الأربعاء، 21 أبريل 2021

البروفسور ميتشيو كاكو (Michio Kaku)، أستاذ الفيزياء النظرية الأشهر على مستوى العالم

Jan 11, 2021

ثلاث نبوءات مثيرة للجدل حول المستقبل كاكو سيد المستقبل دون منازع نظرية كل شىء

 ميتشيو كاكو

العصر الذهبي للتنقل بالفضاء قادم. والتكنولوجيا الرقمية ستربط عقولنا بالإنترنت وتسمح لنا بتبادل الذكريات ومشاركة عواطفنا مباشرة مع الآخرين.

الإنسانية تدخل “الموجة الرابعة من الابتكار العلمي” التي ستشمل دمج التكنولوجيا الحيوية والذكاء الاصطناعي من أجل تحسين صحة البشر، والتوصل إلى علاجات لأمراض مثل السرطان والزهايمر ومرض باركنسون والشيخوخة.

الدكتور كاكو (73 عاما) ليس غريبا على عالم التنبؤات العلمية والتكنولوجيا المتطورة. فقد قدم العديد من الكتب عن عالم الغد معظمها احتل مرتبة الأكثر مبيعا، واستضافته العديد من البرامج التلفزيونية، بما في ذلك فيلم وثائقي صادر عن هيئة الإذاعة البريطانية مدته ثلاث ساعات بعنوان رؤى المستقبل.

ميتشيو كاكو مداخلته واصفا المستقبل الذي يتخيله، حيث تأخذ الطباعة ثلاثية الأبعاد الطباعة والصناعات إلى مستوى جديد تماما، من أعضاء الجسد والغذاء وصولا إلى المجوهرات والألعاب المنزلية، كما أن الروبوتات ستدخل في جميع المجالات وتشغل العديد من الوظائف، كصناعة السيارات الذكية التي يمكن ببساطة أن تتحول إلى روبوت، كما يمكنك اللجوء إلى محامٍ آلي أو طبيب، لأخذ استشارة قانونية أو لمداواتك ولكن تكون اللغة مشكلة لأن المحامي الروبوت والطبيب الروبوت سيتحدثان معك بأي لغة تختارها.

توقع كاكو، أن تختفي بعض الكلمات من القواميس البشرية، مثل كلمتي “سرطان” و”أورام”، فبفضل تقنيات النانو وانتشارها داخل جسم الإنسان عن طريق كبسولات صغيرة، سيستطيع الأطباء محاربة خلايا الأورام والقضاء عليها واحدة إثر الأخرى.

‘الرأسمالية المثالية’ حيث يتم القضاء على الوسطاء وعلى احتكاكات الرأسمالية” (الرأسمالية اللااحتكاية: مصطلح أطلقه يبل غيتس على السوق الفعّال الذي يتيح للمشتري والبائع التعامل مباشرة بأقل تكلفة)، وذكر أن المجتمع سيكون هو “الفائز” حينئذ.

يقول كاكو “قد يمنحنا الذكاء الاصطناعي ما عجز عن بلوغه الأوائل: التغلب على الشيخوخة”، حيث يتيح لنا الذكاء الاصطناعي مقارنة الملايين من جينات كبار السن بالملايين من جينات الشُّبان، سنتمكن من تحديد مكان حدوث الشيخوخة في جيناتنا، فنقضي عليها. وهو ما سيترتب عليه ثورة في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية ويضع الحكومات في مواجهة تحديات مختلفة.

وقال كاكو، الذي حضر إلى دبي من مانهاتن برحلة استغرقت 12 ساعة، إن هذه الرحلة ستستغرق ساعتين فقط في المستقبل القريب، وأشار إلى أن وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” تعمل على تطوير طائرات تسير بسرعة تفوق سرعة الصوت بمراحل، لاختصار الوقت والمسافات، وبالطبع تلافي عيوب طائرة كونكورد الشهيرة.

نحن بتنا على مقربة من اليوم الذي تربط به أجهزة الكمبيوتر عقولنا بالإنترنت وتسمح لنا بتبادل الذكريات ومشاركة عواطفنا مباشرة مع الآخرين. وأطلق كاكو على هذه التكنولوجيا الجديدة المذهلة اسم “شبكة الدماغ”، مؤكدا أننا “ندخل حقبة جديدة حيث يمكن للإنترنت أن تصبح شبكة عقول. ويمكن لشبكة الدماغ أن تحل محل الإنترنت الرقمي”.

وأضاف “بدلا من رقم صفر ورقم واحد، سترسل المشاعر والذكريات على الإنترنت. وبالطبع سيحبها المراهقون”.

*

«نظرية كل شيء»


 تاريخ الفيزياء منذ عهد نيوتن حتى يومنا هذا

عبارة «نظرية كل شيء» تستبطن سحراً بقدر ما تبعث على الدهشة، ثم عرفت بعد شيء من بحث وتنقيب أن هذه النظرية بمثابة «حجر الفلاسفة» لدى الفيزيائيين المعاصرين؛ فهي تمثل تتويجاً لرؤيتهم الملحمية وجهدهم الأسطوري في محاولة بلوغ نظرية توحّد كل القوى الأساسية المعروفة في الطبيعة (وهي أربع قوى بحسب المتعارف عليه في أوساط الفيزيائيين)، و

عندما اكتشف نيوتن قانون الجاذبية فقد عمل من الناحية الواقعية على توحيد القوانين التي تحكم السماء مع القوانين التي تحكم الأرض (وكلّ الموجودات المادية الكبيرة فيهما، ومنذ ذلك الحين اندفع الفيزيائيون وراء سعي ملحمي لتوحيد كل القوى المعروفة في الطبيعة «الثقالة Gravity»، الكهرومغناطيسية، والقوة النووية الضعيفة، والقوة النووية القوية) في إطار نظري واحد تعبرُ عنه معادلة توحيدية واحدة؛ ورغم تحقق نتائج كبرى؛ فإنه لا تزال المعضلة العصية التي تمثل التحدي الأعظم في هذا الميدان هي توحيد «النظرية الكمومية (Quantum Theory)» مع «النسبية (relativity)»، ولو تحقق هذا الإنجاز، لكان في المستطاع عدّه الإنجاز الكبير الذي يرقى لمرتبة العثور على «الكأس المقدّسة» في تاريخ الفيزياء والعلم بعامّة.

يبدأ الكتاب مع نيوتن وآينشتاين، ثمّ ينعطف نحو الميكانيك الكمومي، وبعدها يتناول كاكو موضوعات المادة المظلمة، والطاقة المظلمة، والثقوب السوداء، ثمّ ينتهي مع الموضوعة الإشكالية الخاصة بـ«نظرية الأوتار (String Theory)»، ويؤكّد كاكو في نهاية الكتاب على المعالم الأساسية في الخريطة الفكرية للفيزياء في عصرنا الراهن، كما يرسم شكل الخطوات اللاحقة التي يتوجب علينا المضي في استكشافها في السنوات والعقود المقبلة.

 مواضع مفصلية أعادت تشكيل رؤيتنا للكون؛ فقد أتاحت له مقاربته الزمنية الخطية توضيح مفاهيم أساسية، مثل: نظريات آينشتاين في النسبية (الخاصة والعامة)، و«جسيم هيغز البوزوني»، و«التناظر والتناظر الفائق»، وقد استطاع كاكو بطريقته المعهودة أن يبيّن الكيفية التي يمكن بها توظيف هذه المفاهيم في الإطار النظري الأكبر لـ«نظرية كل شيء» الكونية.

ن هوكينغ أبدى شكوكه العميقة في بلوغ تلك النظرية الموحّدة؛ فهو إنما يؤشر واقع الحال اللحظي الذي تبدو فيه الفيزياء في وضع إشكالي ينطوي على ثغرات كثيرة على صعيد الرؤى الفيزيائية والتقنيات التي تتطلبها الرياضيات والتي تبدو غير مكتشفة في وقتنا الحاضر، وقد تكون الكثرة من المعادلات تمهيداً أولياً وقتياً باتجاه بلوغ المعادلة الواحدة التي صارت بمثابة «حجر الفلاسفة» الذي يبحث عنه الفيزيائيون المعاصرون.

لكن يبقى السؤال الجوهري ماثلاً أمامنا: لماذا هذا الهوس الطاغي بالمعادلة الواحدة بدل الكثرة من المعادلات؟ يستبطن هذا الأمر - كما يبدو لدارسي الفكر والفلسفة وتأريخ الأفكار - قناعة ميتافيزيقية غير مُسببة ترى الحقيقة الكبرى مخبوءة في ثنايا مواضعات أولية بسيطة تنطوي على قدر عظيم من الجمال والأناقة (بالمعنى الرياضياتي عندما نتعامل في حقل الصياغات الرمزية). ثمة في العقل البشري (وبخاصة في الفيزياء) توق ممضّ يرى الراحة والسكينة في الحقائق المضغوطة القليلة بدل الكثيرة، وتلك واقعة نرى نظيراً لها في تراثنا الفلسفي العربي الذي أكّد على الأهمية الحاسمة لـ«الكليات (Universals)»، وقد شاركته الفلسفة الإغريقية في ذلك الأمر، ولعلّ المسعى الملحمي وراء «نظرية كل شيء» هو بعض صدى تلك الفلسفات الغابرة التي لن تخفت جذوتها على مرّ الأيام.

ليس من شك في أن العديد من الناس لا يحبون الفيزياء مطلقاً بمثل ما يحبها (بل بمثل ما يعشقها) كاكو ونظراؤه، وربما ابتعد العديد منّا في حياتهم عن دراسة العلم لأنهم اعتقدوا (وربما قيل لهم من آخرين) أن الفيزياء موضوع شاق لا يستطيعه غير قلّة من العباقرة، والحق أن معرفة بعض العناوين الفرعية في أي كتاب يتناول ميكانيك الكمّ - على سبيل المثال - لهي مجلبة للصداع ؛ لكن الأعاجيب المدهشة التي ينطوي عليها كونُنا يمكن (بل يتوجب) أن تستثير شغف كلّ واحدٍ منا، فضلاً عن أن امتلاك معرفة أساسية في الفيزياء أمرٌ لا يقتضي الانغمار في دراسة تمتد طول العمر.

مادة جوهرية وحاسمة في فهمنا للعالم. يمثّلُ المنظور المتعاظم والمدى الواسع للفيزياء في يومنا هذا حدوداً تصيب المرء بالدهشة؛ فالفيزياء هي التي جعلتنا نعرف اليوم مم تتكوّنُ كلّ الأشياء (تقريباً) التي نراها في العالم وكيف تترابط مكوّناتها معاً، والفيزياء هي التي مكّنتنا من تتبّع التأريخ التطوّري للكون بأكمله وحتى الأجزاء البسيطة من الثانية الأولى التي أعقبت نشأة الفضاء والزمان كليهما، والفيزياء هي التي ساعدتنا (بواسطة معرفتنا الدقيقة بالقوانين الفيزيائية التي تحكمُ الطبيعة) على تطوير - والاستمرار في تطوير - التقنيات التي أحدثت انتقالات جذرية في حياتنا.

 لو استطاع كل شغوفٍ بالعلم - والفيزياء خاصة - قراءة كتاب كاكو بلغته الأصلية - أو مُترجماً كما آمل - فسيكون قد حاز متعة كبرى هي من أعظم المتع الفكرية المتاحة في حياتنا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق