الوصايا الأخلاقية هى الخطر وليست ممارسة الحرية
نقد الإجماع المتواتر للفكر العلمانى
- العلمانية ليست ضد الدين «أرضيًا أو سماويًا»، لأن هناك علمانيًا مسلمًا وعلمانيًا مسيحيًا وعلمانيًا يهوديًا وعلمانيًا هندوسيًا وعلمانيًا بوذيًا.. إلى آخره.
- الدول لا دين لها، فقط الأفراد الذين يعتنقون الأديان المختلفة.
- فصل الدين عن الحياة والمجتمع والدولة.
- الدولة تضع الدساتير والقوانين والتشريعات المدنية المتفقة مع حقوق الإنسان، نساء ورجالًا وأطفالًا، ومبادئ المواطنة العادلة دون أى نوع من التفرقة أو التمييز أو الانحياز وليس من الكتب الدينية المقدسة.
- دور الدولة فيما يتعلق بالدين هو ضمان أداء الطقوس والشعائر الدينية للأفراد فى أمان وسلام داخل دور العبادة فقط.
أتعمق أكثر فى هذه المبادئ، وانتهيت إلى أن العلمانية محقة فى تسيير الحياة وفقًا لقوانين مدنية ودساتير ليست مستمدة من أى كتب مقدسة تحقق العدالة والحرية للجميع.
القول بأن العلمانية لأنها ليست ضد الدين كحرية عقيدة، وبالتالى هى تضمن حرية أداء الطقوس الدينية المختلفة فى أمان وسلام، وتتعهد بإقامة دور العبادة لكل الديانات فهذا بالضرورى يسبب مشكلات نفسية للأفراد، وأيضًا ينتج مشكلات للدولة المضيفة، كما هو حادث الآن من إرهاب دينى عالمى يستهدف «أسلمة» أوروبا وكوكب الأرض كله، وبدأت كصلاة داخل مسجد ثم تحوّلت المساجد إلى بؤر إرهابية إسلامية سياسية التوجه.
لنتخيل مواطنًا «مسلمًا» ترك وطنه مصر وهاجر إلى ألمانيا واستطاع إيجاد عمل يضمن له حدًا أدنى من الحياة الكريمة فى مجتمع يسير ضد كل الإسلام، مجتمع الحريات المتكاملة للنساء والرجال لا توجد وصاية قاهرة من رجال الدين فى أى موقع، مسموح له فقط بعبادة ربه والصلاة له فى المسجد.
هذا المواطن المصرى المسلم، امرأة أو رجلًا، يوجد مثله الآلاف أو الملايين فى برلين، وهنا تظهر مشكلات «نفسية» يسببها هذا الانفصال بين عبادة الإسلام المحصورة فقط فى المسجد، والخروج إلى حياة يومية لا يوجد بها إسلام على أى مذهب أو طائفة، حياة تقول له كل يوم إن إسلامك الذى تركع له لا يصلح لكل زمان ومكان وإلا كنا أخذناه منهجًا.
أولًا: إما أن يعتبر الدولة العلمانية التى استضافته بكرم وجعلته ينعم بالكرامة والعمل ومناخ الحريات الكامل الخالى من الوصاية والقهر باسم الدين، ويستمتع بالعلاقات الجنسية دون زواج، دون رجم، دون قتل، دون جلد، أو مجرد النبذ- دولة «كافرة»، وأنها بتوفيرها الحياة الكريمة الحرة غير الموجودة فى بلده، وكانت سبب هجرته هى «تكفّر» عن خطيئة كفرها وأن هذا واجبها، وعليها تقديمه خاضعة، خاشعة، وليس تفضلًا منها، هذا موقف ممتلئ بالغطرسة والعنجهية والتعالى الأجوف الفارغ والحقد الكامن المختبئ تحت الجلد، انتهازى، جاحد، نفعى، جاهل، يستحق الشفقة، وأكثر من الشفقة «الحذر» و«التوجس».
فهذا النموذج سيمارس «التقية»، ومتى يشتد عوده بعد أن أشبع كل احتياجاته فى الدولة العلمانية والتى كانت مكبوتة ومقهورة ومداسة بالأحذية فى بلده، يشكل التربة الخصبة المثالية لجنود التنظيمات الإسلامية الإرهابية المسلحة الدموية لأسلمة كوكب الأرض واستعادة الخلافة الإسلامية على أرض الله.
ثانيًا: أن يدخل المسجد ليصلى فردًا أو جماعة ليؤكد ويجدد اعتناقه وحبه وتفضيله المطلق للدين الإسلامى، آخر الأديان الذى يغطى النساء ويعتبرهن ناقصات تمييز وكرامة وولاية وأهلية ويحرّم الخمور ويعتبر أصحاب الديانات الأخرى كفارًا وكل حريات الإنسان مخنوقة ما لم يختمها رجال الدين، بينما يعيش فى مجتمع يضمن انتقاد الأديان كلها، والسخرية من جميع الرسل والأنبياء، دون قوانين ازدراء أديان أو حسبة، نجده يبقى على هذا الوضع المتناقض الممزق، بعد تأسيس «ميكانزمات تعايش سلمى»، وتبريرات عقلية مغلوطة تنافى المنطق والحقيقة والاتساق النفسى.
ونجده يصبح أكثر تزمتًا مما كان عليه فى بلده مصر ويصنع مجتمعًا إسلاميًا فى بيته، يتزوج حسب الطريقة الإسلامية ويتعامل مع زوجته باعتباره السيد، القوّام، الآمر الناهى فى كل حياتها، يحجبها ويقعدها فى البيت للخدمة وإشباع غرائز النصف الأسفل من جسده حتى لو لم تكن راغبة.
أول بند فى قانون النكاح الإسلامى أن ينفق الزوج على زوجته، وفى مقابل الإنفاق عليها الطاعة العمياء، ومع بناته يمارس دور «بوليس الآداب» بالمراقبة والمنع والتجسس حتى لا تقع الطامة الكبرى فى الإسلام، وهى أن تشعر بعاطفة تجاه رجل أجنبى أو حتى مسلم مثلها، وقد تخرج الأمور عن السيطرة وتفقد عذريتها، ويصبح لهذا النموذج من الرجال عالم داخلى «دينى إسلامى» يملكه، وعالم خارجى «غير دينى غير إسلامى» لا يملكه، بل هو فى الحقيقة منْ يملكه بلقمة العيش ومناخه المضاد لشريعته الإسلامية، وهذا يسبب له الغضب وتأنيب الضمير، ويعتبرها «إهانة» مضطر إلى تقبلها والسكوت عليها بشكل سلمى.
هذا موقف أيضًا، فكريًا وعاطفيًا ونفسيًا، غير سوى وممزق وينتقل عدم السواء والتمزق بالضرورة إلى جميع أفراد أسرته، ويحمل فى ثناياه درجات وأشكالًا من الخطورة والعنف ليس سهلًا التنبؤ بها، فهما شىء نسبى يعتمد على داخلية كل شخص ودرجة احتماله العيش بين عالمين ومدى استعداده للتحوّل من الحالة السلمية إلى الحالة العنيفة.
ثالثًا: أن يرفض هذا الفصام فى الفكر والحياة الساكن عقله ووجدانه وسلوكياته وقناعاته، ويشعر بأن هذه الازدواجية لا تناسبه ولا تنسجم مع آليات تفكيره ولا تحقق له السعادة والهدوء والأمان النفسى، التى يسعى إليها ويكون الحل المنطقى هو أن يترك الدين الإسلامى، بعد أن أدرك أن ما وصلت إليه الدولة العلمانية التى يقيم بها، بتفكيره غير المتعصب وبالقراءة فى نشأة الأديان ووظائفها السياسية، ومقارنة أحوال الدول الإسلامية بالدول العلمانية، وهكذا يصبح، قلبًا وقالبًا، مع فكر الدولة العلمانية الألمانية الذى هو «باقة» متكاملة شاملة تقبل بكل مشتقاتها، لأن كل مشتق مرتبط بالآخر وهى «الباقة» التى يرفضها دينه الإسلامى، من الألف حتى الياء، والتى
والتى تسببت فى بحثه عن هروبه من بلده.
حتى بالنسبة للمواطن المسيحى فى دولة علمانية توجد مشكلة، لست أفهم كيف يمكن أن يعيش الإنسان، امرأة أو رجلًا يعتنق المسيحية على المذهب الكاثوليكى مثلًا، وهو مواطن فرنسى الأصل، مثلًا، يواظب على الذهاب إلى الكنيسة فى باريس أو مارسيليا كل يوم أحد يحضر القداس ويستمع إلى القسيس، وهو يؤكد الخلاص من خلال الكنيسة الكاثوليكية، وعند المرض الشديد لا بد من الصلاة للمسيح والعذراء مريم وأن التحلى بأخلاق يسوع هو الأمان والسلام، أليس هذا تناقضًا صارخًا؟ فهذا المواطن عند المرض يذهب إلى المستشفى وليس للصلاة، ويعرف أنه إذا «صفعه أحد على خده الأيمن لن يدير له الخد الأيسر»، كما قال المسيح، ولكن سيأخذه إلى الشرطة، وخلاصه الفعال كمواطن يكمن فى قيام الدولة الفرنسية فى توفير تأمين صحى له ودخل شهرى وإعانة بطالة لو لم يجد عملًا لائقًا يحفظ كرامته ويحمى مستقبله.
كيف تؤمن الدولة العلمانية بفصل الدين عن الدولة، باعتباره أمرًا «شخصيًا»، وهى تنفق من ميزانية الدولة وتبنى على أرض الدولة، دور العبادة الدينية العلنية على الملأ؟ أين «الشخصية» فى هذا التوجه؟ الأمور حتى تصبح حقًا «شخصية»، «خاصة»، «فردية»، لا بد من عدم خروجها للفضاء العام تحت أى مسمى أو ظرف.. هذه هى قناعتى.
*
أحوال الفن والأدب بعد 69 عامًا من ثورة 23 يوليو 1952
Aug 2, 2021
من أهم النقاط المضيئة لثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ هى النهضة المرموقة فى مجال الفن والثقافة بشكل عام، وكونى كاتبة، أديبة، شاعرة، محبة للفنون والآداب، أقول إن فترة ما بعد قيام الثورة فى الخمسينيات والستينيات وحتى عام النكسة ١٩٦٧، كانت مصر فى أوج لحظاتها الثقافية والفنية والأدبية الراقية الواعية بدورها الثورى التنويرى.
كل قصة تأبى إلا أن أكتبها بدمى تعيد لى الثقة بأننى لن أنتحر، لن أدمن المخدرات، لن تهزمنى اللا جدوى، لن أفقد عقلى بسبب عدم منطقية الأشياء والأقدار.
هل هناك أجمل من أن تقتلنى موسيقى الأشعار ولذة صناعة الكلمات؟ الآن أين يذهب عشاق وعاشقات الأدب فى مناخ يضع الأدب فى «ذيل» الأولويات و«الضرورات» و«المهمات»؟ أين يذهب عشاق وعاشقات الأدب فى مجتمع يرفع شعارات «أهمية الأدب»، «سحر الأدب»؟.. لكن الواقع يشهد على أن التعامل مع «الأدب» هو من باب سد الخانات وملء الفراغات وتحسين الصورة لخير أمة أُنزلت على الأرض، ومن باب التسلية التى تدخل ضمن الكماليات والحياة المرفهة.
الأديبات والأدباء هم آخر ناس يتم الاحتفاء بهم الآن، حيث تحظى الممثلات والراقصات والمغنيات ولاعبو الكرة وملكات الجمال والمذيعات والداعيات الإسلاميات وزوجات الرجال المشهورين بكل الأضواء الإعلامية.
الأديبة، الكاتبة، الشاعرة، خاصة لو كانت متمردة على السائد فى الأفكار والموروثات والشِعر لا تحظى بأى اهتمام إعلامى ولا تنعم بأى احتفاء حتى لو كان خبرًا فى سطر عن كتابها الجديد وأحدث مجموعاتها الشِعرية.
لا أحد يفكر فى تسليط الضوء على فكرها الفلسفى ونظرتها للفن والشِعر وكيف يأتيها إلهام الشِعر؟ وكيف تتمرد على تقاليد الشِعر؟ وما طقوس الكتابة حينما تجتمع وحدها بشيطان الشِعر فى خلوة شِعرية؟ ومنْ تحب من الشاعرات والشعراء؟
قناة على اليوتيوب- موضة العصر للشهرة- حتى أستطيع إلقاء الضوء على أفكارى وقصائدى، لا بد أن يكون لى «شِلة» من النقاد فى مطبوعات الأدب والشِعر نتبادل المصالح ونسهر للعشاء معًا وغير ذلك، لا أمل.
دور النشر الكبرى والصغرى تتجنب نشر الدواوين الشِعرية، لأن الشِعر «مبيجيبش فلوس» فى بلادنا، ولا نريد أن نظلم بلادنا، فالشاعرة الأمريكية «لويز جلوك» لم تسلط عليها الأضواء الإعلامية، ولم يكن لها شهرة تذكر إلا بعد أن فازت بجائزة نوبل فى الأدب العام الماضى ٢٠٢٠، وعمرها ٧٨ عامًا.
من واحة أشعارى
فى حضارة.. الحج الفاخر السريع
والجنس الفاخر السريع.. والبيزنس الفاخر السريع
فى حضارة الدين ليس لله ولا الوطن للجميع
وحيث يُهان التمرد.. يُمجد القطيع
يُشتم الجدل.. يُمدح المُطيع
تغترب أجمل القصائد.. تهرب أنبل المشاعر
بشكل.. غير فاخر.. وغير سريع
*
عقد الزواج فى الأساس هو عقد نكاح طاعته واجبة
عقد الزواج الإسلامى الشرعى هو عقد "نكاح"، وهناك أستاذة تدرس الدين فى مصر، قرأت لها تصريحًا يقول إن رفض المرأة للمعاشرة يعتبر نشوزًا لها ومعصية كبرى لله، وهو تحريض مباشر للزوج المكبوت المحبط «المتعفرت» بشهوته أن يزنى، وبالتالى تتعرض الأسرة المسلمة إلى الدمار، وربما يقرر الزواج بأخريات مطيعات لشهوته وهذا أيضًا تفكيك للأسرة، وهذا هو الرأى السائد شئنا أم أبينا.
طاعة الزوج من طاعة الرب، وهذا هو السبب الحقيقى وراء تعطل قانون مدنى موحد للأحوال الشخصية لا علاقة له بتعاليم أى دين مثل كل القوانين الأخرى التى نلتزم بها.
*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق