Jun 7, 2021
Jan 21, 2021 Feb 2,
فالكسادُ الكبير جلب التعصب القومي، والفاشيّة، والحرب العالمية الثانية، وإن كان قد أفضى أيضا إلى "الاتفاق الجديد"، أو ما يُعرف بصعود الولايات المتحدة كقوّة عالمية عُظمى، والتحرر من قوى الاستعمار. في حين أدّت هجمات 11 سبتمبر إلى اثنين من التدخلات الأميركية الفاشلة، بصعود إيران وأشكال جديدة من الراديكالية الإسلامويّة. أمّا الأزمة المالية عام 2008 فقد استفزت الشعبويّة المعادية لتقاليد المؤسسة التي أبدلت وجوه الزعماء حول العالم
فرانسيس فوكوياما: نتوقع بعض العنف في الولايات المتحدة قبل أن نسترجع رجاحة العقل.
الغرب الليبرالي يحتل القمة النهائية للبشرية من حيث فهمه للتاريخ، وأنها لن تنهار تماما وإنما ستتعرض للتآكل فقط. ورغم انشغال هذا المفكر، الذي يعتبره كثيرون بأنه رجل النبوءات غير المكتملة،
لأنظمة الحكم في العالم،
1989 واستخدم فيه عبارة “نهاية التاريخ” كعنوان، وإن كان كسؤال، ثم في كتابه عام 1992 “نهاية التاريخ والرجل الأخير”، جادل الباحث والفيلسوف السياسي بجامعة ستانفورد الأميركية أنه مع انهيار الشيوعية كان الطريق واضحًا من أجل الانتشار العالمي للديمقراطية الليبرالية والرأسمالية على النمط الغربي.
الجنس البشري ربما يكون قد وصل نوعًا ما إلى نقطة النهاية في تطوره الاجتماعي والسياسي، لكن الأمور لم تسر بهذه البساطة، وقد أمضى فوكوياما العقود الثلاثة الماضية في التعامل مع المنتقدين وتطوير آرائه بشكل أكبر.
الديمقراطية فقط هي القادرة على تلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية للاعتراف الفردي وأنه لا توجد بدائل أفضل من حيث يبدو أن العالم يتطور نحوها.
توقع فوكوياما في مقال عام 2014 ثم في كتاب “الهوية: مطلب الكرامة وسياسة الاستياء” الصادر في 2018، قوة سياسات الهوية المدفوعة بالاستياء في تقويض الديمقراطية.
ويعتقد المفكر الأميركي أن أحد الأشياء التي حدثت على الطرف اليميني أكثر مما حدث على الطرف اليساري هو الانتقال من الاستقطاب والانقسامات السياسية القائمة على قضايا السياسة إلى تلك القائمة على الهوية، بمعنى أن القضية الأساسية هي الولاء لرؤية معينة لما يجب أن تبدو عليه الأمة وما يجب أن تكون عليه قيم الأشخاص الذين يديرونها، بدلاً من تناول قضايا الإجهاض أو الأسلحة أو معدلات الضرائب أو أي من الأشياء التي كانت تعمل على زيادة الانقسام بين الجمهوريين والديمقراطيين.
ففي التقليد القديم، كان هذا الولاء القبلي مرتبطًا بالهوية المسيحية، أما الأنواع الجديدة من الولاءات فتستند فقط إلى نظريات المؤامرة المجنونة بأعمال شغب على منصة بارلر
وفي ضوء ما حصل في الولايات المتحدة، فإن لدى فوكوياما قناعة بأن ذلك يمكن أن يحدث في دول أخرى. وعلى سبيل المثال، يفكر المواطنون في الشرق الأوسط دائمًا في أن شخصًا ما يسحب الأوتار وراء الكواليس، وهو يمثل الواقع بالنسبة إليهم، ولكن الدرجة التي ترسخت فيها هذه المعتقدات جديدة بالفعل.
لا يبدو أن ترامب حالة فريدة في التاريخ الأميركي، فربما كان يحصل مع أي رئيس آخر، وثمة أمثلة كثيرة على مثل هذه الوضع كمجتمع جون بيرش والكثير من المجانين في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، لكن رجل النبوءات غير المكتملة يعتقد أن أنواع المؤسسات كانت قادرة على السيطرة على الخطاب إلى حد أكبر بكثير.
“تويتر كان يعرف حقًا كيفية إطعام هذا الوحش بانتظام، وبمجرد أن يتم تجويعه فيمكن إضعافه”
الاستقطاب
يتبنى فوكوياما فكرة أن الطبقة الوسطى محرك مهم في أي نظام حكم، فقد ساعدت تلك الفئة العديد من الأنظمة في الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية، لكنه مع ذلك اعتبر في آخر مؤلفاته أن الديمقراطية لن تدوم إذا كان المواطنون لا يعتقدون أنهم جزء من نفس النظام السياسي.
الناس يريدون امتلاك سلطة سياسية
موجة الشعبوية التي ظهرت بوضوح في العالم سنة 2016 ستضعف مع مرور الوقت من خلال تشكيل وعي جماعي جديد
رأسمالية المحسوبية، إذ ما أن يقرب من 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد يأتي على شكل دعم من الاتحاد الأوروبي، وهو أمر مشين نوعًا بحسب فوكوياما، والذي يرى أنه كنظام اقتصادي لن ينجح لأنها طريقة فاسدة.
النظام العالمي
مستقبلنا البشري: عواقب ثورة التقنية الحيويّة”، و”الولايات المتحدة على مفترق الطرق: ما بعد المحافظين الجدد”، و”النظام السياسي والاضمحلال السياسي”.
المؤلف الأميركي باري غوين صاحبة كتاب “حتمية المأساة: هنري كيسنجر وعالمه”، والباحث جون أيكنبيري، وهما على طرفي نقيض من الطيف الأيديولوجي، إن العالم قد يحتاج إلى خفض توقعاته بشأن الأممية الليبرالية وجعلها أكثر واقعية، وهي طريقة أخرى للقول بأنك لن تغير الصين وروسيا كثيرا، على سبيل المثال، كما كان الكثيرون يعتقدون.
يعتقد فوكوياما أن الصين قد تتغير، لكن إذا حدث ذلك، فلن يكون بسبب أي شيء خارجي، ولكن سيأتي تغييرها من تناقضاتها الداخلية، والواقعية تملي أن القوة الأقوى في النظام ستضع الكثير من القواعد. وهذا هو بالضبط ما فعلته الولايات المتحدة عندما كانت القوة المهيمنة ولا يوجد أي سبب على الإطلاق للاعتقاد بأن الصينيين لن يفعلوا ذلك، فهم يتسللون إلى كل منظمة دولية ويزرعون أُناسا لهم هناك
من المثير للاهتمام أن الصينيين يفعلون ذلك من خلال النظام الدولي الحالي، وليس من خلال استبداله. فهم ليسوا مجازفين مثلما هو الحال مع الروس. لكن النتيجة النهائية، بحسب ما يراه فوكوياما، هي أنهم سيكونون قادرين على ثني الكثير من هذه المؤسسات وفقاً لرغباتهم الخاصة، وهذا بالطبع ما لا تريده الولايات المتحدة.
قد تؤثر تلك الأشكال من التنافر في تعامل الحكومات مع الأزمة من أفول لسياسات السوق الحرة وأيضا اندثار مظاهر عديدة من النيوليبرالية بحكم الحاجة إلى الحكومة والتنظيم الحكومي المتماسك في التصدي لأزمات مقبلة، إلى جانب ما أظهرته الأزمة من زيف القيادات الشعبوية وأفضلية الحكم الرشيد وحكم المؤسسات على حكم الرئيس المعادي لتقاليد الحكم الديمقراطي.
*
الترمبية والانقسام الأميركي
فوكوياما والتاريخ الذي لن ينتهي هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق