مازالت الأخبار السيئة القادمة من شتى دول العالم عن مصير الصحافة مستمرة ومتصاعدة، فالإيرادات تتلاشى بينما تنتظر النفقات من يسددها، ولا شيء بيد إدارة الصحف يمكن أن تقوم به. مع ذلك تستمر لامبالاة الحكومات حيال فشل أغلب الحلول المقترحة لإنقاذ صوت المجتمع المثالي،
إذا كانت وسائل الإعلام الأخرى قادرة على شغل الفراغ الذي تتركه الصحف؟
صحيفة واشنطن بوست بعنوان “شبح الأخبار: الصحافة المحلية وأزمة الديمقراطية” اقترحت فيه على المجتمع ألا يفقد أهم صوت مؤثر له على الحكومات والتفريط في صحافته المحلية.
مفهوم الصحافي المخلص لجوهر المهنة، أن ما قامت به الصحف على مدار عقود طويلة من محاسبة الحكومات وتقليل الفساد في أروقتها، لا يمكن أن تقوم به وسائل الإعلام الأخرى.
لا يعني -وفق مارغريت سوليفان- أن الإذاعات أو المحطات التلفزيونية لا تقوم بدورها الاستقصائي المتميز والمؤثر، لكن الصحف على وجه الخصوص كانت حاضرة على طاولة اجتماعات الحكومات والوزارات والشركات الكبرى، وبقي تأثيرها مستمرا في القضايا الكبرى. ولا يمكن أن نتخيل أن طاولة الزعماء والملوك والرؤساء تخلو من الصحف صباح كل يوم!
وبعدها يمكن لنا أن نتخيل تأثير غياب هذه الصحف بوصفها قوة صلبة تمنع دوران دولاب فساد الحكومات التي ستفعل ما يحقق مصالحها الأنانية عندما لا توجد صحف يمكن أن تعترض طريقها.
بالطبع لا يقتصر تأثير غياب الصحف على الحكومات وحدها، فالتجارب التاريخية علمتنا أن مشاركة المجتمع في تحمل المسؤولية العامة تتراجع بغياب الصحافة، الناس أنفسهم يصبحون أقل إحساسا بوحدتهم الجماعية وأكثر تحزبا وطائفية وقبلية من دون صحافة فعلية بين أيديهم، ويصبح هذا الأمر أكثر خطورة على الدول الديمقراطية التي تخضع للمحاسبة الصحافية بلا انحياز وخضوع.
المجتمع من دون صحيفة مركزية قوية سيكون مفتقدا للقيادة وإلى جزء كبير من هويته. فالصحيفة إحدى أهم الوسائل التي تربطنا كأفراد ببعضنا البعض، ونموذج مثالي لتبادل الأفكار والمعلومات.
فلم يحدث مثلا أن تخلت أي من الصحف في أزمة التقليص عن تغطيتها الرياضية، لكن عادة ما تتم التضحية بما يمس الرأي والفكر لدى القراء، الأمر الذي يهدد بفقدان المجتمع لصناعة الرأي وتراجع الارتقاء إلى النموذج المثالي الذي تطمح إليه صناعة الأفكار. هذا لا يعني أبدا عدم أهمية التغطية الرياضية بالنسبة إلى المجتمع.
"على المجتمع ألا يفقد أهم صوت مؤثر له على الحكومات"
قول مؤلفة كتاب “شبح الأخبار” الذي كان موضع احتفاء غير مسبوق في وسائل الإعلام الأميركية والبريطانية خلال الأيام الماضية “عندما يتهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوما بعد آخر، الصحافيين بعدم الأمانة وأنهم مجرد حثالة وأعداء الشعب والحقيقة،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق