الخميس، 28 مايو 2020

زمن التّطاول على المقدّسات

المطّلع على دساتير البلدان العربية والإسلامية وقوانينها، يجد أنّ معظمها يتضمّن موادّ كثيرة تُلزم الحكّام والمسؤولين الذّودَ عن الدّين ومنعَ أيّ تطاول على ثوابته وأصوله، لكنّ المفارقة أنّ هذه الموادّ الدّستورية والقانونية لا أثر لها في الواقع، حيث لا تجد الإساءات المتكرّرة إلى دين الأمّة من قِبل العلمانيين واللادينيين وبعض المجترئين من يتصدّى لها ويعاتب أصحابها فضلا عن أن يعاقبهم، في الوقت الذي تطال العقوبات كلّ من يرمي مسؤولا من المسؤولين بنقيصة!

أصبحت النّداءات التي يرفعها الغيورون على دينهم إلى المسؤولين ليتدخّلوا ويردعوا المجترئين على هوية الأمّة ومقدّساتها، درءًا للفتنة؛ لا تجد آذانا صاغية ولا تلقى أيّ اهتمام! وكأنّ حرمة الدّين أصبحت في آخر الاهتمامات! ربّما لأنّ هؤلاء المسؤولين يرون جموع المسلمين -في ظاهر الحال- تهتمّ بتحسين الأوضاع المعيشية أكثر من اهتمامها بدينها، ولا يعلمون أنّ عامّة المسلمين مهما كان تقصيرهم في دينهم، فإنّهم يغارون له ويرفضون أن يُرام جنابه أو يساء إلى مقدّساته، وأنّ قلوبهم تغلي كالمراجل عندما يرون أشباه المثقّفين يتطاولون على دينهم.

ناشطة كويتية جدلا واسعا في الأوساط الافتراضية


 تطاولت فيه على الذات الإلهية، وهاجمت الحجاب، ودخول الجنة.

 بدفاعها عن النساء السافرات، أو غير المحجبات، وتنتقد الحملات الدينية التي تهاجمهن.

 عدم ارتدائها الحجاب ليس من شأن أحد، وأكدت أنها وحدها من ستنام في قبرها، وأضافت: “الجنة التي تسكر أبوابها في وجهي عشان مش لابسة حجاب، ما تشرفني، أنا جنتي تختلف”.

تنتشر في الآونة الآخيرة حملات مكثفة يقول نشطاء إنها مريبة التوقيت، تشكك برموز الدين الإسلامي، وتطعن بسنن النبوة، والأحاديث الشريفة، حتى وصلت إلى التشكيك بوجود النبي، والقول بأنه مجرد أسطورة، وهي حملات تروج بالأكثر في مصر، والإمارات، والسعودية، ويقودها مفكرون، ودعاة.

وزير الأوقاف: الأدب مع «الحاكم العادل» من صميم الدين.. والتطاول عليه ضد العقيدة

في الهجوم على أبي إسحاق الحويني والسلفية

نجح هذا التحالف الذي انضم إليه رؤساء وملوك دول عربية رئيسية في شيطنة كل الحركات الإسلامية السنية وفي مقدمتها "الإخوان المسلمون" وتحويلها إلى عدو
لا يستطيع الطابور المعادي للدين في مجتمعاتنا الإسلامية الطعن في الألوهية والنبوة، ولكن يستهدف الكيانات والدعاة والرموز الإسلامية، ويواصل الإلحاح على أن الإسلام به تناقضات وسلبيات من داخله، ويزعم أن العلماء والدعاة منحرفون وكلهم أخطاء، وأن ديننا يحتاج إلى إصلاح من الداخل مثل ما حدث في حركة الإصلاح الديني في أوربا في القرون الوسطى.
هذا الطابور في بلادنا ينفذ أجندة اليمين الأمريكي الصهيوني الذي نجح في صناعة شبكة دولية لمحاربة الإسلام، منذ وصول دونالد ترمب للبيت الأبيض، وقد وصفها مايكل فلين مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق بأنها "تحالف القرن الحادي والعشرين الجديد" وهدفه: محاربة الإسلام كأيديولوجيا للقضاء عليه مثل الشيوعية والفاشية والنازية، وليس دينا سماويا واجب الاحترام.
لقد نجح هذا التحالف الذي انضم إليه رؤساء وملوك دول عربية رئيسية في شيطنة كل الحركات الإسلامية السنية وفي مقدمتها "الإخوان المسلمون" وتحويلها إلى عدو يستحق القتل كما تفعل الإمارات في اليمن، ويتم ملاحقة الإسلاميين بالمطاردة والمصادرة والسجن في دول عربية أخرى، وهو سلوك عدواني غير موجود في دول الغرب المسيحي، ولا حتى في أمريكا التي توجد بها قيادة هذا التحالف المحارب للإسلام.
الجديد اليوم هو استهداف السلفية وحشد حملات التحريض ضدها بتشويهها والتطاول عليها وعلى رموزها، رغم أنها ليست حركة سياسية، وإنما منهج علمي دعوي، وأسلوب في التفكير خلاصتة اتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح، ولا يمكن اختزالها في حركة هنا أو هناك، كما لا يمكن تحميلها ممارسات مثيرة للجدل لحركات سياسية محسوبة على السلفية.
في حملة مفتعلة واضح فيها التربص وتعمد الكذب يتعرض الشيخ "أبو إسحق الحويني" لهجوم إعلامي غير مبرر، يستغل مقطع فيديو ينصح فيه طلبة العلم والعلماء الصغار بألا يتسرعوا في تأليف الكتب، وليصبروا حتى لا يقعوا في أخطاء يندمون عليها وقد لا يستطيعون تصحيحها فيما بعد.
كلمات الشيخ الحويني خلاصة من النصائح المفيدة، لكل من يكتبون في كل المجالات، فهو يدعوهم إلى التروي والانتظار حتى يصلوا إلى درجة من الوعي والإلمام الكامل في المجال الذي يكتبون فيه، وضرب لهم مثلا بنفسه وأنه يريد إعادة بعض ما كتبه في شبابه وتصحيح بعض المسائل.
الغريب أن الإعلام المتربص اعتبر كلمات الحويني اعترافا بأنه ارتكب أخطاء فاحشة وتقولوا عليه بما لم يقله، وخاضوا في علمه وشخصه وحياته، وافتروا عليه الافتراءات للطعن فيه وتعمد الإساءة إليه، بأساليب لا تليق مع عالم من أبرز المتخصصين في علم الحديث في السنوات الأخيرة، وله إسهامات دعوية مهمة.
ولد الشيخ الحويني عام 1956 في قرية حوين بمحافظة كفر الشيخ، ودرس في كلية الألسن بجامعة عين شمس، وتخصص في اللغة الإسبانية، وكان من أوائل دفعته، ثم عمل في بداية حياته مذيعا للغة الفرنسية في ماسبيرو، قبل أن يغير اتجاهه ويتفرغ لدراسة علم الحديث.   
تتلمذ "حجازي محمد يوسف" الذي تسمى "أبو إسحق الحويني" على يد الشيخ محمد نجيب المطيعي أحد علماء الأزهر، وأخذ عنه علم أصول الفقه وأصول علم الحديث، وعلى يد علماء آخرين مثل عبد العزيز بن باز وابن عثيمين.
لكن الأهم أنه تتلمذ على يد الشيخ ناصر الدين الألباني أحد أبرز علماء الحديث في العقود الأخيرة، وكانت البداية التي جذبته إلى التخصص في دراسة الحديث النبوي قراءة كتاب "صفة صلاة النبي من التكبير إلى التسليم" للألباني والذي جعله يشعر بأهمية التحقيق والدراية بالسنة النبوية الصحيحة.
برز الحويني في تحقيق كتب الحديث، وأصدر العديد من المخطوطات التي لم تطبع من قبل وبذل جهدا كبيرا في هذا المجال الذي تلقاه مشاهير علماء الأمة بالقبول وأثنوا عليه، وجعلوا الكثير من كتبه في مناهج علم الحديث.
لكن الذين هاجموا أبو إسحق الحويني هم الذين هاجموا الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، بالطريقة نفسها وبالضراوة ذاتها، فهم يزعمون أنهم يريدون تجديد الخطاب الديني وتطوير الإسلام بينما هم يطعنون في أركان الدين ومظاهره وعلمائه، ويغريهم دعم جهات في الحكم بالتطاول والتجرؤ على كل ثوابتنا.
ومنطق هؤلاء المتطاولين ضعيف، ولا يقدرون على الصمود أمام أي نقاش، وقد رأينا كيف أن شيخ الأزهر في المؤتمر الذي ناقش تجديد الخطاب الديني استطاع بكلمات بسيطة هزيمة كل أسس حملة تغيير الدين، وعجز الدكتور عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة أحد المشاركين في بدعة تطوير الدين عن الدفاع عن أفكاره.
مالم يفهمه الكارهون للدين أن الإسلام دين الله، وقد اكتمل، وتكفل الله بحفظه، ولا يحتاج إلى تجديد أو تطوير كما يتوهمون، وأن هناك فرقا بين التجديد والاجتهاد، وباب الاجتهاد لم يغلق، فهو مفتوح إلى يوم القيامة، يقوم به العلماء المجتهدون والعارفون، وليس شياطين هدفهم هدم الإسلام لصالح خصومه.

++++++++

يتحججون بكورونا لمحاربة الدين!


لقد بلغ العداء ذروته في الحملة ضد الصوم ودعوة الناس لفطر رمضان، في حملة ممنهجة في التلفزيون الرسمي والفضائيات المصرية باستدعاء شخصيات دأبت على الطعن في الدين مثل سعد الهلالي ويوسف زيدان وغيرهما لدعوة المسلمين لإفطار الشهر الفضيل.

الذي يكشف عن سوء النية هو تجاهل التلفزيون الرسمي لشيخ الأزهر والعلماء المحترمين الذين ردوا على الآراء الفاسدة، ورفضوا منع الصوم خوفا من كورونا، وكشفوا كذب ما ردده دعاة الفتنة من مبررات، وأكدوا أن الدين لا يؤخذ من السفهاء والحمقى.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق