منهج الجماعات المتطرفة يحتوى على كثير من المغالطات، بل إنهم لا يستندون إلى أدلة صحيحة أو فهم سليم للنصوص، فتجدهم يتذرعون بتأويلات فاسدة ومفاهيم مغلوطة يسيطرون بها على أفكار الشباب وعقولهم، ومن أهم آلياتهم فى ذلك تحريف المصطلحات وإلباسها ثوبًا يختلف تمامًا عن معناها الصحيح.
المعنى الحصرى البغيض الذى أصبح لصيقًا بهذا اللفظ فى زماننا، حيث يقول الله تعالى: «وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ»، والإرهاب المذكور فى هذه الآية الكريمة لا يعنى سوى الإخافة والزجر، أى تخوِّفون به الأعداء وتردعونهم عن مجرد التفكير فى الاعتداء عليكم، وهو ما يمنع نشوب الحروب التى يترتب عليها إزهاق الأنفس وتدمير المجتمعات، ولا يعنى أبدًا الإغارة على الأعداء أو البدء فى محاربتهم ما لم يعتدوا أو يعلنوا العدوان أولًا، وذلك انطلاقًا من أن الإسلام دين السلام والرحمة والصيانة لخلق الله تعالى جميعًا بغض النظر عن عقائدهم وأفكارهم.
فهذا السلاح اللعين المسمى (سلاح الردع) هو مصدر إرهاب- بمعنى التخويف- لكل مَن لا يمتلكه، وحتى الدول التى تمتلكه تخشى أن تمتلكه دول أخرى معادية لها، وتحرص كل الحرص على أن تبقى وحدها مصدر (الإرهاب) فى العالم!
وفى السياق نفسه، فإن بعض الناس ينظر إلى العقوبات والحدود الواردة فى شرعنا الحنيف على أنها قاسية، وربما قال بعضهم إنها تتنافى مع الآدمية، وهذه النظرة لا تصدر إلا من أعور الرأى إن لم يكن أعور العين، فالحدود والعقوبات والتعزيرات وُضِعت لتهذيب المخالفين ومنع أذاهم وشرهم من ناحية، ومن ناحية أخرى لصيانة المجتمع بكامله، فالقتل قصاصًا أنفى للقتل عدوانًا، يقول الله تعالى: «وَلَكُمْ فِى الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِى الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»، أى إن الذى يفكر فى قتل غيره إذا علم أنه إنْ قَتَل عدوانًا قُتِل قِصاصًا، خاف على نفسه فامتنع عن قتل ما كان ينوى قتله، وعندئذ يحيا الاثنان معًا–مَن كان سيَقتُل ومَن كان سيُقتَل- وما ذاك إلا بفضل الخوف من القِصاص، وكذا سائر العقوبات، فهى لتخويف مَن يفكرون فى ارتكاب الجرائم التى تقتضيها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق