المجتمع يبدو مقسوما بين طبقتين، واحدة قناعة والصبر والرضا،
وأخرى ضئيلة، تجاهر بثرائها، ولا تكترث لغيرها، وبعضها يفجر بما لديه من نعمة.
تملك ما يكفيها ويزيد، و”يتبرطع” أصحابها بالثراء، ويعيشون في قصور أسوارها عالية، وهؤلاء يتوزعون بين البرجوازية بالوراثة، والآخرين الذين نزلت عليهم الثروة بمظلة الفساد.
الطبقة الأخرى فهي من مجاميع الفقراء الذين انضمت إليهم الطبقة الوسطى، فأصبحوا يشكلون الأغلبية، ويتوزعون على مختلف الوظائف والمهن،
المشكلة ليست بالفقر والغنى، وإنما بالجوع حين يصبح كافرا، والغني حين يتحول إلى فاجر.
تراجع الذائقة العامة، وسيادة ثقافة التفاهة، الظاهرة هذه ليست محلية، وإنما عالمية للأسف، ومجتمعنا الذي ما يزال صامدا نسبيا، ومحافظا بقدر ما يستطيع على قيمه وأخلاقياته، لم يسلم من سطوة “التسفل”، الذي يروج له إعلام منزوع من القيمة والفضيلة، وربما الإنسانية أيضا، تشويه الذوق، وربما تخريبه، هو جزء من عملية هدم الإنسان والمجتمعات، وتحويلهما لمجرد أشياء، وسلع قابلة للبيع في السوق، أي سوق.
تحطيم “القدوات” والرموز الملهمة، واستبدالها بقدوات أخرى، ليس في مجال الطرب فقط، وإنما بكافة المجالات، فلم تكن صدفة أبدا ما يجري من تكسير للوسائط الاجتماعية والسياسية والفنية، لحساب وسائط أخرى يتم صناعتها وترويجها، الهدف هو إطفاء الفاعلية، وتعميم الاستهلاك، ثم أبرز نماذج ممسوخة لإلهاء الناس عن قضاياهم وإشغالهم بصور مغشوشة، تنزع منهم طاقاتهم وحيويتهم، ثم تجهز على ما تبقى لديهم من تطلعات للحرية والعدالة والحياة الطيبة.
إشاعة ثقافة “الفرجة” والامتثال للصورة باعتبارها الحقيقة، المجتمع هنا يتحول إلى مجتمع فرجة، الناس فيه تجلس على المدرجات كمتفرجين بانتظار من يوجههم بالصورة، بحيث يفقدون قدرتهم على التمييز والاختيار، ويتحولون إلى عاطلين ومشغولين بقضايا تفرضها عليهم الميديا، بأنواعها المختلفة.
عصر الفرجة لا تتحدد القيمة، سواء أكانت سياسية أو فنية أو ثقافية أو إعلامية، على أساس الجدارة أو الاستحقاق، وإنما على أساس المظهر والصورة، فنحن للأسف أحيانا لا ننتسب للوطن من خلال عالم أو رمز سياسي، وإنما من خلال نجم يلعب بالملعب، أو آخر يصرخ على مسارح الطرب الرخيص.
*
تحطيم القدوات
التوحش واللاإنسانية لم تُعد هي الاستثناء، بل هي السمة السائدة، والفرق الوحيد هو درجة التوحش وليس وجوده من عدمه
روجنا دون أن نعي لقدوات ونماذج تمارس في حياتها اليومية أنواعاً مختلفة من العنف وإن كان بدرجات متفاوتة
العنف يبدأ من مقولة «أنت مش عارف مع مين تحكي»
تضخيم «المُسُوخ» وتقزيم العلماء والأدباء والمعلمين، العنف ليس حالة تأتي من فراغ بل نتاج ثقافة منتشرة ترى أن القوي هو صاحب الحق والضعيف لا يحميه قانون.
أكثر الأفلام مشاهدة، فلن تجدوا سوى أفلام الرعب والجنس والمخدرات والقتل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق