نتائج عرضية لحرب غزة: تفكك الصهيونية واستئناف الربيع العربي
انهيار إسرائيل أكثر خطرا على استقرار المنطقة من وجودها.
كلما كان السلطويون أكثر فسادا كان ذلك أفضل، لأن هذا يسهل السيطرة عليهم ويبقيهم أكثر استعدادا للعمل ضد المصلحة الوطنية، وهو شرط أساسي في ما يتعلق بمصلحة إسرائيل
كشفت الحرب عن نقاط ضعف إسرائيل والاحتلال، وعن كونهما يعتمدان على عاملين خارج سيطرة إسرائيل من أجل البقاء: الدعم الغربي والانخراط العربي. ولا يمكن أن يستمر هذان العاملان إلى الأبد.
إذا انهارت إسرائيل، إما من خلال الصراع الداخلي أو تحت ضربات المقاومة الفلسطينية والاشمئزاز العالمي، فستحدث كارثة لليهود بأبعاد لا يمكن فهمها، بالإضافة إلى تغييرات شاملة في كامل النظام الإقليمي لأن جل العالم العربي منظم حول وجود الدولة العبرية.
دون وجود إسرائيل التي تتطلب الحماية، سوف تصبح الحاجة أقل إلى دكتاتوريين عرب.
الغرب تتخلى عن الدول العربية في النهاية، ما يسمح بتطور حياة سياسية أكثر طبيعية في البلدان العربية ذات المستويات الطبيعية من الحرية.
انتخابات ديمقراطية وستفقد كل الجماعات والأنظمة المتطرفة التي تأسست على فلسفة مقاومة إسرائيل والغرب سبب وجودها وستختفي وستنتهي ظاهرة الجهاد في أوروبا.
تبقى إسرائيل والأنظمة العربية الحالية والجماعات الجهادية العنيفة العقبات أمام هذه الصورة الوردية للتحرر العربي والوئام الأوروبي – العربي. وليست الأنظمة العربية مستقرة، مثلها مثل إسرائيل.
مصر السيسي
تعدّ من مكونات المشهد السياسي العربي المعاصر الأساسية، وتلعب دورا رئيسيا في حماية إسرائيل وقمع الديمقراطية العربية
في المقابل يتمتع السيسي بدعم الغرب وأصدقائه في الخليج. وتمكّن القدرات القسرية الهائلة التي يستغلها النظام المصري اليوم من الحفاظ على الوضع الراهن.
لكن الغرب والخليج لن يتمكنا من حماية نظام السيسي إذا نفد صبر الشعب المصري وقرر أن أهمية الثورة تفوق الخوف من القمع.
تعدّ المملكة العربية السعودية ركيزة للمشهد السياسي العربي المعاصر. ويستغل السعوديون ثقلهم الدبلوماسي والديني والاقتصادي لدعم المساعي الأميركية في المنطقة والحفاظ على الوضع الراهن.
لكن استقرارها مبني على نظام من الخوف يمكن أن ينهار بسرعة إذا تعثر تحولها الاقتصادي الذي كثر الترويج له (رؤية 2030) على الرغم من كل قدراتها الدينية والمادية.
ويمكن أن يؤدي أي اضطراب داخلي أو دولي، سواء بسبب السياسة الداخلية في الولايات المتحدة أو نتيجة تغييرات كبيرة في إسرائيل/ فلسطين، إلى انهيار النظام.
وهذا ما سيخلق “تأثير الدومينو” القوي على اليمن ومصر والعراق وسوريا والأردن والسلطة الفلسطينية.
رغم نجاح الثورة المضادة بعد الربيع العربي، إلا أن بعض الجيوب المرنة المنتشرة في جميع أنحاء المنطقة مازالت تنتظر فرصة التعبئة والتحول إلى قوى على مستوى الدولة.
لقد تعطلت الثورة السورية بتواطؤ العديد من القوى (نظام بشار الأسد وإيران وروسيا وتركيا والولايات المتحدة ومختلف الفصائل السورية المتحالفة معها).
سيتغير الوضع في سوريا تماما إذا انهار هذا التوازن الهش.
ستتجدد الثورة، وسيتمكن الكثير من المقاتلين الذين مُنعوا سابقا من الانضمام إلى الجماعات غير الحكومية من حمل أسلحتهم، وهو ما سيضاعف كوادرهم وقدراتهم ويمهد الطريق لنهاية نظام الأسد.
بالنظر إلى مختلف الفصائل في سوريا واليمن وليبيا وقوة وكلاء إيران (مثل حزب الله في لبنان)، يمكن أن يفتح الانهيار الإسرائيلي صندوق باندورا مع انزلاق العديد من دول المنطقة إلى صراعات بين الجماعات المسلحة والجهادية العنيفة وإلى حرب أهلية.
يصعب الإقرار بنشوء شكل من أشكال الديمقراطية العربية من مثل هذا السيناريو. لكن إسهام الولايات المتحدة في دفع دعم الديمقراطيات الغربية غير المشروط لتل أبيب لن يؤدي إلا إلى تسريع الطريق المسدود الذي يسلكه الإسرائيليون. وقد اشتعل الفتيل بالفعل
وتلوح في الأفق حرب كارثية على العديد من الجبهات. وسينبثق واقع عربي جديد، يأمل أن يشمل الحرية الاقتصادية والسياسية، لكنه قد يولد وسط فوضى وسفك دماء بدرجة غير مسبوقة في المنطقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق