الخميس، 20 يناير 2022

قطاع الموظفين . السيسي يستبق غضبا شعبيا على غلاء المعيشة بتحسين الأجور ***************

 الدولة لم تخسر شيئا، فالأموال التي وفرتها من فاتورة دعم السلع خصصتها لزيادة الرواتب، أي أنها أخذتها باليمين ومنحتها باليسار.

إصلاح البرنامج السياسي الذي ينتهجه السيسي الذي اعتاد منذ وصوله إلى السلطة أن يركز إنفاق الحكومة على المسارات التنموية بإقامة مشروعات ضخمة، بينما كانت، ولا تزال، النغمة الدارجة في الشارع أن تحسين ظروف الناس أهم بكثير، ولا يجب التركيز على التنمية وتجاهل الاحتياجات الأساسية للمواطنين.

تستهدف تعزيز شرعية برنامج السيسي ودعم سياسات الحكومة، لأنه كان متهما بالبعد عن أوجاع الناس والاهتمام بالتنمية على حساب الظروف الصعبة للمواطنين، فكان لا بد أن يتدخل لغلق الثغرة التي ينفذ منها معارضوه.

 السيسي لا يريد ترك أيّ ملف تستثمره التيارات المناوئة دون أن يخترقه ويتخذ فيه قرارات حتى لو كانت تمثل عبئا على الحكومة، لكن انعكاساتها السياسية ستكون إيجابية على النظام، فقطاع الموظفين يصعب توقع ردة فعله إذا ضاقت بأصحابه السبل، وكان من المنطقي أن يرضيهم بزيادات في الرواتب، لأن هؤلاء غضبهم سيكون بالغ الصعوبة أمنيا وسياسيا.

وأدرك النظام أن المصريين وإن كان صبرهم طال على ظروفهم المعيشية الصعبة، فقد وصلوا إلى مرحلة عدم القدرة على الاستمرار دون تدخل من الدولة لضبط البوصلة والتوازن بين الإنفاق على التنمية والإنفاق على تحسين الأحوال الاقتصادية.

مراقبون أن الحكومة على قناعة بأن استمرار مقارنة الشارع حجم إنفاقها على التنمية بحالة البخل والتقشف في منح المواطن جزءا من هذه المخصصات المالية، في صورة زيادة في الرواتب أو غيره، لن يصل إلى الحد الأدنى من الرضا المجتمعي عنها، وستظل كل تحركاتها مطاردة بالسخط والتذمر منها.

في نظر الشارع غير صادقة ومشكوكا في كلامها، فطالما هناك مكاسب تنموية من الإجراءات الاقتصادية القاسية التي أقرتها من الطبيعي أن تكافئ الناس، على الأقل في الملفات التي تمس صميم حياتهم.

 الرسالة الأهم التي أراد السيسي إبلاغها إلى الشارع أن الإجراءات التي تم اتخاذها اقتصاديا قادت اليوم إلى رد الجميل للناس، بحيث يشعرون بالأمل في إمكانية تحسن الظروف مستقبلا إذا تحملوا المزيد من الصعاب.

لكن تبدو شريحة كبيرة من المواطنين غير مرتاحة لهذا التوجه، لأن الشواهد السابقة تؤكد لدى المواطن البسيط أن الحكومة طالما منحت فهي سوف تأخذ بأيّ طريقة كانت، خاصة أن هذه القرارات تزامن معها توجيه محمد معيط وزير المالية إلى زيادة العوائد الضريبية ومكافحة كل أشكال التهرب الضريبي.

وتعكس ريبة البعض في نوايا الحكومة، وإن اتخذت خطوة إيجابية، أن حالة الثقة بين الطرفين وصلت إلى مرحلة متدنية، ما يتطلب المزيد من القرارات السياسية والبرامج والخطط التي ترمم العلاقة قبل وصول منسوب التشكيك والغضب إلى مرحلة يصعب علاجها، وهو ما ينعكس سلبا على الاستقرار الذي يسعى نظام السيسي لتكريسه في البلاد.

*Jan 20, 2022

فكل من يريد التقرب من السلطة يزعم أن لديه فكرة براقة أو اختراعا جذابا.

المشكلة أن بعض ما يقدم تهتم به الحكومة وتتعامل معه بجدية نادرة، وربما يدخل حيز التنفيذ بلا روية لمجرد خداع الناس أو محاولة إبهار الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بأن هناك حراكا في المجتمع وتفاعلا مع طموحاته من قبل جهات عديدة بغرض تحسين أوضاع المواطنين ودعم النظام الحاكم في ترسيخ أقدامه.

هذا برلماني يقترح معاقبة من يفشل في الانتحار بمبالغ مالية باهظة، وتلك مؤسسة ترى ضرورة منع التصوير في الشوارع بالموبايل، وهذه وزارة مهمة تريد اختصار سنوات تنفيذ بعض المشروعات التنموية إلى نصف فترتها الزمنية وتكلفتها المادية.

وصلت فوضى المقترحات حدا أن قامت وزارة التعليم بتطبيق نظام الامتحانات إلكترونيا وشمّرت عن سواعدها دون أن تكون البيئة مهيأة وقامت بإنفاق المليارات من الجنيهات ثم جاءت النتيجة مخيبة فاضطرت إلى عدم تطبيق خطتها بعد أن تأكدت من صعوبة تنفيذها، فلا المدارس تملك بنية تحتية تمكنها من تغذية الأجهزة الإلكترونية بشبكة إنترنت جيدة، ولا غالبية الطلبة يجيدون استخدام هذه الأجهزة.

صمّت وزارة التعليم أذنيها عن كل الانتقادات التي وجّهت إليها بالحق أو بالباطل، وتعاملت مع من رفعوا صوتهم عاليا على أنهم ضد التطوير، وفي أحيان أخرى يريدون تخريب خطة الرئيس في بناء أجيال واعدة، ودخلت المهاترات حدا مؤسفا عاندت فيه الوزارة ورفضت كل الاجتهادات المناهضة لخطتها والتي تريد تصويب مساراتها، مع أنه كان من الواضح أن أصحاب الخطة يحرثون في البحر.

تجاوزت فضيحة الفشل وزارة التعليم والحكومة وكادت تسيء إلى النظام الحاكم الذي وثق في ما يقدم إليه من معلومات وخطط بشأن تطوير التعليم والوعود حول تحسين مستوى الخريجين في المستقبل، والتي لن تحرز نجاحا بالمرة طالما أن المقترحات تطبق دون توافر الدراسة الكافية لها، وهو ما يؤدي غالبا إلى التراجع عن الكثير من التصورات التي تحولت إلى سياسات وممارسات اعتباطية.

بدلا من أن تؤدي الطموحات الكبيرة للسيسي إلى إحداث نقلة متقدمة في مصر وشحذ الهمم والطاقات الحقيقية قد تخلق طبقة طفيلية يعمل المنتمون إليها على تقديم مقترحات في ظاهرها تتناسب مع خطته الاستراتيجية وفي جوهرها تضر بها، فتصرفات البعض من المحسوبين على النظام لا ترقى إلى ما يصبو إليه الرئيس.

فالكثير من الإجراءات التي يتم تبنيها تأتي من مقترحات لا تخلو من عشوائية في القرار، بما يفضي إلى لفظها عند اصطدامها بواقع لا يستطيع استيعاب عملية تطبيقها فيه.

لا تصلح مع هذه النوعية من الرؤى مفردات العامة ومقترحات الدهماء الرامية إلى إبهار الناس أو خداع الرئيس، فمن يقومون بوضع هذه الخطط من أفضل العقول، وعلى أجهزة الدولة الدعوة إلى عقد مائدة مستديرة والدخول في مناقشات مستفيضة لرسم خارطة سياسية للتصورات المقبلة وقطع الطريق على من يعتقدون أن مقترحاتهم كفيلة وحدها بأن تسهم في تجاوز العقبات الراهنة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق