حيث يستشهدون على جواز الاجتهاد فى أحكام المواريث الثابتة بنصوص قطعية الثبوت والدلالة ولا تحتمل الاجتهاد، بأن سيدنا عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، عطَّل باجتهاد منه حد السرقة الثابت بنصوص قطعية من الكتاب والسنة، واجتهد فى حكم إعطاء المؤلفة قلوبهم من أموال الزكاة وعطَّل سهمهم الثابت بنص قطعى فى كتاب الله عز وجل،
ومما استشهدوا به فى هذا السياق إلغاء الرق المنصوص عليه فى كتاب الله وسنة رسوله بقوانين وضعية، واستبدال عقوبات أخرى بأحكام الحدود الثابتة يقينًا بنصوص قطعية كقطع الأيدى والجلد أو الرجم وغير ذلك، وهو ما يعنى، فى زعمهم، إمكانية الاجتهاد فى النصوص الشرعية دون تفريق بين قطعى وظنى.
خطورة تصدى غير المؤهلين للنظر فى الأحكام الشرعية،
ففرق كبير بين إيقاف سيدنا عمر تطبيق حد السرقة، وتغيير أحكام المواريث واستبدال أحكام أخرى بها، فسيدنا عمر لم يغير الحكم، ولكنه لم يطبقه لمدة مؤقتة فُقدَ فيها شرط من شروط إقامة الحد، وهو انتفاء الشبهة الطاعنة فى اكتمال الجريمة الموجبة للقطع، ومن المعلوم أن الحدود تدرأ بالشبهات
وفى عام الرمادة الذى أوقف فيه سيدنا عمر تطبيق حد السرقة تمكنت من الحد شبهة الجوع التى عانى الناس منها فأسقطته
وأما قولهم باستبدال عقوبات قانونية وضعية بأحكام الحدود، فهى مغالطة أخرى، لأن أحكام الحدود باقية كما وردت فى نصوصها، ولا سلطة لبشر فى تغييرها أو استبدالها، فإن توافرت شروط تطبيقها ولم تطبق أثم مَن عطَّلها، وإن لم تتوافر
شروطها أو بعضها لم تطبق
أن يرى أربعة من الرجال العدول الجريمة بوصفها المشروط شرعًا لإقامة الحد على الفاعل، إلا أن يقر الفاعل بارتكابه هذه الجريمة ويطلب إقامة الحد عليه، وهو ما لم نسمع به بعد ماعز والغامدية فى قصتهما المعروفة
والقول بتغيير حكم الرق وإنهائه بالقوانين الوضعية فيه جانب كبير من الخطأ كذلك، فالرق أنهاه الشرع الحكيم من دون تحريم فى مسلك عجيب، حيث كره الإسلام الرق الذى وجده منتشرًا بين الناس
فلم يكن من السهل القضاء عليه دفعة واحدة، وإلا لانهارت المنظومة الاقتصادية
للمجتمع، ولكان هذا عائقًا يمنع دخول الناس فى دين الله أفواجًا
عباس شومان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق