Jan 1, 2021
الأبناء يكتمون الكثير من الأسرار فيحبطون توقعات أسرهم
تبنى التربية الحديثة على الثقة المتبادلة بين الآباء والأبناء كأسلوب للتربية الإيجابية. ويتفق خبراء التربية والعلاقات الأسرية على أن أساس التربية الناجحة للأطفال يقوم على منحهم الثقة والتقرب منهم لتربيتهم تربية سليمة. لكن تبيّن أن الغالبية العظمى من أطفال العصر الرقمي ليسوا أهلا للثقة التي يمنحها لهم آباؤهم وأمهاتهم، حيث أنهم غالبا ما يعمدون إلى إحباط توقعاتهم وكتمان الكثير من الأسرار عليهم رغم سعيهم الدؤوب إلى كسب ثقتهم وصداقتهم.
توافر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي أدى إلى القضاء على الحدود التي تحمي الأطفال من الجوانب السيئة لحياة الكبار. مؤكدة أنه غالبا ما يشعر الآباء والأمهات بأنهم باتوا فاقدين للقدرة على حماية أطفالهم مع تزايد الانفتاح على التكنولوجيا التي باتت تتطلب أيضا تزايدا في مراقبة الأطفال وتشككا في أساليب التربية التي تصر على منح الأبناء المزيد من الثقة والحفاظ على خصوصيتهم.
على الرغم من حرص الكثير من الآباء والأمهات على منح الأبناء مساحة من الحرية لإبداء آرائهم وسط جو من الثقة والاحترام، إلا أنه تظل لديهم في غالب الأحيان العديد من الأسرار التي يفضلون كتمانها عنهم رغم مضارها السلبية. وتكون أغلب هذه الأسرار ناتجة عن علاقاتهم الافتراضية التي يقيمونها عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتي تهددهم في أغلب الأحيان وتعرضهم إلى مواقف خطيرة. وإذا لم يتفطن لها الوالدان، وإذا تم ذلك يكون بالصدفة، فقد تكون نتائجها وخيمة على الطفل نفسيا وجسديا.
وقال المختصون إنه بقدر ما يكون من الصعب على الآباء كسب ثقة أبنائهم بقدر ما يكون الحصول على ثقة الوالدين أمرا أصعب بكثير؛ حيث أن الكثير من الآباء أصبحوا نتيجة لما يعيشونه في هذا العصر يبالغون في الحيطة والحذر من كل ما يصدر عنهم من أقوال أو أفعال خوفا من أن ينخدعوا ويعطوا أبناءهم قدرا مفرطا من الثقة لا يستحقونها.
الأخصائية النفسية نوارة السيد “يعد غياب التواصل الأسري ما بين الآباء وأبنائهم نتيجة ضغوط الحياة والانشغال بالجري وراء لقمة العيش من أكثر الأسباب التي تدفع بالأبناء إلى اللجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعي”.
يفاجأ الآباء ببعض السلوكيات غير المقبولة من أبنائهم مثل مشاهدة محتويات إباحية أو تبادل الرسائل الغرامية ما بين صبيان وبنات أو إرسال صور غير لائقة والانشغال عن تحصيل الدروس وإلى غير ذلك من سلوكيات تزعج الآباء والأمهات كثيرا، وتكون سببا في عقاب الأبناء وحرمانهم من الهواتف الذكية أو منعهم من استخدام الإنترنت، مما يجعلهم يدخلون في صدام وصراع معهم في أحيان كثيرة”.
*
الاستثمار المفرط في الأبناء أولى مراحل الاحتراق النفسي للآباء ******
Oct 7, 2020
آباء وأمهات اليوم يبحثون عن الكمال في تربية أبنائهم إلى درجة أنهم يعيشون ضغطا مستمرا تحت أوامر المجتمع الذي يعتبر أن الأبوة يجب أن تكون مثالية.
يشعر عدد كبير من الآباء والأمهات بالإنهاك الشديد وعدم القدرة على القيام بأي شيء وليس لديهم الجهد الكافي للاستمرار في متطلبات الحياة اليومية، بعد أن استنزفوا كل طاقتهم في سبيل تربية أبنائهم، وينتهي بهم الأمر إلى الاحتراق النفسي.
يلجأ الكثير من الآباء إلى الإفراط في التركيز ومراقبة أولادهم والاهتمام الزائد بهم، غير أن الخبراء حذروا من أن استثمار الآباء المفرط في الأبناء قد يؤدي إلى إصابتهم بالاحتراق النفسي.
وأكدوا أن مستقبل الأبناء من أكثر الأمور التي تثقل كاهل الآباء والأمهات، وتستحوذ على تفكيرهم، ولا يكف أولياء الأمور عن طرح معاناتهم وتجاربهم في هذا الشأن، فالبعض يرون أن توفير المنزل والرصيد المصرفي من أهم مهام الآباء، فتراهم يتجنبون الإنفاق على الكثير من الجوانب الحياتية لتحقيق هذا المبتغى والغاية. ويرى البعض الآخر أن الاستثمار في الأبناء هو الأجدى والأنفع لهم، وليس الاستثمار لهم.
وأوضحوا أن الأفضل هو الإنفاق على الأبناء أنفسهم، وتكوين مستقبلهم، ومساعدتهم على تنمية قدراتهم، ليس على مستوى الدراسة فقط، بل في كل المجالات.
وأشاروا إلى أن الكثير من الآباء والأمهات يحاولون أن يقوموا بدورهم تجاه أبنائهم على أكمل وجه، وأن يكونوا آباء جيدين لهم، مثلما يتمنون أن يكون أبناؤهم صالحين، ولكن أحيانا يتحول الأمر إلى هوس بالمثالية والكمال مما يصيبهم بالاحتراق النفسي.
وأكدت الكاتبة والباحثة التربوية ماري رمسيس أن فكرة الأم المثالية هي أكذوبة كبيرة، وما يحتاجه الأبناء ليس شخصا خارقا وإنما هو أب أو أم جيدان ومحبان وسعيدان.
وأوضحت أن الأب أو الأم المثاليين يكونان من الشخصيات الدقيقة جدا بحيث يريدان كل شيء جيدا وصحيحا بنسبة 100 في المئة ويطبقان هذا على الابن، إذ يريدان أن يكون سلوكه مثاليا ودرجاته مثالية ونظافته وكل شيء مكتملا دون أي نسبة خطأ، حتى في الجوانب الاجتماعية يفرضون عليه أن يتصرف بالطريقة التي يرونها مثالية.
وبينت أنه بسبب هذا السعي للكمال يكون الآباء مجهدين جدا ومحملين طوال الوقت بالكثير من الأشياء، وبالتالي يقومون بكل شيء تحت الضغط ولا يمكنهم أن يرسموا السعادة على وجوه أبنائهم، كما أنهم يكونون عاجزين عن الاستمتاع بالحياة.
حرص الآباء شديدا على الوصول إلى ما يعتقدون بأنه مثالي، فتدور كل حياتهم على راحة أطفالهم وتلبية كل متطلباتهم مع الحرص على عدم الوقوع في الأخطاء التي ارتُكتبت في تربيتهم من قبل آبائهم، وعلى الرغم من كل الجهد الذي يبذلونه يشعرون أنهم مقصرين ويجب أن يقدموا أكثر لأبنائهم.
يشعر الأبوان بالإحباط، عندما يلاحظان أن المجهود الذي بذلاه لم يعط النتيجة التي كانا ينتظرانها، كما أن الأبناء لا يعترفون بالتضحية التي قُدّمت لأجلهم، وفي هذه الحالة، وحتى لا يضيع الاستثمار، يقرران مضاعفة الجهود على حساب راحتهما وحياتهما الخاصة، ويصبح الأبناء مركز الكون بالنسبة لهما، وفي هذه المرحلة يشعران بأنهما استنفدا كل طاقاتهما، ويبدأ جلد الذات وتأنيب الضمير.
حياة الآباء تتأثر بشكل كبير عند بلوغ هذه المرحلة، حيث يسود التوتر داخل الأسرة، وتصبح العلاقة الزوجية متشنجة، ويشعر الأبوان بأنهما ضحيتان.
مورا ميكولاجتشاك أستاذة علم النفس في جامعة لوفان الكاثوليكية في بلجيكا إلى أن نسبة 5 إلى 8 في المئة من العائلات تعاني من الاحتراق النفسي بسبب الإرهاق الأبوي، لافتة إلى أن احتراق الوالدين نفسيا يكون سببه متلازمة الإرهاق الجسدي والنفسي. كما أفادت بأن الآباء وأمهات اليوم يبحثون عن الكمال في تربية أبنائهم إلى درجة أنهم يعيشون ضغطا مستمرا تحت أوامر المجتمع الذي يعتبر أن الأبوة يجب أن تكون مثالية. وعبر الآباء والأمهات عن مخاوفهم من التأثير المؤذي للتباعد العاطفي مع أطفالهم، والإساءة اللفظية، والشعور بالذنب، إلى درجة الرغبة في قتل أنفسهم أو المغادرة دون ترك عنوان.
الاهتمام المفرط هو سمة نفسية تتمثل في الرغبة في أن تكون مثاليا، وتريد النجاح، والرغبة في الحصول على أوسمة إيجابية يمكنك الإشارة إليها”، مضيفا أن الآباء الساعين لتلك الطريقة قد يرون نجاح أطفالهم على أنه انعكاس لهم، وقد ينخرطون في الإفراط في تربية الأبناء في محاولة لتحقيق نتائج مثالية.
وأكد أن الآباء يريدون أن يعيشوا النجاح بشكل غير مباشر من خلال إنجازات أطفالهم، ويريدون أن يروا أطفالهم يحققون ذلك لأن ذلك يجعلهم يبدون بمظهر جيد.
وشدد الخبراء على ضرورة تقديم الأب أو الأم الدعم العاطفي لبعضهما، ويستمع كل طرف لمشاغل الطرف الآخر، ويعبر عن تفهم المصاعب التي يمر بها، ويشعره بالتعاطف وتقدير الدور الذي يقوم به، منبهين إلى أن هذه الخطوات تعتبر أمرا حيويا جدا للصحة النفسية، ومن دونها يكون الاحتراق النفسي نتيجة لا مفر منها.
*
المرور بهذه الحالة من الإعياء الشديد بدنيا وذهنيا، أمر غير ملموس، ليس بمقدورنا تحديده أو تعريفه، وأننا لا نعرفه إلا عندما نحس به. وفي الوقت الحاضر، يزيد عدد من يَخْبرون هذا الإحساس، أكثر من أي وقت مضى. ففي هذه المرحلة من مراحل وباء كورونا، وبعد أكثر من عام كامل أمضيناه ونحن نحاول جاهدين التعامل مع التحديات المترتبة عليه، بات الشعور العام السائد بيننا، يتمثل في أننا جميعا فقدنا طاقاتنا البدنية والذهنية بشكل مفاجئ.
الناس يعتبرون أن المعاناة من "الاحتراق النفسي" ترادف الإحساس بالتعب، ويتجاهلون وجود اختلافات واسعة النطاق بشدة بين الأمرين. ويضرب الرجل مثالا في هذا الصدد، بأطباء التوليد. فهؤلاء الأطباء تتسم نوبات عملهم غالبا بطابع فوضوي، ويساعدون الأمهات الحوامل على الولادة، على مدار ساعات الليل والنهار، "ويشعرون بالإرهاق الشديد، لكنهم يجلبون في الوقت نفسه حياة جديدة إلى هذا العالم، ويجعلون حياة الناس أفضل. ويعني ذلك أن عملهم منهك ويمتد لأوقات أطول من اللازم، لكنه لا يصل بهم إلى درجة `الاحتراق النفسي`".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق