الثلاثاء، 9 مارس 2021

مخاطر المسار الأميركي الليبرالي الحالي

 أصيب اليسار في أميركا بإحباط شديد عندما انتقلت إدارة البلاد إلى فريق من المحافظين على رأسهم دونالد ترمب، المثير للكثير من الجدل، وانتقل هذا الإحباط إلى باقي اليسار في الغرب (أوربا، كندا، أستراليا، نيوزيلندا)، وتحول إلى شن هجوم كاسح قوي وتجنيد كل وسائل الإعلام الليبرالية لمهاجمة ترمب وما يدعو إليه، وتصويره عدواً للديموقراطية والنظام الأميركي.

عاش الليبراليون الغربيون في وهم أنهم حققوا نصراً شاملاً ونهائياً للنظام الليبرالي العالمي بسقوط الاتحاد السوفيتي، وكتب الأكاديمي الأميركي فرنسيس فوكو ياما كتابه (نهاية التاريخ) عام 1991، يبشر فيه بأن سقوط الاتحاد السوفيتي، والذي كان سقوطاً للأيدولوجية الشيوعية، يؤكد نهاية التاريخ كما هو عليه وبداية تاريخ آخر تكون فيه أيدولوجية الإنسان قد تطورت لتصبح النظام العالمي الديموقراطي الغربي. وتحولت وسائل الإعلام الأميركية والأوربية، خاصة الكبيرة منها، وكذلك الجامعات ومراكز الأبحاث، لتكون أدوات تسعى لبث هذه الفكرة الى مختلف أنحاء العالم بالوسائل الناعمة وبالقوة العسكرية أحياناً. حتى كانت المفاجأة لأولئك الذين كانوا يعيشون داخل فقاعة انتصار الليبرالية بانتخاب الناخبين الأميركيين رئيساً يمثل اتجاها مناوئاً ومناقضاً لليبرالية.

وتعيش أميركا الآن في ظل محاولات إعادة الليبرالية الى موقع خسره أنصارها خلال الأربع سنوات السابقة وبمواجهة رأي عام وناخبين انقسموا بشكل حاد. ونشاهد الليبراليين يسعون الى القضاء على كل فكر لا يقبل بما يملونه على المجتمع مستخدمين في ذلك الأدوات التي تتوفر لهم سياسياً وإعلامياً واقتصادياً. ويعرضون بذلك وحدة الدولة المنقسمة بشكل عام الى أزرق (الحزب الديموقراطي) وأحمر (الحزب الجمهوري) ويذكروننا بأن هذا الكيان أنشىء من أمة مبعثرة من ولايات يحكمها قطّاع الطرق ورعاة البقر ينتشر فيها القهر والتمييز العنصري وهضم الحقوق المدنية، ويمكن لها أن تتجه الى هذا المسار إن واصلوا هجومهم على خصومهم وعلى كل من لا يقبل بطروحاتهم الليبرالية المتطرفة بالشكل الذي يسلكونه هذه الأيام.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق