الاثنين، 16 أغسطس 2021

الدولار والاستقرار السياسي بأميركا ****

العربي الجديد موسي المهدي 

Jan 8, 2021

  عدم احترام مناصري الحزب الجمهوري ملبادئ الديمقراطية وسيادة القانون

 تمرير التشريعات الجديدة التي تعكف على تنفيذها إدارة الرئيس جو بايدن، خاصة تلك الخاصة بتفكيك شركات التقنية الكبرى إلـى وحـدات أصغر وتقنني عمل املـصـارف االستثمارية وزيـادة الضرائب على الاثرياء والصفقات التجارية فـي الـبـورصـات الاميركية. ولكن على الصعيد الدولي، ربما سيكون لهذه الحادثة الفوضوية

سمعة وموقع الواليات المتحدة كدولة ديمقراطية مستقرة تقود المعسكر الرأسمالي الديمقراطي في العالم. وربما ستؤثر الحادثة الفوضوية على مستقبل الاسـتـثـمـار فـي الاصــول الــدوالريــة، وتـحـديـدًا عـلـى الــدوالر، الذي يواجه ضغوطًا كبرى خالال السنوات الاخيرة ويتراجع سعره في سوق الصرف العاملي، في وقت تتقدم فيه عمالت أخرى، من بينها اليورو واليوان الصيني. وعادة ما تقيم قوة العمالات بمقياس قوة واستقرار نظامها الاقتصادي واملالي والسياسي و الاجتماعي مقارنة بالدول الاخرى ذات العمالات المنافسة 

صــدام دامـيـة فـي الـشـوارع بـن أنـصـار الـحـزبـن، وبـالـتـالـي يـنـتـهـي الــصــراع الـسـيـاسـي الديمقراطي املتحضر على منصب الـرئـاسـة األميركية من التنافس الديمقراطي الحضاري إلى العنف الدامي والقتال في شوارع املدن األميركية. ومثل هذه االحتماالت ستعوق تدفق االستثمارات على األصـول األميركية وتقلل من جاذبيتها، وخـاصـة أن الــواليــات املـتـحـدة مـن الـــدول الـتـي تـقـتـات على االستدانة عبر طرح السندات. وتقدر الديون السيادية للواليات املتحدة بنحو 26 ترليون دوالر. وتعتمد أميركا لتمويل العجز في ميزانيتها على شراء املستثمرين األجانب لهذه السندات السيادية. ويعد الـدوالر بمركزه القوي في العالم وفي سوق الـصـرف مـن أهــم أدوات الـجـذب االسـتـثـمـاري فـي الـواليـات املتحدة. وبالتالي فإن هذه الحادثة ستضعف العملة األميركية إن لم يكن في الوقت الراهن ولكن على املدى البعيد، إذ تتغير نظرة املستثمر األجنبي لالستقرار السياسي واالجتماعي للواليات املتحدة.

قبل حادثة اقتحام مبنى »الكابيتول هيل«، كان الدوالر يـواجـه شكوكًا حـول مستقبل حفاظه على موقعه العاملي. ومنذ سـنـوات يـواجـه الــدوالر أكبر التحديات فـي تاريخه مع صـعـود الـقـوة الـتـجـاريـة واالقـتـصـاديـة للصني واستخدامها ألدوات تـسـويـة غـيـر دوالريـــة فـي الـتـسـويـات الـتـجـاريـة، من بينها الـصـفـقـات الـتـبـادلـيـة، وتـأسـيـسـهـا لـبـورصـات للذهب والنفط واملعادن األخرى. وحسب توقعات خبراء، فإن الدوالر سيواجه خالل العالم الجاري أكبر اختبار في تاريخه، ليس فقط بسبب جائحة كورونا وتداعياتها، ولكن كذلك بسبب االخـتـاالت الكبيرة فـي املـيـزان الـتـجـاري والـحـسـاب الجاري والضعف االقتصادي واحتمال ارتفاع التضخم. وال يستبعد اقتصاديون ومصرفيون أن يخسر الـدوالر موقعه كـ»عملة احتياط« لـدى البنوك املركزية العاملية، وكعملة مهيمنة على سوق الصرف والتسويات التجارية العاملية. فالدوالر يتراجع بـسـرعـة مـخـيـفـة فــي الــعــام الـجـديـد 2021 مـقـابـل الـعـمـات الرئيسية ويسجل انخفاضات تفوق التوقعات التي وضعها له العديد من خبراء املال والنقد. إذ هبط سعر صرف الدوالر إلــى أدنـــى مـسـتـويـاتـه مـقـابـل كــل مــن الـفـرنـك الـسـويـسـري واليوان الصيني واليورو والني الياباني والجنيه اإلسترليني، كما تراجع كذلك مقابل العمالت الناشئة في آسيا وأميركا الالتينية. 

 ويتوقع االقتصادي بجامعة ييل األميركية، بيتر شيف، أن الدوالر ربما سيواجه هزة حقيقية خالل العام الجاري تفقده عرش الهيمنة على سوق الصرف العاملي. وقال البروفسور روش إن هنالك احتماال نسبته 50 %أن ينهار سعر صرف الـدوالر خالل العام الجاري. وأشـار روش في لقاء مع نشرة »مـاركـت ووتــش«، إلـى أن الـواليـات املـتـحـدة، الـتـي تعاني من ارتـفـاع فـي عـجـز الـحـسـاب الـجـاري ومـن تـراجـع مـرعـب في معدل االدخـار القومي، ربما ستتعرض أيضًا ألزمـة انهيار في الـدوالر أو ربما أزمـة ثقة في مستقبل الـدوالر كـ»خزين للقيمة«. وهـذه التوقعات تثار من قبل العديد من املصارف الـتـجـاريـة الــكــبــرى، مــن بـيـنـهـا مـجـمـوعـة »سـيـتـي غــروب« ومصرف »جي بي مورغان« ومصرف »غولدمان ساكس«. ويتوقع بعضها أن يتراجع سعر صرف الدوالر بنسبة 20 % خالل العام الجاري. ويقول االقتصادي البروفسور روش إن الدوالر مثله مثل أي عملة أخرى، فإن قيمته في سوق الصرف انعكاس للوضع االقتصادي واملالي واالجتماعي والسياسي لـلـدولـة مـقـارنـة بـالـدول املـنـافـسـة. ويـاحـظ أن الــدوالر خسر جـزءا من قيمته في أسـواق الصرف أمـس، الخميس، وربما ستتواصل هذه الخسارة ما لم يتمكن الرئيس املنتخب جو بـايـدن مـن السيطرة على أجـهـزة الحكم وإحــداث االستقرار السياسي واالجتماعي املطلوب، بعد سنوات أحدثت تفاوت الدخول وانقسامات عرقية وطبقية في البالد.


 *


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق