الجمعة، 3 ديسمبر 2021

الدين وما بعد الحداثة ****** مسفر بن علي القحطاني

Oct 13, 2020

أين الخلل في المشهد الثقافي؟ مسفر بن علي القحطاني **********

فالحداثة كانت مرحلة انفصل فيها الغرب عن الأسطورة الدينية من خلال تقدم العلم، وظهرت الدولة القومية الحديثة بشرعيتها المنبثقة من الشعب بدلا من حق الملك الإلهي، وأصبح للعقل والذات الإنسانية مركزيتهما في الحياة، ثم تطورت هذه الحداثة لتضع أشكالا جديدة لتنظيم المجتمع، فأنتجت العلمانية والرأسمالية الحرة والليبرالية والعقلانية والعلموية وغيرها من تشكلات ظهرت مع تلك المرحلة من الانفصال عن الماضي الأوروبي، ولكن هذه المرحلة الحداثية التي تسيّد من خلالها الغرب وتمركز في الأرض، قد عرّضته للكثير من النقد والتشكيك، بعضهم أرجعها لبدايات القرن التاسع عشر، بيد أن النقمة الحقيقية للحداثة حصلت مع أحداث الحرب العالمية الثانية والمحارق الدموية التي انتجتها معامل العلم والتكنولوجيا، وانتقدت كذلك الديمقراطية التي جلبت النازية والفاشية، بالإضافة الى جرائم الاستعمار ضد الإنسانية وإفساد البيئة، ما كوّن رأيا نقديا تحوّل إلى ظاهرة عالمية جديدة باسم «مابعد الحداثة» فيها شبه تخلي عن مشروع التنوير الأوروبي، وظهرت أفكارها النقدية برفض وجود أي حقيقة أو قيم مطلقة، فلا توجد أي سردية كبرى تزعم التفوق أو اليقين، وما هو موجود مجرد «روايات» عارضة أو مشروطة وليست حقائق مطلقة، ولم يسلم العقل والإنسان والدولة من نقد فلاسفة ومفكري مابعد الحداثة (نيتشه وهايدجر وفوكو ودريدا)، وأجزم أن الكثير من أجيال مابعد الحداثة لا يعرفون أيًا من هؤلاء الفلاسفة ولم يقرأوا لهم، ولكن حجم الجماهير المتأثر بها مذهل للغاية، كما أن الدولة القومية المابعد حداثية لم تكن سائلة كما هو حال ثرثرة العدميين في الكثير من المسلّمات؛ بل أصبحت أكثر سلطة وقوة في فرض سياساتها في كل التفاصيل حتى داخل غرف النوم، وأكثر ما يغري جمهور مابعد الحداثة استمتاعه بآليات الحياة القائمة على (اللذة) والاستهلاك والسينما والترفيه والموضة والتقنيات الاجتماعية، هذه الملامح الموجزة لمابعد الحداثة لم يتولّد الاقتناع بها بسبب نجاعة أفكارها وتصوراتها؛ وإنما حصل هذا الانسياق الجمعي لها بسبب قربها من متع الفرد، وتحررها من الالتزامات التي تؤثر على حرية الناس في الاختيار.

ضعف المؤسسات الدينية الرسمية، فالحداثة التي جلبت معها علمانية همّشت دور الدين في الحياة العامة خلال القرنين الماضيين، لكنها لم تقضِ على الدين الفردي؛ بل كما قال غابريل دالي أنها حققت :» الهدف الكانطي للدين ضمن حدود العقل» فاستبعدت سلطة رجال الدين والتقاليد المطلقة للتدين وأبدلت ذلك بإيمان شخصي وعقل متسيّد لا يقبل الخرافات، أما مابعد الحداثة فهمّشت كليا دور المؤسسة الدينية حتى في مجالها الضيق داخل المجتمعات العلمانية، وهو ما يحصل حاليا من ضمور قوة المؤسسات الدينية المركزية في عالمنا الإسلامي؛ فرغم دورها السياسي المحترم ضمن الدولة؛ إلا أنها لم تعد ذات أثر في توجيه العامة إلا في إعلان دخول رمضان أو العيد.

أما الأثر الثاني لما بعد الحداثة؛ فيكمن في تراجع التدين التقليدي مقابل ظهور صور جديدة من التعبيرات الدينية الخاصة، كما في تعبير ريشارد روبرت:» أنها تطورات دينية جديدة تفجّرت مثل الفطريات على فروع وجذوع أشجار التقاليد التي هوت»، فالخيارات التي تظهر أمام المستهلك في (السوبر ماركت) أو أمامه في قائمة الطعام في (ماكدونالدز) هي ذات الطريقة في تحديد خياراته التدينية التي يتعبد بها الفرد المابعد حداثي، حسب ذائقته الروحية أو موضة متابعينه في تويتر والفيسبوك، دون الحاجة إلى إشادة فقيه أو عالم دين أو العودة إلى تقاليد المؤسسة الدينية، وفي استطلاع رأي حول الديانات الجديدة في فرنسا عام 2007م؛ عبّر 7% أن الكاثوليكية هي الدين الحقيقي الوحيد، بينما كانت النسبة 50% في عام 1952م، فأصبح المعتقد الراسخ والمطلق مجرد تجربة سائلة ومتغيرة حسب معطيات الفرد واحتياجاته الروحية، وأثناء ما كنت أكتب هذا المقال أطلعت على تغريدة متداولة في مواقع التواصل الاجتماعي لامرأة سعودية تحمل شهادة الدكتوراه وتتسأل:» هل أي أحد غير مسلم يعتبر كافر؟» ثم قالت في تغريدة أخرى: أن الناس عبدوا الله قبل المذاهب وقبل صحيحي البخاري ومسلم وغيرها من كتب السنن. لتأتي الكثير من التعليقات؛ مؤيدةً حق الاختيار من هذه الأديان؛ حسب ما يراه الفرد، وهذا التوجه لا أقطع أنه منتشر في أوساطنا الثقافية المحلية، ولكنه بدأ يظهر بقوة؛ رغم أن فتاوى وبيانات المؤسسة الدينية ترفضه وتحرمه قطعا؛ بناءً على النصوص الواضحة مثل قوله تعالى:» إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ» (آل عمران، 19)، هذا التوجه التديني الذي بدأ يظهر ويُعبّر عنه بقوة في الأوساط الثقافية، جاء انعكاسا طبيعيا لموجة مابعد الحداثة وموضاتها المنتشرة بالعالم.

ثالثا: هل الإسلام ضد الاندماج والتعايش والسلام كما يروجه بعض مفكري مابعد الحداثة؟ أظن أن هذا السؤال أصبح من أكثر الموضوعات إثارة خلال الفترة الراهنة، فالمسلمون خصوصا في أوروبا يتعرضون دائما للتشكيك في أن دينهم حاجز عن الاندماج، ولم تعد فكرة العلمانية مقنعة في إبقاء المسلمين يعيشون في دائرة اختياراتهم الدينية؛ بل أصبح خطاب السياسيين (ماكرون على سبيل المثال) يفرض عليهم خيارات حادة؛ إما الاندماج السائل أو المواجهة الصلبة،

 وهذه اللغة بدأت تظهر في اطروحات عدد من المسلمين (أركون والشرفي وأبو زيد وعجمي وغيرهم)، في اعتبار أن النموذج المسلم الرافض للاندماج هو الصورة الأصولية والمتطرفة للمسلمين، هذه الرؤية الأوربية بدأت بالانتشار أيضا في الهند والصين وأوروبا الشرقية، وأصبحت المؤسسات الإعلامية تروج لهذا النظرة الاقصائية للمسلمين باعتبار أن التزامات المسلمين الدينية ضد المواطنة والتعايش، ومن ثمّ تزايدت في الأونة الأخيرة المواقف العدائية ضد المسلمين باسم (الإسلاموفوبيا)، لهذا جددت منظمة التعاون الإسلامي ومقرها جدة؛ دعوة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية إلى إعلان 15 مارس يوماً دولياً للتضامن ضد الإسلاموفوبيا، ويبقى الإشكال المحلي أن هذا النموذج الذي تدعو له أوروبا وغيرها ويصادم أحيانا ابجديات وأصول الامتثال الديني للمسلم؛ أنه النموذج الذي تروّج له بعض قنواتنا الفضائية بوعي أو بلا وعي.

رابعا: هل هناك مظاهر لدين مابعد حداثي في مجتمعنا المحلي؟ المجتمع السعودي حسب ثقافته الدينية والنظام الأساسي للحكم لا يقبل ولن يتنازل رسميا لهذه الموضات العابرة للقارات، ولكن المتأمل في أدوات هذه الموجة المابعد حداثية يجدها بعيدة عن الجدليات الفكرية والعقدية؛ وغالبا ما تسيل بنعومة وصمت عبر احتياجاتنا (الرغبوية) و (المتعوية)، التي تناسب طبيعة الفرد (المعولم) المنعزل في دائرته الواقعية، والمنفتح جدا في دائرته الافتراضية على كل ظواهر العالم، والسعودي كغيره لن يكون في منأى عن تلك التحولات حتى في الجانب الأعمق من هوية البعض، وتوقعي أن الفترة القادمة ستحظى بقبول نسبي لهذه الموضات، ربما لأنها أكثر الأدوات المؤثرة في إزاحة بقايا تيار الصحوة عن الساحة الاجتماعية من خلال مظاهر عامة تدل على صورة مختلفة عما كان عليه المجتمع، كما اعتقد أن بعض منابر الخطاب السلفي الذي كان محاربا للعلمانية دون فهم؛ سينتقل إلى الطرف الأخر مدافعا عن العلمانية بلا فهم أيضا، على اعتبار أن هذا التوجه يحقق لهم بقاء ورضا في دوائر التأثير، مع توجه رسمي في معالجة كل الثغرات التشريعية والقضائية بأنظمة ولوائح تجعل من الدولة هي المشرع الوحيد في كل مجالات الحياة المتعددة.

وأخيرا. أرى أن موضة مابعد الحداثة قد تم نقدها كثيرا ومن فلاسفة مابعد الحداثة أيضا، وهي كما قال إرنست غيلنر:» أن النسبية تقود إلى بحث غير متقن، ونثر مرسل مروّع، وكثير من الغموض المدّعى، وعلى أية حال تشكل ظاهرة سريعة الزوال ومصيرها النسيان عند وصول موضة أخرى» والجيل الذي يراها مناسبة لرغباته الحياتية نحو العبثية والتمرد، ومن خلالها يشبع ضميره الداخلي بروحانية منتقاة، هو جيل أيضا سريع التقلب والتمرد في اختياراته، والخوف أن تكون تجربته الأخرى هي نحو التطرف والاختيارات الأكثر حدية في الدين أو الإلحاد، لأن مابعد الحداثة جعلت الاختيار للدين يخرج من دائرة الاعتقاد الرصين والحجج والبراهين نحو اختيار الفرد حسب ميوله وأهوائه، وهنا ستخرج لنا موضات دينية لا نحسب لها أي حساب، يعبّر عن ذلك ستيفن نولن:» إن الناس يريدون علاقة خاصة مع الرب، ولكنهم يريدون أيضا ربّاً أسهل وأسرع وغير معترض وقابل للتجهيز في المايكرويف» !

*

من نحن؟ سؤال يجب ألا نتأخر في البحث عن جواب له

عن معضلة زحام الهويات في عصرنا الحاضر

 الهوية الوطنية للشخصية العربية - على سبيل المثال - فإن أزماته الراهنة المتراكمة منذ عقود تتعمق في البحث عن وظيفة ومسكن ومشفى؛ ثم لا يجد ذلك إلا بصعوبة فائقة، بالإضافة إلى انعدام العدالة الاجتماعية وعدم المساواة في توزيع الثروة والفرص بين أبناء هويته الوطنية؛ مما يؤدي بهذا المواطن إلى مزيدٍ من الإحباط واليأس، فأي مواطنة يمكن أن يفخر بها ويعتز بالانتماء لها واحتياجاته الطبيعية ناقصة أو منعدمة، وكرامته في إهانة وإذلال مستمر، وأصبحت أعظم أحلام الشباب العربي هي في الهجرة أو اللجوء خارج الحدود، وفي إحصائية للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن عدد اللاجئين حتى 2021 بلغ 82.4 مليون شخص جلهم من دول عربية، هذه الحالة أدت مع الوقت إلى ذوبان الهويات الوطنية في الهويات القومية الصغيرة والطائفيات الضيقة، وهذا النزوع نحو هويات القبيلة والحزب وميليشيات الحرب؛ قد أدى إلى انقسام العراق والسودان والصومال وسوريا ولبنان وليبيا واليمن، وهو فشل كبير ومتفجر؛ يعود في أصله إلى فشل تلك الدول في ترسيخ هذه الهوية وحمايتها من الغرق في مستنقع الهويات المفخخة، ولا ننسى أيضاً أن حال الهويات القومية والدينية ليس حالاً يبعث بالفأل؛ بل هو غارق في وحل التمزق والشتات. ومن هنا ندرك حقاً أن أزمة فشل بناء الهويات الصلبة ليس أزمة عابرة؛ بل هو المهدد الوجودي لكل مجتمعاتنا العربية الراهنة.

صامويل هنتغتون عام 2004 في كتابه المثير الذي يحمل عنوانه هذا السؤال: «من نحن؟» ليجادل عن الهوية القومية الأميركية، ويشدد أن الأثر البروتستانتي هو العامل الأقوى في الهوية، وهو من يحدد القيم الأميركية الكبرى، وليست القوميات المختلطة وأعراف المهاجرين، وفي الضفة الأخرى من الأطلسي لا يختلف الحال عنه في الاتحاد الأوروبي، فحسب إيريك هوبزباوم المؤرخ البريطاني المعروف؛ يؤكد أنه ليست هناك هوية أوروبية موحدة، وبتعبيره «ليس سوى رد فعل عابر على حروب القرن العشرين الكبرى»، والهوية التي يمكن أن تجمع الأوروبيين اليوم، هو وجودهم في نادٍ جغرافي مسيحي، وهذا بالطبع لم يعدّ رابطاً وجدانياً يوحد الأوروبيين؛ بل الملاحظ هو الغوص أكثر بحثاً عن هويات قومية وثقافية تزيد من تمايزهم في أطياف أوسع، هذا التأزم الهوياتي لم تنج منه اليوم أهم الدول الكبرى كالصين والهند وروسيا، والمفاجئ أن تلك الدول قد اختطت هوياتها بشكل عنيف وملزم، مما جعل الإبقاء عليها هو الطريق المعبّد نحو التلاشي والفناء، فتطلب الأمر تدخلاً جراحياً في بناء هويات جديدة تحقق قدراً من القوة أكثر من القبول، ومن السيطرة أكثر من الاندماج، ولو كان على حساب الأقليات المتعددة فيها، ففي روسيا هناك أزمة هوية كبرى في وجود 70 في المائة من السكان متحدرين من أوروبا، و70 في المائة من مساحتها في آسيا، في ظل اختلال داخلي كبير تقوده نخب ليبرالية وتشوهات رأسمالية؛ كانت نتيجة ذلك التزاحم؛ البحث عن هوية جديدة بملامح قومية قيصرية أرثوذكسية أقرب إلى القرون الوسطى، هذا المعطى بحدّ ذاته قد يفجّر صراعا هوياتياً كبيراً في هذا الجزء من العالم، في داخله ومع جيرانه.

 مسألة الهوية اليوم ليست مجالاً للتأجيل أو اللامبالاة؛ بل إن اللعب غير المدروس في هندستها هو لعب بالنار.

فالشعوب الخليجية تشعر بهويتها الوطنية بوضوح، والاعتزاز بها ظاهر في صور من التعبير التلقائي وغير المتكلف، وهذه الفضيلة الواقعية أسهمت فيها عوامل عدة؛ من أهمها الاستقرار الأمني والعيش الكريم وقدر كبير من الاحترام والتوافق بين السلطة والشعب، كما أن الهوية العربية والإسلامية لم تتذبذب كثيراً في نفوس الأفراد، ولكن هناك مؤشرات مقلقة تدعو تلك المجتمعات الخليجية لليقظة والتحوط من مآلاتها على هوياتهم الصلبة، وهي تلك الهويات السائلة والعابرة نحو مجتمعاتهم، أقصد أن الخليجيين بدأوا يشعرون بأن الهوية الإسلامية السنية الغالبة بينهم تهددها أقلية شيعية ذات ميول إيرانية واستقطاب آيديولوجي شديد، وهي أقلية حزبية لا تمثل مجموع الطائفة الشيعية ذات الولاء الوطني لمجتمعها الخليجي، ومع هذا لا ينبغي التساهل بهذه الجيوب التي قد تسمم المناخ الوطني كما حصل في اليمن ولبنان وسوريا، كما أن تهوين الهوية الدينية بتمرير العقائد السائلة والعابرة لا يخدم حاجة المجتمع لهوية راسخة هي امتداده الروحي والقيمي، ولا ينبغي المراهنة على إضعاف هذا الرسوخ الذي بات احتياجاً عالمياً وإنسانياً، ومن المغالطة العقلية إنكاره.
كشف علي حقيقته الكاتب 
سيولة الهويات الاستهلاكية والجندرية من موضات وعادات أجنبية متقلبة وممسوخة من ثقافات مختلفة جداً عن الطبيعة الخليجية قد أثر بشكل كبير في أنماط الانتماء للهوية العربية والدينية، فالمجتمعات الخليجية لم تعد تحفل باستعمال اللغة العربية في تعليمها واقتصادها، وباتت اللغات الأجنبية المختلطة لغات ثالثة ورابعة للتفاهم داخل الدول الخليجية، كما أن حجم العمالة الأجنبية حسب بيانات رسمية في 2018 تقدّر بـ17 مليون عامل، أكثر من ثلثي هؤلاء العمال بنسبة 69.3 في المائة هم عمالة أجنبية وافدة.

مسألة الهوية لم تعد موضة ثقافية باردة، أو ظاهرة جدلية تتمحور في أطروحات المفكرين؛ بل أعتقد أنها جوهر المستقبل الذي نسعى لنعيشه في أوطاننا بعيداً عن الفوضى والفتن، ومن المغامرة أن يُحصر هذا الموضوع المركب من عناصر مؤثرة (الدين واللغة والقومية والقبيلة والأرض...) في لجنة اقتصادية أو خبراء أجانب لتقديمه للمسؤولين في ملفات فاخرة وعروض أنيقة، فاختزال قضايا الهوية بتمييعها وتفريق دمها بين اللجان، أشبه بتعاطي مخدّر يصيب صاحبه في مقتل وهو في قمة الانتشاء.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق