فالحروب التي يقررها أفراد قلائل يمثلون المصالح الكبرى لشركات أو لمصالح اقتصادية عابرة للقارات اليوم، لا تعبر عن بنية الإنسان الطبيعية بل هي تعبير عن مصالح ضيقة ومسيطرة تفرض على المجتمعات ما ليس من طبيعتها، لننظر اليوم على سبيل المثال إلى ما تفعله الشركات المصنعة للسلاح ولأدوات الحرب المدمرة، إلى شركات التبغ والنفط والمخدرات، انهم يفرضون أنماطاً قهرية يطبعون بها مجتمعات برمتها".
العالم الذي تقدمه شبكات عالمية، مثل هوليود ونتفليكس وأمازون وغيرها كثير، عالم يضج بالعنف والقتل وجرائم الاغتصاب والحروب وغزو الفضاء، معظمها أمور موجودة حقاً، لكنهم يكررون تضخيمها والتهويل منها، ليصار إلى جعل الفرد البشري يعيش فيما يشبه الفأر الخائف المترقب المتوتر دوماً، لأنه بهكذا حال يسهل قياده وتوظيفه وفرض القوانين عليه، أي جعله عبداً فرداً للنظام المتسيّد.
حتى من ابتعد منهم عن مفهوم الإيمان الديني يملؤون المعابد البوذية ومراكز التأمل والقبول بالدعوات السلمية والتسامح والمصالحات في المجتمعات المتنازعة، وما هذا إلا شكلاً من أشكال عودة الانسان إلى طبيعته الأصلية.
"هل الإنسان بطبعه ميال للخير أم للشر؟" فأنصار الرأي الآخر يملكون أيضا آلاف القصص والجرائم والمفاسد التي تدلل على مدى توحش العالم الذي نعيش فيه
الاتجاهات الأنثروبولوجية الحديثة، التي تؤكد أن العنف والإرهاب منتج حداثي، لم يكن في الماضي بهذا الحجم الكارثي الذي ينذر بالخراب في عالم اليوم
روسو نحن اخيار
يخلص الكاتب في خاتمة الكتاب إلى ما يشبه الوصايا العشر، ويسميها "عشر قواعد يجب أن نحيا بها":
- حين يساورك الشك افترض الأفضل
- فكر في سيناريوهات تحقق الفوز لجميع الأطراف
- اطرح المزيد من الأسئلة
- خفف من تقمصك العاطفي وتدرب على التعاطف
- 5-حاول فهم الطرف الآخر وإن لم تفهم دوافعه
- أحب أناسك مثلما يحب الآخرون أناسهم
- تجنب الأخبار
- لا تكلم النازيين
- أفصح عن نفسك لا تخجل من فعل الخير
- كن واقعياً
لا يتلاءم مع مصالح من يُديرون هذا العالم، أكانوا رجال دين أم سياسة
بشفافيّة الحقيقة المجرّدة التي تنقل لنا صورة واضحة عن واقعٍ عاشته وتعيشه البشريّة، قائمٍ على المصالح الشخصيّة، أكان للفرد أو للأمّة، بحيث يطغى خير مجتمع ما على ما عداه، ولو كان في ذلك تعدٍّ على الآخر وطعن في الأخلاق. وتصبح عندها الحقيقة الوحيدة المقبولة هي التي تضمن رخاء أمّة على حساب انهيار أمّة أخرى.
فالبشريّة، برأيه، بلا دين بمعناه المطلق المشتمل على القيم والأخلاق والمُثُل، والخاضع لحكم الضمير، تسير نحو الهلاك. لذا، نلمس في أسئلته تخوّفاً ممّا قد يؤول إليه مستقبل البشريّة إن نبذت الدين.
قام بتحديد أربعة مصادر أعطت الأخلاق مصداقيّتها: الدين والفلسفة والعادات والتقاليد والدساتير والقوانين الوضعيّة.
أهمّيّة الأخلاق التي اعتبرها إحدى القوى الأربع المحرّكة للمجتمعات
أمّا المحرّكات الثلاثة الأخرى للمجتمعات فحدّدها بالسياسة والاقتصاد وقوّة التكنولوجيا. والطريف في الأمر أنّه وضع السياسة في المرتبة الأولى. ولكنّ هذا الأمر لا يفاجئنا، فعالمنا محكوم بالدرجة الأولى بالسياسات القائمة التي تسيطر عليه وتتحكّم به، وتفتقر بشكل كبير للأخلاق. وقد يكون هذا النقص هو أساس معاناة البشريّة؛ فالسياسة تتحكّم بواقع البشريّة عبر العصور، وهي في زمننا تمسك بزمام الاقتصاد والتكنولوجيا، وتسيّرهما وفق مصالحها.
هل سيبزغ معنى جديد للإنسانيّة مع تطوُّر الآلة الذكيّة؛ معنى يعيد تعريف الوعي والمعرفة والإرادة والتجربة الإنسانيّة برمّتها؟" (ص 154). إنّه يؤكّد أنّ "المخاطر التي تصاحب الذكاء الصناعي عديدة ويمكن أن تصبح كارثيّة على الجنس البشري وتسبِّب فناءه، وذلك ما لم توضع ضوابط أخلاقيّة صارمة تحكم تقدّمه المتسارع"
تأثير الأديان ينحسر كلّما ازداد البشر تقدُّماً (ص 156). لذا، فهو يدعو الشيوخ والقساوسة والكهنة إلى فهم طبيعة العصر والتصدّي لتحدّياته والتواصل مع الفاعلين فيه، فلعله يحدث "توافق بين مادّة الإنسان وروحه أو بين علمه ودينه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق