الاثنين، 20 يوليو 2020

السلطات المصرية تستعين بالخطاب الديني لتمرير قراراتها

ر الخطاب الديني مسيسا بشكل لافت، وأصدر مجمع البحوث الإسلامية فتوى تحدد الحلال والحرام في تهديد أمن البلاد عبر المياه.

ووصل الحضور السياسي للأزهر، لما هو أبعد من قضية سد النهضة، وأصبح تركيزه على الصراع الليبي من خلال التأكيد على حتمية الوصول إلى تسوية للأزمة، ثم زاد على ذلك بمناقشة آليات الحفاظ على الأمن القومي، ومتى تتدخل الحكومات للدفاع عن نفسها وحقوقها ومكتسباتها.

ركزت دار الإفتاء على الشأن الداخلي بإصدار فتوى أحدثت جدلا مجتمعيا وسياسيا، عندما أفتت بأن التنمية هي الطريق الأمثل لمحاربة الإرهاب، في تأييد غير مباشر للحكومة على التوسع في المشروعات القومية، رغم الانتقادات التي تتعرض لها بين الحين والآخر، لتركيزها على الإنجاز في ملف التعمير، وتجاهل محاور أخرى مثل التعليم والصحة ومحاربة الغلاء.

محمد أبوحامد: المؤسسات الدينية جزء من الدولة، ويجب عليها دعم الحكومة

تشرعن الفتاوى الدينية للحكومة المضي قدما في تنفيذ المشروعات القومية، وتطالب بحتمية مساندة الحاكم في القرارات المصيرية، والخروج عن طوعه يخالف الشريعة، ما وضع دار الإفتاء في مرمى النيران من قبل جمهور التواصل الاجتماعي حتى عجزت عن تبرير موقفها.

جماعة الإخوان المسلمين عندما كان نظام حكمها يترنح خرج قادتها لترهيب الشارع باسم الدين، واستخدمت نفس النبرة في تحريم عصيان قرارات وسياسات الحاكم والدعوة لمساندة شرعيته، وهو ما رفضته آنذاك الأغلبية المجتمعية وتمسكت بالتمرد على الرئيس الإخواني محمد مرسي، ولذلك يأبى الكثيرون وضع النظام الحالي في الدائرة نفسها ولو بحسن نية،

فالأزهر يستثمر ثقله ونفوذه ورمزيته في التركيز على القضايا التي لها أبعاد خارجية، ودار الإفتاء تختص بالشأن الداخلي، ووزارة الأوقاف تناور بين ما هو خارجي ومحلي في خطابها الديني.

الخطاب الديني ليس دوره إضفاء القدسية على كل قرار سياسي، لأن ذلك يوحي للبعض بأن الدولة ليست قوية بالشكل الكافي، وتحتاج إلى دعم ديني ليتقبل الشارع هذا القرار أو ذاك، في حين أن الواقع عكس ذلك، فالدولة صلبة وتمتلك أدواتها الخشنة وغير مضطرة لذلك.

ومن غير المقبول أن تبدو المؤسسة الدينية مدفوعة للتماهي السياسي مع السلطة، كما يفعل النظام التركي ويجبر الدعاة على دعمه، ليوظف حضورها ونفوذها في الشارع لإقناع مواطنيه بأنه على حق، بدليل أن الرأي الديني يصطف خلف تحركاته، فقد نبذت مصر مبكرا هذا الكهنوت.

 فرجل الدين ليس مطلوبا منه أن يتحول إلى عالم في السياسة والاقتصاد والإعلام، لأن ذلك يعرقله عن مهمته في محو الأمية المعرفية بالدين، ويجمد الخطاب عند القصص والحكايات التراثية، ويصبح في نظر البعض تاجرا يسّوق لبضاعة حكومية.

الأدهى أن شعور شيوخ السلفية الشغوفين بالقفز على المشهد، بأن المؤسسة الدينية منشغلة أكثر بالسياسة، يجعلهم يوظفون الأمر للنفاذ إلى عقول الناس، بذريعة أنهم الفصيل الديني الأكثر استقلالية وحيادية، ويستغلون الموقف للتشكيك في الفتاوى الرسمية، ويقدمون أنفسهم للعامة باعتبارهم من يستحقون أن تُوجّه إليهم الاستفسارات، وتكون هناك حُجة لحضورهم، ويجد من يتوجهون إليهم أكثر من حُجة للاستعانة بهم.

وإذا كانت الأوقاف نجحت في إقصاء خطباء المساجد من السلفيين والمتطرفين لمنع تسييس الخطاب الدعوي، فإن انخراط الوزارة ومعها الأزهر ودار الإفتاء في قضايا شائكة،

المؤسسات الدينية جزء من كيان الدولة، ويجب عليها دعم الحكومة في القضايا القومية الوطنية، وغير مطلوب منها الوقوف على الحياد والتزام الصمت”.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق