الجمعة، 15 يونيو 2018

الحياة بامريكا

الاعتياد على حياة المنفى فى هذه الجهة الأخرى من العالم أهدانى انفتاحا على الناس من حولى ومكننى فى صيف ٢٠١٨ من الاستمتاع ببعض الطقوس الرمضانية التى افتقدتها كثيرا خلال السنوات الماضية. شاركت فى إفطار جماعى نظمته فى منطقة قريبة من مدينة سان فرانسيسكو جمعية أهلية للمسلمين الأمريكيين اسمها «تأليف» (والمسمى يرمز إلى هدف الجمعية المتمثل فى تأليف قلوب الناس من المسلمين وغير المسلمين وحثهم على الإسهام الإيجابى فى المجتمع ومواجهة المقولات العنصرية وخطابات الكراهية والتطرف)، ودعتنى إليه صديقة مصرية تعيش فى شمال كاليفورينا منذ سنوات.

بهرنى التنوع الواضح بين المشاركين فى الإفطار، اختلط المسلمون وغير المسلمين واختلطت الملامح وألوان البشرة واللهجات واختلطت اللغات وإن غلبت طبعا اللغة الإنجليزية. بهرنى التنظيم الرائع للإفطار الجماعى الذى لم يقتصر على تناول الطعام وصلاة المغرب لمن يرغب، بل امتد إلى كلمات هادئة وهادفة من مسئولى جمعية «تأليف» عن أوجه نشاطها الخيرى وعن احتياجاتها من المتطوعات والمتطوعين فى مجالات بعينها (كالرعاية الصحية للفقراء ومحدودى الدخل فى سان فرانسيسكو والمناطق المحيطة بها والمساعدة القانونية للمقيمين غير الشرعيين من الأمريكيين اللاتينيين الذين تضيق عليهم الخناق سياسات إدارة ترامب) وعن الخدمات الجديدة التى تقدمها الجمعية (مثل التأهيل النفسى للأطفال ذوى القدرات الخاصة والعلاج النفسى لضحايا العنف المنزلى من النساء والأطفال).\\

يبدو أن لنا نحن البشر قدرة لا نهائية على التأقلم مع تقلبات حياتنا، والتعامل بواقعية مع تعرجات سيرنا الذاتية. فلا بلاد الجهة الأخرى ستظل عصية على الاعتياد عليها، وحتما ستصل ذكريات وأماكن وسنوات العيش فى الوطن البعيد إلى شواطئ النسيان. فقط الأهل، مقابر من مات منهم وديار الأحياء بينهم، هم الذين لا يتغير ألم فراقهم ولا يتبدل الحنين إلى العودة إليهم والنزول منهم منازل المحبين المقربين.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق