المصريين اخترقوا حاجز الخوف بينهم وبين الدولة، ولكن السيسي استعمل مستوى مذهلا من الوحشية لإعادة بناء ذلك الجدار".
السيسي "جمع بين الوحشية والهوس بالعظمة في نظرته إلى مصر المقلة في تحسين حياة الناس العاديين لكنها مفرطة في المشاريع الباهظة التي تبدو أنها فرصة للسيسي وحاشيته لنهب الخزينة العامة".
تقول إن مشاريع السيسي باهظة الثمن ومثيرة للجدل بيئيا، وغير ضرورية، في بلاد الكثير من فقرائها يفتقدون الماء النظيف والصرف الصحي، وحتى الطبقات الوسطى فيها تشتكي من رداءة الخدمات الصحية والتعليم.
الفنان المصري، عمرو واكد من جهته استذكر ما عاشه في 25 يناير، بتغريدة قال فيها: "من 10 سنين دخلت أنام في مثل هذه الليلة وأنا مرعوب. كنت مرعوب من رأيي. مرعوب اقول لا. مرعوب اقول انا مش مغفل. مرعوب اقول كفاية ظلم. وتاني يوم نزلت مظاهرات في شبرا والتحرير. بس وانا في وسط الناس حسيت احساس تاني خالص. احساس عكس الرعب تماما.. ودي كانت آخر ليلة انام وانا مرعوب من رأيي".
عيش .. وحياة كريمة
يقول الناشط المصري حسام الحملاوي إن "العيش" كان باستمرار ركناً أساسياً في العملية السياسية المصرية، مضيفاً أن "العيش هو ما فجر عدة انتفاضات خلال العقد الأخير، ولعلنا نذكر ماحدث في فبراير 2008 حين وقع نقص مريع في إمدادات القمح والدقيق للمخابز وكانت الناس تتقاتل في طوابير الخبز، فالعيش - والعدالة الاجتماعية بشكل عام - كان ركناً رئيسياً في الحراك السياسي الذي أدى في النهاية لتفجر ثورة يناير
"مصر اليوم تشهد ردة رهيبة في كافة المجالات وخصوصاً في الحريات"، مؤكداً أن هذا التراجع سببه هو أن "الثورات المضادة عندما تنتصر لا تعيد المجتمع إلى نقطة الصفر التي بدأت منها الثورة وحسب وإنما تنزل بالمجتمع إلى ما تحت الصفر، بالتالي فإن أي مطلب رفعته الثورة لو اختبرنا أين كان وكيف أصبح اليوم سنجد أنه في حالة تراجع هائل".
لكن رؤية الحملاوي تعارضها ما تنشره الدولة بشكل مستمر - على سبيل المثال - عن افتتاح آلاف المخابز وتوافر مخزون استراتيجي من القمح والسلع الأساسية، بل إن مصر في عام 2019 أمدت السودان بنحو 10 مخابز آلية كهدية، ما يشير إلى عدم وجود مشكلات في هذا القطاع.
الحرية
يقول حسام الحملاوي الناشط المصري إن "النخبة الحاكمة المصرية تعيش حالة انتقام غير محدود بسبب أنها في حالة ذعر بعد أن رأت لمدة 3 سنوات ركائز حكمها وثروتها ومصالحها وقد تهددت تماماً بل كان قطاع واسع منها على شفا المثول أمام المحاكم لينتهي به الحال في السجن. واليوم تعيش تلك الطبقة السياسية الحاكمة حالة بارانويا وذعر لا محدودين خوفاً من تكرار ما حدث في يناير 2011 ".
العصا الأمنية الغليظة للتصدي لهذا الإرهاب، كما كانت هناك ذريعة وفرها خطباء اعتصام رابعة العدوية والذين ربطوا بشكل غير واعي ما بين الإرهاب وأحداث سيناء وما بين خروجهم من السلطة".
العدالة الاجتماعية
يدور حديث على شبكات التواصل الاجتماعي وحتى بعض المقالات لخبراء اجتماع واقتصاد عن فجوة ضخمة بين الطبقات الاجتماعية في مصر، وأن الطبقة الوسطى تتآكل بفعل عدم العدالة في توزيع الثروة، وأن مجموعة صغيرة يتركز في يدها المال والثروة. لكن النظام المصري يقول إن البلاد تشهد نهضة شاملة في كافة المجالات، فيما لا تركز المعارضة إلا على الحقوق السياسية وأن هناك من يحاول فرض نموذج غربي معين من الحريات على المجتمع المصري.
"السيسي يتجه لمشروعات تسمى White Elephant Projects وهي مشروعات قومية ضخمة للغاية لها تأثير دعائي كبير قد تفيده هو ومجموعة من الجنرالات ورجال الأعمال المقربين، لكنها في الحقيقة مشروعات وهمية لا يصل أي أثر لها إلى المواطن".
الدولة المصرية بوظائفها القديمة تنحسر لصالح رؤية جديدة تماماً حيث جرى الاعتماد مؤخراً على اجتذاب رجال الأعمال للمشاركة في المشروعات الوطنية والقومية وبناء على ذلك أصبحوا هم أكبر المستفيدين من الفترة الحالية".
مسالة تحقيق العدالة الاجتماعية ليست فقط خاصة بتركز الثروة وإنما أيضاً في اتاحة فرص تولي الوظائف العامة ودخول كليات الشرطة والكليات العسكرية والقطاع القضائي، "ولا أرى أن الكثير قد تحقق في هذا الأمر"، مضيفاً أن "هناك حركة متسارعة لبناء مدن جديدة وبناء إسكان شعبي ومحاولة للقضاء على العشوائيات وهذا أمر محمود ويقلل من مسالة انتقاد بناء مدن جديدة وذكية وتشغيل قطارات فائقة السرعة، ونتنمى أن يحدث هذا في كافة المجالات حتى يشعر الناس أن هذه المشاريع لهم وليست لطبقة جديدة مستهدفة منها".
هذا الانتقام وهذا السحق لكل ما يمثل 25 يناير سيستمر إلى فترة ليست بالقصيرة على الرغم من أنه ومنذ عام 2015 كان الحكم قد استقر للسيسي ومن معه وانتصرت الثورة المضادة تماماً"، مضيفاً أن "السيسي لديه قناعة حقيقية بأن أدنى قدر من الحريات قد يتسبب في وقوع ثورة تطيح به وبنظامه وهذه الرؤية وهذا الذعر المستمر هو سبب حالة الانغلاق والانسداد السياسي التام في مصر".
أما الكاتب الصحفي مجدي شندي فيعتقد أن "الدولة مجبرة على التعامل مع التحديات القائمة ومحاولة رفع مستوى معيشة الناس ومحاولة إتاحة هامش من الحرية يتيح لهم التنفس والتعبير عن مكنوناتهم ومشاكلهم واحتياجاتهم وأيضاً هناك ضرورة لإحداث نوع من العدالة الاجتماعية".
الضمير الشعبي العام سيضل محافظاً على هذه مطالب الثورة الثلاثة حتى تتحقق وأنه من آن لآخر يضغط على النظام عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتحقيق بعض المطالب "لكن ما تغير هو أن الناس لم يعودوا على استعداد للخروج للشوارع والدخول في دوامة أخرى من الفوضى، خصوصاً وأن أغلب نماذج الربيع العربي للأسف الشديد فشلت في الوصول إلى مراميها ولم ينتج عنها إلا دول مفككة أو ضعيفة أو متحاربة وأن ما تدعو إليه بعض الجماعات والمنابرمن خارج مصر أصبح من المستحيل تحقيقه".
*
أين بات "الإخوان" في المشهد السياسي المصر؟
وبعد أن أطاح الجيش بقيادة عبد الفتاح السيسي بمرسي، في الثالث من تموز/يوليو، بدأت السلطات بشن حملة قمع واسعة ضد الإخوان، كما فضت قوات الأمن بالقوة اعتصامين لأنصار مرسي في القاهرة، في آب/أغسطس، ما أسفر عن مقتل 800 على الأقل من المتظاهرين، حسب مصادر مختلفة.
بعد ذلك أوقف عشرات الآلاف من أعضاء وأنصار الإخوان وصدرت أحكام بالإعدام على المئات منهم، بينهم مرسي، في محاكمات جماعية نددت بها الأمم المتحدة، قبل أن يتم إلغاء بعضها. وتوفي مرسي خلال إحدى جلسات المحاكمة في عام 2019.
يرى الباحث في شؤون الحركات الإسلامية كمال حبيب أن "علاقة النظام الحالي بالتنظيم أصبحت معركة وجودية، ولم تعد مجرد خلاف سياسي"، مضيفاً لوكالة فرانس برس أن "أمر المصالحة (بين النظام المصري وجماعة الإخوان المسلمين) ليس وارداً، على الأقل في الأمد المنظور".
أين رموز ثورة 25 يناير في مصر؟
وائل غنيم (40 عاماً)
مهندس حاسوب مصري، شغل منصب المدير الإقليمي لشركة غوغل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. يعد أحد أبرز مفجري الثورة من خلال تأسيس صفحة "كلنا خالد سعيد"، التي لعبت دوراً رئيسياً في تعبئة الشباب المصري للتظاهر ضد نظام مبارك. يقيم منذ عام 2014 في الولايات المتحدة. وبعد غياب طويل، عاد إلى الظهور عام 2019 من خلال فيديوهات مثيرة للجدل ظهر فيها حليق الرأس والوجه تماماً وبدا فيها يائساً بسبب الأوضاع في بلده.
محمد البلتاجي (58 عاماً)
طبيب مصري وعضو سابق في مجلس الشعب المصري وأحد قادة الإخوان البارزين. يصفه الإخوان بـ"القائد الميداني الأول" لثورة يناير، عبر مشاركته في المظاهرات. اعتقل بعد الإطاحة بمرسي، وصدرت بحقه عدة أحكام بينها الإعدام والمؤبد، ولايزال في السجن. إعداد: محيي الدين حسين
الاحتجاجات المطالبة برحيل السيسي: حراك عفوي أم منظم؟
مظاهرات في عدة محافظات مصرية بدت وكأنها نتاج حالة تململ وغضب تصاعد منذ بدأ المقاول والممثل المصري محمد علي في نشر مقاطع مصورة، تحدث فيها عن "فساد بالمليارات" في الدولة المصرية. فما خلفيات المشهد؟
النظام - وعلى لسان الرئيس نفسه - يحاول أن يوحي بأن المظاهرات يحركها الإخوان أو
جماعات إرهابية. إذا كان الأمر كذلك فلماذا يتم اعتقال شخصيات معروفة بخصومتها
الفكرية مع الإخوان مثل حسن نافعة وحازم حسني وخالد داود؟ الحقيقة: كل منصف
يعرف إن النظام يسحق الجميع ويزدري القانون بلا حدود.
أبرز التعديلات الدستورية في مصر ... ما لها وما عليها
السيسي في الحكم
توسع التعديلات المقترحة من سلطة الرئيس؛ إذ تسمح بتمديد فترة ولايته إلى 6 سنوات، بدلاً من أربع سنوات، والسماح له بالترشح بعدها لفترة جديدة مدتها 6 سنوات أخرى تنتهي في 2030. وتضمنت التعديلات أن يكون لرئيس الدولة الحق في تعيين نائب أو أكثر له.
أبرز التعديلات الدستورية في مصر ... ما لها وما عليها
تعزيز قبضة الجيش
زيدت المادة 200 الخاصة بالقوات المسلحة لتشمل مهامها - إضافة إلى حماية البلاد والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها - مهام "صون الدستور والديمقراطية و
نص خطاب السيسي في "عيد الشرطة".. 600 كلمة بينهم 50 عن "ثورة 25 يناير" في ذكراها العاشرة
مات الأساسية للدولة ومدنيتها ومكتسبات الشعب وحريات وحقوق الأفراد".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق