الثلاثاء، 29 يونيو 2021

ماكرون والإسلام الفرنسي ***

 الأقلية الإيغورية المسلمة في إقليم شينجيانغ،

كيف يجرؤ أحدهم من بلاد بعيدة على انتقاد رؤية رئيس أكبر اقتصاد في العالم بشأن (صيننة) الإسلام لمجموعة من سكان البلاد؟! هذا حقنا، وليس لأحد أن يتدخل في شؤوننا الداخلية». كانت عبارة «صيننة الإسلام» جديدة على مسامع الحضور،

 الضوابط لسلوك الأقليات التي تعيش فيها، بما يتوافق مع القيم العامة في الدولة، وأيضاً لمنع أي توجهات انفصالية قد تثور أو تندلع بما يضر أمن البلاد ووحدتها الإقليمية.

سماه «الإسلام الفرنسي»، أو «إسلام الأنوار» المتحرر من التدخلات الخارجية، والمتوافق مع العلمانية الفرنسية، والمنفتح على الغير، والقابل للتعايش مع بقية مكونات المجتمع الفرنسي.

لماذا يفتح ماكرون ملف الإسلام السياسي الآن؟

هاشم صالح 

بالهجمة الشرسة والظالمة التي تشنها بعض وسائل الإعلام العربية على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ومعظمها صادر عن جهة محددة تماماً: هي جهة الدوحة - إسطنبول وجماعات الإسلام السياسي أو المسيس. فما هي الجريمة التي ارتكبها ماكرون؟ لقد قال بأن الإسلام مأزوم عالمياً وليس فقط فرنسياً. ولكن جميع المثقفين العرب يقولون ذلك ومنذ زمن طويل. وبما أن ماكرون كان تلميذاً أو معاوناً للفيلسوف الكبير بول ريكور؛ فإنه يسمح لنفسه بالتدخل في الشؤون الدينية والميتافيزيقية. وهذا شرف له. فرئيس مثقف أفضل من رئيس جاهل بشؤون الثقافة والفكر. جميع مثقفي الأرض يعرفون أن الإسلام مأزوم، وأنه في حاجة إلى إصلاح داخلي تنويري. بل وصل الأمر بالمفكر التونسي الراحل عبد الوهاب المؤدب إلى حد القول بأن الإسلام «مريض» بالمعنى الحرفي للكلمة. وكلمة مريض أخطر بكثير من كلمة مأزوم.
وقد تحاشاها الرئيس ماكرون وكان ينبغي أن يشكروه على ذلك بدلاً من أن يصبّوا جام غضبهم عليه. وعبد الوهاب المؤدب لمن لا يعرفه كان سليل عائلة تونسية عريقة علماً وأدباً وديناً. فوالده كان أحد شيوخ الزيتونة العريقة وكذلك جده. وبالتالي فلا أحد يستطيع أن يزايد عليه إسلامياً. لقد ألّف كتاباً كاملاً بعنوان: مرض الإسلام. ولكنه مريض بماذا؟ إنه مريض بالأصولية الظلامية التكفيرية والدموية التي ارتكبت التفجيرات العشوائية في شتى أنحاء العالم: من نيويورك إلى بالي إلى بومباي، إلى لندن إلى باريس ونيس، إلى مدريد وبرشلونة، إلى شرم الشيخ إلى بغداد والحلة... الخ، والقائمة طويلة. وهذه أشياء يراها حتى الأعمى وقد سمع بها القاصي والداني. ولكن يبدو أن هؤلاء القوم لم يسمعوا بها حتى الآن. لم يسمعوا بــبن لادن، ولا بذلك المجرم الخطير أبو مصعب الزرقاوي الذي أدمى العراق كله، ولا بالخليفة البغدادي الذي لا يقل عنه وحشية، ولا بجماعات «داعش» و«النصرة» و«القاعدة» و«بوكو حرام» وعشرات التنظيمات الظلامية الأخرى. ولكن من يصدق أنهم لم يسمعوا بها؟ في الواقع أنهم في أعماق قلبهم معها وإن كانوا لا يتجرأون على التصريح بذلك علناً. بل أحياناً يلومونها بشكل خفيف من رؤوس الشفاه لإبعاد شبهة الإرهاب عن أنفسهم. ثم لكي يثبتوا أنهم مثقفون حداثيون أو على الأقل عصريون محترمون أو يستحقون الاحترام... كنت قد تحدثت عن هذه القضايا بشكل مفصل ومطول في كتابي الأخير: لماذا يشتعل العالم العربي؟ منشورات دار المدى. بغداد. العراق. ولا أعرف لماذا لم يُعملوا بي سكاكينهم حتى الآن؟ لحسن الحظ أنهم لم يطلعوا عليه بعد. وأخشى ما أخشاه أن يقرأوه!

يقول عبد الوهاب المؤدب في كتابه التالي ما فحواه: الإسلام ليس في وضع صحي جيد. أحواله ليست على ما يرام. هذا أقل ما يمكن أن يقال. في الواقع إنه مريض بحركات التزمت والتطرف. وكنت قد حاولت تشخيص هذا المرض ووصف العلاج المناسب له من خلال كتبي الأربعة السابقة. وهذا الكتاب الجديد يواصل المهمة ذاتها ولا يحيد عنها. وأبتدئ القول بأن هذا المرض الخطير، هذا المرض العضال، مختصر كله بكلمة واحدة: استخدام العنف باسم الله والإسلام. المقصود خلع المشروعية الإلهية والدينية على العنف الأعمى الممارس بشكل عشوائي ووحشي إجرامي من قِبل حركات التطرف والظلام. ونضيف من عندنا قائلين بأن هذا العنف حصد حتى الآن عشرات الآلاف أو حتى مئات الآلاف من المدنيين العزّل الأبرياء في شتى أنحاء العالم. وعلى الرغم من كل ذلك، فلا يجوز لك أن تقول بأن الإسلام مأزوم! ما هذا الهراء؟ على أي كوكب يعيش هؤلاء القوم؟ وهل يعتقدون بأن العالم بشرقه وغربه، بشماله وجنوبه سوف يسكت عليهم؟ ألا يعلمون بأنك لم تعد تستطيع الجهر بأنك مسلم في أي مكان في العالم حالياً خوفاً من نظرات الاحتقار والازدراء؟ ألا يعلمون بأنك لا تستطيع أن تظهر هويتك العربية أو الإسلامية ليس فقط في باريس ولندن ونيويورك وواشنطن وبرلين وروما وأمستردام... الخ، وإنما أيضاً في الصين أو الهند أو اليابان؟ فيما يخص تشخيص أمراضنا انظر كتاب عبد الوهاب المؤدب الأخير: رهان على الحضارة. ففيه وضع العرب والمسلمين أمام خيارين لا ثالث لهما: فإما الحضارة وإما البربرية الهمجية، إما إسلام الأنوار وإما إسلام الظلام. نقطة على السطر. أضيف بأن عبد الوهاب المؤدب كان معتزاً جداً بالتراث العربي الإسلامي العريق الذي ولد في أحضانه. كان متعلقاً جداً بابن عربي وابن رشد وابن المقفع وعشرات غيرهم مثلما كان متعلقاً بدانتي وفولتير وروسو ومونتسكيو... الخ، وكان يعتبر نفسه نتاج كلا التنويرين الكبيرين: أي التنوير العربي والتنوير الفرنسي في آن معاً.

ولكن قبل المؤدب بسبعين سنة على الأقل كان المفكر الباكستاني الشهير محمد إقبال قد تحدث عن الموضوع نفسه. هو الآخر مسلم عريق: من يشك في إسلامه؟ أليس هو الأب الروحي للباكستان؟ لقد تحدث عن هذه القضايا في كتابه الكبير: تجديد الفكر الديني في الإسلام. ونلاحظ أنه يستخدم عبارات أقسى بكثير من عبارات الرئيس الفرنسي. فهو يقول صراحة بأن الإسلام تجمد وتحجر وتكلس وتحنط بعد الدخول في عصر الانحطاط وإغلاق باب الاجتهاد. فلماذا لا يحاكمونه إذن بدلاً من محاكمة الرئيس ماكرون؟ لماذا لا يصبّون عليه جام غضبهم ولعناتهم واتهاماتهم.

 أنا أعتقد أن الإسلام أكبر من الإخوان المسلمين بألف مرة. الإسلام تراث ديني وأخلاقي وروحاني عظيم. الإسلام هو أحد الأديان الكبرى للبشرية. الإسلام يقدم الطمأنينة والسكينة لمليار ونصف المليار شخص. الإسلام يحتوي على كنوز من المعارف والحكم ومكارم الأخلاق. الإسلام قدّم للعالم ابن رشد وابن خلدون وسواهما من العباقرة. وهذا ما يقوله إيمانويل ماكرون أيضاً. فهو يعرف قيمة دين عالمي كبير كالإسلام بخاصة في عصره الذهبي. لكنه بعد عصر الانحطاط والجمود الطويل أصبح في حاجة إلى إصلاح وتجديد بغية التوصل إلى إسلام الأنوار المتصالح مع الحضارة الحديثة. وبالتالي، فالمشكلة ليست في الإسلام ككل، وإنما فقط في الجماعات الراديكالية المتطرفة التي أشعلت العالم والتي هي معادية ليس فقط للحداثة الفرنسية وإنما أيضاً للحداثة العربية الإسلامية ذاتها. وعلى أي حال، فالإسلام بحر متلاطم الأمواج من المذاهب والتيارات والشخصيات المبدعة. عباقرة العرب والإسلام أضاءوا الدنيا يوماً ما بعلومهم واختراعاتهم وابتكاراتهم وفلسفاتهم... كانوا قدوة ليس فقط لأوروبا وإنما للعالم كله في فترة من الفترات. كانوا منارات حضارية مشعة. وكان الأوروبيون يتسابقون على ترجمة علمائنا وفلاسفتنا ويبنون على ذلك نهضتهم المقبلة. وكانوا يفتخرون بأنهم يعرفون ابن سينا وابن رشد والفارابي مثلما نفتخر نحن الآن بأننا نعرف ديكارت أو كانط أو هيغل. وكانت اللغة العربية لغة العولمة والفلسفة والإبداع تماماً كالإنجليزية حالياً. ثم إن الإسلام جاء رحمة للعالمين لا نقمة عليهم كما يتوهم هؤلاء القوم من إخوان وقواعد ودواعش وقرضاويين وإردوغانيين... الخ. على أي حال، فالعالم العربي، بل الإسلامي كله منقسم حالياً إلى قسمين كبيرين متصارعين: قسم منفتح على العالم - وقسم متقوقع على الذات، قسم متسامح - وقسم تكفيري، قسم تنويري - وقسم ظلامي. القسم الأول تجسد في وثيقتين مهمتين: الأولى هي وثيقة مكة المكرمة التي صدرت في 30 مايو (أيار) من عام 2019 على هامش المؤتمر الدولي الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي، ووقّعت عليها 1200 شخصية إسلامية من 139 دولة ومن مختلف المذاهب والطوائف الإسلامية. وقد نصت الوثيقة على تأصيل قيم التعايش بين الأديان والثقافات والأعراق والمذاهب. واعترفت بمشروعية التنوع والاختلاف في الدين والمعتقد والمذهب، وقالت إن هذا سنّة كونية. وأما الوثيقة الأخرى، أي «وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك»، فقد صدرت في 4 فبراير (شباط) من عام 2019 في أبوظبي عاصمة الإمارات العربية المتحدة. ووقّع عليها كل من شيخ الأزهر وبابا روما تحت إشراف السلطات الإماراتية بطبيعة الحال. وقد دعت إلى نشر ثقافة التسامح والتعايش والسلام بين مختلف الأديان والشعوب دون أي تمييز طائفي أو عنصري. هذا التوجه العام المستنير هو الذي ينبغي أن يسود العالم العربي. ولا نملك إلا أن نكون معجبين بهذه الثورة الفكرية والدينية التي تدشنها حالياً المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

أما التوجه الآخر المضاد، أي توجه الإخوان المسلمين وتفرعاتهم، فهو الذي ينبغي تحاشيه لأنه يشكل خطراً على العرب والمسلمين قبل غيرهم. لماذا؟ لأنه يشوه سمعتهم في شتى أنحاء العالم، ثم لأنه يكفّر الآخرين ولا يعترف بمشروعية أتباع الأديان والمذاهب الأخرى. بل يدعو إلى استئصالهم وإبادتهم على الطريقة الداعشية. ولذلك؛ أقول بأن خط الدوحة – إسطنبول «أي خط الانغلاق والتعصب الإخواني» مسدود لأنه يمشي ضد حركة التاريخ. وحده خط مكة المكرمة وأبوظبي الذي بلور للبشرية نص الوثيقتين المذكورتين، يفتح للعرب والمسلمين كلهم ثغرة في جدار التاريخ المسدود. وحده هذا الخط الجديد المستنير يمثل بصيص نور. إنه أمل المستقبل. علاوة على كل ذلك فهو وحده الذي يمثل الجوهر الحقيقي للإسلام والقرآن الكريم:

« يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا..

*

 «الديانة اليهودية تعيش في أزمة» لأن عدداً من متطرفي اليهود ارتكبوا أعمالاً إجرامية ضد السكان الفلسطينيين العزّل؟ أو لأنَّ فئة متطرفة في يهود فرنسا أصرَّت على تعزيز خطاب ديني متطرف يتنافى مع القيم العلمانية الفرنسية؟ أو لأن اليهود الأرثوذكس تصر نساؤهم ورجالهم على ارتداء ملابس دينية وتصر على طريقة محددة متشددة في ذبح حيواناتها وتحرص على مدارسها اليهودية؟
 الديانة المسيحية تعيش أزمة هي الأخرى لأن اليمين الديني المسيحي المتشدد في الدول الغربية يتنامى نفوذه، وتتعاظم قوته، وجل طروحاته تقوم إما على أفكار دينية إقصائية متطرفة وإما على نزعة عِرقية عنصرية تكره كل الألوان إلا «الأبيض»؟ وهل بمقدور فخامة الرئيس ماكرون أن يقول بأن الديانة الهندوسية أيضاً تعيش أزمة لأن المتطرفين الهندوس يكثفون اعتداءاتهم الوحشية ضد أتباع الأقلية البوذية أو الأقلية المسلمة في الهند؟ وقلْ الشيء ذاته عن الديانات البوذية والزردشتية وبقية الملل والنِّحل وكل الأديان السماوية والأرضية.

 ماكرون لا يستطيع وصف هذه الديانات بأنها تعيش أزمات، لأن من الحيف والظلم والجور أن يعمِّم حكم المتطرفين على هذه الديانات والمذاهب البريئة، وهذا حق ومنطقي، فلماذا الإسلام وحده الذي يعيش أزمة، والأزمة الحقيقية هي في المسلمين المتطرفين والإرهابيين والمتشددين؟ والمتطرفون والمتشددون والإرهابيون موجودون في كل الأديان والمذاهب والأعراق والأجناس والألوان، هذه حقيقة دامغة أقر بها كل عقلاء العالم من الساسة والعلماء والمفكرين والمثقفين والمنظرين، فلماذا إذاً تعزيز «الإسلام فوبيا» واستفزاز أتباع أكبر ديانة في أوروبا بعد الديانة المسيحية؟ هذا ما أغضب الأزهر «المعتدل المتسامح»، وجعله يرفض تصريحات ماكرون التي تنسف، برأيه، «كل الجهود المشتركة للقضاء على العنصرية والتنمر ضد الأديان».
نحن نتفق مع من يرى أن هناك شريحة في الأقليات المسلمة في الدول الغربية تعاني من إشكالات مثل الاندماج المنضبط في المجتمعات الغربية،

*

مشروع ماكرون ضد الانعزاليين.. مثقفو فرنسا: المسلمون كبش فداء لفشل الرئيس والمشروع مناقض للقيم العلمانية


 الدولة الفرنسية العلمانية لا تتدخل في المؤسسات البروتستانتية والكاثوليكية، ولا تتدخل في شؤون الاتحادات اليهودية، لكن ماكرون يعمل على زيادة الضغط على الجمعيات الإسلامية، وعدم السماح للمسلمين هنا برعاية شؤونهم والتعبير عن أنفسهم.

*
في الوقت الذي نسعى فيه مع حكماء الغرب لتعزيز قيم المواطنة والتعايش، تصدرُ تصريحات غير مسؤولة، تتخذ من الهجوم على الإسلام غطاءً لتحقيق مكاسب سياسية واهية، هذا السلوك اللاحضاري ضد الأديان يؤسِّس لثقافة الكراهية والعنصرية ويولِّد الإرهاب.

الدين السماوي واحد فقط لكن الرسالات والشرائع التي نزلت على الانبياء والرسل هي المتعددة


* Oct 6, 2020

صفعة على وجه الرئيس الفرنسي ماكرون.. المهاجم يهتف: تسقط الماكرونية

"الديمقراطية تم استهدافها من خلال الاعتداء على رئيس الدولة"

تتعلق الديمقراطية بالنقاش والحوار ومواجهة الأفكار والتعبير عن الخلافات بطريقة مشروعة بالطبع، لكنها لا يمكن أن تكون بأي حال من الأحوال عنفًا واعتداءً لفظيًا أو جسديًا".

دانت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن بشدة على تويتر "الاعتداء الذي استهدف رئيس الجمهورية".

حركة الاحتجاج السترات الصفراء" التي كثيرا ما اصطدمت بعناصر مكافحة الشغب في عام 2019.

* Jun 8, 2021

 «المفكرون الجدد في الإسلام» لرشيد بن زين.
والآن نطرح هذا السؤال: هل حقاً مالك شبل هو مخترع مصطلح: «إسلام الأنوار»؟

 بالدكتور محمد الشرفي وزير التعليم والتنوير في عهد بن علي الذي نشر كتاباً بعنوان: «الإسلام والحرية»، وآخر بعنوان: «معركتي من أجل الأنوار». ومن أبرز ممثلي هذا التيار: العفيف الأخضر وعبد الوهاب المؤدب ونصر حامد أبو زيد والمازري حداد وعبد المجيد الشرفي وخالد المنتصر ورجاء بن سلامة وريتا فرج... وعشرات آخرون من المثقفات والمثقفين العرب. ولا ننسى بالطبع أستاذ الأساتذة مدشن التنوير الإسلامي الأكبر في هذا العصر: البروفسور محمد أركون. والواقع أنه يصعب تحديد من هو أول مخترع لهذا المصطلح. ولكن هل هذا مهم؟ المهم أن تنتشر الأفكار الجديدة وتصبح شائعة على كل شفة ولسان. هناك حاجة ماسة للتنوير بعد أن اكتسحت الموجة الظلامية الشارع العربي؛ بل وصلت إلى المثقفين أو بالأحرى: أشباه المثقفين.

في الواقع أن التنوير ابتدأ منذ عصر النهضة في القرن التاسع عشر واستمر حتى منتصف القرن العشرين. وهو ما دعاه ألبيرت حوراني «العصر الليبرالي العربي». ولكن مفكريه الكبار اتهموا بالهرطقة والزندقة من قبل الإخوان المسلمين ومن شاكلهم. انظروا إلى هجوم هؤلاء على طه حسين وعلي عبد الرازق وسواهما من رواد التنوير العربي الإسلامي. وقد وصل بهم الأمر إلى حد محاولة اغتيال الأستاذ عباس محمود العقاد

 أولها: تغليب المعرفة العقلانية على كل أنواع المعارف الأخرى، خصوصاً المعرفة الخرافية، الغيبية، الأسطورية المسيطرة على عامة الشعب بسبب الفقر والجهل والأمية. بمعنى آخر ينبغي تغليب العقل على النقل وليس العكس. وثانيها: إعادة تفسير التراث الإسلامي كله على ضوء العلم الحديث؛ لأن التفسير السائد حرفي تقليدي أكثر من اللزوم ولم يعد صالحاً لهذا العصر. فنحن لا نستطيع أن نعيش إلى الأبد على تفسيرات قديمة، متكلسة، متحنطة، عفا عليها الزمن. وللأسف الشديد فهي التي لا تزال تهيمن على برامج التعليم والفضائيات؛ بل حتى الجامعات. وثالثها: التخلي كلياً عن فكرة الجهاد؛ لأنها تدخلنا في صدام مباشر مع العالم كله. فتفجير الحافلات والمقاهي والشوارع والأسواق وترويع المدنيين العزل ليس بطولات ولا جهاداً مرضياً عند الله. وإنما هو إرهاب إجرامي مضاد لسماحة الدين الحنيف. وينبغي على علماء الأمة وكل المثقفين العرب والمسلمين أن يعلنوا إدانتهم الصريحة القاطعة لهذه التفجيرات ومرتكبيها. لا ينبغي بأي حال أن يحاولوا إيجاد التبريرات والتسويغات لها كما يفعل بعض المثقفين الشعبويين الغوغائيين الذين يركبون الموجة ويدغدغون العواطف والغرائز. ورابعها: ينبغي أن يتخلى شيوخ الإسلام عن إطلاق فتاوى التكفير ضد المثقفين العرب تمهيداً لاغتيالهم. لا يحق لأي شيخ كائناً من كان أن يفتي بقتل هذا المثقف أو ذاك كما حصل في الجزائر إبان العشرية السوداء، وكما حصل في سوريا ومصر والعراق... إلخ. فهذه الفتاوى العشوائية تؤدي إلى إثارة الفوضى والرعب إن لم يكن الفتنة والذعر في المجتمع. إذا لم يعجب المشايخ المبجلين كتاب ما فليعلنوا ذلك صراحة وليفندوه عن طريق حجج عقلانية لا عن طريق الفتاوى القاتلة والرصاص! ولكن من هو القاتل أكثر: الفتوى أم الرصاصة؟

التيار الفلسفي المتحرر من العقائد الدوغمائية المتحجرة والمتواصل منذ ابن رشد وحتى محمد إقبال، ثم التيار الصوفي الذي يجسد طريق الحب، والسلام، واستبطان الذات أو معرفة الذات عن طريق الاستبطان.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق