الدفع نحو الانحلال القيمي عبر المواثيق الدولية كاتفاقية السيدات ومؤتمرات المرأة والسكان، وكثير من قرارات الأمم المتحدة ومؤسساتها وكبريات دولها، وكذلك عبر وسائط الإعلام التي كانت قبل سنين تنحصر في مَجَلَّات ومحطات متخصصة بالفساد الأخلاقي، لكنها اليوم وبدعم مؤسسي دولي شملت معظم الوسائط الإعلامية المؤسسية والاجتماعية حتى لكأن العالم بأسره متحالف لهدم الأخلاق والقِيم،
تغيير القيم الإنسانية بأكملها واستبدالها بقيم شيطانية لا عهد للبشر بها، وقد حققت القوى الداعمة لهذا المشروع نجاحًا خطيرًا لم يصل لمنتهاه حتى اليوم رغم تسابق الدول بل والمرجعيات الدينية في الغرب وبعض ديانات الشرق على استرضاء هذه الحملة بإباحة أقذر العلاقات المحرمة وتمرير أنماط من الحياة تثير اشمئزاز ذوي الفِطر الراقية، وهم الآن في الطريق لتطبيع أشكال أُخر من الشذوذ أبى قلمي التعبير عنها وأظن الكثير يعرفون ما أقصد.
وما زالت الدول الإسلامية أو من يُشكل المسلمون فيها نسبة كبيرة لا تزال في الجملة الأكثر محافظة أخلاقياً وتماسكًا قِيَميًا على تفاوت كبير بينها، رغم ما مر على أكثرها من ظروف الاستعمار والدفع العالمي بها نحو التغيير القِيَمِي؛ وسَبَبُ ذلك أن الإسلام هو الدين الأوحد من بين جميع العقائد والنِّحَل الحية على وجه الأرض الذي يقف بقوة مع تعزيز الأخلاق والمُثُل والقِّيم التي تدعو إليها الفطرة الإنسانية، ويتصدى بقوة أيضًا وكذلك بحساسية دقيقة لكل توجه من شأنه أن يُوصِل إلى التفريط ولو بقيمة إنسانية واحدة ؛ فما بالك بما يؤدي لانهيار المنظومة الأخلاقية بشكل كامل، لذلك كما قدمت مازال المسلمون في معركة القِيَم العالمية والأخلاق هم الأكثر صلابة رغم شراسة تحالف مؤسسات العالم على هذه المنظومة بأسرها، سواءً أكانت منتظمةً على أصولٍ دينية كما عند المسلمين،أم منتظمةً على أُسُسٍ فطرية أو تقليدية.
على عكس الأديان الأخرى فإن وقوفها إلى جانب الأخلاق لا يتجاوز حد الموافقة عليها، فهي تُوَافِق على المنظومة الأخلاقية لكنها لا تدعمها إلَّا قليلا،وقليلاً كذلك ما تضع التدابير المؤدية لانتشارها أو الحائلة دون سقوطها.
فمثلا الديانات الأشهر في العالم اليوم، كُلُْها تُوافق على تحريم الزنا، لكن النصوص التي تُحَذِّر منه قليلة في كل ديانة، وإنما تكتفي بما هو معهود عند الجميع وبالنصوص التي تضع عقوبات على ممارسته باعتباره جريمة؛ لكن الإسلام يزيد على ذلك بأنه ينظر إليه كعامل أساس في هدم جميع المنظومة الأخلاقية في المجتمع الذي تشيع فيه هذه الجريمة، لذلك كثرت النصوص في الكتاب والسنة في التحذير منها تارة بالنهي المباشر كقوله تعالى {ولا تقربوا الزنا} وتارة بالتأكيد على أن التنزه منها من صفات أهل الجنة الصالحين، كقوله تعالى: {والحافظين فروجهم والحافظات} هذا سوى ذكر عقوبتها في الدنيا {والزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} وذكر عقوبتها في الأخرة {ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة}
الحيلولة دون وقوع الإنسان في هذه الرذيلة، فَشَرَع غضَّ البصر والحجابَ والقرارَ في البيوت والفصلَ بين الجنسين، والحديثَ بينهما فوق الحاجة، وحرَّم الخلوةَ والسفرَ الطويل دون محرم،وزواجَ المُتعة، وأوجب الولايةَ والشهودَ في النكاح، وقرر للمرأة حقها في ولاية الرجل عليها.
هذه التدابير الواقية من الزنا مثال للأحكام الشرعية الكثيرة التي أكسبت المجتمعات الإسلامية صلابة أكبر من غيرها في مواجهة حملات تدمير الأخلاق.
المسؤولية كقوله تعالى في سورة العصر: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}
يدعو العلماء والوعاظ والدعاة إلى العمل على تعزيز مشاعر المسؤولية عن الأخلاق والقِيَم في نفوس الناس من منطلق قوله صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع ومسؤول عن رعيته) لأن اعتياد الناس على إلقاء المسؤولية عن تلك على الدولة ليس سوى عمل بجزء من الحديث وهو (فالإمام راع ومسؤول عن رعيته) وترك الباقي وهو (فالرجل راع..والمرأة راعية..).
قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قال هلك الناس فهو أهُلَكَهُم)
من يَشْغل نفسه بالتذمر وتثبيط الناس وإيقاعهم في اليأس هو أحق الناس بوصف الهلاك.
حث كل صاحب كلمه مقروءة أو مسموعة أن يشتغل على توطيد مشاعر المسؤولية الدينية لدى القر في ظل عالم اليوم المنتفض بقسوة على كل ما يَمُت للأخلاق والقيم بصلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق