الجمعة، 6 ديسمبر 2024

الصفوة و الأوليغارشية

Feb 28, 2022

   القلة التي لديها إمكانات كثيرة، وهي الأقلية التي تمتلك الثروة والقوة والسيطرة والمكانة الاجتماعية،

 لماذا هناك أشخاص لديهم كل شيء بدون مجهود يذكر، فيها تعاني الأغلبية من صعوبة المعيشة أو المهانة؟ ولماذا هناك من لديهم سلطة ويصدرون الأوامر فيما هناك آخرون عليهم أطاعتها؟ ولماذا هناك من يحتكر مصادر القوة فيما آخرون محرومون منها؟ منذ قديم الأزل

 أفلاطون إلى فكرة حكم الأقلية في كتاب الجمهورية، حيث أطلق مصطلح الأوليغارشية، واعتبرها الشكل والمثال السيئ للحكم. أما أرسطو فقدّم تفاصيل أكثر، واعتبر أن دائما هناك أقلية تحتكر الثروة، ما يؤدّي إلى احتكار السلطة ومصادر القوة، ويحاولون منع الآخرين من الترقي والدخول في طبقة الصفوة، وهذا يؤدي إلى الطغيان والفساد الذي يعجّل بالانهيار.

تختلف طبيعة الصفوة أو الفئة المحتكرة للسلطة من مكان إلى آخر أو زمان وآخر، ولكن تبقى فكرة الديمقراطية الإجراء الذي يحجّم الأوليغارشية

طبقة الأقلية بمميزاتٍ تجعلها قادرة على الوصول إلى مصادر القوة أو الثروة او السلطة، أما الأغلبية فيفتقرون لتلك المميزات. وتتميز الأقلية الحاكمة كذلك بالقدرة على التنظيم الجيد والدفاع عن مصالحها، بينما تفتقر الأغلبية لتلك المَلكات.

فكرة الديمقراطية، في حد ذاتها، مثالية رومانسية غير قابلة للتحقيق في الواقع، وربما أدّت التجربة الديمقراطية التمثيلية لوصول مجموعة تغلق الباب أمام الآخرين، كما حدث في وصول هتلر إلى السلطة في ألمانيا قبل الحرب العالمية الثانية.

 التنشئة الديمقراطية قد تساهم كثيرا في الحد من الميول إلى السلطوية. وفي حديثه عن الأسود والثعالب بالصفوة الحاكمة، يرى باريتو أن الصفوة تحافظ على مكتسباتها، عن طريق دغدغة المشاعر واستخدام الشعارات وخداع الجماهير، وإن من وسائلها للحفاظ على مكانتها عدم إطلاع الجماهير على الحقائق، وإبقاء المحكومين في صراع داخلي دائم، وأن الصفوة تصل إلى تلك المكانة بسبب امتلاكها مميزات كثيرة، وبالتالي عليهم ضم مزيد من النبهاء لطبقة الصفوة من أجل تجديد الدم واستمرار الحفاظ على تلك المكتسبات.

حتى القيادات الثورية أو المعارضة للحكومات يكون فيها قلة تسيطر على الأمور

 لم تخرج الصفوة في مجتمعاتنا العربية منذ الخمسينيات عن أصحاب البزّات العسكرية وحلفائهم من رجال أعمال وأصحاب الثروات، ليس للمثقفين والعلماء مكانة كبيرة ضمن الصفوة الحاكمة، إلا من هو مضمون ولاؤه للحكام، ويستطيع تطويع علمه أو مؤهلاته لخدمة أصحاب النفوذ.

رجال السلطة السابقة التلون بلون الثورة الجديدة حتى يكون لهم مكان في النظام الجديد إن نجحت الثورات.

لدى الإنسان ميل إلى السلطوية والتحكّم في شيء ما، فما أن يصل إلى السلطة أو شيء من القوة أو الثروة أو الامتيازات، حتى يرغب في مزيد منها

تختلف طبيعة الصفوة أو الفئة المحتكرة للسلطة من مكان إلى آخر أو زمان وآخر، ولكن تبقى فكرة الديمقراطية، وإن كانت مثالية، الإجراء الذي يحجم الأوليغاركية، ويضمن مزيدا من تكافؤ الفرص أمام الجميع، وإمكانية الترقي والانتقال بين طبقات المجتمع بشكل سلمي ومشروع. فعلى الرغم من وجود مفهوم الأوليغارشية في الغرب من طبقات رجال المال والأعمال وأصحاب النفوذ ولوبيّات السلاح، لكن الممارسات الديمقراطية العتيقة تسمح بدخول آخرين في طبقة الصفوة الحاكمة بدون تلك الصراعات وحروب تكسير العظام أو الحروب العنيفة التي نراها في بلادنا العربية، كما أن تداول السلطة الدوري يقلل كثيرا من حدّة الصراع، فمن الممكن أن نرى هناك رئيس وزراء شاباً استطاع الترقي والدخول في الصفوة، ولديه في الوقت نفسه، مؤهلات حقيقية غير شروط القبول التي نراها في بلادنا، ونرى أيضا إمكانية لترقي الأكاديميين والعلماء والمثقفين، وإمكانية انضمامهم للصفوة الحاكمة بدون ذلك الكمّ الكبير من النفاق والتطبيل والموالسة التي يحتاجها المرء في بلادنا.

*

03‏/06‏/2022


  • أسباب صعود الأوليغارشية: يرجع النص صعود الأوليغارشية إلى عدة عوامل، منها:
    • شراء الولاءات: تقوم الأوليغارشية بشراء ولاء بعض المعارضين، مما يضعف المعارضة ويقوي نفوذها.
    • قمع المعارضة: تلجأ الأوليغارشية إلى قمع التظاهرات والمظاهرات السلمية.
    • احتكار الثروات: تسعى الأوليغارشية إلى احتكار الثروات والخيرات الطبيعية للبلاد.
  • أخطار الأوليغارشية: يشير النص إلى العديد من الأخطار التي تشكلها الأوليغارشية على المجتمع والمؤسسات، من أهمها:
    • إبطاء التفاعل الاجتماعي: تعمل الأوليغارشية على إبطاء التقدم الاجتماعي من خلال بث ثقافة الريع وشراء الولاءات.
    • تهديد الحرية: تهدد الأوليغارشية الحريات الأساسية كحرية التعبير والتظاهر من خلال سن قوانين تقيد هذه الحريات.
    • تهديد الاستقرار: قد تهدد الأوليغارشية استقرار النظام السياسي، حيث يحذر النص من إمكانية تحول الأوليغارشية إلى تهديد للحاكم نفسه كما ذكر ميكيافيلي.


    ليست هناك تعليقات:

    إرسال تعليق