العلم الوضعي ضد اللاعقلانية
فظهر لنا أربابها أمثال: هتلر، الخمينى، حسن البنا.. جميعهم نماذج فريدة لمفكرين يمارسون الدجل السياسى باقتدار ما بعده اقتدار، إذ يحيطون أنفسهم بهالة فكرية مقدسة يصنعها لهم الدراويش والتابعون، يصفقون لهم وهم يروِّجون لأفكار خرافية باعتبارها لا تقبل الجدال العقلانى عبارة عن خليط من طموحات الشعوب وانكساراتها ومعتقداتها الدينية الملتبسة بالخرافات. جاء هتلر ونادى بألمانيا النازية العظمى بعد هزيمة الحرب العالمية الأولى وخَلَق أسطورة الجنس الآرى الذى أقام حضارة الإنسان وله حق الوصاية على العالم.
بينما اعتمد حسن البنا على المفهوم الخاطئ لفكرة الخلافة، واستغل ظرف انهيارها فى نهاية الدولة العثمانية، وأسس أول خلية منظمة للإسلام السياسى المعاصر «جماعة الإخوان المسلمين ».. وابتعث من بعده سيد قطب أفكارَ الفريضة الغائبة والحاكمية والجاهلية التى صنعت الإرهاب المعاصر.. وتمكنت «طالبان» من هذه التوليفة أن تصل للحكم فى أفغانستان.. أمّا الخمينى فجاء بالاثنى عشرية الشيعية الجعفرية، وروَّج منها فكرة الإمامية من جديد،
فحشد الملايين من الإيرانيين ليصنعوا له ثورة أطاحت بالشاه وأوصلته إلى الحكم كأنه نصف إله. فهكذا نجد أن خلطة «الخرافة السياسية» محبوكة بعناية ومجهزة وصالحة لحشد الجماهير الغفيرة - فى كل مكان وثقافة ودين - وراء فكرة لا تدور إلّا حول سُبل الوصول إلى السلطة ثم الانفراد بها بشكل ديكتاتورى لا يقبل المعارضة، وعليه نجد أن: لما كانت الخرافة أمرًا غير عقلانى لا يقبل التفكير فى منطقيته، فبطبيعة الحال تأتى الخرافة السياسية فى ذات الإطار لا تتقبله العقول النابهة، ليكون مصيرها التصفية بعد اتهامهم بالكفر أو الخيانة، لأن «الخرافة السياسية» حتى تنمو لابد أن تجد التربة مهيأة والمناخ جاهزا لصنعها وتوظيفها بعيدا عن ضجيج العقول الراجحة، وإلا تضمحل حتى تتلاشى، فلتُطورْ المجتمعات دورا كبيرا فى سحقها، وزوال مهنة الدجل السياسى مرتبط بتطور الفكر الإنسانى، فأوروبا بالقطع تخلصت من الدجل السياسى وخرافاته القائمة على إشكالياتها القديمة: العنصرية والعرقية والتضاد المذهبى الدينى.
بينما لايزال الشرق مكبلا بأزمته الأزلية وهى: خرافات الدين وربطها بالسياسة ونظام الحكم؛ والتى أفرزت بشكل تلقائى فى العصر الحالى دجالين سياسيين لهم لِحَى طويلة، ومن خلفهم التابعون حَمَلة المباخر المسمومة بجلاليبهم القصيرة، يشهرون فوهات بنادقهم صوب معارضيهم، ومن يحمل فى رأسه وعاء لا يقبل غير أفكارهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق