الاثنين، 30 أغسطس 2021

هولندا / سبينوزا / نجيب محفوظ/ فرج فودة

Sep 8, 2019

تم تحديد المسافة التي لا يجوز بعدها الاقتراب من المغضوب عليه؛ والأكثر والأدهى من ذلك هو منع هؤلاء المتدينين من قراءة كتاباته؛ وهنا يظهر إلى أي مدى - في تصورنا - كان ضعف الإيمان في نفوس هؤلاء الذين يزعمون التدين؛ فلو كان الإيمان - كما نعتقد - قويا متغلغلا في القلوب ما خاف رجال الدين على أتباعهم من أيٍّ من أنواع القراءة.

نترك هولندا و سبينوزا والقرن السابع عشر في أوروبا ونصل إلى تسعينات القرن الماضي لنشهد نفس الجريمة التي وقعت لسبينوزا في القاهرة لأديب العربية الأول العالمي نجيب محفوظ حينما تم الاعتداء عليه في عنقه حيث نجح المتطرفون الإرهابيون هنا هذه المرة في الوصول إلى رقبة الأديب

 رواية آيات شيطانية لسلمان رشدي

*

كان محفوظ تلميذاً وفياً لبلزاك ولستاندال ومورياك، لكنه وطن الشكل الروائي الغربي في القاهرة. إن عبقريته تظهر بوضوح في إعادة اختراع الأمكنة وجعلها كائناً حياً عالمياً، ويكفي هنا الإشارة إلى «خان الخليلي». كتب محفوظ عن المهمشين من الفتوات في الحواري في «الحرافيش»، وعن المجرمين الصغار والغانيات. وضفر السياسة بذكاء في «اللص والكلاب»، وكتب عن المثقف والموظف البسيط والعامل والعاطل والفلاح والشخصية التاريخية. إن خطورة محفوظ كمفكر وفيلسوف في رواياته هو ما دفع بالمتطرفين إلى محاولة اغتياله لأنه أصبح ذهنية قوية تهدد ذهنية التحريم والتكفير التي يدينون بها.

يوسف إدريس في اتهامه الشهير لمحفوظ بأنه حصل على «نوبل» نظراً لميوله السياسية وموقفه المؤيد للسلام مع إسرائيل، وأن الرواية هي فن المدينة، لكن نجيب محفوظ حوّلها إلى فن الحارة من خلال أعمال «بلزاكية» تقليدية تفتقر إلى العمق والحداثة، وكذلك الكاتب المغربي محمد شكري في كتابه «غوايات الشحرور الأبيض»، حيث اتهم محفوظ بـ«الأسلوب المتلاعب»، و«النقص في التجربة العميقة»، فضلاً عن انتقاص الناقد د. لويس عوض الذي لم يَرَ في روايات محفوظ سوى أنها وصف آخر لمصر، على غرار كتاب «وصف مصر» الذي وضعه فنانون وباحثون فرنسيون رافقوا حملة بونابرت على مصر.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق