الثلاثاء، 11 يونيو 2019

تبعات الحياة العصرية

محمد غنيم كاتب رائع، كثير الأسفار، غزير التأملات

خلقت المعجزة الاقتصادية التى أبهرت العالم؟!
هل تصدقون أنه توجد شركة يابانية متخصصة فى توفير أصدقاء لمن يريد مقابل مبالغ مالية؟! وقد تتساءل كيف توفر شركة أصدقاء او أهلا أو أحبة لمن يريد وما السبب!؟ والإجابة ببساطة أن كثيرا من اليابانيين يعيشون فى وحدة قاتلة بلا أسرة أو أقارب أو حتى أصدقاء، ويفتقدون كل ذلك، مما يدفعهم إلى استئجار خدمات هذه الشركة لكى توفر لهم أفراداً يقومون بدور الأصدقاء أو الأهل،
لم يكن الأمر ليكون مستغربا لو حدث فى أوروبا أو أمريكا، فتلك طبيعتهم وطبيعة الحياة فى بلدانهم، هكذا كانوا وهكذا سيظلون. أما اليابان تحديدا فذلك هو الأمر الغريب سيما إذا عرفنا أن اليابان اشتهرت بأنها تقوم على الأسرة الكبيرة وروح الجماعة، وهما سبب ما حققته اليابان من طفرة. فالمعجزة الاقتصادية كان عمادها أن اليابانى يعتبر الشركة التى يعمل فيها شركته، وأسرة الإمبراطور يعتبرها أسرته، وأن كل فرد عليه أن يتفانى من أجل الأسرة والشركة أو المصنع من أجل اليابان، فما الذى تغير فى السنوات الأخيرة؟!
■ ■ ■
الاجابة إنها الحياة العصرية بتعقيداتها وضغوطها وسرعة إيقاعها وهجرة الشباب من القرى الى المدن وولع الشباب بالنمط الغربى للحياة وأصبح الشباب- فتيانا وفتيات- حريصين على الاستقلال عن الأسرة والعيش وحيدا وبعيدا، ومع الوحدة تزداد الضغوط النفسية والمعاناة وافتقاد الأسرة والأهل والأصدقاء مما يدفع الكثيرين لشراء خدمات توفير أصدقاء أو أهل أو والدين لتعويض الحرمان والوحدة.
ومازلت أذكر قول صديق يابانى: «إننا شعب وحيد رغم الزحام الشديد الذى تراه فى كل مكان».
■ ■ ■
وها هى اليابان من أحد وجوهها المظلمة التى لا يعرفها الكثيرون، بعيدا عن الصورة المثالية التى مازالت تعيش فى أذهان الكثيرين منا بأنها بلاد الكمال والجمال والسعادة، و(اللى ما يعرفش يقول عدس!).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق