اعتقدت وقتها أن الأمر لا علاقة له بالدين. فحتّى لو صليت، وحتى لو قرأت القرآن، ما علاقة ذلك؟"، ولم تعد إيناس لمراجعة المختص بعد تلك التجربة.
لكنها استمرت في المعاناة من عدة أعراض، بما فيها الاكتئاب، وتقلبات المزاج الحادة التي اشتدت عام 2019 أثناء دراستها للحصول على درجة الماجستير في إحدى جامعات الولايات المتحدة الأمريكية، فقررت أن تراجع طبيبا نفسيا وشُخصت وقتها إصابتها باضطراب الشخصية الحدية.
وضعت جمعية الطب النفسي الأمريكية معايير تشخيصية لاضطراب الشخصية الحدية منها الشعور المزمن بالفراغ، والتهور، وسلوكيات التدمير الذاتي والعلاقات غير المستقرة. إنها حالة معقدة لا يمكن تشخيصها إلا من قبل أخصائي طبي.
كان اكتشاف إيناس أنها كانت تعاني من حالة نفسية معروفة مصدر ارتياح لها. "كنت أشعر بالضياع. لم أكن أعرف ما العيب فيّ. ولم أكن أعرف ما إذا كنت شخصا طبيعيا أم لا. لذا سهّلت عليّ معرفة ما كنت أعاني منه، على يد مختص، الأمر وتمكنت من تثقيف نفسي ومعرفة كيفية التعامل مع مشاعري بشكل أفضل".
*
لا ترغب النساء في يوم 8 مارس من كل عام في أن يحصلن على الورود والشوكولاتة، لكنهن جميعا يرغبن في الحرية والأمن والمساواة وعدم التعرض للتحرش، بقدر ما يدعون إلى كسر مختلف الصور النمطية للتمتع بحقوقهن كاملة دون نقصان.
أول احتفال باليوم العالمي للمرأة في عام 1911، بكل من النمسا والدنمارك وألمانيا وسويسرا. وجاءت ذكراه المئوية عام 2011، وفي العام الجاري تحتفل المرأة بعيدها رقم 111.
أصبح اليوم العالمي للمرأة موعدا للاحتفال بإنجازات المرأة في المجتمع وفي مجالات السياسة والاقتصاد، في حين أن جذوره السياسية تقوم على فكرة الإضرابات والاحتجاجات المنظمة لنشر الوعي حول استمرارية عدم المساواة بين الرجال والنساء.
يعد اليوم العالمي للمرأة يوم عطلة وطنية في الكثير من الدول، بما في ذلك روسيا التي تتضاعف فيها مبيعات الزهور في الأيام الثلاثة أو الأربعة التي تسبق 8 مارس من كل عام.
وفي الصين، تحصل نساء كثيرات على إجازة لنصف يوم، وفقا لتوجيه مجلس الدولة، رغم أن الكثير من أرباب العمل لا يعطون الموظفات هذه الإجازة.
أما في إيطاليا، فيحتفل كذلك باليوم العالمي للمرأة، الذي يتميز بعادة تبادل أزهار الميموزا. وأصل هذا التقليد غير معروف، ولكن يعتقد أنه بدأ في روما بعد الحرب العالمية الثانية.
وفي الولايات المتحدة الأميركية، يعتبر شهر مارس شهر تاريخ المرأة، حيث يصدر خلاله إعلان رئاسي كل عام يحتفي بإنجازات المرأة الأميركية.
*
المرأة في يومها العالمي
نسبة النساء العاملات بالعالم، والذي يقدر بـ48 في المائة، فهناك مقابل كل عشرة رجال يعملون، نحو ثماني نساء يعملن، ونسبة الطبيبات تُقدر بـ46 في المائة، رغم الجهود الكبيرة والتقدم بالعمل على المساواة بالحقوق والأجور، ولكن ما زالت المرأة تعاني من عدم المساواة بالأجور تحديداً في كثير من الدول، ولكنَّها بالمقابل حققت نجاحات في المناصب القيادية، مثل رئاسة الدول أو الحكومات، وآخرها كان تعيين نائبة لرئيس الولايات المتحدة الأميركية.
الاحتفالية السنوية تهدف إلى تشجيع المساواة بين الجنسين، ودفع المرأة إلى العمل وجعل العالم مكاناً أفضل لعيش النساء، وقد شكل التعليم عاملاً مهماً في صياغة الوعي وأهمية الدور الذي تؤديه المرأة، لا سيما في آسيا مع نمو الصناعات في مرحلة الرأسمالية والتي حولت عمالة المرأة من الحقول والزراعة وتجارة المنسوجات، إلى تحقيق المزيد من تمكينها للعمل في المصانع والإدارة ومجالات أخرى متنوعة حسب نهضة البلاد التي تعيش بها.
ولكن على أرض الواقع مؤشرات تقيد المساواة بينها وبين الرجل في الأعمال رغم التطور الكبير في الحضارة الإنسانية،
وجود مساحة فاصلة بين الرجال والنساء وتباين في الأجور، بما في ذلك الدول المتقدمة، وتم التطرق لهذا الشأن في المؤتمر الاقتصادي العالمي (دافوس) بأن هذه الفجوة تستغرق وقتاً أطول لكي تغلق.
الشراكة الأسرية والمجتمعية والعملية
المشاركة الاقتصادية شرط المساواة بين الجنسين
تاريخ الهيمنة الذكورية ارتبط بهيمنة الرجل على الأرض وامتلاكها. فمع بداية امتلاك الأرض انطلق تاريخ الهيمنة الذكورية وامتد ليشمل كافة حقول الفعل الاجتماعي. طبعاً نحن هنا في صميم التفكير المادي الذي يتراءى لنا ناجعاً أكثر من أي تفكير آخر في مسألة المرأة، خاصة بعد ما قطعته من أشواط في مجال الوعي والتعليم وكيفية بناء المرأة العربية اليوم لهويتها الذاتية.
المرأة حاضرة بقوة في الاقتصاد وفي مختلف القطاعات سواء الفلاحة أو المعامل والمصانع أو القطاع الصحي والتعليم والسياحة... ولكن حضورها كمي أكثر منه نوعياً. وكي نبرز فكرتنا أكثر فإنَّ المطلوب هو سيدات أعمال وصاحبات مؤسسات اقتصادية تماماً كما هو حال رجال الأعمال، وذلك لأنَّ ظهور سيدات أعمال يعني أنَّ الثروة في طريقها للتقاسم بين الرجل والمرأة في الاقتصاد ومنه في السياسة وغير ذلك.
عندما تصبح المرأة شريكة في الثروة ومالكة لوسائل الإنتاج فساعتها ستسهم بشكل قوي في تغيير العقلية والنسق الثقافي الاجتماعي بشكل عام وستصعد إلى الحكم عن جدارة وليس من خلال المحاصصة. عندما تصبح المرأة العربية مالكة للثروة وصاحبة جزء مهم من المؤسسات الاقتصادية، وتقوم بتسيير الأعمال وتفرض نفسها في قيادة الاقتصاد وتحقيق الطفرة فيه، ساعتها يمكن الحديث عن المساواة الحقيقية بفعل الواقع وبقانون امتلاك الثروة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق