السبت، 2 مايو 2020

الصحة أم الاقتصاد؟

المعادلة الأكثر تعقيدا في عصر كورونا والإغلاق الشامل

كانت اتجاهات الاقتصاد العالمي قبل جائحة كورونا تشير إلى توقع معدل نمو لسنة 2020 بـ 2.9% مع نسب نمو مريحة في بعض البلدان كالصين (6.1%) ومتوسطة في غالبية البلدان الصناعية وذلك قبل أن يتم تحيين هذه النسب بإدخال أثر التغيرات الناتجة عن جائحة كورونا.

مدى صمود الاقتصاد كشفت أزمة كورونا عن اختلالات بنيوية في منظومة الاقتصاد العالمي وعن هشاشة كامنة للعولمة التي بشر بها دعاة صدام الحضارات وقبلهم دعاة نهاية التاريخ، حيث إن التعامل مع الأزمة الراهنة ألقى بمسلمات اقتصادية في مهب الريح حين حصلت الصدمة على مستوى العرض، وأصبح أي جهد لتحفيز الطلب الفعال هو جهد محدود الأثر بحكم محدودية العرض الناتجة عن الإغلاق الكبير للاقتصاد، وهذا ما يفسر استعجال ترامب وغيره من قادة الدول الغربية بلورة خطة لفتح النشاط الاقتصادي ولو جزئيا.

سيعرف الاقتصاد الأميركي انكماشا تاريخيا بنسبة -5.9% سنة 2020 ولن تكون منطقة اليورو أحسن حالا، حيث سينكمش ناتجها الخام بنسبة -7.5% هذا العام.

إن الإشكال القادم هو حجم المعاناة الاجتماعية التي ستخلفها أزمة كورونا، وما قد يترتب عليها من هزات اجتماعية وأثر سلبي على الطلب بسبب تدهور القوة الشرائية للمستهلكين.

ولقد أدت حالة عدم اليقين التي سيطرت على الأسواق المالية العالمية إلى اضطرابات في سوق الأسهم والسندات، ولم تنج سوق المواد والسلع، وذلك لعدم قدرة الفاعلين على توقع تطور القيم بفعل الانسدادات المفاجئة لمسالك الاقتصاد العالمي نتيجة الإغلاق.

ستعرف قطاعات النقل والصناعات الغذائية والسياحة والخدمات وتيرة أسرع في العودة للتعافي، في حين يتوقع أن تظل قطاعات أساسية كالأشغال والعقارات وصناعة الطائرات وصناعة السيارات وأسواق المواد الأولية في عين العاصفة بسبب انهيار الطلب العالمي وصعوبات التمويل وضبابية محددات الأسواق.

مستقبل الدول العربيةباستثناء مصر التي يتوقع أن يحقق اقتصادها نموا بنسبة 2% رغم تعرضه لضغوط مديونية خارجية غير مستدامة (أقساط 2020 تقدر بعشرين مليار دولار) فلن ينجو بلد عربي من الانكماش الاقتصادي سنة 2020.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق