الخميس، 1 يوليو 2021

راجى أسعد: النشاط الاقتصادى فى مصر ينتج فرص عمل سيئة منذ 1988*******

Sep 6, 2019
الإصلاح الاقتصادى لم يسقط ثمار نموه على سوق التشغيل
«التوك توك» وفر فرص عمل ووسيلة نقل فى المناطق الفقيرة ولا أوافق على إلغائه
النظام التعليمى ينتج شهادات وليس مهارات تحتاج إليها سوق العمل

1988، عام شهد بداية الخصخصة، وبداية انسحاب قطاع الأعمال والحكومة من عملية توفير الوظائف، على أمل أن يؤدى الإصلاح الاقتصادى، الذى تبنته مصر للحصول على قروض من مؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولى، لإحلال القطاع الخاص محل الحكومة فى توفير الوظائف وتشغيل الشباب، وكان أيضا بداية إطلاق منتدى البحوث الاقتصادية، مسح سوق العمل المصرية، بقيادة واحد من أهم المتخصصين فى دراسات سوق العمل، والأستاذ فى جامعة مينسوتا الامريكية، دكتور راجى أسعد، والذى كشف فى حوار مع «الشروق» أن الإصلاح منذ ذلك الحين لم ينتج فى الأغلب إلا فرص العمل السيئة، بسبب تركيز الاستثمارات الحكومية والخاصة على قطاعات مثل الإنشاءات، وفيما يلى نص الحوار..

 ما تقييمك لسوق العمل المصرية منذ 1988 وحتى الآن؟

ــ فى بداية هذه الفترة، كان كل من قطاع الأعمال والحكومة، يلعبان دورا كبيرا فى سوق العمل من خلال توفير فرص عمل منظمة ورسمية للخريجين الجددلكن مع بداية الإصلاح الاقتصادى وعملية الخصخصة، تراجع دورهما تدريجيا، اعتمادا على أن الإصلاح الاقتصادى سيؤدى إلى نمو فرص العمل التى سيوفرها القطاع الخاص «بمعنى فكرة تساقط ثمار النمو فى توفير وظائف»، لكن لم يحدث ذلك ولم ينمُ التشغيل من القطاع الخاص والرسمى والمنظم بشكل كافٍ طوال هذه الفترة، ولا يزال هذا النمط موجودا منذ عام 1988 وحتى الآن.

وزاد من سوء الأمر بعض التغيرات الديموغرافية التى حدثت فى مصر فى تلك الفترة، فقد ارتفع عدد الشباب، نسبة كبيرة منهم حاصلون على شهادات تعليمية مرتفعة ولديهم طموحات فى الحصول على عمل لائق فى الحكومة، «حيث كان الشرط الوحيد للتعيين فى الحكومة الشهادة التعليمية»، فى وقت لا ينتج سوق العمل إلا فرص غير رسمية، أى لا تُغطى بتأمين وليس لديها أى نوع من الحماية الاجتماعية

هل المشكلة كانت تتمثل فى زيادة عدد الشباب أم فى عدم ربط التعليم بسوق العمل؟

ــ لا أعتقد أن المشكلة تكمن فى عدم ربط التعليم بسوق العمل بشكل أساسى، ولكن فى نمط النمو، الذى لا يسمح بزيادة التشغيل فى القطاع الخاص الرسمى المنظم بطريقة كافية، «طبعا عملية التأهيل لسوق العمل مهمة، لكن المشكلة أنه لسنوات طويلة كان التعيين يتم فور التخرج فى الحكومة، والحصول على شهادة هو الفيصل فى التعيين وليس المهارة».
النظام التعليمى اعتاد على إنتاج شهادات وليس مهارات منذ عقود وحتى اليوم، على الرغم من أن الحصول على فرصة عمل لم يعد بشهادات، لكن الناس حتى الآن تسعى للحصول على الشهادات التى يتطلبها العمل فى الحكومة وليس المهارات، وحتى الآن يسعى المواطنون إلى الشهادات ولديهم أمل للعمل فى الحكومة.

فى المقابل صاحب العمل لا يريد شهادة ولكنه يريد مهارات لا ينتجها النظام التعليمى، وفى النهاية ليس هناك أى فرق لأنه فى كل الأحوال سيعطى الأجر القليل وظروف العمل المنخفضة، وهو أمر لا يتلاءم مع طموحات الشاب المتعلم.

والنتيجة؟
ــ نتيجة هذا الوضع أن الشباب الذكور يضطرون للعمل فى القطاع غير الرسمى، فى ظروف عمل صعبة، ولا يستطيعون الهرب من تلك الظروف، فيما تفضل الإناث عدم العمل وانتظار الزواج وهو ما يعنى خروجهن من قوة العمل، حيث تعد نسبة مشاركة الشابات فى سوق العمل منخفضة جدا، «هن لا يردن البهدلة فى سوق العمل غير الرسمية»،

 البند المؤثر فعلا هو أجازة الوضع مدفوعة الأجر، والتى تدفع صاحب العمل إلى عدم توظيف النساء المتزوجات، خاصة إذا كان لديه فرصة لتوظيف رجل مكانها.

فى البلدان التى شهدت طفرة فى توفير فرص عمل مثل ماليزيا واندونيسيا وبنجلاديش، شهد تعيين النساء طفرة موازية، وكن منتجات وقادرات على العمل، بينما «فى مصر لا يوجد تلك الطفرة فى الاحتياج للعمال، لذلك يمتلك صاحب العمل القدرة على الاختيار ويفضل الذكور حتى لا يشغل نفسه بإجازات وضع وغيرها».

وعلى الرغم من ذلك عقدنا 5 اتفاقيات مع صندوق النقد الدولى للحصول على قروض وإجراء إصلاح اقتصادى أولها فى عام 1987 وآخرها فى 2016؟

ــ مصر كانت تحتاج تلك الاتفاقيات، بسبب خلل الاقتصاد الكلى، وكى تستطيع تحريك الاقتصاد لابد أن يتم إصلاح هذا الخلل نقديا وماليا، لكن هذا الإصلاح لا يكون كافيا، فلابد أن يُتبع بإصلاح للاقتصاد الحقيقى، وهو ما أشارت له وزيرة التخطيط، دكتورة هالة السعيد، فى مؤتمر عرض المسح الأخير لسوق العمل.
مشكلة الاقتصاد حاليا تتمثل فى أن الاستثمارات الحكومية والخاصة تدخل قطاعات لا تخلق فرص عمل لائقة وهى قطاعات الإنشاءات والإسكان الفاخر.

+++++++++++++++++
مصر: دور شياطين الخصخصة في تصفية الأصول العامة!

30 نوفمبر 2019

أغرق «المشير» السيسي مصر في مستنقع صهيو أمريكي، واختار له طريق التبديد والمغالاة في الديون وطلب القروض، وإنشاء «صناديق مالية» تتبعه شخصيا؛ فصندوق «تحيا مصر»، جعله وعاء لأموال «التمكين» التي تبقيه في الحكم مدى الحياة، و«الصندوق السيادي» وعاء آخر لإيداع حصيلة بيع القصور والمباني والمواقع الحيوية للسعودية ودول الخليج؛ دون قيود قانونية أو حكومية، وسنفرد لهذا موضوعا مستقلا لتناوله، وهناك مناطق بيعت بالفعل وأخرى مرشحة للبيع؛ في «محور قناة السويس»، وقصور ومباني قلب القاهرة العريقة والتاريخية

«المشير» يشبه «غوبلز» وزير الدعاية النازية؛ في كراهيته للثقافة والمثقفين، ويُنسب إلى غوبلز قوله: «عندما أسمع كلمة ثقافة أتحسس مسدسي»؛ لذا فـ«المشير» شديد التضييق على المثقفين والمفكرين والأكاديميين، ويلاحقهم أينما حلوا، ويفضل الارتباط بالمقاولين والجنرالات، والسماسرة ورجال المال وملاك العقارات والأراضي، وأباطرة النفط السعودي والخليجي، بالإضافة للأمريكيين والصهاينة في فلسطين ومحيطها، ولأنه يتصورهم أصحاب فضل ونفوذ بنى لهم عاصمة؛ لتحل محل القاهرة، إذا استمر في الحكم حتى عام 2034، كما هو مخطط وفقا لتعديلات الدستور.

السيسي شديد التضييق على المثقفين والمفكرين والأكاديميين، ويلاحقهم أينما حلوا، ويفضل الارتباط بالمقاولين والجنرالات، والسماسرة ورجال المال وملاك العقارات والأراضي، وأباطرة النفط السعودي والخليجي.

*

النمو الاقتصادي؟
محمد جاد   

تتحدث وزيرة التخطيط عن أن بلادنا حققت أعلى معدل للنمو الاقتصادي في 11 عامًا، بعد بضعة أسابيع من حادث قفز بائعين جائلين من القطار أثناء تحركه

تقرأ تحليلات الخبراء عن بيانات مسح سوق العمل لعام 2018، الصادر عن منتدى البحوث الاقتصادي بالتعاون مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

ما تُظهره البيانات الرسمية يؤكد أن نمونا الاقتصادي لا يخلق الوظائف الكريمة للكثيرين، كما أن شبكة الحماية الاجتماعية لم تكن كافية لوقاية آلاف الأسر من صدمات التضخم خلال الفترة الماضية.

ويلخص الاقتصادي المصري البارز، راجي أسعد، ما تظهره لنا بيانات سوق العمل في عبارة موجزة وكاشفة "هل هذا التعافي في النمو الاقتصادي تمت ترجمته إلى وظائف أفضل للعمالة المصرية ( .. ) الإجابة القصيرة ليس بعد".

 انخفاض معدلات البطالة خلال سنوات ما يسمى بالإصلاح الاقتصادي جاء مدفوعًا بتباطوء نمو حجم قوة العمل وليس زيادة التشغيل.
يقول أسعد "على عكس أشكال التعافي السابقة؛ فإن حجم التشغيل،
ماذا عن جودة الوظائف؟ والمقصود بهذا الاصطلاح مدى تأمين الوظائف لشروط العمل الكريم الذي يحقق الأمان الاجتماعي ويقدم الأجر الملائم لتكاليف المعيشة.
الميزة الأساسية التي توفرها الوظائف غير الرسمية للعمال هي الأجر النقدي، وفي المقابل تفتقر تلك الوظائف لأشكال الحماية الاجتماعية المختلفة، مثل التأمينات الاجتماعية والتأمين الصحي، ومن الممكن تسريح العاملين بها بدون أي شروط أو ضوابط قانونية، لذا فهي توفر أسوأ فرص استغلال العاملة واستنزافهم.
ومن العوامل الدافعة لهذا الشكل غير الرسمي: تراجع توفير الوظائف المتاحة من الدولة في المزيد من علاقات العمل غير الرسمية. يقول أسعد إن 80% من خريجي سنة 1994 ممن حصلوا على فرص عمل كانوا يعملون لدى الدولة، وبحلول 2015 انخفضت نسبتهم إلى أقل من 30%.
وهذه كانت النتيجة:
بناء على كل العوامل السابقة، كان طبيعيًا أن تتزايد علاقات العمل غير الرسمية، فنسبة العمالة غير الرسمية خارج المنشآت ارتفعت من 12% من إجمالي المشتغلين في 2006 إلى 18% في 2012، ثم إلى 23% في 2018.
تفسر لنا هذه البيانات جانبا من "حالة القفز من القطار في زمان النمو الاقتصادي". فأصحاب الحادثة كانا من العمالة غير الرسمية والتي تعيش في أسوأ ظروف عمل مقابل دخل شديد المحدودية بجانب كونه دخلًا غير منتظم.
عن الدخول يتحدث أسعد عن أجور 2018 وكيف أنها لم تساير التضخم، مما قاد إلى انخفاض مطلق في الأجور الحقيقية.
وفقا لحسابات أسعد كانت أحوال العمالة أفضل في الفترة بين 2006 -2012، حيث ارتفع الأجر الحقيقي (الوسيط) للعامل بـ 6%، لكن هذا الأجر شهد تراجعا بـ 9% في الفترة بين 2012-2018.
وتراجع الأجور كان أكبر في أوساط العمالة النسائية والعمالة متوسطة ومرتفعة المهارة، وللقطاع الخاص الرسمي وغير الرسمي مقارنة بالقطاع العام.
وتراجع الأجور كان أكبر في أوساط العمالة النسائية والعمالة متوسطة ومرتفعة المهارة، وللقطاع الخاص الرسمي وغير الرسمي مقارنة بالقطاع العام.
لكن هل هناك أرقام إيجابية وسط كل هذا؟
يشير أسعد إلى بعض المؤشرات الإيجابية في جودة الوظائف، مثل انخفاض نسبة العمالة التي أبلغت عن التوظف بشكل غير منتظم ( أي بشكل موسمي أو متقطع) من 40% في 2012 إلى 30% في 2018، وهو ما يرجعه إلى تحسن أحوال الاقتصاد في تلك الفترة. لكن أسعد يتحدث عن أن المؤشرات الإيجابية محدودة للغاية، مقابل المؤشرات السلبية التي عرضناها في الفقرات السابقة.

ماكينة عالية الكفاءة لكنها تفرم

نحن إذن أمام ماكينة اقتصادية تعمل بكفاءة عالية، وبمعدلات نمو ستتفوق على الصين، على حد قول وزير المالية، ولكنها لا تحقق الأمان والعيش الكريم لقطاعات واسعة من المواطنين.
هذه الماكينة تنتج وظائف بأجور متدنية في كثير من الأحيان، وبشروط عمل غير كريمة ويقبل بها الكثيرون لذلك فهم يجمعون بين مشكلتي الفقر والعمل في ظروف قاسية، ووفقا لنتائج بحث الدخل والإنفاق الأخير فإن 43.1% من الفقراء المشتغلين هم مَن يعملون في القطاع الخاص (خارج المنشآت).
ولا يعزى انتشار ظروف العمل غير الكريم فقط إلى تراخي الرقابة من الدولة أو عدم قدرة العمال على تنظيم أنفسهم وحماية مصالحهم، ولكن أيضًا بسبب تواضع دور مصر في سلسلة الإنتاج العالمية، فنصيبنا من كعكة الاقتصاد العالمي أصلا متواضع ونحن نتصارع على الفتات. فنحن نساهم بـ 0.14% من إجمالي صادرات العالم وذلك لأسباب عدة من أهمها فقر التكنولوجيا.
كما أننا نعتمد بدرجة كبيرة على الأنشطة كثيفة رأس المال، وتحديدا أنشطة الاستخراجات وتكرير البترول التي تمثل نحو 15% من الناتج، أو الأنشطة التي لا توفر فرص عمل مستقرة مثل الإنشاءات التي تساهم بنحو 6% من الناتج والقطاع العقاري بنسبة 7.4% (بحسب بيانات 2017-2018).

ماكينة دعم معطلة

تتحدث دراسة أخرى لمنتدى البحوث الاقتصادية، أعدتها رانيا رشدي الأستاذة بقسم الاقتصاد بالجامعة الأمريكية ورانيا حلمي طالبة دكتوراة بالجامعة الألمانية، عن أن نسبة المواطنين المتلقين لأشكال الحماية الاجتماعية المختلفة تراجعت في 2018 إلى 57% من السكان، مقابل 62% في 2012 و68% في 2006.
ومن المؤسف أن أكبر نسبة من الأسر التي قالت إنها كانت معرضة لمخاطر اقتصادية أو اجتماعية أو صحية أو بيئية، في 2018، كانت الأسر التي تتلقى معاشات تكافل وكرامة، مقارنة بالأسر التي تتلقى أشكالًا أخرى من الدعم والبرامج الاجتماعية المختلفة من الدولة.
بالرغم من أن تغطية الطبقات الأدنى دخلًا بآليات الحماية الاجتماعية تزايدت من 9% في 2006 إلى 13% في 2018، وهو ما يشير إلى تحسن وسائل استهداف الفقراء لكننا لا نقدم لهم الدعم الكافي.
عدم توفير الدعم الكافي تدلل عليه أيضًا أحوال تغذية المصريين، ففي الوقت الذي يغطي فيه نظام التموين أكثر من 63 مليون مواطن وفقًا لبيانات موازنة 2019-2020، فإن حوالي 25% من الأسر واجهت مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الشهر السابق على المسح، وفقا للدراسة.
وكانت درجة انعدام الأمن الغذائي أعلى بين الأسر التي تتلقى معاشات تكافل وكرامة أو أنواع أخرى من المساعدات الاجتماعية.
تلقي هذه البيانات الضوء على تشابك العديد من العناصر التي تقود الكثيرين إلى أوضاع شديدة البؤس، فلدينا خلطة من الإجراءات التضخمية والتقشف المالي تمت خلال السنوات السابقة وتسببت في غلاء المعيشة، ومنظومة من الحماية الاجتماعية لا توفر الحماية الكافية، وسوق تشيع فيه علاقات العمل غير الرسمية والأجور المتدنية، وهو ابن شرعي لاقتصاد يلعب دورًا شديد التواضع في منظومة الإنتاج العالمية.

ما العمل؟

الإصلاح الهيكلي الحقيقي هو الإصلاح الذي يعدّل من أولويات هذا النموذج الاقتصادي، بحيث يخلق نموًا يوفر العمل والحياة الكريمة للمواطنين، وليس الإصلاحات المالية التقشفية التي يتباهى صندوق النقد الدولي بتطبيقها في مصر.
وما يزيد من الضغوط المعيشية على المواطنين، هو غياب الحماية الاجتماعية الملائمة من الدولة في ظل هذا النموذج الاقتصادي.
وقائع حياة الملايين من الفقراء العاملين، ممن نصادفهم يوميًا في محطات القطار وساحات البيع في الشوارع، وهم يسعون لترويج بضائع أغلبها مستوردة ويعرضون أنفسهم للكثير من المخاطر من أجل دخول لا تغطي نفقاتهم الأساسية، وقد تنتهي مساعيهم بمشهد بائس مثل حادث القطار، هذه الوقائع هي النتيجة الطبيعية لهذه المشكلات، والنجاح الحقيقي يكون في بناء اقتصاد قادر على توفير الحياة الكريمة للناس وليس تحقيق النمو على حسابهم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق