إنجازات ابن سينا والفارابي وابن خلدون وآخرين ممن لا يُمكن تجاهلهم أو نسيانهم.
ودون الخوض في الجدل اللاحق إن كان هؤلاء العلماء عربا، أم أنهم من مشارب وقوميات متعددة؛ لكنهم جميعا كانوا مُشتبكين ويستظلون بالنهضة الإسلامية ذات الهوية العربية ـ إن جاز التعبير.
زمن النهضة العربية إبان الدولة الأموية والعباسية وما بعدهم أصبح أثرا بعد عين، ولم يتبقَ في التاريخ الحاضر من مجد تليد للعرب سوى أشعار يحفظونها، وكتب تروي أنهم كانوا صُنّاع حضارة يوما من الأيام، وتغنٍ وبكاء على الأطلال.
في العقود الماضية لم يُعرف العالم العربي إلا مقترنا بالحروب والانقلابات العسكرية، وطغيان مظاهر التخلف، ولم يُسجل عنه مُنافسة في براءات الاختراع، أو تقدمه العلمي، أو تفوق جامعاته، رغم كل مظاهر الثراء الفاحش لبعض حكوماته.
لم يكن مُستهجنا أو مُستغربا أن يكشف مؤشر جودة التعليم الذي يُصدره المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس) عن وجود ست دول عربية خارج التصنيف، وهي سوريا، العراق، اليمن، ليبيا، السودان، والصومال، وهذا يعني أن المعايير لا تنطبق عليها.
المُلاحظ كما العادة أن غالبية دول العالم العربي لا تحتل مكانة مُتقدمة في مؤشرات جودة التعليم، وهو ما يُعطي انطباعات عن المستقبل الذي تنتظره هذه المجتمعات إذا كانت منظومة التعليم تُعاني اختلالات وفشل ذريع.
ما هو خارج عن المألوف أن دولا عربية استطاعت أن تُحدث خرقا، وتتقدم في جودة التعليم، وأولها دولة قطر التي احتلت المرتبة الأولى عربيا، والرابعة على مستوى العالم، تليها الإمارات بالمرتبة الثانية عربيا والعاشرة عالميا، ويتبعها لبنان، البحرين، الأردن، السعودية، تونس، الكويت، المغرب، وسلطنة عُمان.
الدول الخليجية خاصة قطر والإمارات استوردت أهم المدارس والجامعات العالمية، وعملت على توطين هذه التجارب التعليمية والتربوية في بلادها، وبهذا استطاعت أن توظف ثرواتها المالية للاستثمار في التعليم، وهو يعني الاستثمار في أجيالها القادمة لعلها تستطيع أن تواكب المتغيرات في العالم، ويكون ذلك بوابتها للتنمية المُستدامة.
لن يستطع العالم العربي أن يخلع رداء الجهل قبل أن يُعيد بناء منظومة التعليم في بلدانه، فحتى الآن لا تزال المناهج المدرسية سجينة ثقافة الاستبداد والانغلاق، وما زال الأطفال والشباب والشابات أسرى للتلقين والحفظ، وأكثر بعدا عن الفكر النقدي.
فإن الأمية بلغت في العالم العربي عام 2018 بحدود 76 مليون شخص أي ما يُعادل 21 بالمئة من السكان، وتُقدر الإحصائيات أن الأمية بين الإناث تُعادل ضعف الأمية عند الذكور، حيث تقترب الأمية بين الذكور ما نسبته 25 بالمئة، وللإناث 46 بالمئة، هذا عدا عن الأمية المُقنعة، وهم من على مقاعد الدراسة دون أن ينعكس التعليم على معارفهم ومهاراتهم نتيجة فشل وضعف جودة التعليم، وفي هذا السياق يقول تقرير صادر عن "معهد بروكينغز" عن مقياس التعليم في العالم العربي "إن 48 بالمئة من الطلاب في مستوى التعليم الإعدادي لا يتعلمون شيئا".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق