الأربعاء، 1 أغسطس 2018

الشغف

كليات ّ التخصصات الطبية والصيدلانية في
المقام الأول ثم التخصصات الهندسية في
المقام الثاني، وأظننا نعلم جميعا مقدار
التكالب الذي يجري على هذه التخصصات
بسبب المال الذي ستغدقه على أصحابها.
لست ّ أروج هنا لتبشيع الثراء أو القول
إن كسب المال يشكل ّ سبة، ّ لكني أتساءل:
هل َ خلقنا الله كلنا أو ّ شكلتنا الطبيعة
لنكون أطباء ومهندسين حسب؟ أليس هذا
دليلا واضحا على بهتان خياراتنا وعدم
اتفاقها مع منحنى التوزيع الطبيعي؟

ّ إن ما يحصل في العادة هو أننا نقتل
شغفنا الطبيعي مدفوعين - ً جهلا أو
بالإكراه- للاعتقاد ّ بأن المال أبقى ً شأنا
وأرفع ً مقاما من ذلك الشغف الذي يسكننا،
ّ ثم سنكتشف خطأ ذلك الاعتقاد بعد مرور
السنوات.
ّ إن لقمة هانئة صغيرة نتناولها ونحن
مسكونون بدفع شغفنا الطبيعي لهي
أكثر ً شرفا من مال نكتنزه من غير شغف
بالحياة


+++++++++++++++++
الشغف
هو روح الصنعة



العالم أصبح أكثر دقـــة ويوما بعد
آخـــر تســـتقر الصناعـــات والخدمـــات
وتأخذ شكلا قياسيا.
لكن ثمة شـــيئا يجعلنـــا نفكر أكثر
في مـــا نفعـــل. إنه الشـــغف. هـــل أنت
شـــغوف بمـــا تفعـــل، أم تنغمـــس بما
تقوم بـــه لأنك تتقنه؟ الرســـام المحترف
يســـتطيع أن يخدع الكثير من الناظرين
بأنـــه مبدع، لكنه لا يســـتطيع أن يخدع
المتابع الشغوف. يستطيع هذا الشغوف
أن يلتقـــط الفـــرق بين الحرفـــة والفنان
الشـــغوف بفنـــه مثلا. تســـتطيع وأنت
تشـــاهد مسرحية أو برنامجا تلفزيونيا
أن تميز بين ممثل شغوف بمهنته وآخر
يمثـــل. نعـــم التمثيـــل حرفـــة. نظريا
ينبغـــي أن لا تميـــز بين ممثـــل محترف
وآخر شـــغوف بمهنته. لكن كلنا نعرف
الفرق. نحسه فورا

في مهن كثيرة يتقدم الاحتراف إلى
مســـتويات رفيعة فيـــكاد يضيع الفرق.
لكـــن الذائقـــة الإنســـانية تبقـــى قادرة
على التقـــاط هذه التمايزات البســـيطة
التي تصنـــع الفرق بين صورة وصورة،
ومقالـــة ومقالـــة، ولوحة ولوحـــة. أكاد
أميز بين محرر وآخر في هذه الصحيفة
بشـــغفهما بموضوعاتهمـــا. بعضهـــم
متفـــان ومخلص فيبـــدع باحتراف. لكن
بحكم الخبرة والاهتمام، صار بوســـعي
مثلما هو بوسع غيري أن يلتقط الفرق.
لعل هذا ما يجعل واحدا هنا أكثر تميزا
من الآخر. لعل هذا ما يميز صحيفة عن
أخرى.
في العمل الصحافـــي تحتاج كثيرا
إلى تلـــك النزعة القياســـية التي تجعل
الأشـــياء منضبطـــة وبشـــكل يوحدهـــا
ويجعلهـــا مقبولة. لكن الشـــغف بالمهنة
هو ما يمدها بالروح. الشـــغف هو روح
الصنعة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق