الجمعة، 23 يوليو 2021

قبول المصريين بالأمر الواقع يشجع الحكومة على زيادة الأسعار دون حرج ************

 الحكومة تخوّف المواطنين من استفادة الإخوان ومصير دول عربية قادتها الاحتجاجات إلى الفوضى.

زادت الحكومة المصرية أكثر من مرة في أسعار بعض السلع والخدمات مؤخرا ولم تجد ممانعة من المواطنين في استيعاب وتفهم دواعيها الاقتصادية عكس مرات سابقة كان فيها رفع سلعة واحدة يمثل منغصا لها خوفا من ردود الأفعال السلبية ما اضطرها إلى التمهيد إعلاميا كي تتجنب معارضته.

مر إعلان وزارة البترول عن زيادة أسعار المحروقات الجمعة بهدوء وكأنه مسألة عادية، حيث قررت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية رفع سعر لتر البنزين بنسبة تتراوح بين 3 و4 في المئة، وهو ما يؤدي تلقائيا إلى رفع أسعار سلع وخدمات مختلفة مرتبطة بالمحروقات.

 اختيار يوم الراحة الجمعة لتمرير قراراتها التي جاءت هذه المرة وسط إجازة عيد الأضحى، وامتدت نحو عشرة أيام، وهي فلسفة تتبناها منذ فترة وعرفها المصريون لدرجة صنعت لدى فئة منهم مخاوف تسمى “ليلة الخميس” حيث يتخذ القرار فيها.

اتخذت لجنة التسعير قرارها الخميس بعد أن استعرضت متوسط أسعار خام برنت في السوق العالمية وسعر صرف الدولار مقابل الجنيه للفترة من أبريل إلى يونيو العام الجاري باعتبارهما “أهم مؤثرين ومحددين لتكلفة إتاحة وبيع المنتجات البترولية في السوق المحلية بخلاف الأعباء والتكاليف الأخرى”.

 إيجاد آلية تُوفّر رؤية مستقبلية حول اتجاه أسعار المحروقات بالسوق المحلية، وتوفر قدرا من المرونة لتمكين الحكومة من تقديم خدمة جيدة للمواطنين.

 أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأميركية في القاهرة سعيد صادق إن وزارة البترول روّجت لوجود لجنة لمراجعة الأسعار بصفة دورية وفقاً لتطورات الأسعار العالمية لتسهل عملية تقبل قراراتها خاصة أنها جاءت هذه المرة محدودة نسبيا.

المواطنين يدركون صعوبة الأوضاع الاقتصادية التي فرضها انتشار فايروس كورونا وتوابعه، بجانب أن غالبية الدول المحيطة تعاني أزمات أمنية واجتماعية وقد يكون الاستقرار الراهن في مصر دافعا لتقبل الزيادة البسيطة.

 آخر مرّة رُفعت فيها أسعار المحروقات في أبريل الماضي ضمن عملية الإنهاء التدريجي لدعم منتجات الوقود في إطار برنامج إصلاح مدعوم من صندوق النقد الدولي.

حقق برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تبنته الحكومة المصرية تقدما ملموسا على الرغم مما صاحبه من زيادة كبيرة في الأسعار.

تأثيرات سلبية تقود إلى غضب المواطنين، استنادا إلى حوادث سابقة اضطرت معها الحكومة للتراجع عن إجراءات فرض غرامات باهظة على البنايات السكنية المخالفة، وقبلها رفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق في القاهرة بصورة مبالغ فيها.

تعلمت الحكومة من دروس ونتائج رفع أسعار السلع والخدمات والضرائب ولجأت إلى تحريكها بشكل محدود وعلى فترات متقاربة من دون صخب على منصات التواصل الاجتماعي.

الحكومة لم تترك خيارات للرفض أو الاحتجاج في الشارع على الأزمات الاقتصادية بعد أن قوضت إجراءاتها الصارمة الفضاء العام وقلصت مساحات الحركة فيه بداعي تحاشي تكرار ما حدث في أوقات سابقة من قفز قوى إسلامية لاستثمار الحراك السياسي في الشارع ومفاقمة الأوضاع وليس حلها.

 العزف على وتر استفادة الإخوان من الأزمات جرى توظيفه اقتصاديا بالإشارة إلى دول عربية أصابها طوفان الغليان وكادت تتفتت وحدتها بسبب ارتفاع منسوب الاحتجاجات والتظاهرات ما يسّر عملية تقبل الارتفاعات المتتالية في أسعار الكثير من السلع والخدمات.

فرضت التوجهات الرسمية على المواطنين إعداد خطط تقشفية للتعامل مع ارتفاعات الأسعار المتتالية، ما أسهم في امتصاص بعض الأزمات التي يجري التعامل معها من خلال تكييف أرباب الأسر لأوضاعهم أولا بأول وليس عبر الاحتجاج والرفض والتظاهر.

ربة منزل مصرية، رفضت ذكر اسمها، إنها تتقبل الزيادة المحدودة في أسعار المحروقات طالما أن المسألة مرتبطة بالعرض والطلب ولا علاقة لها بمزاج الحكومة التي تحرص حاليا على الإعلان عن تفسيرات منطقية لقراراتها بشأن المحروقات.

الخوف يأتي من الزيادات الجانبية، فأجرة التاكسي الذي تستقله من منزلها لأيّ مكان تذهب إليه لن ترتفع بالنسبة ذاتها بل بأكثر من ذلك، ما يجعل أيّ ترفيع في سعر المحروقات يصطحب زيادة أكبر في سلع أخرى.

وأكد وزير التنمية المحلية المصري محمود شعراوي الجمعة عدم زيادة تعريفة ركوب سيارات النقل الجماعي والسرفيس والتاكسي بجميع المحافظات بعد تعديل أسعار البنزين من لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية. يعني المتضرر السوقين واصحاب ملك سيارة 

*

ارتفاع التضخم عقب زيادة أسعار الوقود

الحكومة تضع خفض عجز الموازنة فوق جميع الاعتبارات.

 التشاؤم بين الأوساط الاقتصادية والشعبية في مصر من دخول البلد في ركود تضخمي، بسبب وضع الحكومة خفض عجز موازنة العام المالي الحالي فوق كل الاعتبارات، والتي من المتوقع أن تزيد من إضعاف القدرة الشرائية للناس.

التذبذب الشديد في الأسعار العالمية وفقا لما يراه العالم من أحداث مختلفة مثل كوفيد – 19 وتخفيض إنتاج النفط الخام”.

ويحذر خبراء من تداعيات استمرار خفض دعم الطاقة أو غيرها، سواء في ما يتعلق بعودة معدل التضخم إلى الارتفاع أو تراجع القوة الشرائية للمواطنين، وبالتالي تراجع الاستهلاك وتردي مستويات المعيشة، وتباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي.

يعود انخفاض التضخم في مصر إلى أسباب منها تشديد السيطرة على المعروض النقدي منذ برنامج صندوق النقد في 2016 وحملة منسقة للاستثمار في الزراعة وضعف الطلب الاستهلاكي بسبب جائحة كورونا.

وتستهدف الحكومة تنشيط وتحفيز الاقتصاد بخطى متسارعة، من خلال إقرارها أضخم موازنة في تاريخ البلاد للعام المالي القادم 2021 – 2022، رغم تداعيات الجائحة، وسط توقعات بأن تحقق معدل النمو المستهدف.

وأقرت القاهرة موازنة عامة قياسية للعام المالي الحالي بمقدار 2.46 تريليون جنيه (158 مليار دولار) وبحجم إنفاق 1.8 تريليون، مقابل إيرادات مستهدفة 1.4 تريليون جنيه.

وتزيد الموازنة العامة الجديدة بمقدار 23 مليار دولار أي بنسبة 17 في المئة عن موازنة العام المالي الماضي، والبالغة حوالي 135 مليار دولار، والتي اعُتبرت حين إقرارها الميزانية الأضخم في تاريخ البلاد.

وتستهدف الموازنة الجديدة، كما نشرها مجلس الوزراء على موقعه الإلكتروني، عجزا بنسبة 6.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

الاتجاه لزيادة حجم الموازنة هو اتجاه استراتيجي تنتهجه مصر منذ بداية برنامج الإصلاح الاقتصادي، مستهدفة من ذلك التحفيز لزيادة حجم الاقتصاد بما يتناسب مع قدرات الدولة المصرية ويحقق تطلعاتها”.

وأطلقت مصر في أبريل الماضي المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي تم تدشينه في 2016، مستهدفة إجراء إصلاحات هيكلية لقطاعات الصناعة والزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات

وتستهدف الحكومة معدل نمو بنحو 5.4 في المئة وهو يدور في نفس توقعات المؤسسات الدولية ومنها صندوق النقد الدولي الذي توقع أن تحقق مصر معدل نمو خلال العام القادم بنحو 5.2 في المئة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق