الخميس، 7 نوفمبر 2019

تيار الحركة الوطنية

عندما قرر المصريون إعلان الجهاد فى مواجهة أكبر إمبراطوريتين فى هذا الوقت وهما الإمبراطورية العثمانية والإمبراطورية البريطانية، وذلك لإسقاط الولاية والحماية عن مصر فى هذا الوقت. وتكللت جهودهم بالنجاح بعد رحلة كفاح كبيرة وحصول مصر على استقلالها فى 28 فبراير عام 1922 وإسقاط الولاية العثمانية والحماية البريطانية عن مصر وتحولت إلى مملكة دستورية، وأصبح 13 نوفمبر من كل عام هو العيد القومى لمصر منذ عام 1922 وحتى عام 1952.

ربما لا يدرى كثيرون من الأجيال الحالية، إما لفراغ كتب التاريخ أو لسطحية وتجاهل وسائل الإعلام أن عيد الجهاد الوطنى هو يوم من أعظم أيام هذه الأمة، وأنه لم يكن فقط سببًا فى حصول مصر على استقلالها بعد إسقاط الولاية العثمانية والحماية البريطانية.. وإنما كان سببًا فى تغيير وجه الحياة فى مصر لأنه أرسى مبادئ وقيما جديدة ما زال يعيش عليها المجتمع حتى الآن، وكانت سببًا أساسيًا فى حماية هذا المجتمع مؤخرًا ضد توجهات عودة الدولة الدينية التى سقطت بانتهاء الدولة العثمانية.. وربما لا يدرى البعض أيضًا أن عيد الجهاد الوطنى شكل الجهاد الحقيقى لأنه كان جهادًا ضد المستعمر والمحتل والمغتصب، وكان فى مواجهة الخارج لحماية الدولة الوطنية ومقدراتها وثرواتها، وهو الأمر الذى أنتج الحركة الوطنية المصرية التى أسست لدولة المواطنة والحريات العامة وتحرير المرأة وحقوق العمال وبناء الاقتصاد وعملية التمصير وغيرها من قواعد بناء الدولة الوطنية.

توجه فيه الزعيم سعد زغلول وعلى باشا شعراوى وعبدالعزيز باشا فهمى فى الحادية عشرة صباحًا من يوم الأربعاء 1918 إلى دار المندوب السامى البريطانى السير ريجنالد وينجت عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى التى فاز فيها الحلفاء بقيادة بريطانيا العظمى لإعلان مطالب مصر.. حيث طالب سعد زغلول بإلغاء الأحكام العرفية وإنهاء مراقبة الصحف والمطبوعات التى ضاق بها المصريون، والسفر إلى لندن للسعى نحو تحقيق الاستقلال وكذلك مؤتمر فرنسا طبقًا للمبادئ التى أعلنها الرئيس الأمريكى ويلسون

 اعتقدت بريطانيا أن أسلوب التفاوض مع المصريين لن يجدى ويجب التعامل معهم بالعنف، لذلك قررت سحب السير وينجت واستبداله بالجنرال اللنبى الذى قرر فور وصوله إلى مصر نفى سعد زغلول ورفاقه من زعماء الحركة الوطنية المصرية لتندلع شرارة ثورة 1919، من داخل جامعة القاهرة فى العاشرة من صباح الأحد 9 مارس، ويخرج الطلبة من جامعة القاهرة إلى شارع قصر العينى لينضم إليهم طلبة الطب وتعم الثورة كل أرجاء مصر، وتضطر بريطانيا إلى إعادة الزعيم سعد زغلول وكل رفاقه إلى مصر لتهدئة الأوضاع والجلوس على طاولة المفاوضات لتحقيق مطالب المصريين التى بدأت بإلغاء التبعية للدولة العثمانية وانتهت بإلغاء الحماية البريطانية على مصر وإعلان استقلال مصر فى 28 فبراير 1922 وإعلان أحمد فؤاد الأول ملكًا لمصر والسودان.

تيار الحركة الوطنية المصرية ما كان لينجح ويحقق كل أهدافه لولا عبقرية سعد زغلول وإيمانه بنظرية قوة الجماهير وإدخاله الشعب المصرى إلى المعادلة السياسية،

قواعد اقتصاد وطنى يقوده طلعت باشا حرب بعد النداء الشهير لسعد زغلول لكل أثرياء مصر بسحب أموالهم من البنوك الإنجليزية وشراء صكوك بنك مصر والانتهاء بوضع دستور 1923 الذى أسس لحياة سياسية قائمة على التعددية وترسيخ الحريات العامة وحرية الصحافة وحقوق العمال وغيرها من المبادئ التى شكلت هوية هذا المجتمع وترسخت فيه على مدار قرن من الزمان وما زلت تشكل حائط الصد المنيع ضد كل أشكال الغزو الثقافى والفكرى أو الدينى، وما يسمى بحروب الجيل الرابع التى تعتمد على هدم الدول من داخلها.. حمى الله مصر ورحم زعماءها وقادة حركتها الوطنية وشهداءها الأبرار.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق