الاثنين، 16 سبتمبر 2024

"الكارو والمرسيدس".. رحلة لتتبع حداثة لم تكتمل في المشهد الثقافي المصري هبة شريف

 فرض طرق الإدارة الحديثة في عهد محمد علي أو الاشتراكية في عهد عبد الناصر "لم يصاحبه استعارة قيم الحداثة الأخرى مثل الحرية والديمقراطية والمساواة أمام القانون.. لأن هذه القيم كانت ستهدد طبعا النظام السياسي من أساسه."

أحمد لطفي السيد أو فرح أنطون أو قاسم أمين ومحمد عبده حاولوا من خلال كتاباتهم التعريف بأفكار الحداثة التي يبغون تحقيقها. "ومع ذلك ظلت تلك الأفكار مقتصرة على النخبة وعلى العاصمة."

تعليم مجاني الناصرية  لم يتحقق حلم مصر الحديثة.. فأصبحت الدولة تتحكم في مصائر البشر.. وأممت مثلا كل الصحف ومعظم دور النشر.. وانحسر الخطاب الذي كان من قبل متنوعا ما بين إسلامي وليبرالي واشتراكي وشيوعي ليصبح خطابا رسميا واحدا اختزل الحرية والتقدم في التحرر من الاستعمار

تغول الدولة الشمولية صاحبة الصوت الواحد والرأي الواحد فقد رضي المفكرون المصريون بتنحية أفكار التجديد التي كانت تنادي بالديمقراطية والحرية لصالح هذا الخطاب الأوحد." وصار المثقفون المصريون جزءا من دائرة المستفيدين من النظام الحاكم بسبب تشابك مصالحهم مع مصالح الدولة.

عقد التسعينات شهد اتجاها إلى الخصخصة واقتصاد السوق.. فتغير المجتمع المصري بصورة خاصة تبدلت فيها الرؤى والمواقع أكثر من مرة وبسرعة بشكل لم يتح للمجتمع أن يستوعب نتائج كل تجربة بشكل عميق.

 شكل الحياة الحديث لم يقض تماما على الشكل القديم.. فنشأت "حداثة هجينة أو منقوصة".

تسوق الكاتبة مثالا هو فيلم قنديل أم هاشم (المأخوذ عن رواية يحيى حقي) حيث يخلص الطبيب الذي تلقى تعليمه في الخارج إلى أنه لا بد أن يستوعب ما هو موجود إلى جانب ما هو علمي. فالحداثة في مصر "حداثة منقوصة" لم تتحقق لأنها لم تدخل في نسيج المجتمع المصري بل فرضت عليه فرضا من قبل النخبة الحاكمة.

 الإعلام الخاص في مصر يملكه رجال أعمال لهم مصالحهم وحساباتهم مع السلطة الحاكمة. لكن هذا القطاع الإعلامي يعيش على الإعلانات وعلى نسبة المشاهدة. فإذا لاحظ تراجعا في نسبة المشاهدة يبدأ يغير من سياساته باستثناء بعض القنوات التي أنشئت لهدف معين.

المشاهد في النهاية هو الذي يضغط على هذه القنوات لتغيير خطابها. وذلك بخطوة بسيطة هي أن ينصرف عن مشاهدة هذه القنوات.

محاولات التحديث الفوقية لم تأت بثمار نتيجة لتفريغها من مضمونها الذي يعتمد بالأساس على الحرية والديمقراطية والمساواة أمام القانون. وترصد أن النخبة المثقفة انحازت للسلطة تارة ولاذت بالتعالي عن أذواق الناس تارة أخرى ورسمت حدودا بين ما هو راق وهابط تارة ثالثة متسلحة بعلم وثقافة ومعرفة باللغات وغير ذلك.

2011 من الزاوية الثقافية. وتتساءل: هل يختفي الخطاب المتنوع الذي ظهر بعد الثورة معبرا عن كل الأفكار التي تدور في المجتمع المصري بتياراتها المختلفة ليتم فرض خطاب رسمي واحد في استدعاء صريح لنفس سيناريو الخمسينات الذي أضر كثيرا بمسيرة الحداثة في مصر؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق