Jun 29, 2019
لماذا أغلب أفراد المجتمع يخافون من العيب أكثر من الحرام؟
الكل يعلم أن ثقافة العيب هي وليدة أفكار لعادات وتقاليد تم اختلاقها عشوائياً، بقدر ما هي اجتهادات شخصية تم تقديسها، ليبرمج ويربي الكبير الصغير عليها، حتى ينصاع بشكل أعمى إلى اعتقادات وقيم قاتلة وهُويات مغلقة، واهتمامات مدمرة تُخفي عيوب الجهل الذي اقترفه بحقه وبحق مجتمعه، ليراها كمالاً مُطلقاً، لأنها شكلت عقله وصاغت عواطفه، وكونت منظومة قيمه، وجعلت منه شخصاً يحكم بما تنُص عليه تلك القيم، فتارة يُحرم وتارة يُعيب، من دون أي استدلال منطقي وعقلاني يحكم به، كما أن خوف بعضهم من العيب، يعود لخوفه الحقيقي من أفراد بعض تلك القبيلة، فيعيبونه ويعاتبونه إذا أراد أن يتصرف تصرُفاً صحيحاً يرونه مغلوطاً.
وللأسف كم عانى الكثير بسبب هذه الأفكار الرجعية، التي كانت تُحارب التميز والتطور، وتنعت التطور بعبارات شاذة وشعارات مضادة، وأما التحريم الذي اختلقته الصحوة، المبنية على أفكار شخصية أيضاً لم ترحم أحداً، وكانت جزءاً من تلك القيم الجاهلة، فقد ذاق مرارتها المجتمع طوال سنواتٍ عدة، فغسلت العقول وأوهمتها، وجرعتها العُسر ومحت اليُسر، وحرمت هذا وأحلت هذا بناءً على مصالح لا أكثر ولا أقل، حتى جاء من أفاق هذا المجتمع وأعاد له الحياة التي كانت غائبة عنه، ولازالت بعض العقول تحتاج إلى تنوير حقيقي، يزيل مُخلفات تلك الأفكار والقيم، التي تربى أغلب المجتمع بأن هذا عيب وهذا حرام، من دون أن يعلم أو يسأل لماذا وكيف تم الحكم بهذه الطريقة على بعض الأمور، من دون أي استدلال شرعي سليم، أو منطقي بحت، فقد وجد كل من حوله يؤيد الرفض على ما أرادو، أو الترحيب بما يرغبون، ومن الطبيعي أن كل جديد سيعرض عليه، لن يتقبله إلاّ بمبررات كافية تُخرجه من هذه الدوامة.
أخيراً، إن عدو الإنسان الحقيقي هو ذلك الإنسان الجاهل، الذي يريد نشر وإذاقة صُنع جهله لكل من حوله، غير مبالٍ بأي نتائج مقبلة، فلا الدين ولا العادات والتقاليد السليمة لها دور في ذلك، بل من أخذ الدين وحرفه، وأخذ العادات والتقاليد وأنشأ لها قواعد مُنافية للمنطق، فلم يولد أحد من بطن أمه مُتعلماً، إلا باكياً أو ضاحكاً أو صامتاً، وبين خياران يكون؛ إما أن يتربى على الفطرة الإنسانية السليمة، أو على المعتقدات التي لوثت مفاهيم الحياة!
*****
يكون العيب أقوى من الحرام، بأن لا يخاف ذلك الشخص ربّه إن ترك صلاته، أو عدم صومه في شهر رمضان. لكنه يخاف من أن يعرف الآخرون ويُعيّرونه بذلك! خشية الناس لا خشية الله!
هل الحرام والعيب وجهان لعملة واحدة
فالعيب مرفوض بسبب المجتمع الذي نعيش فيه، والحرام مرفوض من الدين الذي نعتنقه. إن سألت أي شخص عن مقارنة العيب بالحرام لقال إن الحرام أشد من العيب، ولكن.. هل تصرفاتنا تدل على ذلك؟
مجتمعنا قد يخاف من العيب كخوفه من الحرام
ينفق الرجل منا ما لا يملك في زواجه حتى يلتصق أو يمتثل لعادات المجتمع. يدفع مهرا كما فعل فلان وفلان وفلان. يحجز قصرا للمناسبات بما يفوق إمكاناته. يستدين كي يبدأ حياته الزوجية. إن سألت هذا الرجل لماذا كل هذا الإنفاق؟ سيكون الجواب:» هذا ما يفعله الآخرون». نحن نخاف أن نحيد عن عادات المجتمع حتى لا ينظر إلينا كمتمردين قد وجدوا في مجتمعهم عادات لا تناسبهم، فحادوا عنها، بينما ديننا الحنيف يدعو إلى تسهيل النكاح.
خير الصداق أيسره بلفظ خير النكاح أيسره.
العيوب تتغير بتغير الأجيال. في السابق كان من المعيب أن يتزوج الرجل من قبيلة فلانية. كان من المعيب عمل المرأة. كان ولا يزال عند بعض العائلات اسم المرأة عورة لديهم.
الكثير من أفراد المجتمع قد تخلى عن هذه العادات. ما كان عيبا في السابق أصبح أمر اعتياديا. بخوفنا من العيب أمام أنظار المجتمع نقوي هذه العيوب علينا، فنحمل ما لا نستطيع تحمله. في النهاية نحن من نعطي هذه العيوب معنى أكبر من حجمها.
أغلب العيوب في المجتمع عبارة عن آراء وعادات قديمة تشبث الناس بها حتى أصبحت مساوية للحرام في نظرنا. ماذا لو قدم الرجل في زواج ابنه الدجاج بدل اللحم؟ هل سيكون أمرا مقبولا، أم إنه قد اقترف جرما في حق ضيوفه؟ سينظرون إليه بعين الاحتقار، وقد يغادر البعض لشعورهم بالإهانة. هل أجرم هذا الرجل في حق دينه؟ لا، ولكنه أجرم في عيون مجتمعه. لقد اقترف جرما فادحا لن يرحمه منه كلام الناس ولا نظراتهم. سيتحدثون عن فعله طوال الوقت، وكأنه فعل فعلا محرما.
جل ما أريده قوله هو: خوفنا من العيب لا يجب أن يضاهي خوفنا من الحرام. العيب قد لا يكون عيبا غدا، ولكن الحرام قد حرم منذ زمن ولن يتغير.
* العيب فينا . أكثر الدول تطبيقا لتعاليم ومبادئ الإسلام
دراسة أعدها الباحث البريطاني بول هوسفورد عن أكثر الدول تطبيقا لتعاليم ومبادئ الإسلام، وشملت الدراسة (208 دول)، فجاءت أيرلندا بالمرتبة الأولى والدنمارك بالمرتبة الثانية والسويد بالمرتبة الثالثة، وجاءت ماليزيا في المرتبة الـ33، أما بالنسبة إلى الدول العربية فقد حلت الكويت في المرتبة الـ48 والبحرين الـ61 والإمارات في المرتبة الـ64 في حين جاءت السعودية في المرتبة الـ93 وقطر في المرتبة الـ111 والسودان في المرتبة الـ190!
لماذا احتلت الدول العربية والإسلامية مراتب متأخرة؟! برأيي الشخصي أن السبب يعود إلى عدم تمسكنا وتطبيقنا للقرآن والسنّة، فرسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم قد قال منذ 1443 عاماً: "تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله وسنتي".
العامة من الناس أن الدين الإسلامي 5% منه عبادات، و95% منه معاملات وأخلاق وسلوك، فأين نحن من الـ95%؟
الأوروبيين المسيحيين يتخلقون بأخلاق الإسلام في معاملاتهم وأعمالهم، في حين أن المسلمين بعيدون عن أخلاق دينهم".
ترتيب الدول باعتماد "معيار الإسلامية" المبني على أربعة قواعد، هي: الإنجازات الاقتصادية، والحقوق الإنسانية والسياسية، والعلاقات الدولية للبلد، إضافة إلى بنية السلطة فيه.
واحتلت ماليزيا، كأول دولة مسلمة في المؤشر الذي أنجزه البروفيسور، المرتبة 33 بينما جاءت مصر في المرتبة 128 والمغرب في المرتبة 120 وجاءت اليمن في المرتبة 180، و السعودية في المرتبة 91 و قطر في المرتبة 111 و سوريا في المرتبة 168، و الغريب ان إسرائيل جاءت في المرتبة 27
*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق