التاجر الذكى القدرة على قراءة الزبون وفهمه واختيار التوقيت المناسب لتقديم السلعة له وفرض السعر الذى يريده مقابل الحصول عليها.
دولاً ليس بينها وبين إسرائيل حدود مشتركة لإبرام اتفاقيات سلام وتطبيع علاقات معها؟. المسألة ليست مسألة شعوب أو حدود، بل تقع فى خانة الحسابات السياسية لصناع القرار داخل بعض الدول العربية. فكلهم يعلم أن الطريق إلى قلب «ترامب» هو إسرائيل
رغبات متوحشة
تاريخ اليسار المصرى على سبيل المثال، فستجد أن أغلب المؤسسين والمتبنين لأفكاره قبل ثورة يوليو 1952 كانوا من أبناء الباشوات والأعيان. من رحم الطبقة المخملية خرجت أصوات شابة تدعو إلى حق العامل فى الحياة وحمايته من تغول صاحب رأس المال، وتنادى بحق الفقراء فى الحياة، وتنظم قوافل محو الأمية للعمال فى المصانع والفلاحين فى المزارع، وتخطط لبناء مجتمع أكثر إيماناً بالعدالة الاجتماعية.
أغلب الأصوات اليسارية الشابة فى الثلاثينات والأربعينات كانت من أولاد الأغنياء العائدين من بعثات تعليمية فى أوروبا، تثقّفوا خلالها بالأفكار الاشتراكية. البعض كان يتعجب من سلوكهم ويتساءل: كيف يترك هؤلاء ما يمكن أن يوفّره لهم المال من متع ورفاهية يحن إليها كل الشباب ويغرقون فى شعارات العدالة الاجتماعية؟.
الإجابة عن السؤال بسيطة: إنها الثقافة والتعليم الحقيقى. فالثقافة حين تتمكن من العقل، والتعليم الحقيقى حين يعيد صياغة إنسانية صاحبه، يدفعان إلى سلوكيات أرقى. لا يصبح معها المال المصدر الوحيد للإحساس بالذات أو الوجاهة أو القيمة، بل تتقدم عليه عوامل التعليم والثقافة.
الوضع يختلف عندما يصبح المال المصدر الأول والأخير للوجاهة الاجتماعية، خصوصاً إذا وقع فى جيوب الجهلة وأنصاف المتعلمين. فمع غياب الثقافة والتعليم -بمعناهما الحقيقى- يصبح السقوط الأخلاقى أمراً طبيعياً. فالملل الناتج عن الإفراط فى إشباع الغرائز التقليدية يدفع صاحب المال إلى البحث فى دوائر اللامألوف واللامعروف وغير الشائع فيشذ عن كل القواعد التى ارتضاها المجتمع. لحظتها تصبح السلوكيات العجيبة والجديدة -على مستوى السقوط الأخلاقى- وسيلة لإثبات الذات والقيمة. ومنذ زمن بعيد كان هناك اتفاق فى أوروبا على أن السبب الأول لظهور الرغبات الشاذة المتوحشة يتمثل فى الملل من توافر سبل إشباع الرغبات الطبيعية.
علينا أن نعترف بأن المال هز ميزان الأخلاق داخل المجتمع المصرى. فوفرته غير المبرّرة وسهولة الوصول إليه من جانب البعض، وشحه وصعوبة مناله لدى كثيرين، أدت إلى اختلال المنظومة الأخلاقية للمصريين. والكارثة أن طريق المال السهل مفروش بالورود للأقل ثقافة وتعليماً، أما طريق المال الصعب الشحيح فمفروش بالأشواك، يسير عليها من يحاربون من أجل الحياة ببضاعة كاسدة تتمثل فى الفكر والعلم، ويلاقون كل العنت فى الحصول عليه، بسبب تراجع الطلب الرسمى والشعبى على الثقافة والعلم.
بإمكانك أن تقارن بين خرائط مستقبل أوائل الثانوية هذا العام ونظرائهم من أولاد المجتمع المخملى الفيرمونتى لتعرف صورة الحاضر ومسارات القادم.
قست قلوبهم
نحن بحاجة إلى إحلال عبارة «الحق أحق أن يتبع» مكان المثل المقيت الذى يقول «أنا عبد المأمور». والحق هنا هو القانون والعرف والتقاليد والأخلاقيات التى تضغ أساساً للحقوق والواجبات، فكل له حقوق، وكل عليه واجبات، والقانون هو أعدل حكم بين الجميع. هذا التوجه يمكن أن يقلل بنسبة لا بأس بها من الضغوط التى أثقلت كاهل الناس، لترق أخلاقهم، وتصبح بعيدة عن القسوة والغلظة.
مسلسل الصياد 2014
«طبقة» تتنفس تحت الماء
برنامج «الإصلاح الاقتصادى». أفراد من هذه الطبقة أعادوا جدولة مصروفاتهم، فهذبوا عمليات الشراء والاستهلاك، وأعادوا ترتيب أولويات الإنفاق، بحيث يتوجه الدخل بشكل أساسى إلى الاحتياجات الضرورية.
أفراد آخرون من الطبقة لجأوا إلى فكرة النزول معيشياً درجة أو اثنتين أو أكثر -حسب الظروف- فلجأوا فى بنود مثل التعليم والصحة والترفيه إلى درجات أدنى على السلم. على سبيل المثال بدلاً من مدرسة مصروفاتها كذا تم نقل الأبناء إلى مدارس أقل تكلفة، وبدلاً من دفع مبلغ كذا فى العلاج، أصبح العدو لا يتوقف نحو الاستفادة من الخصم الذى يمنحه التأمين الصحى فى سعر الأدوية وهكذا.
بعض أفراد الطبقة انزلقوا إلى الطبقة الأدنى (الفقيرة)، خصوصاً هؤلاء الذين توقفت المشروعات التى يعملون بها، أو البيزنس الذى يشكل مصدر الدخل بالنسبة لهم، جراء ارتفاع فواتير التكلفة الإنتاجية وحالة الركود التى ضربت بعض الأسواق. وقد تضاعفت محنة هؤلاء بسبب تداعيات جائحة كورونا، وما أدت إليه من «وقف حال» فى العديد من القطاعات.
الشريحة العليا من هذه الطبقة -وهى الشريحة المحدودة التى تشغل قمة الهرم- استفادت نسبياً من العمل ضمن تحالفات مشروعاتية انتعشت خلال الفترة الماضية.
الطبقة الوسطى باتت بحاجة إلى «إسعاف عاجل» قبل أن تهتز أوضاعها أكثر من ذلك. ولا يخفى عليك مردود هذا الاهتزاز على مجمل المشهد الاقتصادى العام فى مصر، بما لذلك من تداعيات وآثار. تضعضع حال هذه الطبقة يمنح مؤشراً عن حال الاقتصاد، فهو ينبئ عن حجم الاستثمار والتشغيل والفرص المتاحة داخل سوق العمل، وفى الوقت نفسه تعد هذه الطبقة مصدر دخل بالنسبة للطبقات الفقيرة، من العمال والحرفيين، ومتوسطى التعليم وغيرهم. وليس هناك خلاف على أن تراجع مستويات الدخل والإنفاق لديها ينعكس سلباً على مدخولات الطبقة الفقيرة، ناهيك عن حالة الركود فى الأسواق والتى تنتج عن عجز «الوسطيين» -الطبقة الأكثر استهلاكاً- عن الشراء بسبب قلة الحيلة.
التحريك الاقتصادى للطبقة الوسطى -التى باتت تتنفس تحت الماء- هو تحريك للمجتمع ككل. وإذا كانت الحكومة قد اتخذت من الإجراءات ما يكفى لتفعيل برنامجها فى الإصلاح الاقتصادى، وبيع السلع والخدمات بسعرها العالمى، استناداً إلى مفهوم «تحرير الاقتصاد»، فعليها الآن أن تتحرك على مستويين، الأول: وضع برنامج لإصلاح الأجور، فلا يصح أن نتعامل فى الأسعار بالمنطق العالمى، وفى الأجور بالمنطق المحلى. الثانى الاتجاه بأقصى سرعة ممكنة نحو تحريك عجلة الاستثمار، والتخفيف من الضغوط على المشروعات الاستثمارية، بما يتيح فرصاً أكبر للعمل والتشغيل والكسب بصورة تؤدى إلى الخروج من دائرة وقف الحال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق