السبت، 24 أغسطس 2019

اجتهادات ليبرالية تضر بالتنوير وتعبد الطريق للتكفير

أن تكون حداثيا ليس معناه أن تشن معارك تمس بثوابت الدين
الاتجـــاه الليبرالي
آراء بيـــن الحيـــن والآخـــر قـــد تمـــس
بالثوابت الإسلامية، يقتنصها سلفيون
وينســـبونها لرموز التنوير ككل بغرض
تعطيـــل عربـــة المشـــروع التنويـــري
التـــي بـــدأت مؤخـــرا تحـــرز تقدما في
مسيرتها
يفتعـــل البعـــض معارك، عـــن قصد
أو جهـــل، تـــدور حـــول قضايـــا لا تعبر
عن مشـــروع فكـــري متماســـك ولا تخدم
أحدا ســـوى التيـــار المتربـــص بالتيار
التنويري الجاد، الذي ينقب الســـلفيون
والأصوليـــون عـــن وســـيلة لتشـــويهه
وتلويث ســـمعته وإظهار مقاصد ورؤى
رمـــوزه بصـــورة غيـــر الصـــورة التـــي
أرادوها
انفضاض قطاع عريض من الجمهور
مـــن حـــول المشـــروع التنويـــري الذي
يبحـــث له عن صيغة حضـــور وتواصل
مع الملايين ممن مورســـت عليهم عملية
تجهيـــل ممنهجـــة علـــى مدى ســـنوات
طويلة هـــدف التيار التراثـــي، ولن يجد

طريقـــة أفضـــل مـــن وصـــم التنويريين
بالطعن في ثوابت الدين، والتركيز على
الآراء الفرديـــة التـــي لا يتبناها مثقفون
حقيقيون، مـــع الحرص علـــى تعميمها
على التيـــار الليبرالي والقائمين بأدوار
تنويرية ملحوظة ومؤثرة.

لم يكن الإصـــلاح الديني الذي صنع
النهضة الأوروبية مؤسســـا على رفض
الثوابـــت الدينية أو الطعن فيها بقدر ما
كان نقدا للتراث وإعـــادة لقراءته برؤى
عقلانيـــة،
وهو ذاتـــه ما يحـــرص عليه
الجادون في العالم العربي والإســـلامي
حاليا.
يؤمـــن التنويريـــون العـــرب بـــأن
الإصـــلاح الديني مشـــروع لخدمة الدين
عبـــر تجديـــده ونفـــي كل مـــا ألصق به
مـــن إكراهـــات وتصـــورات لا إنســـانية
فـــي مختلـــف الملفـــات، وهو مشـــروع
للمســـتقبل الذي يرتبـــط بالماضي، لكن
فاعليتـــه تتحقق عندمـــا يحتل الماضي
مكانه الطبيعـــي من التاريخ دون التنكر
له.
ويصبح الوعي بالتاريخ مسهما في
بناء نظرة للمســـتقبل قائمة على العقل
والمنطـــق، مـــا يـــؤدي إلـــى التحرر من
أثقـــال الماضي
 

يحـــاول هـــذا التيـــار البنـــاء علـــى
جهـــود مـــن ســـبقوا، مثل محمـــد عبده
وعبدالرحمـــن الكواكبي وجمـــال الدين
الأفغاني وغيرهم، بهـــدف التوفيق بين
الإســـلام وقيـــم الحداثة فـــي الحضارة
الغربية، عبـــر التأكيد على مرونة الدين
الإســـلامي الذي يمتلـــك ثوابت عقائدية
يصعـــب المســـاس بها، ويحتـــوي على
آراء فقهية بشـــرية تتغير بتغير المكان
والزمان

تصب جهود التنويريين المخلصين
عادة في خلق تيار وســـط بين منهجين
متشـــددين، يعبر كلاهما عن وجهة نظر
أحاديـــة ضيقة الأفق، أحدهما الأصولية
الســـلفية التـــي تجنـــح للتقليـــد وتقدم
آراء الفقهـــاء على العقـــل، والآخر منهج
الفوضوييـــن الذيـــن يســـعون لفـــرض
رؤيتهـــم للحيـــاة والديـــن دون شـــعور
بمسؤولية والتزام تجاه المجتمع
ويصوغ مثقفون تصـــورات حداثية
مســـتمدة أيضا مـــن قيم الإســـلام التي
تدعـــو إلـــى التعددية الدينيـــة والحرية
الفرديـــة والتعايش الإنســـاني والتنوع
الحضـــاري وحفظ العهـــود والمواثيق
والنفـــس،
وصيانـــة الدمـــاء والتحلـــي
بالفضائل الإنســـانية مـــن رحمة وعدل
وتسامح وأمانة وصدق.
نزع الصورة المشوهة العدائية التي
صدرتها الجماعات الأصولية المتطرفة
للعالـــم، والتأصيـــل فـــي ذات الوقـــت
لوجود الإســـلام في الحضارة العالمية
الحديثـــة كديـــن حضارة ورقي ســـبيله
البناء لا الهدم وعمارة الأرض لا خرابها،
يفتـــح المجـــال للتعامـــل مـــع الحداثة
كمشـــروع كونـــي وليـــس حالـــة خاصة
بالغرب.
عـــلاوة على أن الحفـــاظ على ثوابت
الديـــن واحتـــرام قدســـية معتقداتـــه
وعباداته وطقوسه يدعم مسار المشروع
التنويري كمشـــروع للأمة،
ومن شـــأنه
إذا اعتنـــق الجمهـــور المســـلم أدبياته
أن يصبـــح المنهـــج الـــذي تدافـــع عنه
وتســـانده الغالبية، وهـــذا لا يتحقق إذا
تواصل التخبط والعشـــوائية واللجوء
إلى تلفيقات وأطروحات صادمة تتسبب
فـــي النفور مـــن أي مشـــروع إصلاحي


+++++++++++++++++++++
مفهوم الحرية لدينا مشوه تماما
فهو في نظر الغالبية يعني فسخ
الأخلاق وفسخ اللباس وفسخ القيم
وفسخ الروابط الاجتماعية والدينية!
كل شيء يفهمونه تفسخا وهذا
المفهوم أطلقه تجار الدين لأنه يهدد
قداستهم باستعباد الجهلة بينما
الحرية تعني حرية الفكر والاختيار
ما دام صاحبه مسالما




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق