأشخاص المُسببين المُحددّين فيها. مُسببة بتعميمها السلبي هذا في اختزال الإنسان والشعوب والخبرات والثقافات والتواصل مع الشعوب الأخرى. 

فنجدهم يسارعون إلى التحليل والتصنيف والمزايدة والتحجيم والتنسيب والتضخيم، غير عابئين بما قد تسببهُ تلك الأحكام الصادرة منهم من آثار سلبية على المعنيين وعلى المجتمع بكل شرائحهِ. فبدل من إن نحكم على موضوع ما أو شخص ما نتيجة ذلك الفعل، نجد إننا قد حكمنا على الآلاف من البشر نتيجة فعلة ذلك الشخص أو تلك الظاهرة. فلو تكررتْ حالات من السرقة أو القتل في مجتمع ما، نلاحظ جرّى التعميم على المجتمع بأكمله وإن جميع أهله سُراق! أو بائعي مخدرات أو قتلى ومجرمين!  

وأيضا إذا أرتكب شخص ما خطأ أو أثم ما، نلاحظ أنتساب فعلتهِ تصل إلى جميع أفراد أسرتهِ ويصفونها حسّب ما أرتكب ذلك الشخص وبأنهم جميعاً هكذا! ومن ثم إلى المجتمع ككل وهذا أسلوب خاطئ وتصرف غير لائق! (كلٌ من وجهة نظره ِوقناعتهِ وما يصادفهُ). 

ناس فرضتْ كلمة (الكل أو الجميع) بدل كلمة (البعض)، فقط لها الظاهر والذي تسمعهُ بإنفرادية وتروج لهُ بكل طاقتها، قبل أن تتأكد منهُ، ناس تأخذ الأمور بظواهرها، وتصدر أحكامًا مُسبقة وهي لا تعلم مدى نسبة مصداقيتها،

فظاهرة التعميم في الحكم وخاصة مثلما قلنا إذا كان الموضوع سلبياً، أصبح جزءاً من شخصيتنا نرددهُ يوماً بعد يوم، وينتج عنهُ نظرة تشاؤمية للحياة، فالشخص عندما يحكم بالتعميم عليهِ أن يحكم على اللحظة فقط وما حدث فيها بالضبط، وليسَ على الحياة كلها أو المجتمع كلهُ. فكل من يلجأ إلى هذه الظاهرة يملك قصر النظر وقلة الخبرة بالأمور وبالحياة وبالأشخاص، غير مُدرك بأن فعلتهِ هذه ستُسبب الأذى للآخرين وتؤثر عليهم وعلى نفسيتهم!

وهذا هو أحد الأبعّاد النفسية السلبية للبشر، والذي يختلف معناه بين المفهوم الأصح والغلط وهو من الطرق الخاطئة التي يسعى البعض إليها، وللأسف دائماً يؤدي إلى نتائج غير مرجّوة، ويجعل حياة الإنسان حياة تعيسة، فلمُجرّد موقف بسيط مع شخص ليس معناه إن الجميع يكرهونك، وفشل بسيط في الحياة لا يعني أنك شخص فاشل وكل حياتك ستكون فاشلة على العكس، يجب دائما أن لا نخلط كل المواقف ببعضها أو نُعممها، أو نُحمل أخطاء البعض للبعض الآخر، ونضعهم جميعاً في سلة واحدة وكفة ميزان ونحكم عليهم، لأنهُ كما أسلفنا لن يقودنا هذا ألا إلى طريق مسدوّد ومفاهيم مغلوطة. 

*

"تعميم الخطأ".. ظاهرة سلبية تشوه المجتمع

"بالرغم من دروس الاحتمالات والنسبية التي يدرسها لطلابه في الرياضيات، إلا أنه لا يجيد تطبيقها في حياته الأسرية، ويفرض علينا كلمتي: "الكل"، و"الجميع" بدل "أنت"، و"البعض"، فسطوة "التعميم" للطالح على حساب الصالح أصبحت منهجا له، فعندما يقصر ابن في واجباته المدرسية يخاطب الجميع قائلا.. أنتم فاشلون، ولا 
تصلحون لشيء، جميعكم متهاونون".  يؤمن بتعبير "السيئة تعم"، فإذا أخطأ أحدهم فالجميع لديه مخطئون.

*

التعميم وسيلة قاصرة في حكمنا على الآخرين

يناقض التعميم النظرة الموضوعية الشمولية باعتباره تصورا ذهنيا خاطئا على الأغلب، فهو يقوم على أساس إطلاق أحكام عامة بالاستناد على حالات خاصة، أو الانتقال من الجزئي إلى الكلي أو من الخاص إلى العام.

وقد يتسبب التعميم السلبي في إطلاق الأحكام على الناس من دون وجه حق بسبب سلوك فردي، وربما مجموعة من السلوكيات التي تصدر عن جماعة من الأشخاص تنتمي إلى فئة واحدة؛ كأن تكون مجتمعا أو طائفة، قبيلة أو دينا، فيتم تعميم السلوك السلبي على المجموع من دون استثناء.

ينبغي تجنب إطلاق أحكامنا المتسرعة، من دون معرفة مسبقة بالشخص أو الظروف والملابسات التي أحاطت به، في اللحظة التي فقد فيها السيطرة على سلوكه.

ويرى الدكتور طبيب نفسي ومدير معهد لازاروس النفسي والحاصل على الدكتوراه في علم النفس من جامعة روتجرز الأميركية، بأن إطلاق عبارات من مثل “أنت غبي”، “أنتِ أنانية”، “أنت رائع″، وغيرها تمثل تعميمات غامضة لوصف سلوك وقتي يصدر عن أشخاص، ربما تختلف سماتهم الشخصية بصورة كبيرة عن هذه المسميات، فحين يوصف أحدهم بأنه أناني فهذا يعني بأنه شخص يفضل مصلحته الشخصية دائما على مصلحة الآخرين، ولا يرى سوى نفسه في جميع الأحوال فضلا عن أنه يدور دائما في محور نفسه ولا يهمه إذا تعارضت مصلحته مع مصلحة الآخرين. إلا أن هذه السمات الشخصية قد لا تنطبق على سلوك معين في موقف محدد؛ فالتصرف بأنانية بسبب موقف طارئ لا يعني أن الشخص أناني بالضرورة.

 لا يمكن أن تتواجد أي سمة كانت في شخص معين بنسبة 100 بالمئة، فسمات مثل الأنانية، الهدوء، الذكاء، الطيبة، الإهمال وحتى الشرّ، قد لا تكون مطلقة، إلا أنها ربما تكون سمات غالبة عند صاحبها، ومن غير المنطقي أن نطلق أحكامنا التعميمية جزافا على شخص تصرف مثلا بإهمال في موقف حياتي معين، فنقرر بأنه شخص مهمل، في الوقت الذي يسلك في معظم أيامه سلوك المثابر والحريص على أداء عمله على أكمل وجه.

ومن أكثر صور التعميم قتامة، هو التعميم الذي يستخدم في انتقاد مجتمع بأكمله؛ أبناء أسرة واحدة، أبناء مدينة معينة، أتباع دين، قومية أو طائفة، لمجرد سلوك مرفوض قام به فرد أو عدد من أفرادها، ويأتي هذا التعميم غير الموضوعي في إطلاق الأحكام المتسرعة من دون بحث أو تحقيق أو تحرّ للحقائق. كما لا ينبغي أن نبني أحكامنا على جماعة من الناس في العموم بسبب خطأ أو هفوة أو سوء تصرف ارتكبه أحد الأفراد الذين ينتمون إليها.

*

مغالطة التعميم


نزعم دوماً أننا ضد التعميم، لكننا ببساطة نغرق في مستنقعه، ونتقبل نتائجه دون تدقيق! فمثلاً كثير منا يسبغ صفات معينة على شعب كامل بناءً على تجربة فردية أو قصص شاذة!

محاولة تفسير الشامل بملاحظة المحدود"، أو بعبارة أوضح: "التعميم"، والأمر أشبه بالتعامل مع شخص كاذب أو محتال من منطقة ما، ثم اعتقاد أن كل مَن ينتمي لهذا المنطقة كاذبون ومحتالون! أو مصادفة شخص ثقيل الظل اسمه "عاصم" ثم اعتقاد أن كل من يحمل اسم "عاصم" حتماً هو ثقيل ظل!

هذه الممارسة لا تقتصر على حياتنا اليومية، بل يقع فيها عدد لا بأس به من الباحثين والصحفيين حين التعميم العام لنتائج دراسة ما على قطاع محدود، ومن نافلة القول إنه يجب على الباحث أن يكون مجتمع عينته ممثلاً لمجتمع الدراسة، سواء عبر العدد المشارك في الدراسة، أو نوعية المشاركين، حتى يمكن تعميم النتائج على مجتمع الدراسة، أو على الأقل على قطاع عريض عليها، مع التأكيد على وجود الفروقات الفردية، والظروف المختلفة، التي قد تجعل الاستثناء هو ما يؤكد القاعدة.

التعميم قد يؤدي إلى الوقوع في مغالطات متوالية، كالتعميم المنحاز، حينما يتم اختيار العينة بناءً على تفضيلات وخصائص محددة، مما يؤدي بالنتيجة أن تكون تعميماً منحازاً، مثل أخذ رأي أصحاب متاجر العصائر بمنع إضافة السكر، واعتقاد أن هذا يمثل كافة شرائح المجتمع، وهو أيضاً ما يحدث كثيراً في نتائج استطلاعات الرأي، كما قد يؤدي التعميم المتسرع إلى ما يعرف ﺑالنصوع المضلل، حيث يعتمد العقل على مثال واحد أو أكثر أكبر من دلالته الإحصائية، بسبب حدث درامي سابق يؤثر على الذاكرة، التي تقوم باحتساب هذا المثال كما لو كان عشرة أحداث عادية، مثل الشخص الذي ينجو من حادث اصطدام قطار، يميل للاعتقاد أن معدلات كوارث القطارات أكثر من معدلات حدوث مآسي وسائل النقل الأخرى، وأن التنقل عليها أخطر من غيرها، رغم أن الإحصاءات المسجلة تؤكد خطأ هذا الاعتقاد.
نسمح دوماً لعقولنا أن تطلق تعميمات عريضة اعتماداً على معلومات قاصرة أو أدلة هزيلة أو عينة غير ممثّلة، والمأساة أننا بطريقة ما نشيّد أدلةً لكل تعميم، ونبتكر بينةً لأي ادعاء مهما بلغ من السذاجة والسطحية، لأن عقولنا تميل لتأييد ما نميل إلى الاعتقاد به ما دام يعنينا الاعتقاد ولا تهمنا الحقيقة! مع ملاحظة أن "التعميم" مثله مثل أي مغالطة منطقية أخرى قد يؤدي إلى نتيجة صحيحة، ولكن ما دام الاستدلال مغلوطًا فليس ثمة مبرر لقبول نتيجة قائمة على مثل هذه المغالطة، ومن الأجدى بذل الجهد للتأكد من إمكانية التعميم، حتى نخرج بالاستنتاج الأقرب للصحة.

*

الأمثلة العامة والمغالطات

 الخلل الذي يحدثه الطابع المتسرع.
 المثال الأول: الزواج من الأجنبيات فاشل، الجواب: نعم نحن إزاء تعميم متسرع.
المثال الثاني. أبناء هذا الجيل غير متخلفين، إذن فنحن إزاء تعميم متسرع.
المثال الثالث: الرياضة لا تنفع الجسم، العينة هنا أن عداء مات بالسكتة القلبية أثناء العدو
 فالتعميم هنا حكم قاطع نال من الرياضة وزج بجملة أسباب بعيدة عن الصواب، واشترك في تركيب شائعة خارجة عن قياس العقل، وغرض غير سليم نشره بين الناس.، فالتعميم هنا خلف أثراً سلبياً على الرياضة بوجه عام، 
لو نظرنا إلى تلك الأمثلة بعين العقل، ودون أحكام متسرعة، لقلنا إن بوسع الشكل المطروح أن يتلاءم مع المعارف الاجتماعية والتحولات العلمية، التي أشرقت شمسها بين الناس، وتكونت منها مواد متنوعة لها تواريخ وسرعات متباينة، وتنمية القدرة على إدراك الواقع، يرفع من قيمة الوعي بالمغالطات، والتعميم العشوائي، وقد يقلص كثيراً من الإشكالية.

مغالطات منطقية!


المنطق الذي نتكلم به قد يحمل في طياته مغالطات عدة. ولن يتخيل المرء سطحية طرحه إلا بتأمل تلك المغالطات جيداً. وحبذا لو كانت تلك المغالطات مكتوبة في قائمة مطولة أو كتاب.

من تلك الهفوات مغالطة التعميم المتسرع (hasty generalization)؛ كمن يكرمه رجل تركي، فيقول: الأتراك كلهم كرماء. أو يصدمه عربي بشدة بخله، فينعت معاشر العرب بالبخل. وليس كل تعميم منبوذ. ففي عالم البحث العلمي، إذا خطى الباحثون خطوات كمية معينة من وجهة نظر الإحصائيين، صار يمكن تعميم نتائجهم على مجتمع الدراسة أو الشعب أو القرية أو قطاع عريض من الناس. غير أن هناك صوراً سلبية كثيرة للتعميم، مثل من يقول: إن كل من يتحدث عن القيم هو في الواقع يعاني من عقدة نقص القيم!

*

8 ألغام في ثنايا الكلام.. كيف تكتشف "المغالطات المنطقية" لتبطل مفعولها؟

المغالطة هي استخدام الأفكار والمعلومات المضللة في التبرير، وإثارة العواطف من أجل حسم نقاش أو كسب نزاع من الطرف الآخر رغم قوة حجته، بالخداع والمناورة وبطرق تبدو منطقية. وهكذا يصبح "الموهوب في الخطابة وحيل الإقناع ودغدغة المشاعر كفيلا بأن يهزم أي عالم يحتكم إلى العقل"، كما يقول أفلاطون.
وقد ظل هذا النوع من المغالطات شائعا جدا ويتخفى في ثنايا المعاملات اليومية، لدرجة أن الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور تمنى يوما أن "أخصص لكل مغالطة منطقية أكتشفها اسما أميزها به، لكي لا أقع فيها مرة أخرى"، واليوم نراها منتشرة عبر وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي كالألغام الأرضية التي تقتضي بأن نتعرف عليها ونبطل مفعولها قبل أن تؤثر سلبا على حياتنا.
ولعل كتاب "المغالطات المنطقية" للطبيب النفسي المصري الدكتور عادل مصطفى -الصادر عن مؤسسة هنداوي سي آي سي بالمملكة المتحدة- من أفضل المصادر لتحقيق هذا الهدف.
التعميم المتسرعهو الحكم على "الكل" من خلال حالة "الجزء". يقول عالم النفس الأميركي جوردور أولبورت "ما نكاد نتلقى (حبة) من الوقائع حتى نشيّد منها (قبة) من التعميمات". فما دامت تفاحات على وجه الصندوق جيدة، إذن فجميع التفاح في الصندوق كذلك. أو كمن مرت بتجربة زواج فاشلة فقررت ألا تتزوج إلى الأبد، لأن الرجال كلهم أشرار.
الإحراج الزائفتحدث هذه المغالطة عند إلغاء البدائل أو الحلول الممكنة من أجل الإبقاء على خيارين لا ثالث لهما، أحدهما لا يصلح حلا والثاني هو رأي المغالط ذاته، على قاعدة "إما معنا أو ضدنا" أو "إما أن تدخل معنا الحرب من أجل الحفاظ على نهجنا في الحياة، وإما أن تكون خائنا".
مهاجمة رجل من القشتلك المغالطة التي يعمد فيها المرء إلى مهاجمة فكرة أخرى هامشية بدلا من الفكرة الحقيقية موضوع النقاش، كأنه ينازل دمية وهمية من القش باعتبارها أسهل عليه من منازلة خصمه الحقيقي.
وتأتي هذه التسمية من العصور الوسطى، حيث كانت تستخدم دمية محشوة بالقش على هيئة رجل لكي تمثل "الخصم" في المبارزة بالسيف. مثل قول أحدهم "كيف تحظى نظرية النسبية لآينشتاين بكل هذا القبول وهي تعتبر أن كل شيء مباح، وأن الأخلاق شأن نسبي يختلف من بيئة إلى أخرى؟" (يخلط بين نسبية آينشتاين الفيزيائية والنسبية الأخلاقية التي تتحدث عن القيم، ولا صلة لها بمجال الفيزياء من قريب أو بعيد، ليهرب من الفكرة الأساسية).
الشخصنةأن يعمد المغالط إلى الطعن في "شخص" الخصم ويهاجمه هو بدلا من مناقشة فكرته، فيلجأ لسبّه مثلا، قائلا "أنتم تعرفون جميعا أن فلان كذاب غشاش وغير موثوق بذمته المالية، فكيف توافقون على مشروعه المطروح؟"، أو يستغل ظروف خصمه الشخصية مدعيا أنها هي التي ألجأته إلى تبني هذا الرأي، وأن له مصلحة في ذلك.
الاحتكام إلى العامةتتضمن هذه المغالطة الاحتكام إلى الناس بدلا من الاحتكام إلى العقل، ومحاولة انتزاع التصديق على فكرة معينة بإثارة مشاعر الحشود وعواطفهم، بدلا من تقديم حجة منطقية صائبة.
وتعد تلك أداة من أدوات الدعاية والإعلان وكثير من الساسة ورجال الأحزاب والفعاليات الانتخابية، فما دام "الجميع يعتقد ذلك" و"الكل يفعل ذلك" و"استطلاعات الرأي تشير إلى ذلك" فلا بد أن يكون ذلك صحيحا.
الاحتكام إلى الجهل

وهذه مغالطة خطيرة مفادها أن شيئا ما يظل حقا ما لم يبرهن أحد على أنه باطل، والعكس صحيح، أي أن شيئا ما يظل باطلا طالما لم يُثبت أحد بالدليل أنه حق. فمثلا "طالما أنه ليس هنالك دليل على أن الأشباح غير موجودة، إذن فالأشباح موجودة".

أو كما كان يفعل السيناتور جوزيف مكارثي في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، عندما كان يرعب مثقفي وفناني أميركا بإلصاق تهمة الشيوعية بهم دون دليل، محتكما إلى الجهل بالقول "إنه لا يملك أدلة تدحض اتهاماته"، ومن ثم تعتبر في محلها.
الاحتكام إلى القوة

باللجوء إلى التهديد والوعيد من أجل إثبات فكرة لا صلة لها بأجواء الخشية والرعب التي تصاحبها، ظنا من المغالط أن القوة تصنع الحق. كقول رئيس الاتحاد السوفياتي السابق نيكيتا خرتشوف "حين يقول ستالين (ارقص) فإن الرجل الحكيم لا بد أن يرقص"، أو كتهديد أحد المديرين لموظف بالقول "ينبغي أن توافق على السياسة الجديدة للشركة، إذا كنت تريد أن تحتفظ بوظيفتك".
*
وباء الأفكار المسبقة
Oct 5, 2019

الأفكار المسبقة من أشد الآفات خطرًا على المجتمعات، تنتقل بدون وعي من جيل إلى جيل ومن شخص إلى آخر ومن مكان إلى مكان، قد تكون الفكرة المسبقة عن شعب أو أمة أو دين أو مذهب أو حزب أو عن فرد معين، ربما تصل أعداد الذين يحملون أفكارًا مسبقة في العالم إلى مليارات من البشر، فأنت قد تحمل عن غيرك وغيرك يحمل عنك، وشعبك وأبناء دينك وقوميتك يحملون هذا عن غيرهم، وغيرهم يحمل هذا عنهم.

الأفكار المسبقة قد تكون باتجاهين، سلبي أو إيجابي بعيدًا عن الواقع.
الفكر المسبق يكون أكبر في حالات التعميم، فنقول إن الطائفة الفلانية فاسدة أو منحلة أو خائنة أو العكس، فنقول إن الطائفة الفلانية هي من الأبطال والكرماء والأسخياء، في كلتا الحالتين نرتكب خطأ فادحًا، لأن كل طائفة فيها من كل لون وصنف رغم وجود ميول واضحة لدى الأكثرية باتجاه معيّن.
أكثر الأفكار المسبقة ضررًا هي التي تصاغ بصورة منهجية على يد أحزاب أو تنظيمات أو على يد وسائل إعلام رسمية معينة، تطمح إلى تشويه صورة المنافسين لمصالح سياسية ترتدي لباسا دينيا أو قوميا أو حتى إنسانيا.
أخطر هذه التنظيمات هي التي تتعامل بنظام المركزية، والتي تعني أن ينفذ عضو التنظيم ما يُقرر دون نقاش، فلا يسمح لعضو بنقاش ما يفكر فيه إلا داخل إطار تنظيمه، فإذا خرج بنقاشه إلى خارج الإطار اعتبر خائنا أو مرتدًا أو عميلا أو مدسوسًا أو أنه يخدم الخصوم إلخ، الأمر الذي يعني تكريس الأفكار المسبقة ومنع مناقشتها بصورة علنية، ومحاصرة التفكير المتحرر.
الأفكار المسبقة في مجتمعنا قد تكون عائلية، فنجد أن معظم أبناء الحمولة يرددون نفس الأسطوانة ضد حمولة أخرى وخصوصًا عندما تقترب انتخابات البلديات والمجالس المحلية، يصبح التحريض الجماعي أسهل الطرق لتوحيد الحمولة حول مرشحها والعداء للمرشح الآخر اللص قليل الأصل المعتدي على أعراض الناس العميل الناكر للمعروف
وقد تكون أفكارًا مسبقة ضد مجموعة بشرية جاءت من خارج الإطار الذي نعرفه، القروي عادة، كمهاجرين أو كسكان جدد، هذا موجود في بعض قرانا.
أوروبا وأميركا ركب موجة العداء للمهاجرين سياسيون لتحقيق أهدافهم وطموحاتهم بالوصول إلى السلطة. وقد يكون التحريض المسبق مبنيا على العرق واللون أو الدين كالفكر المسبق ضد السود والمسلمين، في مرحلة وزمن ما من التاريخ كان ضد اليهود ووصفهم كمجموعة بأوصاف بذيئة يرفضها المنطق الإنساني، مثل عجن المصّة (الخبز العويص) بدم الأغيار عيد الفصح العبري.
وقد يكون التحريض مذهبيا فيوصف ابن المذهب الآخر بأنه كافر أو منحرف أو مضلل أو جبان.
التحريض المنطلق من قواعد دينية قد يكون الأخطر، لأن كل من يعترض عليه قد يعرض نفسه للخطر، فالجماهير المشبعة بالأفكار المسبقة تحوّلها إلى بديهيات من الصعب جدا مناقشتها ومحاورتها.
قد تكون بعض الأفكار المسبقة صحيحة ومبنية على تجارب ضد أشخاص معينين، ولكنها لا يمكن أن تكون صحيحة ضد مجموعة بشرية أخرى، لأن التعميم دائما يظلم فئة مختلفة داخل الإطار نفسه.
المنطق السليم يقول إن واجبنا أن نفكر مليا وأن نعد للعشرة قبل التفوه بكلمة أو القيام بتصرف ما، وأن نبتعد دائما عن التعميم، وأن نسأل أنفسنا عن مدى إطلاعنا على الحقائق قبل النقل، وأن نضع أنفسنا مكان هذا الذي يتعرض للهجوم والشيطنة، كيف سيكون ردنا!
عانى ويعاني مجتمعنا وأمتنا من الأفكار المسبقة سواء تلك التي يحملها آخرون ضدنا أو التي نحملها نحن ضد آخرين. ولهذا علينا أن ننمي لغة الحوار وفتح المجال لمناقشة أي موضوع مهما كان شائكا بإصغاء للصوت المختلف، فهذا يضمن لنا أن نكون مجتمعا صالحا ومترابطا وقادرا على التعامل مع قضاياه الكبيرة بصورة واعية.
فلننتبه كيف يشوه الإعلام العبري الفلسطينيين والعرب والمسلمين بصورة منهجية، وإن كان يسمح للبعض بالظهور في هامش ضيق من التعبير والمنافحة، إلا أن غسيل الدماغ والأفكار المسبقة باتت عميقة بحيث بات معظم اليهود في إسرائيل يرددون ما يردده إعلامهم من تحريض، فما بالكم بأنظمة لا تسمح بسماع الرأي المغاير لها ولسياساتها، بل وتحارب وسائل الإعلام التي تتيح حرية التعبير.
هناك أفكار مسبقة زرعت بشكل ممنهج في رؤوس الكثيرين، لست مع بشار فأنت داعشي، لست مع السيسي فأنت مع الإرهاب، لست مع الملك فأنت ناكر للجميل والنعمة، لست مع حزب الله فأنت مع إسرائيل، لست مع نظام آية الله في إيران فأنت مع أميركا والصهيونية والنظام السعودي.
هذا يشير إلى خطورة حمل الفكرة والتمسك الأعمى بها من دون تمحيص وإعادة نظر.
نحن بحاجة إلى إعادة نظر دائمة بأفكارنا وبالمسلّمات كلها، السياسية والاجتماعية والفكرية العقائدية، وأن نسمح لأدمغتنا بالانطلاق فوق الميول الشخصية والمصلحية واسترضاء القطيع، لنبحث دائمًا وأبدًا، ليس لإثبات صحة تنظيراتنا المسبقة بمعظمها، بل للوصول إلى الحق والعدالة أينما كان وكانت.
“يا صديقي، إن قلوب الناس مُكتظة بأمور يجهلها حتى أعز الأقرباء، فكن لطيفا”

*

 فكلمة "بعض" على سبيل المثال تكفي أن تبعد الفرد عن آفة التعميم، والكلمة كالسهم إن خرجت فلا رجعة لها، ولذلك من المهم جداً أن يحذر الفرد حين يخاطب الآخرين أو يكتب خصوصا في وسائل التواصل الاجتماعي لأن القراء والمستمعين بالآلاف والملايين.

التعميم لا يقل عن الادعاء والكذب، بل هو كذب مقنع أو غير مباشر، كذب غير مقصود، نعم هو كذلك عند الغالب، ولكنه يكون مقصوداً حين يكون الحديث أو الكتابة موجهة بقصد تشويه سمعة أفراد أو مجتمع، فحين يقال إن هذا المجتمع استهلاكي وغير منتج على سبيل المثال فالمقصود هنا دون جدال تشويه الصورة الصحيحة لهذا المجتمع ككل وإظهاره بصورة سلبية سيئة.

والأمثلة على التعميم المضر كثيرة لا حصر لها: (الطلبة غشاشون، الموظفون كسالى وغير منتجين، النساء تفكيرهن منحصر في التسوق فقط، أصحاب سيارات معينة عدوانيون، حالات الإصابة بكورونا غير صحيحة، والكثير الكثير)، ولا يخفى على أيٍّ منا الآثار السلبية المترتبة على هذا التعميم، فحين يشاع أن الطلبة جميعهم غشاشون ويصدق صغار العقول ذلك يصبح التعامل مع الطلبة بطريقة يغلب عليها قلة الاحترام والنظرة الدونية، ويقع عليهم ظلم بيّن والكثير من الإحباط والضرر، كذلك لو وسم جميع الموظفين بالكسل فإلى جانب الظلم الذي يطولهم سيترتب على ذلك الانتقاص من مجهودهم ووصمهم بالكسل والتقصير مما يسبب لهم إحباطاً وضغوطاً نفسية قد تؤدي الى عزوفهم عن الجد في العمل، وتكون المشكلة كبيرة لو كان المسؤول في العمل هو من يعمم تعامله، فيعامل المجد كالمقصر والعكس، وهو لا يعلم أنه ينشر في بيئة العمل الحقد والحسد والغيرة والإحساس بالإجحاف والظلم وغيره.

التعميم سلوك مغلوط يتنافى مع مفهوم التفرد، فلكل منا صفات وسلوكيات خاصة معينة مختلفة عن الآخرين، وهذا الاختلاف والتمايز أساس التكامل لبناء المجتمع.
*
Jun 11, 2021

مغالطة الاحتكام إلى سُلطة


حينما تُسند حجة أو نتيجة إلى رأي خبير أو سُلطة ما بدلاً عن برهان أو دليل؛ فإنها تكاد تعتبر أسرع المغالطات المنطقية تعرفاً ثم نقضاً!

 وجود سند سُلطة لأي فكرة أو قضية هو سبب صدقيتها! ويتجاهل ضرورة وجود البيّنة، رغم أن الفكرة بحد ذاتها قد تكون صائبة، لكن ذلك ليس له علاقة بسُلطة متبنيها، سواء كانت سُلطة دينية أو علمية أو اجتماعية أو غير ذلك. كالقول: إن العِطر الفلاني هو الأفضل لأن الفنان الشهير فلاناً يقول ذلك! أو الاستشهاد بقانون نظامي أو نص ديني! 
كتاب التسعير ********

التوسل للمرجعية"، تحدث لأن أغلبنا غير مختص في معظم الشؤون، وننزع إلى الاقتداء بالشخصيات المرموقة، ما يمنحنا شعور الأمان الموثوق، وبالذات إذا كان المرجع متخصصاً في مجاله، مع التركيز على إبراز مرجعية مؤهلات سُلطته، مثل ذكر سنوات الخبرة أو تخرجه من جامعة مرموقة، أو حتى ظهوره المتكرر في وسائل الإعلام.

 حتى لو كانت المرجعية علماً في مجالها، كالاستدلال برأي فقهي لعالم شرعي، ومداخلة طبيب استشاري في مجاله، فهذه الصفة بشكلها المفرد ليست دليلاً على صحة الرأي! مثل ما حدث حينما أعلن عالم الحيوان الأميركي "تيوفيلوس بينتر" أن البشر يمتلكون 24 زوجاً من الكروموسومات! وظل الأمر مستمراً بناء على مرجعيته، على الرغم من أن عمليات العد اللاحقة صححت العدد ليمسي 23 زوجاً، لكن للأسف كان تأثيره كبيراً على جمهرة واسعة من العلماء، الذي فضلوا تصديق رقمه بدلاً عن الدليل الفعلي! أيضاً لابد أن لا نتجاهل وجود الاختلاف بين الخبراء أنفسهم وسياق أعمالهم والمدرسة التي يرجعون إليها. ناهيك أنه أضحى من السهل اليوم أن يجد المرء خبيراً يدعم أي رأيٍ يراه مهما كان خاطئاً!

وقد تتطرف هذه المغالطة حينما يحتكم لآراء فقط لأن قائلها شخص أجنبي وليس من بني جلدتنا! وهو ما يتكرر في نقاشات منصات التواصل الاجتماعي، حيث تطرح أسماء شخصيات أجنبية لتأكيد صحة الأمر، من دون التأكد من صدق الرواية، فضلاً عن وجود الشخصية من عدمها!

المأساة هنا استغلال مغالطة الاحتكام للسُلطة عبر التوسل بمرجعية ليست مرجعية معتبرة! مثل الاحتجاج برأي عالم فيزياء في شأن ثقافي أو مغنّ في حلول تقنية أو حتى الاستشهاد بآراء دجالي العلوم الزائفة! ومن نافلة القول إن تلك آراء لا اعتبار لها.

من المقبول حينما تنقصنا الخبرة وتعوزنا المعرفة أن نحتكم إلى سلطة الخبراء في مجالهم، بل قد تكون فرصة للوصول إلى التوافق بعد اتفاق طرفي الجدال على مصداقية المرجع، مع التأكيد أن آراء أولئك المراجع تبقى في النهاية آراء شخصية تقبل الخطأ والصواب، وليس مسلمات تأكدت بالتجربة والبرهان.
Oct 10, 2021

 كتاب “المغالطة المنطقية بين التحقُّقِ والتوهُّم (مداخلُ مفهوميَّةٌ وسياقاتٌ استدلاليَّةٌ تحت الضوء)” للتميمي موضوع المغالطات المنطقيَّة، من زاوية مختلفة نوعا ما عمَّا هو مدون في كُتُب المغالطات المنطقيَّة المألوفة، فهذا الكتاب يتصدَّى لمهمَّة تعميق بعض الخطوط الباهتة، وتسليط الضَّوء على بعض المناطق التي لم تأخذ حقَّها من الإضاءة، وتكثيف ما هو خفيفٌ ورهيف من الأفكار المهتزة.

Dec 3, 2021
*



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق