الخميس، 19 يوليو 2018

فلســـــفة الدين

القراءة المتأنية لفلســـــفة الدين وربطها بالموروث البشري، ّ تمكن صاحبها من الوقوف عند
مجموعة من البديهيات لا يريد الغلاة أن يتفطنوا إليها وأولها أننا سواســـــية في المعتقد،
ما دمنا ننهل جميعا من تراث بشري موغل في القدم، وآخرها أن شهوة السلطة هي التي
طوعت واســـــتخدمت كل ما هو ديني، واســـــتثمرت تلك الأوهام.
. هذه القضايا يتضمنها
بحث المفكر محمد مزوز في كتابه حول فلسفة الدين

ويلفت مزوز في كتابه الصادر عن مؤسسةمؤمنون بلا حدودأن ليس المقصود بفلســـفة
الدين دراســـة موضـــوع دين بعينـــه أو عقيدة
محددة، وإنمـــا هي نظر في تجليـــات التعالي
وتمظهـــرات القداســـة بصـــرف النظـــر عـــن
الملابســـات التي تشكلت فيها. فتجربة التعالي
ليســـت حكرا على أمة أو شـــعب، والعلاقة مع
المقـــدس ليســـت مشـــروطة بحقبـــة خاصة ولا
بمجال محدد

عيوب الذات من الأســـرة )تربية
وتنشـــئة(، من البرامج والمناهج الدراسية، من
الوعظ والإرشـــاد.. المصـــادر متنوعة والهدف
واحد: خلق مواطن متمركز حول ذاته )معتقدا،
ولغـــة، وعرقا.( فكيف لمواطن مـــن هذا الطراز،
أن يتعايـــش مع كل من لا يـــرى رأيه، ولا يدين
بمعتقـــده، ولا ينتمي إلى ســـلالته؟ ّ وأنى له أن
يكون متســـامحا مع الغير، وأن يعترف بفضل
الآخر؟
 

أوهامنا المتجذرة،
وعلـــى رأســـها وهـــم الهوية، ووهـــم الأصالة،
ووهم أفضلية المعتقد. ُ تظهر لنا فلســـفة الدين
أن ما نحســـبه خصوصية تجعلنا بلا نظير ولا
مثيل، هو في الواقع كونية ومشـــترك إنساني.
الحكمة الدينية الموجودة في كتابنا، يوجد لها
مثيـــل لدى أنبياء العهد القديم، وما قاله هؤلاء
يوجد له نظير عند حكماء بابل ومصر.
 
ليس لدينـــا ما نباهي بـــه غيرنا في مجال
المعتقـــد، كمـــا ليس لـــدى الغير ما قـــد يجعله
متفوقا علينا. نحن سواســـية فـــي المعتقد، ما
دمنـــا ننهل جميعا من تراث بشـــري موغل في
القدم. لذا، فإن الحروب التي خيضت ُ وتخاض
باسم الدين لا ّ مبرر لها، مادام الإله الواحد إرثا
مشتركا لا يحق لأي طرف أن ّ يدعي الانتصار له
أو الدفاع عنه أو إعلاء كلمته. فهو ٍ مستغن عن
الجميع، وفي غير ما حاجة لمن يحميه أو يكون
وصيا عليه
 
 
لأن الديانات هي أنساق منغلقة على ذاتها،
وليس بوســـعها أن تقف علـــى أرضية محايدة
للنظـــر إلى بعضها البعض. أما فلســـفة الدين
-بما هـــي فلســـفة أولا وبالـــذات- فبمقدورها
توفيـــر تلـــك الأرضيـــة المحايدة، بحيـــث تبدو
المعتقدات متساوية وغير متفاضلة.
ويقول
لـــكل أمة كتـــاب، لكل شـــعب ِذكر،
لـــكل حقبة رســـول أو تابع أو ولـــي أو مصلح
أو داعية. الزيغ عـــن الطريق وارد في كل حين،
إغواء التشبيه والتجســـيد وعبادة الشخصية
لا ُ ي ّ رد بيسر



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق