الجمعة، 3 ديسمبر 2021

الحكومات العربية واختراع عجلة التنمية ***************

Oct 19, 2020 Aug 30, 2021

 فحتى ستينيات القرن الماضي كان يتركز المفهوم على الجوانب الاقتصادية، حيث تقاس التنمية بمؤشرين رئيسيين هما دخل الفرد، ومعدل النمو الاقتصادي. ووفقا لهذا الاتجاه فالتنمية تعني دخلا قوميا مرتفعا يتوازى مع مجتمع متخصص يعمل فيه الناس لإنتاج سلع وخدمات يحتاجها أناس آخرون، وليس لمواجهة احتياجاتهم الخاصة المباشرة

 المفهوم التنموي العديد من المشكلات، فعلى سبيل المثال تزايدت حدة عدم المساواة بين الأقاليم والفئات داخل الدولة الواحدة، تمزق المؤسسات الاجتماعية والسياسية التقليدية، وزيادة معدلات الجريمة، وترسيخ التبعية بكافة أشكالها، علاوة على بروز المشاكل البيئية.

بنهاية الستينيات تطور مفهوم التنمية بصورة تدريجية، بدأت من الاعتراف بقصور الاعتماد على الموارد الطبيعية فقط كرافعة للعملية التنموية، وبروز أهمية الموارد البشرية، لا سيما الحالة التعليمية والصحية والثقافية في تحقيق حالة الشحن التنموي المستهدف، بما يعني المزيد من التركيز على الجوانب غير الاقتصادية لعملية التنمية كأهداف في حد ذاتها وليس فقط كمحفز للنمو الاقتصادي.

كما تزايد الاهتمام بمواجهة التفاوت في التوزيع وعدم المساواة بين الفئات والأقاليم، وأصبح راسخا التأثير المتبادل بين التنمية الاجتماعية والسياسية والبيئية من ناحية والتنمية الاقتصادية من ناحية أخرى.

وبحلول منتصف السبعينيات كان قد ترسخ مفهوم التنمية البشرية، أو التنمية المتمركزة على الإنسان، والتي تعبر عن التنمية باعتبارها حالة رفاهية بشرية أكثر من كونها حالة نمو اقتصادي، وخلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات ترسخ مفهوم التنمية المتكاملة والذي يركز علي العلاقات المتبادلة بين العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والبيئية في البناء التنموي، وانتشرت تبعا لذلك مصطلحات التنمية البشرية والتنمية المستدامة. 

*

التضحية بالتنمية


 الإهمال طالت البُنى التحتية، ليس العراقية فقط، ولكن السورية واليمنية واللبنانية، وأيضاً الإيرانية! وتقريباً الأسباب واحدة. وجدت تلك الأنظمة الشمولية أن المعادلة المطلوبة منها للناس ليس حكمكم من أجل التنمية، بل حكمكم من أجل «المجد والفخار والتمجيد»، والطريق إلى ذلك تحكم العسكر طبيعة الأنظمة التي حكمت وتحكم هذه الدول حتى اليوم هي طبيعة «الرأي الواحد». ترى كم يحرق «الفكر الواحد» من البشر إما حرقاً حقيقياً، كما تم في مستشفى الخطيب، أو معنوياً كما يحدث في أماكن أخرى حولنا والذي يطمح القابضون على السلطة فيه إلى التوسع في الجوار معتمدين على العسكرة، على أنها بديل للتنمية المستحقة في الداخل الوطني. اعتقد صدام حسين وحافظ الأسد، وقد ذهبا إلى ربهما، أنهما مكلفان «برسالة خالدة» فوضعا النياشين العسكرية وصدّقا هذا الأمر؛ فحارب صدام أهله الأكراد أولاً، ثم أهله المخالفين في الداخل ثانياً، وثالثاً الجوار الإيراني، وانتهى «الفخار» باجتياح الكويت تحقيقاً «للوحدة العربية»! كما ادعى نظامه وخلّف مآسي ما زال العراقيون يدفعون ثمنها، وقد يطول الزمن بهم، وفي كل المسيرة الحكم شبه العسكري والرأي الواحد أنفق على الأجهزة والسلاح ما كانت تستحقه التنمية، وكذلك فعل حافظ ومن بعده ابنه بشار في سوريا وفي لبنان، فخرب بلاده وتحكم في مقدرات البلد المجاور، ومن ثم حوّل ذلك التحكم إلى شركاء في الداخل، فأفلس لبنان وضاعت الدولة في سوريا، من جديد تحت شعار اخضعوا لي وأنا أحرر لكم فلسطين!

إن عدنا إلى الكارثة في العراق، فعدد سكان العراق نحو 40 مليون نسمة، ومتوسط الدخل القومي الإجمالي نحو 200 مليار دولار، ومتوسط نصيب الفرد أكثر قليلاً من خمسة آلاف دولار، وفشل على مر السنين في بناء منظومة صحية، إن قارناها ليس بدول ذات دخل كبير، ولكن أقل من المتوسط مثل الأردن ذات العشرة ملايين إنسان تقريباً ومتوسط نصيب الفرد فيها من الدخل القومي لا يتعدى رقمين، ولكنها مع ذلك بنت نظاماً صحياً ذا كفاءة عالية، الفرق أن الأردن لم يكلف نفسه بمشروع «وحدوي يوصل إلى المجد»، أو حتى أخذت على عاتقها أي مشروع يستنزف أموالها باتجاه العسكرتارية. الخطأ القاتل من جديد نشاهده اليوم في إيران، ليس مهماً أن يعيش الإيرانيون عيشة معقولة وتسهل لها سبل التنمية، بل المهم أن يشعروا «بالمجد» ودولتهم تتوسع في الجوار من خلال تحكم الميليشيات وتحييد السياسيين، حتى اشتكى الأقربون كما فعل محمد جواد ظريف في التسريب الأخير، ولكنه ليس الأول. تنفق إيران بلايين الدولارات على العسكرتارية والأذرع السياسة في خارج الدولة ويعيش شعبها في معظمه تحت خط الفقر.

كمثل الأفكار في «ولاية الفقيه» أعطوني الطاعة المطلقة أحقّق لكم النصر وأستحوذ لكم على غنائم المجال الحيوي الذي نعيش فيه، أما التنمية فهي متروكة لفترة أخرى لا يعلمها إلا الله.

 طبيعي جداً أن تتهاوى البُني التحية في تلك البلاد ذات البعد الواحد، وترخص أرواح البشر إلى درجة أن الصيحات العالمية حول المجازر والتطهير العرقي والقتل خارج القانون لا يسمع لها صدى في ساحاتهم. ما يجمع كل تلك المشاريع هو الوهم، وهم «الرجل المنقذ» ووهم «المشروع المنقذ» من خلال القوة العسكرية، المعادلة الحقة هي شوق الناس، ومن بينهم شعوب الشرق الأوسط إلى التنمية والأمن وهجر الصراعات والحروب. اعتقد هتلر أن الاسترضاء الذي واجهه في بداية مشروعه من دول الجوار هو خوف منه أو تسليم بمشروعه، لقد قرأ المشهد قراءة خاطئة، وهكذا يقرأ المشهد اليوم الداعون إلى العنف والحروب، أكانوا الجماعات المسلحة في العراق أو «حزب الله» وحلفاءه في لبنان أو الحوثي وأنصاره في اليمن أو عسكر إيران، ما ينتجونه غير الفقر والفاقة والموت، لا أكثر من ذلك، وطريق كل ذلك هو التضليل.

قال ظريف في تسريباته الأخيرة «في الجمهورية الإسلامية العسكر هم الذين يحكمون» فشهد شاهد من أهلها.

*
May 1, 2021

الاستعمار الجديد: التنمية نموذجاً

 المظهر الحالي للاستعمار الذي يظهر على شكل «الديون مقابل التنمية»، ليس إلا نتيجة للمسار الذي بدأ منذ الأيام الأولى للاستيطان العسكري الاستعماري الاستبدادي. ورغم أن بعض الاختصاصيين يقولون بأن التنمية في وضعها الراهن لا تمثّل العقلية الاستعمارية الجديدة، إلا أنه يكاد يكون هناك إجماع حول الوجه الاستعماري للتنمية في السياق التاريخي. تحليل مرحلة ما بعد الاستعمار في أدبيات التنمية هو المسؤول عن تحديد الروابط بين الاستعمار والتنمية في البلدان النامية. فمن الواضح أن مرحلة «التنمية» التي بدأت بعد الحرب العالمية الثانية وانتهاء حقبة الاستعمار بوجهه المعروف في أغلبية بلدان العالم الثالث، لا يمكن أن تُفهم إلا بشكل تسلسلي تاريخي. يصرّ منظرو ما بعد مرحلة التنمية على أن الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحالية في البلدان النامية، بالإضافة إلى استمرار الاهتمام الغربي بالعالم الجنوبي، يجب أن تُفهم من خلال العدسة الاستعمارية التاريخية. ويعتبر الاختصاصيون مثل مانجي وأوكويل أن التنمية هي أداة الاستعمار لمواصلة سلوك تحكّم المستعمرين في جميع أنحاء الأراضي المستعمَرة. ولتوضيح هذه الفكرة، سنأخذ الحالة الأفريقية كمثال.
*
 خصائص الاستعمار موجّهة نحو استغلال الموارد، والاستبعاد العنصري، والسيطرة العسكرية على الأفارقة وأراضيهم. ورغم أن بعض الخدمات الاجتماعية لم تكن بعيدة المنال بالنسبة للأفارقة، إلا أن القوى الاستعمارية رفضت تمويل وتسهيل عملية تطوير أنشطة الرعاية الاجتماعية هذه، في حين خصص المستعمرون إنفاقهم الرئيسي لهدف تعميق قوة المستوطنين البيض. في حين كانت الجماعات التبشيرية والجمعيات الخيرية مسؤولة عن بعض الدعم الاجتماعي وضروريات المعيشة للأفارقة الريفيين.

شهد النظام الدولي ظهور مفاهيم مثل «المساعِد مقابل المساعَد»، و«المتحضر مقابل البدائي»، حيث نشأ الانقسام العرقي عن طريق تصنيف العالم وتقسيمه بين دول العالم الثالث التي تحتاج إلى مساعدة، ودول أخرى، على وجه التحديد الدول الغربية، التي تلعب دور المساعد والنموذج الرائد للنجاح في العالم.

إن المظهر الحالي للاستعمار الذي يظهر على شكل «الديون مقابل التنمية» ليس إلا نتيجة للمسار الذي بدأ منذ الأيام الأولى للاستيطان العسكري الاستعماري الاستبدادي


*
Nov 26, 2021


*





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق