الاثنين، 17 أكتوبر 2022

ايران

 وشهدت إيران موجات احتجاج في السنوات الأخيرة، لاسيما في عام 2009 على خلفية نتائج الانتخابات المتنازع عليها وفي عام 2019 بسبب رفع مفاجئ في أسعار الطاقة، لكن لم يهدد أي منها أسس الجمهورية الإسلامية التي أنشأها آية الله روح الله الخميني عام 1979.

وفنّدت الاحتجاجات فكرة أن السياسة الإيرانية تنحصر في معركة بين ما يسمى بالعناصر الإصلاحية والمحافظة داخل النظام، كما حولت الاهتمام الدولي بعيدا عن المحادثات مع القادة الإيرانيين بشأن برنامج البلاد النووي.

وبعد انتفاضات “الربيع العربي”، لم ينجح سوى عدد قليل من الانتفاضات المناهضة للحكومات في هزم أنظمة استبدادية في أنحاء العالم. ولا يزال الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة بعد أكثر من عقد على اندلاع الحرب الأهلية التي بدأت بانتفاضة ضد حكمه.

الأمثلة من العقد الماضي على محاولات الإطاحة بدكتاتور وحشي لا تدعو إلى التفاؤل”. ويضيف “بسبب شدّة الشعارات المعادية للنظام التي رددت في هذه المسيرات، فإن النظام الإيراني مصمم على عدم التنازل قيد أنملة”.

 خذلان دعاة الحرية 


الطغمة الرجعية الحاكمة في طهران

الاكتفاء بالتصعيد الإعلامي المخاتل والتنديد الدبلوماسي الفارغ وحزم جديدة من العقوبات العبثية ضد نظام الملالي في طهران التي يكتوي بتداعياتها عملياً الشعب الإيراني.

الموقف اللاأخلاقي يسري أيضا على ردة الفعل الغربية المخزية تجاه التظاهرات النسائية والشبابية الراهنة التي أشعلت شرارتها أيقونة الحرية،

لقد خذل الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، دعاة الحرية في أكثر من دولة يحكمها نظام استبدادي. في هونغ كونغ

بيلاروسيا أيضاً شهدت في عام 2020 إضرابات هائلة كجزء من حركة الديمقراطية البيلاروسية في الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية في مينسك 2020، لمنع الدكتاتور لوكاشينكو من الترشح لدورة سادسة. لم يفعل الغرب شيئاً سوى التنديد وفرض المزيد من العقوبات عديمة الجدوى ضد نظام لوكاشينكو.

تبنى الغرب نفس السياسة في سوريا والعراق وعدة دول عربية أخرى خلال أحداث ما بات يعرف بالربيع العربي. في جميع هذه الحالات، خذل الغرب، ولاسيما الولايات المتحدة، بشكل منهجي ومتعمد أصوات المتظاهرين، الذين تعرضوا لشتى أنماط التنكيل والانتهاكات من قبل أنظمتهم القمعية، في وقت كان فيه الغرب يكتفي بالإدانة أحياناً والعقوبات غير المجدية أحياناً أخرى.

عدم مبالاة الغرب بحقوق الإنسان ونشر الديمقراطية حتى بأشكالها البدائية في الدول التي تحكمها أنظمة مستبدة، وعدم الاكتراث بما كابده ويكابده المحتجون، الأمر الذي يتعارض مع ما يدعيه الغرب من دعم دعاة الحرية والديمقراطية مما يعكس نفاقاً واضحاً وفاضحا وفاقعا. الأولوية الغربية التي تتجسد في التركيز أولا وأخيرا على المصالح الغربية، حتى لو كان تحقيق ذلك، كما كان دائماً وكما جرت عليه العادة، على حساب معاناة الشعوب المغلوبة التي تثور في وجه الطغاة من أجل الحصول على الحد الأدنى من الحريات. إصرار الغرب، عمليا، على عدم إحداث تغييرات جوهرية في البؤر الساخنة من العالم وإبقاء الأوضاع على ما هي عليه على قاعدة إدارة الأزمة وتأزيم المؤزم وخلق بؤر توتر جديدة باعتبار ذلك الوقود الذي يحرك ماكينة السياسة الخارجية للغرب وتدر عليه مصالح وأرباحا طائلة تمكنه من الاستمرار في ريادة النظام الدولي الغربي.

في حالتي هونغ كونغ وبيلاروسيا فإن عدم قدرة الغرب على التدخل لمؤازرة المحتجين كان مرده عدم رغبة الغرب في استفزاز الصين وروسيا وعدم تعريض المصالح الاقتصادية والتجارية الهائلة للغرب وخاصة للولايات المتحدة مع الصين للمجازفة. لكن الوضع في حالة إيران مختلف تماما. يمكن للغرب، ولاسيما الولايات المتحدة، دعم الاحتجاجات وتمكين المتظاهرين في إيران من تحقيق مكاسب على الأرض، لكن وبسبب حسابات غربية وأميركية شديدة الخصوصية والفرادة، فإن هذا غير وارد نهائيا، لا بل وغير مسموح به ليس فقط على المدى القصير بل أيضا على المديين المتوسط والطويل.

رفع معنويات كافة أقطاب الإسلام السياسي السُني المتشدد في المنطقة ولاسيما فروع تنظيم الإخوان المسلمين الذي تربطه علاقات قوية مع الغرب منذ تشكيله في مصر سنة 1928 من قبل مؤسسه حسن البنا. وبالتالي، لم تقم الاستخبارات الغربية بصرف ملايين الدولارات لتهيئة الخميني في النجف وباريس وترتيب الأوضاع داخل إيران خلال السنوات التي سبقت 1979 والإشراف على رجوعه إلى طهران واعتلائه السلطة بعد ترحيل الشاه وتحييد الجيش الإيراني، لكي تقوم هذه الاستخبارات بعد زهاء 44 سنة بإزالته.

كيف يمكن للولايات المتحدة والغرب مساعدة شابات وشباب إيران في التخلص من نظام الإسلام السياسي الشيعي في وقت سلَّمت فيه أميركا بالأمس القريب السلطة إلى حركة طالبان المتطرفة في أفغانستان؟ وبالتالي ضخت الدماء من جديد في شرايين جماعات الإسلام السياسي في العالم الإسلامي عموما وبعثت فيها الروح مجددا بعد أن تلقت تلك الجماعات ضربات موجعة في كل من مصر والسودان وتونس وغيرها. وكنتيجة قام الغرب في أفغانستان بتعويض بعض ما خسره الإسلام السياسي في الدول المذكورة أعلاه.

إن وجود النظام الإيراني الحالي يخدم أجندات الغرب أكثر مما يهددها. وأهم هذه الخدمات التدخل الإيراني السافر في شؤون دول المنطقة وما ينتج عن ذلك من عدم الاستقرار وتوتر إقليمي متصاعد والظهور المستمر للنزاعات الجديدة. وهذا يعتبر ديدن الولايات المتحدة والغرب عموما لأن ذلك يخدم سياسات الغرب ويزيد من بيع الأسلحة والتحكم في منابع النفط والغاز ويمنحه الذرائع للتدخل في شؤون المنطقة.

يتظاهرون ضد أكثر الأنظمة شراسة في العالم، معتمدين فقط على أنفسهم وعلى الدعم المعنوي والأخلاقي لجميع الأحرار في العالم، وخاصة من أقرانهم في الدول المستبدة المجاورة.

*

يشكل المشروع الأيديولوجي الإيراني خطرا يهدد استقرار العديد من دول المنطقة العربية، وفي مقدمتها سوريا والعراق ولبنان واليمن، هذا بالإضافة إلى دول الخليج، خاصة السعودية والإمارات والبحرين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق