Nov 7, 2020
يعيد كتّاب معاصرون التذكير بمقولة عالم السياسة الكندي ديفيد فرنش (توفي 2010) الذي قال إن "الحفاظ على وحدة الولايات المتحدة غير مضمون، إذ لا توجد قوة ثقافية أو دينية أو سياسية أو اجتماعية قادرة على أن توحد الأميركيين أكثر من قدرتها على تفريقهم".
"الترامبية" ليست عقيدة متماسكة، إذ لا توجد إستراتيجية كبرى تجمعها معا، بل مزيج من الأيديولوجيات لتجديد الحروب الثقافية، والتمسك بالسلطة، وفساد عميق الجذور لصالح عائلته وحلفائها الاقتصاديين.
الأهم من ذلك كله أنظمة العنف الأيديولوجية والمادية ضد الجماعات التي تعرّفها الإدارة بأنها "الآخر"، لكنها مع ذلك فكرة قديمة في الولايات المتحدة، ولم تنفصل تماما عن جذورها الدينية.
اعتمد ترامب مرارا وتكرارا على الخوف من معارضين وهميين، لتجنب المسؤولية عن إخفاقاته، ولتحديد من ينتمي ومن لا ينتمي إلى المجتمع الأميركي،
أن للسياسة الأميركية تاريخا طويلا في تعزيز الكراهية والخوف من "الآخر"، وكان من أوائل تلك السياسات مناهضة الكاثوليكية واللغة الرمزية المرتبطة بها "مناهضة البابوية".
قد تحولت المعارك الطائفية بين الجماعات الدينية المعارضة في كثير من الأحيان إلى اتهامات بالانتساب للبابوية التي كانت تطلق للتخويف والازدراء في وسط مجتمع الهجرة المسيحي البروتستانتي الذي سيطر على سياسة البلاد الاستيطانية في زمن تأسيس الولايات المتحدة.
اتهم الكويكرز الناخبين الذين تم حشدهم بتزوير الانتخابات والتظاهر بطلب مزيد من الحرية، فيما يضمرون أجندة راديكالية للمساواة وإعادة توزيع الثروة كما يبدو مألوفا في الواقع المعاصر، بحسب الكاتبين.
أوائل فترة الجمهورية وما قبل الحرب تحولت اللغة المناهضة للكاثوليكية مرة أخرى إلى استهداف المهاجرين الجدد للبلاد.
ومع اندلاع موجات الهجرة الأوروبية استخدم أتباع الأصول القومية داخل المجتمع الأميركي الاستعارات المناهضة للكاثوليكية للتذمر من توظيف الأميركيين المهاجرين حديثا وحقهم في التصويت،
كان يتم وصم أي شخص يعد تهديدا للثقافة الأنجلو-ساكسونية بلغة عنيفة مناهضة للبابوية، وطالب البيوريتانيون والإنجيليون وبعض النخب الاقتصادية بفرض قيود على الهجرة، كما طالبوا بحرمان الأميركيين المولودين على أرض أجنبية من الامتيازات، وحمل تحالف من المجموعات الناشرة للكراهية مثل كو كلوكس كلان والأصوليين المسيحيين هذا الشعار بقوة في القرن الـ20، ويبدو أنهم سيستمرون في حمله خلال القرن الحالي.
استجابت لهم مرارا وتكرارا فئة من القادة السياسيين، لتحفيز ناخبيهم وأنصارهم المحتملين بدعوات، خفية وغير خفية، لاستبعاد "الآخر" غير المرغوب فيه.
لم يكن اعتماد ترامب على هذا النوع من الرمزية الدينية خفيا، إذ ظل يزعم صراحة أن المسيحيين يتعرضون للهجوم في الولايات المتحدة، وأنه يقاوم هذا القمع المفترض.
قد كُتب الكثير عن الفروع المتعددة للمسيحية التي تدعم ترامب في هذا المسعى مثل المسيحيين الصهيونيين، والإنجيليين بشكل عام.ط
حظر السفر الذي أصدره بحق العديد من البلدان ذات الأغلبية المسلمة، وخطابه العنيف عن المسلمين في أميركا وفي الخارج، والعديد من القوانين التنفيذية التي تحظر "قانون الشريعة الإسلامي" من قبل المجالس التشريعية للولايات التي يسيطر عليها الحزب الجمهوري في جميع أنحاء البلاد.
هذه هي الأمثلة الأكثر وضوحا لتأكيد ترامب على العنف تجاه أي مجموعة دينية بخلاف البروتستانت البيض الذين يدعمون سياساته فإن هناك العديد من الأمثلة الأخرى، فعلى سبيل المثال تصاعدت جرائم الكراهية ضد السيخ خلال إدارة ترامب.
تتجسد كراهية ترامب التاريخية والمستمرة للمهاجرين اللاتينيين في خطابه، وسياسات الحدود، والجدار، ومعسكرات الاعتقال، وفي الخطاب التقليدي للمذهب المعادي للوافدين، وهو بطبيعته مناهض للكاثوليكية ومعاد للمهاجرين،
من المؤكد أن ترامب لم يخترع هذه اللغة السياسية، ومن المستبعد كذلك أن يكون على دراية بوجودها الطويل في تاريخ الولايات المتحدة وتاريخ اللغة التي تعلمها، لكنه يقف ضمن تقليد طويل مع القادة السياسيين المحافظين الذين تبنوا الأسلوب التآمري داخل المجتمع الأميركي.
يختم الكاتبان بأن رئاسة ترامب ستنتهي على كل حال، وسيكون هناك ميل للتظاهر بأن البلاد عادت لطبيعتها، لكن الحقيقة المرعبة هي أن العنف الديني تاريخيا هو أمر طبيعي في الولايات المتحدة، وعندما يذهب ترامب لن يختفي هذا العنف باختفائه.
*Apr 14, 2021
مريدو الترامبية سيحملون عقيدتهم السياسية إلى منابر السلطة الرابعة
*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق