الأحد، 13 يونيو 2021

مستقبل النظام العالمي

Apr 12, 2020
غارديان: ما بعد كورونا.. مَن الرابحون والخاسرون بالنظام العالمي الجديد؟  
ويعتقد أن الجميع في هذه "القرية العالمية" بدؤوا يستخلصون الدروس والعبر، ففي فرنسا، أكد ماكرون أن "هذه الفترة علمتنا الكثير"، وأن كثيرا من الأمور اليقينية والقناعات ستتلاشى.
ثم إن العديد من الأشياء التي اعتقدنا أنها مستحيلة في الماضي تحدث الآن. واليوم الذي ستنقشع في هذه الجائحة بانتصار البشرية، لن يمثل عودة لسابقه، فالإنسانية ستكون أقوى أخلاقيا، حسب تعبير كاتب مقال غارديان.

أزمة كورونا وانعكاساتها على منظومة القيم


جائحة كورونا (كوفيد-19) -التي اجتاحت العالم واخترقت الحدود والفئات والطبقات- من الوقائع التي ستسجل إلى جانب وقائع أخرى عرفها القرن العشرون من قبيل الحربين العالميتين، وكذا الأزمة الاقتصادية لسنة 1929، وانهيار المعسكر الشرقي، وسقوط جدار برلين، وظهور ما يسمى بالنظام العالمي الجديد الأحادي القطب، وما ترتب على ذلك من حروب قادتها الولايات المتحدة الأميركية في أفغانستان والعراق.

ستكون الجائحة موضوع بحوث ودراسات وندوات وتحاليل علمية لمراكز البحوث ولقادة الفكر الإستراتيجي، من الزوايا الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والجيوسياسية، من أجل بيان التحولات المحتملة على النظام العالمي وعلاقات القوة وتوازناتها وانتقالات مركزها، ومنذ الآن بدأت تتناسل القراءات والتحاليل في المستويات المشار إليها.

أولا: العودة القوية للمعتقد الديني: من الطبيعي أن يتعمق الشعور الديني باعتباره شعورا يقوم على الإيمان بوجود قوة إلهية خارقة، يلجأ إليها الإنسان حين يرجع إلى حقيقته ككائن ضعيف، مهما أحس بالتميز والمركزية في الكون. ومع كورونا ينبعث هذا الشعور حتى عند الغافلين أو المنكرين أو المستهترين بالدين، ويتجدد عند المتدينين.

ففي الأزمات -التي تتجاوز قدرة الإنسان وتتحداه- يحس الناس بالحاجة إلى القوة الإلهية المحيطة بكل شيء، ولا يزيد التقدمُ العلمي الإنساني هذه الحقيقةَ إلا تأكيدا. ذلك أن طريقة انتشار كورونا واستخدامه للإنسان، والانتقال عبره متخذا جسمَ الإنسان حاضنا وناقلا؛ يجعله أشد على شعور البشر من الكوارث الطبيعية.

فالشعور الديني غير المؤطَّر بفهم روح الدين ومقاصده قد يكون كارثة، وهو ما يفسر حالات جماعية من الوجد "الديني" الجماعي التي تتنافى مع أحكام الدين نفسه، ليس فقط فيما يتعلق بكل ما له صلة بحفظ النفس، بل أيضا في الأحكام الناظمة لشعائره التعبدية، من قبيل الدعاء الذي من سننه التضرع خيفة ودون الجهر من القول ومناجاة الله وعدم مناداته بصوت مرتفع، لأننا -كما ورد في الحديث النبوي- لا ننادي أصم أبكم، وإنما ندعو من هو أقرب إلينا من حبل الوريد.

ومن قبيل ذلك إصرارُ بعض المسلمين على عدم ترك صلاة الجماعة والجمعة، وهو أمر من جوهر الدين إذا خيف على النفس من حصول الضرر، حيث إن حفظ النفس مقدم على حفظ الدين في هذه الحالة.

وكذلك تألِّي بعضهم على الله وادّعاؤهم أن هذا الوباء انتشر بسبب المعاصي، وأنه "عقاب" من الله ضد السلطات الصينية بسبب اضطهادها لأقلية مسلمي الإيغور في إقليم تركستان الشرقية (شنغيانغ).
والواقع أن الفيروس قد أصاب دولا إسلامية كماليزيا، بل إن بعضا من الجيل الأول من المسلمين ممن كانوا على عهد قريب من النبوة ماتوا بسبب الطاعون، 
كما أن الهدي النبوي كان سبّاقا لإقرار قواعد الحجر الصحي، ونفّذه عمر بن الخطاب حين ابتُلي المسلمون بطاعون عمواس.

ثانيا: كورونا والسؤال القيمي الأخلاقييكشف انتشار فيروس كورونا عن الهاوية التي تقف على سفحها البشرية، كما يقول سيد قطب في مقدمة كتابه "معالم في الطريق"، حيث ورد فيها: "تقف البشرية اليوم على حافة الهاوية، لا بسبب الفناء المعلق على رأسها.. فهذا عارض من أعراض المرض؛ ولكن بسبب إفلاسها في عالم القيم".

ثالثا: إفلاس النظام الرأسمالي وعجز النموذج الديمقراطي الاجتماعي عن التصدي للأزمة: نجحت الصين -على ما يبدو- في مواجهة واحتواء جائحة كورونا، في حين عجزت عن ذلك الرأسمالية في صيغتها الأكثر تطرفا ممثلة بالولايات المتحدة، والأنظمة الديمقراطية الاجتماعية المبنية على الحرية الفردية، والتي يتمرد فيها الفرد -بسبب تكوينه الثقافي- على التحكم السلطوي، مما أدى إلى نوع من التهاون في التعامل مع الجائحة؛ فكانت الكارثة، ولم تستعد السلطة المركزية دورها إلا بعد خراب البصرة؛ كما يقال.

كما تُطرح هنا بشدة إشكالية انهيار منظومات الحماية الصحية والاجتماعية، ونموذج دولة الرفاه الاجتماعي في دول كان يُضرب بها المثل في ذلك؛ حتى إننا لم نعد نميز بين هشاشة تلك المنظومة في هذه الدول ونظائرها بعض دول الجنوب.

رابعا: انهزام قيم الفردانية وانبعاث قيم التضامن الاجتماعي والإنسانيلقد قامت فلسفة النهضة على إعادة الاعتبار للإنسان في بعده الفردي، وعلى تمجيد العقلانية المجردة التي ترى الإنسانَ الفردَ مقياسا لكل شيء، أما الجماعة والدولة فليستا إلا فضاء لممارسة الفرد لحريته المطلقة ما لم تمس بالآخرين.

غير أن أزمة كورونا أحيت -حتى في المجتمعات المتخمة بفردانية الحداثة- قيم التضامن والتضحية ونكران الذات لدى بعض الفئات المجتمعية، من قبيل الأطباء والممرضين وغيرهم، وربما يكون ذلك بداية لعودة الشعور بالحاجة إلى الانتماء الاجتماعي والتضامن الإنساني العالمي.

فبالقدر الذي كشفت به هذه الجائحة عن إفلاس عدد من الدول التي تقدم نفسها على أنها مهد لقيم الحرية والديمقراطية، بل وعن إفلاس منظوماتها الصحية والاجتماعية التضامنية؛ فإنها كشفت عن وجه آخر من الصورة، وما صور التضامن مع الشعب الإيطالي وإيفاد عدد من الأطباء والمعدات إلا وجه من هذه الصورة المضيئة، هذا فضلا عن صور الكفاح والمرابطة التي أظهرتها الأطقم الطبية وغيرها، إلى درجة تعريض أفرادها أنفسَهم لمخاطرة من درجة عالية.

خامسا: تجسير العلاقة بين المجتمع والدولة وعودة الحياة إلى مؤسسات الوساطة: ينبغي الاعتراف بأنه من السابق لأوانه الجزم النهائي بهذه الخلاصة، غير أن مؤشرات التعامل الشعبي والمجتمعي مع مؤسسات الدولة -بمختلف مستوياتها- تشير على إمكانات واعدة بهذا الخصوص، وهي مرهونة بتعزيز حالة التعبئة الوطنية هذه.
هذه الجائحة مناسبة لاستدعاء كل تقاليد ومخزون القيم الدينية والاجتماعية في مجال التضامن الاجتماعي، وخاصة التضامن الأسري والعائلي والقبلي، فضلا عن تحفيز المواطنين لإخراج الزكاة، ولِمَ لا يتم تفعيل الأشكال الرسمية لجمع وتنظيم توزيع هذه الزكاة، هذا فضلا عن تثمين مبادرات المجتمع الأهلي والسياسي في مجالات التضامن دون هواجس أو حساسيات، وأن يتم كل ذلك في نطاق القانون وبتنسيق وإشراف من السلطات المعنية.

+++++++++++++++++++++++++++++++++++

رؤى لعالم ما بعد كورونا

خلدون النبواني: حدث سياسيّ وتجاري بامتياز

نحو مزيد من التوحش الرأسمالي وتدمير الكوكب والإنسان.
إنّ كورونا حدث سياسي وتجاري بامتياز قبل أن يكون موضوعًا طبيًا وإنسانيًا. ليس الأطباء من يقرر بشأنه وإنما الساسة ويهوّل الإعلام من خطره رغم أنّ بعض الأهوال الأخرى، بما في ذلك الأمراض الشائعة، أكثر خطرًا على حياة الإنسان. لم يغيّر كورونا من استراتيجيات السياسة الدولية في المنافسة والتصارع على مصادر الربح، على العكس حققت فترة الانشغال بالفيروس للعديد من الدول والشركات فرصًا مهمة لقمع الحريات الفردية وتأكيد قوة الدولة وقدرتها غير المتناهية على إرهاب الناس بخطر الموت الداهم. واستغلت القوى السياسية انشغال بعضها البعض بالفيروس لممارسة مزيد من الضغوطات أو الاختراقات بينما تتسابق شركات الأدوية على إنتاج لقاح لتحقيق أرباح هائلة من فيروس راحت قوته المزعومة تتراجع، لكنّ الفوائد الربحية المنتظرة منه كبيرة وقادمة لبعض شركات تصنيع الأدوية.

ربح الشركات العابرة للقارات تضاعف أضعافًا مضاعفة بسبب وربما بفضل الجائحة، فشركة مثل "أمازون" ضاعفت أرباحها الفلكية مستفيدة من الحجر وخدمات التوصيل في معظم دول العالم الغني. واستغلت الكثير من الشركات الكبرى مثل "أيرباص" و"رينو" الجائحة لتبرير طردها وتسريحها لأعداد كبرى من العمال والموظفين دون تسديد حقوقهم وهم الذين صاروا عبئًا عليها، ليس بسبب الجائحة وإنما لتطور التقنية أو لتراجع الإنتاج.

أغلبية الجزائريين يعتبرون الوباء مجرّد حيلة سياسية أو بتعبير آخر مجرّد مؤامرة عالمية،
وأنّ الأخبار التي يتم تداولها محليًا وعالميًا هي أخبار مبالغ فيها.

صحيح أنّ الوباء قد أربك بعض القطاعات، مثل التعليم وبعض المؤسّسات الاقتصادية، لكن دائمًا نقول: هل نملك اقتصادًا أصلًا حتى يتأثر بالجائحة؟

ـ"التعليم عن بعد" لا يبدو أنه يمثل حلًا في ظل غياب أدنى وسائل هذا النوع من التعليم، والدولة ما زالت تفكر بمنطق تقليدي، وأتصوّر أنّ الدولة غير قادرة على التخلص من التعليم التقليدي بهذه السهولة، أصلًا فكرة "التعليم عن بعد" فضحت التفاوتات الطبقية في المجتمع، فقطاع كبير من الجزائريين لا يتوفر على الوسائل الضرورية لتمكين أبنائه من مواصلة تعليمهم عبر الإنترنت.

ياسر ثابت: جائحة تعيد صوغ العالم

 الناس يظلون في يقين أنهم يُقمعون من أجل لا شيء. الآن لدينا تعدادٌ للجثث، وبياناتٌ صحية متضاربة

حامد الناظر: العيش في فقاقيع منعزلة

 جائحة كورونا فزادت من عزلتنا المتفاقمة أصلًا بسبب اختراع الإنترنت والهواتف الذكية والعوالم الفردانية المنغلقة، وفوق هذا ضاعفت خساراتنا بفقدان طبقة واسعة من كبار السن التي شعرت بعزلة مضاعفة وخوف أكبر وآلام نفسية مريعة في الربع الأخير من العمر.
إذن كيف سيبدو عالمنا بعد هذه الجائحة؟ أظنه سيبدو أكثر وحشة، وبلا قدرة على مواجهة غول الفردانية. سيجعل العزلة نمط حياة، في العيش والسفر والدراسة والعمل وحتى في أنماط التفكير، سنفكر في أنفسنا دائمًا وفي توسيع المساحات الشخصية التي نتحرك داخلها. لن يكون بوسعنا أن نمد أيدينا في أيّ اتّجاه يتجاوز المسافة الآمنة التي أجبرتنا عليها جائحة كورونا، وهذا ينسحب على مشاعرنا أيضًا ومدى إحساسنا بالآخرين. وهذا يعني تحوّلًا جذريًا في الطبيعة الإنسانية من حيث كونها اجتماعية الطابع إلى مستقبل أكثر فردانية وتوحشًا.

الزهرة رميج: نجاح "نظام التفاهة العالمي"

 نجاح "نظام التفاهة العالمي" الذي سعت الرأسمالية إلى تعميمه عبر العولمة التي خلقت "مواطنًا عالميًا" أنانيًا، تستعبده الشهوات والرغبات وحب المظاهر، سطحيًا، يفتقر إلى الوعي ولا يهتم بغير راحته الشخصية، ولا يبالي بالقضايا الجوهرية سواء تلك التي تهم وطنه أو تهم الإنسانية جمعاء.

صاحبة «أخاديد الأسوار»، تابعت: كنت في بداية ظهور فيروس (كوفيد-19) أعتقد أنّ الجائحة ما دامت لم تميز بين الشرق والغرب وبين الدول المتقدّمة والمتخلفة، وبين الفقراء والأثرياء، فإنها ستقلّص الهوة بين الشعوب وبين الطبقات، وستغيّر الأنظمة الديكتاتورية القائمة على الاستغلال والفساد، وستُعلي من قيمة التسامح. لكنّ الأحداث المحلية والعالمية التي عرفتها فترة الجائحة كلّها تؤكد أنّ الواقع العالمي والعربي على وجه الخصوص بعد كورونا سيكون أسوأ مما كان عليه من قبل. فأميركا في زمن ترامب - الرأسمالي المثالي- تحقق لإسرائيل ما كانت تسعى إليه دون جدوى. وتجعلها تطبع مع دولتين خليجيتين، والبقية آتية في الطريق. وجامعة الدول العربية تسلم الروح بعدما بقيت لسنوات تحتضر، والأنظمة العربية تتخلى عن دعم القضية الفلسطينية، وتعتبر التطبيع مع إسرائيل شأنا داخليًا. والديكتاتوريات العربية مستمرّة في قمع الحريات، والاعتقالات، وفي نهب الثروات. والفساد الذي عمَّ العالم العربي، والذي تجسد في لبنان وفي كارثة انفجار ميناء بيروت، يجعل فئة عريضة من اللبنانيين يتخلون طواعية عن استقلال بلادهم، ويتنكرون لتضحيات آبائهم وأجدادهم، ويطالبون بعودة الاستعمار الفرنسي.
تبيّن صاحبة «الناجون» أنه في ظل جائحة كورونا أينعت أحلام العظمة ومطامع الدول الغربية في ثروات العالم العربي والعالم الثالث عمومًا، فإذا أميركا تفرض سيطرتها أكثر، وإسرائيل تحقق حلمها بدءًا ببعض دول الخليج، وفرنسا تسترجع نفوذها في لبنان، وتسعى لتحقيق أحلام نابليون، وتركيا تسعى لاسترجاع زمن الإمبراطورية العثمانية؛ كلّ هذا يدفع إلى التساؤل عمّا إذا كانت الدول العظمى قد خلقت فيروس كورونا وأطلقته لهذه الغاية؟
أعتقد أنّ المرحلة القادمة ستتسم بالانغلاق أكثر، وبأنّ العالم العربي سيعيش أسوأ مرحلة في تاريخه المعاصر إن لم تستيقظ الشعوب من غفوتها.

*

مستقبل النظام العالمي


الثلاثي الأميركي- الصيني- الروسي

 مع عميد كلية العلوم الإجتماعية في جامعة ويسكونسن الدكتور سيف دعنا النظام العالمي
Nov 19, 2020


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق