الخميس، 30 مارس 2023

فرانسيس فوكوياما ****

Jun 7, 2021

Jan 21, 2021 Feb 2,

 فالكسادُ الكبير جلب التعصب القومي، والفاشيّة، والحرب العالمية الثانية، وإن كان قد أفضى أيضا إلى "الاتفاق الجديد"، أو ما يُعرف بصعود الولايات المتحدة كقوّة عالمية عُظمى، والتحرر من قوى الاستعمار. في حين أدّت هجمات 11 سبتمبر إلى اثنين من التدخلات الأميركية الفاشلة، بصعود إيران وأشكال جديدة من الراديكالية الإسلامويّة. أمّا الأزمة المالية عام 2008 فقد استفزت الشعبويّة المعادية لتقاليد المؤسسة التي أبدلت وجوه الزعماء حول العالم

فرانسيس فوكوياما: نتوقع بعض العنف في الولايات المتحدة قبل أن نسترجع رجاحة العقل.

 الغرب الليبرالي يحتل القمة النهائية للبشرية من حيث فهمه للتاريخ، وأنها لن تنهار تماما وإنما ستتعرض للتآكل فقط. ورغم انشغال هذا المفكر، الذي يعتبره كثيرون بأنه رجل النبوءات غير المكتملة،

لأنظمة الحكم في العالم،

1989 واستخدم فيه عبارة “نهاية التاريخ” كعنوان، وإن كان كسؤال، ثم في كتابه عام 1992 “نهاية التاريخ والرجل الأخير”، جادل الباحث والفيلسوف السياسي بجامعة ستانفورد الأميركية أنه مع انهيار الشيوعية كان الطريق واضحًا من أجل الانتشار العالمي للديمقراطية الليبرالية والرأسمالية على النمط الغربي.

الجنس البشري ربما يكون قد وصل نوعًا ما إلى نقطة النهاية في تطوره الاجتماعي والسياسي، لكن الأمور لم تسر بهذه البساطة، وقد أمضى فوكوياما العقود الثلاثة الماضية في التعامل مع المنتقدين وتطوير آرائه بشكل أكبر.

 الديمقراطية فقط هي القادرة على تلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية للاعتراف الفردي وأنه لا توجد بدائل أفضل من حيث يبدو أن العالم يتطور نحوها.

توقع فوكوياما في مقال عام 2014 ثم في كتاب “الهوية: مطلب الكرامة وسياسة الاستياء” الصادر في 2018، قوة سياسات الهوية المدفوعة بالاستياء في تقويض الديمقراطية.

ويعتقد المفكر الأميركي أن أحد الأشياء التي حدثت على الطرف اليميني أكثر مما حدث على الطرف اليساري هو الانتقال من الاستقطاب والانقسامات السياسية القائمة على قضايا السياسة إلى تلك القائمة على الهوية، بمعنى أن القضية الأساسية هي الولاء لرؤية معينة لما يجب أن تبدو عليه الأمة وما يجب أن تكون عليه قيم الأشخاص الذين يديرونها، بدلاً من تناول قضايا الإجهاض أو الأسلحة أو معدلات الضرائب أو أي من الأشياء التي كانت تعمل على زيادة الانقسام بين الجمهوريين والديمقراطيين.

ففي التقليد القديم، كان هذا الولاء القبلي مرتبطًا بالهوية المسيحية، أما الأنواع الجديدة من الولاءات فتستند فقط إلى نظريات المؤامرة المجنونة بأعمال شغب على منصة بارلر

وفي ضوء ما حصل في الولايات المتحدة، فإن لدى فوكوياما قناعة بأن ذلك يمكن أن يحدث في دول أخرى. وعلى سبيل المثال، يفكر المواطنون في الشرق الأوسط دائمًا في أن شخصًا ما يسحب الأوتار وراء الكواليس، وهو يمثل الواقع بالنسبة إليهم، ولكن الدرجة التي ترسخت فيها هذه المعتقدات جديدة بالفعل.

لا يبدو أن ترامب حالة فريدة في التاريخ الأميركي، فربما كان يحصل مع أي رئيس آخر، وثمة أمثلة كثيرة على مثل هذه الوضع كمجتمع جون بيرش والكثير من المجانين في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، لكن رجل النبوءات غير المكتملة يعتقد أن أنواع المؤسسات كانت قادرة على السيطرة على الخطاب إلى حد أكبر بكثير.

“تويتر كان يعرف حقًا كيفية إطعام هذا الوحش بانتظام، وبمجرد أن يتم تجويعه فيمكن إضعافه”

الاستقطاب

يتبنى فوكوياما فكرة أن الطبقة الوسطى محرك مهم في أي نظام حكم، فقد ساعدت تلك الفئة العديد من الأنظمة في الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية، لكنه مع ذلك اعتبر في آخر مؤلفاته أن الديمقراطية لن تدوم إذا كان المواطنون لا يعتقدون أنهم جزء من نفس النظام السياسي.

الناس يريدون امتلاك سلطة سياسية

موجة الشعبوية التي ظهرت بوضوح في العالم سنة 2016 ستضعف مع مرور الوقت من خلال تشكيل وعي جماعي جديد

 رأسمالية المحسوبية، إذ ما أن يقرب من 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد يأتي على شكل دعم من الاتحاد الأوروبي، وهو أمر مشين نوعًا بحسب فوكوياما، والذي يرى أنه كنظام اقتصادي لن ينجح لأنها طريقة فاسدة.

 النظام العالمي

مستقبلنا البشري: عواقب ثورة التقنية الحيويّة”، و”الولايات المتحدة على مفترق الطرق: ما بعد المحافظين الجدد”، و”النظام السياسي والاضمحلال السياسي”.

 المؤلف الأميركي باري غوين صاحبة كتاب “حتمية المأساة: هنري كيسنجر وعالمه”، والباحث جون أيكنبيري، وهما على طرفي نقيض من الطيف الأيديولوجي، إن العالم قد يحتاج إلى خفض توقعاته بشأن الأممية الليبرالية وجعلها أكثر واقعية، وهي طريقة أخرى للقول بأنك لن تغير الصين وروسيا كثيرا، على سبيل المثال، كما كان الكثيرون يعتقدون.

يعتقد فوكوياما أن الصين قد تتغير، لكن إذا حدث ذلك، فلن يكون بسبب أي شيء خارجي، ولكن سيأتي تغييرها من تناقضاتها الداخلية، والواقعية تملي أن القوة الأقوى في النظام ستضع الكثير من القواعد. وهذا هو بالضبط ما فعلته الولايات المتحدة عندما كانت القوة المهيمنة ولا يوجد أي سبب على الإطلاق للاعتقاد بأن الصينيين لن يفعلوا ذلك، فهم يتسللون إلى كل منظمة دولية ويزرعون أُناسا لهم هناك

من المثير للاهتمام أن الصينيين يفعلون ذلك من خلال النظام الدولي الحالي، وليس من خلال استبداله. فهم ليسوا مجازفين مثلما هو الحال مع الروس. لكن النتيجة النهائية، بحسب ما يراه فوكوياما، هي أنهم سيكونون قادرين على ثني الكثير من هذه المؤسسات وفقاً لرغباتهم الخاصة، وهذا بالطبع ما لا تريده الولايات المتحدة.

قد تؤثر تلك الأشكال من التنافر في تعامل الحكومات مع الأزمة من أفول لسياسات السوق الحرة وأيضا اندثار مظاهر عديدة من النيوليبرالية بحكم الحاجة إلى الحكومة والتنظيم الحكومي المتماسك في التصدي لأزمات مقبلة، إلى جانب ما أظهرته الأزمة من زيف القيادات الشعبوية وأفضلية الحكم الرشيد وحكم المؤسسات على حكم الرئيس المعادي لتقاليد الحكم الديمقراطي.

*

الترمبية والانقسام الأميركي

صعوبة إصلاح النظام السياسي الأميركي بسبب عدد من العوامل؛ العامل الأول هو هيمنة نخبة راسخة على المشهد السياسي تنتفع من صلاحيات النظام الانتخابي بشكله الحالي وتَحُول دون إصلاحه، أما العامل الثاني فهو تشظي المجتمع الأميركي حتى داخل الأحزاب نفسها على حدود العِرق والنوع الاجتماعي والإثنية مما يُولِّد صراعات بينية تَحُول دون التوفيق بين الجماعات المتناحرة.

 استيلاء النخبة على حكومة الولايات المتحدة مصدرا للوحدة لأنه يُثير غضب طرفَيْ الانقسام السياسي. لكن لسوء الحظ، فإن أهداف هذا العداء مختلفة في كل حالة. بالنسبة لليسار، فإن النخب المَعنية هي الشركات ومجموعات المصالح الرأسمالية، مثل شركات الوقود الأحفوري، وبنوك وول ستريت، وصناديق التحوط، وأصحاب المليارات والمانحين الجمهوريين الكبار الذين عملت جماعات الضغط وأموالهم على حماية مصالحهم ضد أي نوع من المحاسبة الديمقراطية. بالنسبة لليمين، فإن النخب الخبيثة هم وسطاء القوة الثقافية في هوليوود ووسائل الإعلام الرئيسية والجامعات والشركات الكبرى التي تتبنّى أيديولوجية علمانية "صحوية" تتعارض مع ما يعتبره المحافظون الأميركيون قيما تقليدية أو مسيحية. حتى في المجالات التي قد يعتقد المرء فيها أن هاتين النظرتين سوف تتداخلان، مثل المخاوف المتزايدة بشأن قوة شركات التكنولوجيا العملاقة، فإن مخاوف الجانبين غير متوافقة. تتهم أميركا الزرقاء كلًّا من "تويتر" و"فيسبوك" بالترويج لنظريات المؤامرة والدعاية الترامبية، بينما ترى أميركا الحمراء أن هذه الشركات نفسها متحيزة تحيُّزا ميؤوسا منه ضد المحافظين.

 أصبح جمود نظام الحكم في الولايات المتحدة أكثر وضوحا وإشكالية
ولكن له مزاياه أيضا. وعموما فقد نجحت الضوابط والتوازنات الدستورية، إذ على الرغم من جهود ترامب الحثيثة لإضعاف الأُسس المؤسسية للبلاد، فقد منعته المحاكم والبيروقراطيات والمسؤولون المحليون من القيام بأسوأ ما في وسعه، وأوضح مثال على ذلك كان جهود ترامب لإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020. رفض النظام القضائي الممثل غالبا في شكل قضاة عيّنهم ترامب التسامح مع عشرات الدعاوى القضائية غير المنطقية التي رفعها جانب ترامب أمام المحاكم، وقد وقف المسؤولون الجمهوريون من أمثال وزير خارجية جورجيا براد رافنسبيرجر وآخرون يُشرفون على الانتخابات في جورجيا ببسالة ضد الرئيس الذي ضغط عليهم لعكس خسارته التاريخية للولاية بشكل غير قانوني.

*

فوكوياما والتاريخ الذي لن ينتهي هنا

2018

لم تنتصر الديمقراطية الليبرالية التمثيلية على كافة أشكال الحُكم الأخرى، ولا السوق ولا التجارة الحرة تعملان بكفاءة، بل يتراجعان

حرب باردة ثانية، يندلع بين الولايات المتحدة من جانب وبين الصين وروسيا من جانب آخر.

كيف ساهمت اللامساواة في الدخل والثروة (مقتبسا من توماس بيكيتي وبرانكو ميلانوفيتش)، واحتكار النخبة للسياسة وانفرادها بقرارات وسياسات فاقمت الأزمة على مدى سنوات، إلا أنه يقدم مفهوم الكرامة وكأنه ينقذ نفسه من مراجعة هيكلية لتاريخه الذي لم ينته. يقول فوكوياما إن الثراء في مقابل الفقر بالمعنى المادي ليس هو لب المشكلة، وإنما هو الشعور بالإهانة الذي يترافق مع اللامساواة. ويستخدم النقد المتصاعد لفرضيات "الرجل الاقتصادي" الرشيد، الذي يعرف مصلحته ويسعى لها، وهي في لب تصوراته عن انتصار النموذج الليبرالي، كي يقلل من أهمية الفشل الاقتصادي لرأسمالية الثلاثين عاماً الماضية.

تتماشى هذه النظرة مع التصورات التي لم تر في انتفاضات وثورات العرب في 2011 سوى تحركات من أجل الكرامة. بل إن فوكوياما يعتبر الثورة التونسية نموذجاً لمفهومه عن الكرامة، حيث قامت على إحساس بوعزيزي ومن هم مثله بالإهانة والافتقار للاحترام والنقمة على المتسببين في ذلك، متفادياً النظر لأبنية السلطة والقمع المتزاوجة مع ليبرالية اقتصادية حازت ثناء البنك الدولي لسنوات، ومرجعاً هزيمة هذه الثورات فقط إلى أن العرب بعد أن أطاحوا بالحكام "لم يتفقوا على طريقة حكم بديلة"، وكأن هذه العملية تمت في فراغ سياسي اجتماعي اقتصادي كامل.

"أن تكون فقيراً يعني أن تصبح لا مرئياً للبشر من حولك، وإهانة أن أكون لا مرئياً أسوأ من الفقر نفسه"1




*
2021/1

رأسمالية المراقبة أو الاعتداء النيوليبرالي على الديمقراطية

كورونا فالكساد العظيم -برأيه- أدى إلى انبعاث النعرات الانعزالية والقومية والفاشية وإلى اندلاع الحرب العالمية الثانية، وعاد مؤخراً ليؤكد أن "هناك العديد من المزالق للديمقراطية التي لم يتوقعها، كما ظهر مؤخرًا في صعود وسقوط دونالد ترامب".

اندهاشه بعد قراءة تعليقات الأشخاص المحسوبين على تيار اليمين القومي والذين قاموا بأعمال شغب مؤخرا، معتبرا أن انتماءاتهم بنيت على معايير "ولاء قبلي خالص" وليس نتاج نقاشات أو تداول فكري.

"نظريات المؤامرة المجنونة"، مشيرا إلى اعتقاده بأن هذا يحدث في بلدان أخرى أيضاً مثل "الشرق الأوسط حيث يفكر الناس دائما في أن هناك شخصا ما يتلاعب بالخيوط وراء الكواليس"، على حد تعبيره.

ما فعله دونالد ترامب، قال فوكوياما إن ترامب حصل على "محطته التلفزيونية الخاصة، فوكس نيوز، ثم طور التواصل عبر تويتر"، مرجحا أن هذا هو السر الحقيقي لنجاحه في "التحكم في السرد".




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق