الخميس، 22 أغسطس 2019

مالك بن نبى (1905- 1973)

خلاف التراثيين والعلمانيين حول سُبُل تحقيق النهضة. فالمسألة فى رأيه ليست العودة إلى القديم عندما تشتد الحاجة إلى تجديد- كما يرى بعض التراثيين. ولا هى الهرولة نحو التقدم دون الوعى بمفهوم التخلف- كما يفعل بعض العلمانيين. وإنما الأهم من كل ذلك هو «الناتج الحضارى» للشعوب، والذى صاغه فى معادلة رياضية:
ناتج حضارى = إنسان + تراب + وقت.
الإسلام نقل العرب إلى حضارة، لكن فى عصر التخلف وغياب المناخ العلمى لم يستفد المسلمون من اكتشاف ابن النفيس للدورة الدموية، فلم تتراكم المعلومات والمعارف ولم يتقدم بعده علم الطب.
هذه المعادلة (إنسان/ تراب/ وقت) لا تُحقق ناتجاً حضارياً مُعتَبَراً إلّا فى وجود الدين، الذى هو عند بن نبى أى عقيدة تُحَفِّز شعباً ما- روحياً وأخلاقياً- على التعاون وتوظيف قدراته «الإنسانية والترابية والوقتية» من أجل الإنتاج والتقدم (الصين أو اليابان مثلاً).
ألا يشترط الاتفاق الوعى بالاختلاف؟
أو نُعَلِّم المصريين أن يكونوا مصريين أولاً، والكويتيين كويتيين أولاً.. وهكذا؟ أليس نُضج الذات الفردية هو شرط نجاح الهوية الجمعية؟
العروبة الآن لا وجود لها إلّا فى الذهن العربى والخيال الرومانسى. أما فى الواقع، فاختلاف وتشرذم.
إن جاز الحلم، والتفكير فى حركة نهضة جديدة فى القرن الحادى والعشرين، عالم الذكاء الاصطناعى والتكنوبيولوجيا والفيزياء الكيميائية، فلا مكان للتراثيين ولا العلمانيين نسخة القرن العشرين. كلاهما فشل وصارت الأمة إلى الأسوأ.
لا أمل سوى فى البدء بفهم أنفسنا أولاً. وهذا موضوع لمقالات وكتب، ولكن الفهم تمييز. تمييز بين الأمازيجى والخليجى، المسلم والمسيحى..... وهكذا. لابد من فهم الاختلافات أولاً، وبعمق. حينئذ سوف يحترم كل منا الآخر، لأننا سنفهم أن التاريخ والبيئة، التى نشأنا فيها، هما اللذان صنعا الفوارق بيننا. فلا فضل لأحد على ما هو فيه، ولا بديل عن فخر كلُّ منا بهويته، قبل أن يكون للجَمعِ هوية.
إذًا، فلنُبرز ألواننا الثقافية وعطورنا الحضارية، قبل إسدال الستار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق